Thursday, January 29, 2009

ماذا بعد مؤتمر قمتي الدوحة والكويت ..؟

ماذا بعد مؤتمر قمتي الدوحة والكويت ..؟
هل تقرر إدخال النظامان السعودي والمصري في غيبوبة الإحتضار ..؟


لكي نصل الى الحقائق ونقف على سير الأحداث بمنطقية مجردة من العواطف والإنفعالات والتحليلات السياسية التي لاترتكز على أرض الواقع لكل ماجرى ويجري على الساحة العربية من أحداث ، لابد لنا من الرجوع قليلاً الى الوراء لمتابعة هذا المسار المعقد لكي نستطيع أن نخلص الى محصلة أراها بين أيدينا الآن ، وخصوصاً بعد مؤتمر القمة الذي إنعقد في الدوحة ، العاصمة القطرية يوم الجمعة 16/1/2009 ، والذي تمت الدعوة اليه لمناقشة تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة والذي دخل إسبوعه الرابع مع بدء أعمال هذا المؤتمر .

أولاً : الدعوة الى المؤتمر .. التوقيت والمكان ووضع العراقيل .

بدأت أصوات الدعوة الى المؤتمر أصلاً متأخرة بعض الوقت وذلك منذ بدء الهجوم الجوي الإسرائيلي على غزة ، وبالذات في اليوم السابع منه حين تبنت قطر وسوريا الفكرة. وهذا بحد ذاته كان تقصير غير مبرر ولكنه كان أمر فرضته الأحداث فرضاً بعد أن تعالت أصوات غضب الشارع العربي في كل مكان في شجب وإستنكار العدوان ، والأهم هو توجيه تهم التقاعس وسوء الأداء والعمالة لبعض القيادات العربية . وعلى الرغم من خبرة الشارع العربي بعدم جدوى كافة المؤتمرات العربية التي تم عقدها وعلى مدى سنوات طويلة ومنذ مؤتمر السودان ، إلا أن عقد مثل هذا المؤتمر لم يرق لطرفي معادلة التآمر في التهيئة والتواطؤ في العدوان على غزة . ولكل منهما أسبابهما الخاصة إضافة الى الدور التآمري الذي أوكل اليهما .
إن الهجوم على غزة قد بدأ التخطيط له قبل ستة أشهر على الأقل .. ذكرت ذلك صحيفة هاارتس الإسرئيلية في عددها الصادر يوم 27 كانون الأول / ديسمبر 2008 ، وبالنص التالي : ( قالت مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن وزير الدفاع إيهود باراك أصدر تعليماته الى جيش الدفاع الإسرائيلي للتحضير لعملية غزو واسعة لقطاع غزة بحدود شهر حزيران الماضي وربما قبل ذلك بقليل ، وحتى عندما كانت إسرائيل تصرح بالتفاوض مع حماس لوقف إطلاق النار بين الجانبين . " باراك رافيد " )
الدور التآمري لعبد الله بن عبد العزيز وسلفه فهد من جهة ولحسني مبارك من جهة أخرى أصبح اليوم معروفاً لابل موثقاً منذ المؤامرة الكبرى على العراق ومنذ عبور المقاتلات الحربية الإسرائيلية الأجواء السعودية من فوق العقبة للدخول الى الأجواء العراقية عام 1982 ، والعراق في خضم حربه مع إيران وذلك لتدمير مفاعل تموز النووي العراقي في التويثة قرب بغداد ، في وقت كانت فيه السعودية تصب النار على الزيت لإستمرار الحرب ومن خلال المساعدات والدعم المالي للعراق !!
ثم دخول الجيش السعودي مع الجيش المصري متجحفلاً مع القوات الأمريكية الى العراق للقضاء على الوحدات العسكرية العراقية المنهارة الخارجة من الكويت عام 1991 وقتل الآلاف من الجنود العراقيين الأبرياء ودفنهم في مقابر جماعية في الصحراء وبعضهم كان لايزال حياً ، وهذا قد تم نقله الى العالم عن طريق بعض محطات التلفزة الفضائية آنذاك ومنها محطة ( سكاي ) البريطانية ..!
ثم إنطلاق قوات الغزو الأمريكية البرية الى العراق عبر السعودية والكويت في آذار / مارس 2003 ، بعد أن سبقتها الطلعات الجوية على العراق ومنها قاعدة الظهران الأمريكية على الأرض السعودية ، وبعد أن رفضت تركيا إستخدام أراضيها أو قاعدة ( إنجليك ) التركية للهجوم جوياً أو برياً على العراق !!
ثم ماتلى ذلك ولحد اليوم في النكبة العراقية ..
كان ذلك هو الدور السياسي الإقليمي أو بعضه للنظامين السعودي والمصري على مدى ربع قرن من الزمن . وقد نفذاه بجدارة وامتياز .

أما على الصعيد الشخصي في تقويض مؤتمر القمة العربية أو إضعافه فهي خلافات عبد الله بن عبد العزيز مع قيادات ليبيا وقطر وسوريا وتحول ذلك الى مزايدات ومحاور وتكتلات. وكذلك دور المهرج الذي يلعبه حسني مبارك لإستدرار المال السعودي والكويتي مدفوع الثمن ، ولإرضاء القيادات الصهيونية في إسرائيل .!! وبكلمة أبسط لعبة المساومات على حساب مصالح الأمة العليا ، واستخدام مختلف أنواع الضغوط من قبل الملك السعودي على بعض الدول العربية لسحب موافقاتها لحضور مؤتمر الدوحة .. وهذا ماحدث مع اليمن والمغرب وتونس على سبيل المثال لا الحصر بقصد العمل على عدم إكتمال النصاب المطلوب لإنعقاد المؤتمر !
الغريب أنه ، أي الملك عبد الله ، كان قد أعلن بداية الدعوة لمؤتمر الدوحة ، أنه من غير العملي حضور مؤتمري قمة متتاليين ، أي مؤتمر يوم الجمعة في قطر ومؤتمر يوم الإثنين في الكويت .. ثم عاد بعد أن كاد النصاب يكتمل لحضور مؤتمر الدوحة الى إعلان دعوة جديدة لمؤتمر دول التعاون الخليجي لبحث موضوع غزة (!!) وذلك يوم الخميس 15 /1 ، أي قبل يوم واحد فقط من مؤتمر الدوحة ، والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا يبحث أمراء الخليج فقط المذابح على غزة ؟ ألا يهم الموضوع بقية الدول العربية ؟ ولماذا لم يدعو ( خادم الحرمين الشريفين ) الى مؤتمر إسلامي مثلاً يوسع فيه دائرة المشاركين من دول عربية وغيرها يكون صوته وتأثيره أكبر.. ؟ فأي تناقض هذا .. لابل أي ( طرطرة ) هذه التي وصل اليها المستوى السياسي العربي ..؟؟
والأغرب من ذلك ، أن مؤتمر قمة الكويت هو مؤتمر إقتصادي تم إتخاذ القرار بشأنه قبل الهجمة الصهيونية على غزة ولاعلاقة له أصلاً بهذا الحدث أو بأي حدث سياسي عربي آخر .
الحقيقة والكل يعلم ذلك أن قمة الكويت الإقتصادية ليست سوى ( مؤتمرإنقاذ ) للإقتصاد الأمريكي والعالمي تم الإعداد بشأنه من قبل قادة البترول ليقدم هدية محبة للرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما الذي يعطي أولوياته للأزمة الإقتصادية الأمريكية التي ضربت العالم الغربي بأكمله ..!
ثم ، وكما كان متوقعاً .. أيد مبارك وباركَ القرار السعودي ، بل أن وزير خارجيته ابو الغيط أعلن أن مؤتمر قطر في حال إنعقاده يعتبر إلغاء لمؤتمر الكويت ، ولا ندري كيف ذلك ..؟ وماذا سيحدث لو تم تأجيل الموضوع الإقتصادي لبضعة أيام قياساً الى الحدث الجلل في غزة ..؟
هل الموضوع الإقتصادي في مؤتمر الكويت أصبح أهم من الدم الفلسطيني وأشلاء أطفال ونساء وشيوخ غزة .. ومجرد فقرة ثانوية تبحث على هامش المؤتمر..؟ وهذه العبارة أي (على هامش المؤتمر) إستخدمتها القيادتين السعودية والمصرية لإجهاض أي مؤتمر قمة عربي مخصص موضوعه بالكامل لغزة ..!!

قمة غزة لم تجهض كما كان مخطط لها من منطلقين أساسيين :
ـ إكتمال نصاب إنعقادها كقمة عربية ، والأكثر من ذلك توسيع قاعدتها لتشمل ممثلين لدول إسلامية إقليمية وغير إقليمية هم : الرئيس الإيراني ، نائب رئيس الوزراء التركي ، الرئيس السنغالي بصفته رئيس الدورة الحالية لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، ومبعوث شخصي عن الرئيس الأندونيسي ..، وكذلك ممثل شخصي عن الرئيس الفينزولي شافيز لتتخطى الإطار العربي والإسلامي الى العالمية .. ثم إعلان قطر تجميد علاقاتها التجارية والسياسية مع إسرائيل مع جلسة الإفتتاح .
ـ وضع مؤتمر وزراء الخارجية العرب المنعقد في نفس اليوم والساعة في الكويت بحضور عمرو موسى رئيس الجامعة العربية في الظل ، وفيه بالطبع وزير الخارجية السعودي وممثلين عن السلطة الفلسطينية لمحمود عباس ومصر ، يقابل ذلك الحضور الذي فقد الثقة والشعبية في الشارع العربي ، يقابله في مؤتمر الدوحة كل من : خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس ، رمضان شلح ، أمين عام حركة الجهاد الإسلامي وأحمد جبريل ، الأمين العام للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة .

لقد تم العكس تماماً ‘ إذ تم إجهاض مخطط ( عبد الله ـ مبارك ـ عباس ) .. أي إفشال مخطط شق الصف العربي لصالح إسرائيل .. والأكثر من ذلك هو بُعد النظر الدبلوماسي الذي تمتع به أمير قطر بإعلانه عن موافقته على حضور مؤتمر الكويت وحضوره لمؤتمر الرياض التي دعت اليه السعودية ..!!
وكما كان متوقعاً .. أتى محمود عباس الى الكويت ، ولكنه كان قدوم مستهجن ومستنكر من بعض النواب الكويتيين ومن الشارع الكويتي وكذلك من الشارع العربي في كل مكان خصوصاً بعد المؤتمر الصحفي الصريح الذي عقده رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد آل ثاني بعد مؤتمر الدوحة وتناول فيه محاوراته التلفونية مع محمود عباس وتمت فيه تعرية مراوغات محمود عباس الذي يبدو أنه قد غرق في وحل الخيانة حتى قمة رأسه فلم يعد يأبه إلا بوعوده التي قطعها للإسرائيليين !
وكما كان متوقعاً أيضاً ، فقد تخللت المؤتمر المزادات والمزايدات بإفتتاحها بمليار دولار قدمتها السعودية لإعادة إعمار غزة ، أي الدم الفلسطيني مقابل الدولارالأمريكي !
وبترول العرب لتشغيل المقاتلات والدبابات والآلة العسكرية الإسرائيلية لكي تحرق غزة وأطفالها وتهدم المنازل على رؤوسهم ..!!
ولعل الكثيرون في دولنا العربية المنكوبة بحكامها لايعرفون أن التعهدات قد قدمت بعد جولة غوردون براون رئيس الوزراء البريطاني في الخليج بأن تقدم كل من هذه الدول البترولية مبلغ 200 مليار دولار لدعم الإقتصاد الغربي المنهار والكساد الإقتصادي المستشري وذلك من خلال مؤتمر الكويت الإقتصادي ..!!
أما مليار السعودية وغيره .. فنقول هنيئاً لمحمود عباس وحكومة رجال الأعمال في رام الله .. ولننتظر كيف ومتى ستنفق هذه المليارات في غزة ..؟؟

ثانياً : لماذا الهجوم على غزة في هذا التوقيت بالذات .. وما هي التداعيات المستقبلية المتوقعة منه على مستوى المنطقة ..؟

هل أُريد من هذا الهجوم الوحشي البشع تنفيذ الصفحة الثانية من المخطط الصهيوأمريكي في المنطقة بعد غزو العراق واحتلاله ..؟
هل هو المشروع البديل المؤجل بعد فشل الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان عام 2006 ..؟
هل ستؤخذ غزة ذريعة جديدة واعتبارها 11 سبتمبر جديد مصمم خصيصاً للمنطقة العربية تنفذ بعده صفحات أخرى كما حدث في 11 سبتمبر 2001 ..؟
ولو صحت توقعاتنا هذه .. فهل سنرى حلقة تبديل وجوه في القيادات العربية التي شاخت ليس فقط بالعمر ولكن أيضاً بالممارسات وانكشف أمرها ولم تعد تصلح لتنفيذ المسؤوليات الجديدة المتوقعة منها ..؟

أسئلة قد تبدو غريبة على الأذن العربية التي تعودت أن تسمع أصوات الحاضر فقط .. وتنسى ماسمعته في الماضي وبسرعة .. ولم تتعود أن تتهيأ لسماع ماقد يحمله المستقبل بعد أن ساهمت في صممها الجزئي أصوات مكائن الدعاية هنا وهناك .. وتصريحات وخطب أولي الأمر والقادة فيها ، محترفي سياسةٍ كانوا أو دعاة دين ..!

لايظنن أحدٌ أنني أريد أو حتى ألمح هنا الى أن فصائل المقاومة الفلسطينية المجاهدة هي جزء من لعبة سياسية دولية ، ولكنني أعني تحديداً ، أن ثمة طبخة ما يتم إنضاجها في البيت الأبيض ودهاليز السياسة الدولية وبالتعاون مع عملاء الداخل العربي الذي بدأت ادوارهم تظهر للعيان .. ولعلي أستشهد هنا بعبارة وردت بكلمة السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مؤتمر قمة الدوحة حيث قال : ( إن هدف العدوان على غزة هو شطب المقاومة لتصبح الساحة خالية أمام شروط التسوية الإسرائيلية الأمريكية ) .
وهذا صحيح الى حد كبير ، بل هو جزء مهم من العدوان ، ولكنه ليس هدف العدوان بالكامل . فإسرائيل بقيت ولسنوات تعمل على إغتيال رموز المقاومة الفلسطينية وإعتقال بعضها الآخر ، كما حدث مع الشهيدين الشيخ احمد ياسين والدكتور الرنتيسي وخطف وسجن مروان البرغوثي وغيره من مناضلي الفصائل الأخرى .. وكان بإمكانها المضي بنفس الخطة ولو أخذت وقتاً أطول لعمليات غدر من هذا النوع تطول القيادات البارزة في غزة بالتعاون والتنسيق مع جواسيسها وعملائها وأجهزة مخابراتها على الأرض ، مما من شأنه أن يصيب الهيكل التنظيمي القيادي للمقاومة بإنتكاسة قد تطول أو تقصر ولكنها تمنحها الوقت لتنفيذ المخططات التآمرية وبالتعاون مع قيادات حكومة رجال الأعمال الفلسطينيين وعلى رأسهم محمود عباس . لكن إسرائيل مع ذلك أقدمت على تكرار عمل فشلت بمثيل له على الأرض اللبنانية ، ولاشك أنها تعلم بصعوبة تحقيق أهدافها عسكرياً أو تصفية المقاومة من خلال هذه العمليات ، وأن لجوءها الى ضرب المدنيين العزل من شيوخ ونساء وأطفال ، والبنى التحتية من مساكن ومدارس ومستشفيات ، ثم تجمعات للإعلاميين ومراكز دولية كالأونروا والصليب الأحمر ، لم يأت من فراغ ، بل كان ولايزال عملاً مقصوداً لتأجيج الأزمة من أجل أهداف أبعد .. وإسرائيل أول من يعلم بإستحالة إحتلال غزة بالكامل ، ولو فعلت فهي تعلم أنها قد أدخلت نفسها في الفخ .. وهذا تحديداً جاء على لسان بيريز عند بدء العدوان من أن إسرائيل لاتريد إحتلال غزة ، كما قال باراك أن العملية ستكون لها أهداف محددة وتنسحب إسرائيل بعدها ..!!
ثم جاء وقف إطلاق النار ، أو بالأصح وقف العدوان من جانب إسرائيل عشية مؤتمر الكويت ، لكي تحاول إسرائيل تحويل الفشل العسكري الى نصر سياسي خصوصاً والإنتخابات الإسرائيلية على الأبواب .. والعملية كلها كما يلاحظ عبارة عن تنسيق ومؤامرة فاجأت الشارع العربي دون الحكام عند إندلاعها بعد أقل من 48 ساعة على زيارة ليفني لمبارك ، وقبلها وبعدها زيارة عباس له ، ثم إيقاف النار الإسرائيلية مع قمة الكويت مع إبقاء شبح التهديد العسكري قائماً للمساومة والضغط وإستثمار ذلك كنصر سياسي في الورقة الإنتخابية الإسرائيلية ..! ويلاحظ هنا أن هذا الإنسحاب الإسرائيلي هو حقيقة إعادة إنتشار لقواتها على محيط غزة ، أي إنسحاب من داخل القرى والمدن في العمق لتجنب الخسائر الفادحة التي ستتعرض له قطعاتها العسكرية حتى وهي متمترسة في دباباتها وآلياتها .

إنتهت المؤتمرات العربية ، وما تزامن معها وسبقها وأعقبها من لقاءات وتشاورات ثنائية وثلاثية ورباعية وما شاء الله ، ومن عربية ـ عربية ، وإسرائيلية ـ عربية ، وعربية ـ أوربية ، ومزيج من هؤلاء وأولئك الى النتائج التالية ضمنا وليس حصرا فليست العبرة على اية حال بالتوصيات أو بعددها :
ـ وضع محمود عباس في الزاوية من خلال بعض القادة العرب بعد أن أوقعه التوجيه الإسرائيلي في الفخ ، ثم تصريحات أولمرت التي توجت حرق صورته جماهيريا حين قال : أن الهجوم على غزة أضعف حماس وعزز من السلطة الفلسطينية بقيادة عباس !
ـ هزّ وبعنف لم يسبق له مثيل موقف حسني مبارك ولا يزال . لقد حاول الرئيس المصري إستعراض لعضلاته ، ربما هو الإستعراض الأخير ، حين صرح بعد مؤتمر الكويت بما يفيد أن إعادة إعمار غزة ومساعدة الفلسطينيين لايمكن بدون مصر ، مشيراً بذلك الى معبر رفح ومفاتيحه التي هي بيده وكونه المعبر الوحيد لغزة على أرض عربية . ومما تجدر الإشارة اليه أن مبارك وفي اليوم السادس للعدوان الإسرائيلي على غزة ، أي في 2/1 ، خرج عن صمته ليخبرنا أن معبر رفح سيفتح فقط بشروط إتفاقية عام 2005 ..! ( الغريب أن مصر ليست موقعة على هذه الإتفاقية من جهة ، وأن الإتفاقية نفسها أصبحت بحكم الملغية بعد فوز حماس بإنتخابات 2006 والتي أجهضت من قبل مبارك وعباس وإسرائيل ..!!) . فهو ، أي مبارك ، يستخدم ورقة معبر رفح تارة ليهدد بالحصار على غزة ، وتارة ليلمح بمساعدة غزة ..!!
ـ كل من محمود عباس وحسني مبارك وضعا طوعاً أو كرهاً في موقف لايحسدان عليه . لقد تمت عملية تنسيق سريعة بين الرجلين بعد ساعات من لقاء تسيبي ليفني ومبارك في 25/12 ، أي بيومين فقط قبل الهجوم الإسرائيلي ، حيث أقنعت ليفني مبارك أن العملية العسكرية لإجتياح غزة وإسقاط حماس ستأخذ ثلاثة أيام فقط ..!!!
حيث وصل محمد دحلان و400 من رجال الأمن التابع له الى مدينة العريش المصرية يوم العدوان ، أي يوم 27/12 ، إستعداداً للدخول الى غزة بعد ( سحق ) حماس وبناء على وعد ليفني وتنسيق مبارك ـ عباس (!!) . وقد بقي دحلان ورجاله في العريش فعلاً لثلاثة أيام اي الى 30/12 .. حيث عادوا الى الضفة ..!!
( Alberto Cruz . Global Research . 16 January 2009 )
ـ يبدو أن موقف الملك عبد الله بن عبد العزيز كان نتيجة رأي إستشاري خاطئ من معيته ، أو نتيجة المعلومات المضللة التي سربت اليه كما أعطيت لعباس ومبارك ، أو ربما لكلا السببين ، فكان أن وضع الرجل في نفس الموقف وهو ( الصمت ) .. الموقف الذي وقفه مبارك وعباس ..! ولم ينته بعد الخطأ الذي إرتكبه ولا نتائجه حتى بعد مؤتمر الكويت وتبرعه بمليار دولار ( لإعمار غزة ! ) .
ـ على الطرف الآخر برز دور قطر وسوريا التي تسعى إسرائيل جاهدة ، برغم مكابرتها المعلنة ، للتصالح مع الأخيرة عبر الوساطة التركية والتي كان لرئيس وزرائها أردوغان موقفاً متميزاً وملفتاً للنظر ضد العدوان الإسرائيلي على غزة مع كل العلاقات التي تربط بلاده مع إسرائيل .
ـ على عكس قطر وموريتانيا اللتان جمدتا علاقاتهما التجارية والسياسية مع إسرائيل ، أبقت الأردن ومصر تلك العلاقة قائمة لم تتأثر حتى ولو بالتهديد بقطعها ! بل أن مصر مبارك أبقت على تجهيز الغاز الطبيعي لإسرائيل و ( بأسعار خاصة ) من العريش الى ميناء أشكيلون .
ـ الموقف الواضح والصريح هو الذي حصدت نتائجه حماس من خلال دفاعها ومقاومتها المستميتة في غزة ، والموقف الصامد لشعب غزة ، وموقف الجماهير العربية من المغرب الى الكويت .

ثالثاً : حصاد العاصفة !

لو عدنا بعد كل ذلك الى موضوع التداعيات المستقبلية المتوقعة على مستوى المنطقة ، يجب علينا أن نتمعن أولاً بما قاله الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بعد إنتخابه قبل حوالي الشهرين :
Once we start , we will begin running
والمعنى المقصود هنا أنه عندما يبدأ فإنه سيتحرك بسرعة ..!
وأوباما كان يتحدث هنا عن ( مشكلة الشرق الأوسط ) . ومصطلح مشكلة الشرق الأوسط يعني بلغة السياسة العالمية ، مشكلة النزاع العربي الإسرائيلي . ولكن يبدو أن هذا النزاع لم يعد محصوراً في ظل سياسة جورج بوش بالمشكلة الفلسطينية ، وبالتنظير لمشروع الشرق الأوسط الجديد .. علماً أن احد عرّابي هذا المشروع هو نائب أوباما ، جوزيف بايدن .. وأن أوباما أبقى على روبرت غيتس وزير دفاع إدارة بوش في منصبه كوزير دفاع في الإدارة الأمريكية الجديدة !! وأنه أول رئيس أميركي منذ إبراهام لنكولن يجمع عدد من المعارضة ، أي من الجمهوريين في إدارته مبرراً ذلك أنه لايريد فقط أن يسمع ممن حوله من مستشارين وغيرهم من ادارته عبارة :
Yes Mr. president

ثم جاءت عملية غزة بتوقيت وتنفيذ دقيقين لايمكن لعاقل ان يتصور أن أسبابها هي صواريخ تطلق من غزة بإتجاه إسرائيل ، أو بسبب جندي إسرائيلي أسير لدى حماس وواكبتها وأعقبتها إفرازات ونتائج غير متوقعة على مستوى المجموعة العربية والإقليمية تتعلق خصوصاً بأنظمة الحكم ، وبشكل أكثر خصوصية بأشخاص الحكّام !!

واليوم 20/12 .. حيث يتسلم باراك أوباما منصبه رسمياً ليدخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض .. ليبدأ تحركه الذي يصفه بالسريع على خريطة الشرق الأوسط ، او بشكل أدق على خريطة المنطقة العربية ، ويتزامن ذلك أيضاً مع أيام قليلة حيث ستبدأ الإنتخابات الإسرائيلية .. يبدو الموقف بعد غزة هو غير الموقف قبل غزة ..
الضحايا والخرائب والزلزال السياسي الذي تركته غزة .. يذكرني بذلك الذي حدث في 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة .. وما أعقبه وبإتخاذ الحدث ذريعة .. للتغيرات التي طرأت على العالم .. فهل ستكون غزة 11 سبتمبر العرب ..؟؟

الأيام والأشهر القادمة كفيلة بالجواب على تساؤلاتي .

علي الحمـــــداني
كاتب عراقي
20/1/2009

No comments: