رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان .. بعيونٍ إسرائيلية ..!
هل سيكون رئيس مصر القادم ..؟
كتب " يوسي ميلمان " في صحيفة " هاآرتس " الإسرائيلية في 20/1/2009 نقلته طبعتها الألكترونية باللغة الإنكليزية ، مقالاً بعنوان : ( إسرائيل تراهن على صفقة مع حماس في غزة على رئيس المخابرات المصرية ) .
فيما يلي نصه :
(( تدفقت مواقف التأييد من القادة الأوربيين على إسرائيل بعد إعلانها لوقف إطلاق النار في غزة ، والذي أعقبه بيوم واحد قرار حماس لوقف إطلاق النار .
لكن إسرائيل اليوم تنظر بتركيز أكبر على رئيس المخابرات المصرية واليد اليمنى للرئيس المصري حسني مبارك ( الوزير عمر سليمان ) أكثر مما تركزعلى المجتمع الدولي .
فالوزير سليمان كان المسؤول الأول عن النجاح الذي تحقق بإتفاقية التهدئة ( وقف إطلاق النار ) على المستوطنات في جنوب إسرائيل ، والتي منحت الإسرائيليين هناك هدوءاً إستمر حتى التاسع عشر من ديسمبر عام 2008 . لكنه وبرغم مساعيه الحثيثة لم يتمكن من سد الفجوة مع حماس بخصوص إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت .. كذلك تعثرت جهوده الشخصية مع ياسرعرفات للتأثير عليه في إيقاف دائرة العنف التي رافقت الإنتفاضة الثانية ومنع موت إتفاقية أوسلو ..
ومع ذلك ، فإن إسرائيل تأمل الآن أن يتمكن الجنرال المصري من مساعدتها في وضع " إتفاقية " مع حماس وبالشكل الذي يحفظ لها كلمتها ويجعلها تظهر بأنها لاتغير من تفكيرها الخاص بعدم التفاوض مع أولئك الذين تعتبرهم كمنظمة إرهابية !
عمر سليمان شخصية معروفة وبشكل جيد من قبل العشرات من كبار مسؤولي المخابرات الإسرائيلية ، وكبار القادة العسكريين في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ، وكذلك رؤساء وزارات ووزراء إسرائيليون .
لقد حافظ ومنذ تسلمه منصبه كرئيس للمخابرات المصرية عام 1993 على علاقات وثيقة ومستقرة مع معظم رؤساء مؤسسات الخدمات السرية الإسرائيلية مثل الموساد ، وشين بيت ( الأمن الإسرائيلي ) ، والإستخبارات العسكرية الإسرائيلية . هذه العلاقات التي تجاوزت الطابع الرسمي الى علاقات صداقة شخصية ، فمثلاً هو يتحدث مع " شابتاي شافيت " أحد الرؤساء السابقين للموساد ، وفي جلسة خاصة عن عائلته وكيف أنه فخور بأطفاله الثلاثة وبأحفاده !
ومع ذلك ، فإن هذه العلاقات المتميزة ، لاتعني بالضرورة التطابق التام بين الجنرال المصري والأجندة الإسرائيلية . وعلى ذلك يعقب أحد المسؤولين الإسرائيليين السابقين في الخدمات المخابراتية الإسرائيلية : " يجب أن لاننسى أنه ، أي سليمان ، أولاً وقبل كل شيئ مصريا يعمل لوطنه ، وأن مهمته الأساسية وربما الوحيدة هي الدفاع عن النظام المصري وحماية حياة رئيسه .."
في 26 ، حزيران 1995 ، وضعت هذه المهمة في موضع الإختبار الحقيقي . لقد كان يجلس في المقعد الخلفي مع الرئيس مبارك في السيارة التي تقلهما الى إجتماع منظمة الوحدة الأفريقية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا . وفي الساعة 8.15 صباحاً ، وبينما كان ركب الرئيس المصري تسبقه الدراجات يشق طريقه من مطار أديس أبابا الى مركز العاصمة ، فتحت النار الكثيفة على الموكب من كمين نصب على الطريق .
لم يصب الإثنان بأي أذى ، وكان ذلك بسبب إصرار من عمر سليمان في اليوم السابق لسفر الرئيس الى أثيوبيا على أن يتم شحن سيارة الرئيس المرسيدس الخاصة المدرعة ضد الرصاص لإستخدامها ، وذلك ماكان .. ولولا إصرار سليمان على تلك الفكرة لكان الموقف متغيراً تماماً .. فقد تم إنقاذ حياة الرئيس وتعمقت الصداقة بين الإثنين بعد ذلك .
بعد محاولة الإغتيال الفاشلة تلك ، أمر سليمان بملاحقة الجماعة الإسلامية في مصر ، وهي التي كانت مسؤولة عن محاولة الإغتيال ، وبشكل محموم وبدون رحمة . وفعلاً تم إلقاء القبض على الآلاف منهم مع عوائلهم وأقاربهم ، وتعرض الكثير منهم للتعذيب والتصفية ! وبذلك أثبت سليمان أنه صاحب القبضة الحديدية في العمل ضد ( الإرهابيين ) الإسلاميين وبعثرتهم وفي وقت قصير .
وُلد عمر سليمان عام 1935 في مدينة قنا من صعيد مصر . مدينة تعرف بأنها من معاقل ( المتطرفين ) الإسلاميين .
لقد كتبت الكاتبة الأمريكية " ميري آن ويفر " قبل خمس سنوات في الصحيفة الأمريكية ( أتلانتك ) ، أنه في قنا هناك طريقين لكي تحدد مستقبلك ، إما أن تكون شيخاً أو جندياً ..! ويبدو أن سليمان قد إختار الطريق الثاني ..
لقد كان عمره 19 عاماً حين ترك قنا ليلتحق بالكلية الحربية المصرية في القاهرة . وعلى مدى 50 عاماً ، كان جندياً محترفاً وملتزماً . أُرسل في ستينات القرن الماضي الى الإتحاد السوفياتي في دورة تدريبية متقدمة .. ولكن مع ذلك فإن مايتعلق بخدمته العسكرية ومناصبه وترقياته لاتزال غامضة في بعض جوانبها .
ويعلق نفس المسؤول الإسرائيلي السابق في المخابرات على الموضوع بالقول : " لقد كان عمر سليمان يتحاشى الكلام معنا حول خدمته العسكرية وكذلك عن تجاربه ودوره في الحروب التي نشبت بيننا وبين مصر .. ولقد كنا نلاحظ تجنبه الحديث عن ذلك ، ولذلك لم نضغط عليه بهذا الصدد لكي نجنبه الإحراج "
هناك عدم تطابق في وجهات نظر الإسرائيليين الذين عملوا مع سليمان حول موضوع خدمته العسكرية ، البعض يعتقد أنه كان ضمن وحدات الهندسة والبعض يعتقد أنه عمل في سلاح المدفعية ، في حين يعتقد فريق ثالث أنه كان ضمن سلاح الدروع .
في عام 1991 ، تم تعينه رئيساً للإستخبارات العسكرية المصرية ، وبعد سنتين إنتقل للعمل كرئيس لجهاز المخابرات المصرية .. بعدها منح صلاحيات منصب وزير بدون حقيبة وزارية وأصبح عضواً في مجلس الوزراء مع إحتفاظه بمنصبه كرئيس للمخابرات .
حتى سنوات قليلة مضت لم يكن الرأي العام المصري يعرف كثيراً عن شخصية عمر سليمان ، ولكن دوره ومنصبه اصبحا معروفين بعدما بدأ بلعب الدور الدبلوماسي . ويقول من زاره من الشخصيات الإسرائيلية في مكتبه ، أنهم لاحظوا وجود صورته مع صور من سبقه في شغل منصبه من رؤساء المخابرات ، وهذا في الحقيقة ليس أمراً متعارف عليه ، إلا إذا كان يقصد من وراء ذلك الإيحاء الى أنه شخصياً لايعتبر منصبه الحالي هو نهاية الطريق بالنسبة له .
لقد ظهر إسمه في السنوات القليلة الماضية كمرشح لخلافة حسني مبارك .. ولكن ، مبارك نفسه يفضل أن يرى إبنه جمال كخليفة له ، ولكنه لو وجد أن مثل هذا الإجراء سيواجه معارضة شعبية في مصر ، وهو ماحدث لحد الآن ، فإن فرصة عمر سليمان في أن ينال رئاسة مصر سوف تلاقي حظاً أكبر ..!
إن كل من إلتقى عمر سليمان أعجب بمظهره وشخصيته التي تدل على الإحترام ، والتي لاتفتقد سلوكيات وتصرفات القيادة الناجحة .
يروي أحد رجال المخابرات الإسرائيلية ، أنه وفي لقاء جمعه مع سليمان وممثلين عن وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية في بهو أحد الفنادق ، أنه لاحظ أن الوزير سليمان مد يده وأفرد بين أصبعيه ، وفجأة وخلال لحظات تقدم أحد رجاله ووضع السيكار بين إصبعيه . لقد أعطت تلك الحركة من يده لنا وللأمريكان الإيحاء للجانب الآخر من شخصيته القيادية القوية على الرغم من طريقته الهادئة والمؤدبة في الكلام ، وكذلك لايخفى أيضاً أنه أنيق في ملبسه على الدوام .
ويضيف رجل المخابرات الإسرائيلي : لن أنسى كيف أنه ـ أي عمر سليمان ـ وفي لقاءٍ لنا مع بداية الإنتفاضة الثانية ، كيف إنتقد ووبخ عرفات وذلك عندما شعر أن عرفات لم يأخذ بنصائحه قبل الإنتفاضة !
وعندما قامت إسرائيل بعمليتها العسكرية " الدرع الواقي " ضد السلطة الفلسطينية في عام 2002 ، أضطر عرفات للتوسط لدى سليمان راجياً إياه بإتخاذ بعض الخطوات ولو بشكل رمزي للإعراب عن إستيائه مما يحدث .. إلا أن عمر سليمان لم يلتفت الى طلب عرفات وأهمله ومكّن اسرائيل من المضي قدماً في حصار السلطة الفلسطينية لدرجة قاربت من إنهيارها بالكامل .
ومع ذلك ، وعلى الرغم من أنه مسلم ويظهر إلتزامه بطقوس دينه لدرجة أنه أحياناً يقطع المفاوضات معه لكي يؤدي الصلاة ، إلا أنه لايخفي إزدراءه من جماعة الإخوان المسلمين الذين يرى أنهم مصدر تهديد رئيسي لمصر .
مثل هذه المواقف ووضع إمكانياته لمساعدة وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية في ملاحقة القاعدة واستجواب المحتجزين ، جعلت وكالة الإستخبارات الأمريكية ترى في المخابرات المصرية حليف جيد وعلى أهمية كبيرة تجعلها موضع ثقة وحليف بمستوى جهاز الموساد الإسرائيلي !!
هذا السبب نفسه هو الذي جعله يتخذ موقفه من حماس التي يعتبرها إمتداد لجماعة الإخوان .
ثمة شخص واحد على علم بهذه المواقف وبالضد منها وهو " مارك بيري " المدير في المنتدى الأمريكي للنزاعات ، والذي هو عبارة عن منظمة يرأسها "ألستر كروك" وهو مسؤول سابق في المخابرات البريطانية والتي تتبنى فكرة الدفع بإتجاه حوار يفتح بين الغرب والمنظمات الأصولية الإسلامية مثل حماس وحزب الله .
يقول " بيري " : أنه ومنذ حوالي سنتين إلتقيت عمر سليمان في محاضرة نظمها معهد البحوث الأمريكي في واشنطن ، وقد سألته تحديداً ، هل يمكن لحماس التي تم إنتخابها أن تعمل على خلق إستقرار وعمل إيجابي كحكومة فلسطينية .. أجابني على الفور : كلا ! أنا أعرف هؤلاء ، إنهم من الإخوان المسلمين وأنهم سوف لن يغيروا من أساليبهم . إنهم كذابون ، والشيئ الوحيد الذي يفهمونه هو منطق القوة !! .
ولكن علينا ايضاً أن نفهم ، أن عداء سليمان ( للمتطرفين ) الإسلاميين لايعني بالضرورة أنه من المؤيدين لإسرائيل ! وكما يقول احد كبار المسؤولين السابقين في المخابرات الأمريكية : أن معظم المصريين لايحبون إسرائيل ولكنهم يقبلونها كشرٍ لابد منه !! فقد كتب الصحفي الأمريكي " باتريك تيلر " مؤخرأ في كتاب صدر له ، كيف أن رئيس المخابرات المصرية سخر مرة من خلال دعابة ألقاها من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيريل شارون ، وولعه بالأكل وإكتساب الوزن الزائد ..!
إستناداً الى إستطلاع تضمن شهادات مسؤولين في المخابرات الإسرائيلية ، فإن سليمان يلتزم بخط سلام ( بارد ) مع إسرائيل ، ولا يقف مع تعميق وتقوية العلاقات الإقتصادية معها على الرغم من أنه عمل بنشاط من وراء الكواليس لإتمام صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل . المستفيد من تلك الصفقة هو رجل الأعمال الإسرائيلي "يوسي مايمان" ومن خلال شراكته مع "شابتاي شافيت" الذي تربطه معرفة وعلاقة جيدة مع سليمان ( على أي حال فإن هذه الشراكة بين مايمان وشافيت قد إنتهت بعد ذلك نتيجة خلافات مالية ).
معظم الإسرائيليون يثنون على حكمة وبعد نظر عمر سليمان ويتفهمون أهداف ودوافع سياسته .. وهو والرئيس مبارك لايرغبون برؤية حماس قوية على أبواب مصر ، ولكنهما ايضاً في واقع الحال لايريدان إيقاف عمليات التهريب التي تجري عبر الأنفاق من مصر. الأنفاق هذه في واقع الحال يعتبرانها وسيلة ضغط عندما يريدان التوسط بين إسرائيل وحماس ، إضافة الى إستخدامها كصمام لتخفيف الضغط عنهما من قبل المعارضة الإسلامية داخل مصر ولجعلها تقف مكتوفة الأيدي جهد الإمكان عندما تهاجم إسرائيل الفلسطينيين .
بالمقابل ، وعندما نأخذ هذه الرؤية بعين الإعتبار ، فإن ذلك يعني وببساطة أن الجنرال عمر سليمان لم يذرف دمعة واحدة نتيجة الضربات التي تعرضت لها حماس من قبل الجيش الإسرائيلي . ))
علي الحمـــداني
كاتب عراقي
lalhamdani@rocketmail.com
Thursday, January 29, 2009
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment