Wednesday, August 27, 2008

عشق إيران ..

عودة الى العوادي :
عشق إيران .. هل بسبب كونها إسلامية ، أم لأنها وطنية ، أم لأنها جارة للعراق
أم لأسباب طائفية .. ؟

كتابات : علي الحمــداني

قرأت مقال السيد باسم العوادي ، المنشور على هذه الصحيفة يوم 22 / 8 ، بعنوان ( يامعاوية إيران أشبعتكم ضرباً وانتم أشبعتموها سباً ) ، وقد تضمن فيما يفترض أنه رد على مقال السيد معاوية المهدي الذي نشر على هذه الصحيفة أيضاً في 21 /8 ، وتحت عنوان : ( آل بيت إيران ) .. وإبتداءاً لا أخفي إعجابي بالتورية اللغوية التي إستخدمها السيد العوادي ، حين قال ( يامعاوية .. ) في عنوان مقاله ، على الرغم من واقع كون أن المُخَاطب كتب مقاله بهذا الإسم ، سواء كان الإسم حقيقياً أو مستعاراً ! فهذا لايعني شيئاً في واقع الحال .

وكما أنني لاأخفي إعجابي ، فإنني أيضاً ، لاأخفي معرفتي بطروحات السيد العوادي ، صحفياً أو من على شاشات التلفزة ، ( من إحدى القنوات التي أسماها لاحقاً بالفضائيات المرتزقة !!) فقد سمعته ورأيته يوماً يحدثنا عن دولة جنوب العراق ، وآفاقها المستقبلية ونهضتها الإقتصادية بسبب النفط ، وكيف أن ( الغير ) من أبناء العراق سيأتون ( ليقبلوا الأقدام ) كي يعملوا أجرَاء في هذه الدولة ..!

طرح لاشك أنه شجاع .. وصريح ، لم يفعل مثله داعية هذا التقسيم العراقي ، عبد العزيز الحكيم ، ولا أحد من مريديه المقربين .. ولابد أن السيد العوادي قد كوفئ على ماقال ، ولكنه حتماً قد نُصحَ بالتريث وعدم الشطط ، حيث لم نسمعها مرة أخرى ، أو نسمع مثلها من غيره بعد ذلك ..!

أما عنوان مقاله هذه المرة ( إيران أشبعتكم ضرباً ...! ) فهو يأتي بنفس نكهة العنف والتطرف في إختيار الكلمات والتي عرفنا بها السيد العوادي .. ولذلك لم يكن بالمفاجأة حين وقعت عيني عليه في قائمة مقالات كتابات السياسية تحت إسم : باسم العوادي .

بعد قراءتي للمقالين المذكورين ، وما احتوياه من كلمات وعبارات .. خطرت لي فكرة هذا المقال وأرجو أن لايعتبره السيد العوادي رداً متطرفاً أو طائفياً ، فصاحبه ليس ناصبياً ولا قومجياً ولابعثياً ولا وهابياً .. وصاحبه ليس من أصحاب الأسماء المستعارة ، وبالتأكيد ليس من جماعة الشهواني أو غيره ممن هم موضع ثقة الأمريكان وحكومات الإحتلال والأحزاب الإسلامية المتعاونة معهما من كلا الفريقين سنة كانوا أو شيعة ..!
فإذا ماسقط السيد العوادي على ظهره من الضحك ، كما قال ، عندما قرأ مقالين كتبا ضد مدير مخابرات حكومة الإحتلال السيد الشهواني .. وقال في نفسه ، كما ذكر لنا ، أن مدير جهازنا الوطني يحتاج الى شيئ من الذكاء .. و .. و .. فأرجو منه أن لايسقط على ظهره هذه المرة ومن حقه إن شاء أن يرميني وغيري بقلة الذكاء كما فعل مع الشهواني ، مع قناعتي أنه لو كان الشهواني من ( الرَبع ) لما قال فيه ماقال ، ولكنها الطائفية على أية حال ..!!


أعود الى موضوع ( واقع إيران وواقع من يعاديها ) ، كما ذكر السيد العوادي .. وأود أن أبدأ قبل كل شيئ ، بموضوع ( الحب والكراهية ) ، لغرض وضع النقاط على الحروف ، وقبل مناقشة مقال السيد العوادي ..

من منطلق إنساني بحت .. نسمّه إذا شئنا العالمية ، أو الإنسانية ، أو الأممية .. أو أي تسمية أخرى تنطبق على الجنس البشري مهما كان لونه وعرقه ودينه نقول :

منطقياً وواقعياً ، نحن لانكره الإسرائيليون مثلاً لكونهم يهود .. بل أن حالة العداء قائمة بيننا بسبب التسييس الديني تحت مسمى الصهيونية .. وما أنتجته هذه السياسة مما أدى الى إحتلال أراضٍ عربية وإسلامية ، وتشريد شعب ، ومحاولة الهيمنة على مقدراتنا ومستقبلنا ومعتقدنا ، وبالتالي مسح هويتنا

ونحن لانكره الأمريكان وغيرهم من شعوب الغرب السائرة تحت مظلة سياستهم الخارجية ، بسبب كونهم مسيحيين مثلاً ، بل بسبب سياساتهم وأطماعهم وإعتدائهم علينا ومحاولة إستعمارنا وإحتلال بلداننا ونهب ثرواتنا وتعطيل مستقبلنا وأيضاً مسح هويتنا الوطنية والقومية والدينية ..

لاأعتقد أن هناك كراهية منا ضد الآخرين ، من سود أو بيض أو صفر ، ومن هندوس أو بوذيين ، من شرقيين أو غربيين ، من أفارقة أو من أوربيين ... بل أن دول المنطقة العربية وغير العربية ، الإسلامية أو العلمانية ، تتعامل مع جميع هؤلاء وعلى أصعدة كثيرة ومن خلال مصالح وإحترام متبادل..

إذن موضوع الحب والكراهية يجب أن ينبعا من كلا الطرفين ليشكلا حالة متبادلة ومتشابكة ، إذ لافائدة أو منطق من أن تحب من يكرهك ، أو تكره من يحبك .. اللهم إلا من كان غير سوي التفكير أو يسعى الى مصلحة معينة فيتظاهر بالحب .. وهنا تسقط الإعتبارات المنطقية السليمة ..!

هذا نفسه ينطبق على إيران وشعبها ، كما ينطبق على البقية .. فتظهر حالة العداء ، عندما تنشأ حالة الإعتداء .. فأنت تحب من يحبك ويريد لك الخير .. وتنفر ممن يكرهك ويريد لك الشر .. وهذه هي سنّة الطبيعة البشرية ، بل هي أيضاً تشريع السماء في التوراة والإنجيل والقرآن .. ( العين بالعين والسن بالسن ) أو كما يقول الكتاب المقدس لدى اليهود والمسيحيين ، وبكل لغاته ومنها اللغة الإنكليزية حيث يقيم ويتكلم السيد العوادي :
Eye for an eye and tooth for a tooth

لو أردنا أن نخرج من هذه المقدمة والتي كانت ضرورية لزرع حُسن النية ، بيني وبين السيد العوادي ، قبل أن يفاجئ بعنوان المقال ، ويضعني في خانة الأعداء ، أو ممن أطلق عليهم بسخرية أدبية : ( والله مثل ماتشوف شبعونه دك وشبعناهم مسبة ) .. لكي ندخل في صلب مقاله ، فإن علينا أن نأخذ المقال بمفرداته وتسلسله ، ونحاول أن تكون المناقشة مختصرة ومركزة جهد الإمكان كمقال السيد العوادي .

ما سأورده بين قوسين هي نصوص مقال السيد العوادي ، وكما جاءت حرفياً :

( فالإعلام الإيراني صامت لايسب ولايشتم ولايتبنى برامج طائفية من خلاله إعلامه المقروء والمسموع والمكتوب الموجهة باللغة العربية بينما يركز ذلك الإعلام على الإنجازات الكبرى من قبيل الأمور التكنلوجية المتعلقة بالبرنامج النووي السلمي واخيرا اطلاق المسبار اميد وسيلحقه أول قمر صناعي ايراني تشير التقارير الى انه قريب الاكتمال ، وسلاح الصواريخ بمختلفة انواعها ومصانع الطائرات والدبابات والاجهزة الالكترونية ومصانع السيارات والقطارات وماشابه ذلك وكله بمقدرات ايرانية ذاتية خالصة ومن عاش في ايران سنة او اكثر يعلم ذلك بكل يقين والشهود على ذلك من العراقيين بالملايين ممن زارها قبل سقوط سلطة صدام أو بعده ، أم اعلى مستوى السياسة فهي تتقاسم الادوار مع امريكا في المنطقة لابصورة التحالف ولكن بصورة التخام السياسي )

ملاحظة : هناك بعض الأخطاء اللغوية والإملائية ، وردت في المقطع أعلاه ، أود الإشارة اليها وتصحيحها أولاً ـ ومعذرة للسيد العوادي ـ فهو طبعاً شخص عربي ، والموقع هذا باللغة العربية ، ولانريد أن يحصل بعض اللبس للقراء الكرام أو يختلط عليهم فهم التعبير بصورة صحيحة .

من خلاله إعلامه : المقصود ، (خلاله) تعود الى الإعلام ، وذكرت كلمة ( إعلامه ) بعدها للتأكيد على ماورد في بداية الجملة ( فالإعلام الإيراني ) ..
بمختلفة أنواعها : بمختلف أنواعها ..
بمقدرات ايرانية : بقدرات ايرانية
سقوط سلطة صدام أو بعده : سقوط سلطة صدام أو بعدها .. او يمكن القول سقوط صدام أو بعده ..
أم اعلى مستوى : أما على مستوى ..
ولكن بصورة التخام السياسي : لم أجد معنى مع الأسف لكلمة التخام السياسي ، فلو فرضنا أنها التخام للتعبير عن المتاخمة أي القرب ، مع أنه لاتوجد هكذا كلمة ، فيجب القول ربما مجازاً التخام سياسي وليس السياسي . أردت حذف النقطة لكي تكون التحام مثلاً ، فرأيت المعنى لايستقيم ، فالمفروض اميركا وايران غير ملتحمتين .. وربما المقصود التلاحم السياسي .. ثم قمت بوضع النقطة الى الأسفل لتقرأ التجام ، فوجدت أن المعنى لايستقيم أيضاً .. ومع ذلك أعتقد أن القصد من عبارة السيد العوادي مفهوم ضمناً .

عزيزي السيد باسم العوادي : إن اسرائيل أيضاً ومن خلال إعلامها العربي والعبري ، لاتسب ولا تشتم العرب .. فهي ليست مبادرة عظيمة وسابقة يحمد ويشكر من أجلها الإعلام الإيراني .. ربما هو توارد خواطر أو تنسيق ، شأنه شأن ( إيران كونترا ) أو ( ايران كيت ) ...!

لاأشك أنك كما تقول ونعرف ، مواطن عراقي ، ويفترض أنه يحب وطنه ، فقل لي بربك ، أو دعني أستحلفك بإمامك إن شئت ، أو ( بروح الإمام الخميني ) : هل سبق وانشرح صدرك في السابق عندما كان بلدك العراق يبني سلاحه ويطور صواريخه ويبني برنامجه النووي وبقدرات علمية عراقية ، كما ينشرح صدرك الآن لقيام ايران بهذا التطور العسكري والعلمي ..؟
وكمواطن عراقي ماذا كان شعورك عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مفاعل تموز النووي قرب بغداد ودمرته وأوقفته عن العمل ..؟ أو عندما ضربت صواريخ العراق تل أبيب ..؟ وماذا سيكون شعورك لو فرضنا قيام إسرائيل في الغد بنفس العمل وقامت بضرب المفاعلات النووية الإيرانية ، مع أن ذلك لن يحدث برغم الجعجعة الإعلامية ..؟!

أنت الآن تؤكد أن برنامج ايران النووي هو برنامج سلمي .. ولا أدري كيف تأكدت من ذلك ، فحتى الملايين من الشعب الإيراني لايعرفون بالتأكيد كون البرنامج النووي لبلدهم سلمياً أو عسكرياً .. فهل أنت ياعزيزي ( ملكي أكثر من الملك ) ..؟

إنه شيئ مفرح أن نرى بلداً من العالم الثالث ، أوإسلامياً ، أو عربياً ، يتطور تكنلوجيا .. ولكن ، من المؤسف أن نرى مثل هذا البلد يأخذ منحىً عدوانياً ضد جيرانه من العرب والمسلمين ، ويتدخل في شؤون بلدانهم الداخلية ، ويحاول ( تصدير ثورته ) اليهم ، ويستخدم قدراته العسكرية لتكريس إحتلاله لأراضيهم وجزرهم في الخليج تماماً كما تفعل إسرائيل في الأراضي العربية .. وكما فعلها شاه إيران المقبور من قبل ..

مرة أخرى .. قل لي بربك ، وبوضوح وبصراحة .. ماالفرق بين سياسة إيران الشاهنشاهية وسياسة إيران الإسلامية ..؟

لقد قلت ، كلمة حق ، في تقاسم إيران للأدوار مع أميركا في المنطقة .. وهو ماأثبتته الأحداث وخاصة في العراق بلدك عزيزي باسم العوادي ..!
سمّهِ ماشئت .. تحالف .. أو تخالف .. فالسياسة العالمية أعمق مما تظن .. وإلا فاسأل السيد عبد العزيز الحكيم ، الذي هو أقرب منك بكثير لإيران وحكامها ومراجعها ، وأكثر أهميةً .. لماذا قام بزيارة الصهيوني هنري كيسنجر في أميركا ، والأخير لايشغل أي منصب حكومي أمريكي رسمي ؟ ولكنك قطعاً تعرف كما نعرف ، أنه من صناع القرار السياسي الأمريكي ..!! والحكيم من صناع القرار السياسي العراقي حالياً .

تقول : ( على الطرف المناوئ والمخالف لإيران فلا إنجازات سوى المباني الكونكريتية المسلحة الشاهقة والمساحات الخضراء وبأيادي خارجية بمعنى ان التطور غير ذاتي وانما هو عبارة عن سلع مستوردة ، لكن بالطبع فإن الجماعة اشداء بالسب والشتم واثارة النعرات الطائفية والفضائيات المرتزقة التي تتابعها ايران وهي مسرورة جداً لان تريد لنفسها ان تتحرك على الارض فيما تريد للآخر ان يتحرك على الأثير وشتان بين الأرض والأثير ؟؟؟ !!! )

هذا هو المقطع الثاني من مقال السيد العوادي ، ولنترك الأخطاء والمطبات اللغوية والصياغة جانباً ، ولنفترض أن العربية ليست اللغة الأم للكاتب الكريم ، ولندخل في الموضوع :

الطرف الثاني من الخليج العربي ، كما يعلم الجميع ، غير مناوئ ومخالف لإيران ، لاسياسياً ولا إقتصادياً .. اللهم إلا إذا كنت تقصد الإختلاف المذهبي .. فهناك شيعة ، وهنا سنّة ..! أي الطائفية فهنا يستقيم طرحكَ ..

هل تعلم أن الميزان التجاري بين إيران الإسلامية ودول الخليج أعلى مما كان بين هذه الدول وإيران الشاهنشاهية ، وأنه يسجل معدلات قياسية في حجم التبادل الإقتصادي ..؟ هذا من الناحية الإقتصادية

وأعتقد أنك لاشك تعلم بالزيارات الرسمية المتبادلة بين حكام الخليج بما في ذلك السعودية وإيران وآخرها زيارة أمير قطر لطهران قبل عدة أيام . وهذا من الناحية السياسية ..

فأين المناوئة إذن ..؟
أما موضوع الفضائيات المرتزقة والنعرات الطائفية التي تثيرها ، فنعم ، هي موجودة .. ولكن هل تريد أن تعدها في العراق .. حاول أن تتابع برامج بعضها ، وأعتقد أنك تعرفها ، يوماً واحداً فقط ، ولك إختياره عشوائياً .. لترى حجم السموم الطائفية التي تبثها .. فماذا تريد من الطرف الآخر أن يفعل ؟؟

نعود الى الإنجازات الكونكريتية الشاهقة التي تعيّر بها الطرف ( المناوئ ) !! فأقول :

هل تعلم أن هونك كونك ، ذات الإنجازات الكونكريتية كانت تحرك إقتصاديات العالم لأكثر من قرن من الزمن ..؟ واليوم ، الإستثمارات المحلية العالمية في دول الخليج تلعب نفس الدور الإقتصادي الهام .. وقد بحّ صوت الإعلام الإيراني في تسويق السياحة في جزيرة ( كيش ) في الخليج قرب الدول ( الكونكريتية ) .. وبدون جدوى ..؟

وهل تعلم أن التقدم لايقاس بالصواريخ والقنابل النووية والى آخر القائمة التي ذكرتْ ..

باكستان ، تمتلك ترسانة نووية .. ولكن ماهو معدل دخل الفرد الباكستاني ، وماهو معدل الناتج القومي هناك ..؟ وبالمناسبة ، هل لك ان تخبرنا عن معدل دخل الفرد الإيراني في إيران العظمى .؟

ألمانيا واليابان ، لايملكان صواريخ باليستية ولا يملكان قوة نووية .. ولكن .. الأولى تتحكم بالإقتصاد الأوربي .. والثانية لايخلو منزل في العالم من منتج أو أكثر صنع في اليابان ..!

سويسرا .. لاتمتلك جيشاً .. وليست حتى عضواً في الأمم المتحدة .. ولكنها تدير وتتحكم في النظام المصرفي للعالم ..!!

هذه هي قياسات التقدم والنمو الحقيقي .. فلا يجوز أن نعيب على دول الخليج العربية ، هذه النهضة الإقتصادية .. كما أنه ليس من العيب أن تبنى العمارات الكونكريتية بأيدي أجنبية ..
وبالمناسبة .. فالتطور الذي ذكرت في إيران ، والذي ينصب على الجانب العسكري كما أشرت في مقالك .. لم يبنى كما قلت بأيدي ومقدرات إيرانية خالصة .. وإلا معنى هذا أنك لا تتابع هذا التطور كما يجب .. ولا تعلم شيئاً عن حجم التعاون في هذه الأنشطة بين إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية ..! وهذا بالذات ينصب على البرنامج النووي .. أما الجوانب الأخرى فهناك أكثر من دولة أجنبية وكثير من الخبرات العالمية تساهم فيها ولمصالح مشتركة مثل اليابان والصين وكوريا وحتى دول اوربية ..!!

يقول السيد العوادي " وبالنص " !! :
( وسأعطيك يامعاوية نموذجاً بسيطاً ترى من خلاله كيف أن إيران وصلت من القوة والإقتدار السياسي والدبلوماسي ـ بان تعلب بيكم طوبة ويه امريكا ـ ماحصل قبل عدة أسابيع ففي الوقت الذي سكتت فيه ايران من تقدم الجيش العراقي والقوات المشتركة على البصرة والعمارة ومدينة الصدر ودعمت الحكومة في هذا المسار ، وفي خضم الحدث استطاع حزب الله ان يسيطر على بيروت خلال ساعات ، هنا تصور جماعتك يامعاوية ان امريكا ستحرك البارجات والاساطيل الجوية والمنظومات الصاروخية وقوات المارينز لضرب حزب الله وإرجاع بيروت للآخر من أجل سواد عيونهم اليعربية ، ولكنهم تفاجأوا بان الأمريكان لم يفعلوا اي شيئ وحدثت التطورات وكأن الأمر لايعنيهم بالمرة وبعد مضي عدة أيام ، فهم جماعتك يامعاوية ـ ان ايران موتت بيدهم الدوشيش ـ وان القضية تمت في العراق ولبنان على اساس ـ حكلي وحكلك ـ فضاعت المليارات التي انفقها جماعتك على الفضائيات والجرائد والمجلات والأحزاب والشخصيات السياسية باربع ساعات في بيروت مثلما ضاعت المليارات التي انفقها جماعتك يامعاوية في العراق وستضيع بعدها كل الاموال التي ستنفقونها ، وان ايران تعلم ان سبكم وشتمكم لها هو بمقدار الألم الذي يصيبكم منها . )

مرة أخرى يخطأ السيد العوادي .. ومرة أخرى تتغلب إنفعالاته على قلمه .. ومرة أخرى يثبت لنا قصر نظره في تحليل الحدث السياسي ..!

سكوت ايران ـ لو صح ـ على ماجرى في البصرة والعمارة ومدينة الصدر ، ودعمها للجيش العراقي والقوات المشتركة " مصطلح يستخدمه الغرب ويعني قوات الإحتلال للعراق " ! ، فذلك يعني أن إيران تعمل بالتنسيق مع هذه القوات المشتركة التي كما تعلم هي من يخطط ويسند القوات العراقية ، وهذا قد أدى ياسيد العوادي الى مجازر بحق شيعة العراق في الجنوب ومدينة الصدر .. مجازر نقلتها كافة أجهزة الإعلام المرئية .. مما يعني أن هناك تنسيق ما أمريكي ـ إيراني ، لدعم الحكيم وجماعته

أما حزب الله ، فقد لعبت الدبلوماسية العربية ، والقطرية بشكل خاص ، دوراً في حل الأزمة .. وما تسميه بالمصطلح العامي العراقي ـ موت الدوشيش ـ ، نتج عنه وضع قوات دولية ولبنانية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية .. وفي تقديري ، فهذه إنتكاسة لحزب الله ، لاأدري كيف قبلها ، ربما مرغماً ، لأنها تشكل الآن درعاً على الحدود الشمالية لإسرائيل ..
أم هل هو ياترى ، يدخل ضمن التنسيق الخفي ، والتكتيك الإيراني ..؟
التضحية بالآلاف من الشيعة العرب في العراق .. كما تضحي بالآلاف من الشيعة العرب في الأهواز ثم الشيعة العرب في لبنان ..
أعتقد أنها نقطة تستوجب منك التوقف عندها وإعادة حسابات تحليلك السياسي ، بدون إنفعال من أن إيران ( تلعب طوبة بأمريكا ) .. و ( موت الدوشيش ) و ( حكلي وحكلك ) ..!!!

يقول السيد العوادي نصاً مايلي :
( وهنا والحق نقول اننا لانفرق بين ايران والسعودية او أي بلد مسلم مجاور للعراق ، فالكل عندنا سواسية لاننا اصحاب مشروع وطني عراقي وينقف ضد من يريد ان يحارب ايران ومن يريد ان يحارب السعودية لاننا نعلم ان المنطقة شعوباً وحكومات لم تعد تتحمل اي نزاع جديد ، وان الذين يدفعون باتجاه الحرب مع ايران او ضرب امريكا لها هم المنافقون الذين يريدون ان يضربوا عشرة عصافير بحجر واحد واستخدام طريقة التخلص من السعودية بضرب ايران )

لاتعليق لي على هذا ، إلا أنه النفاق بعينه .. والمغالطة .. التي تناقض كل الوقائع حتى تلك التي وردت في مقال السيد العوادي ..!!

ثم يختم السيد العوادي مقاله ، بأسوأ مما بدأ به ، فيقول :
( أما قضية ضرب إيران فهذه من المستحيلات ان امريكا تنظر الى ايران بصورة " العدو العاقل " الذي يعرف حدوده وحجمه ويعرف من اين تؤكل الكتف اولا ، ولان امريكا تريد ان تبقي ايران دولة اسلامية شيعية قوية ومقتدرة ـ لاحظ كلمة : تريد أن تبقي ـ الكاتب ـ " ومعادلة ومناوئة للدول الإسلامية الخليجية السنية ، وما يعقب ذلك من حالة استقطاب اسلامي وعربي وسياسة محاور وهرولة الضعيف في هذه العملية لكي يلقي بنفسه في احضان امريكا ويعتبرها حامي الحما ويقدم لها وعلى طبق من فضة كل ماتريد وقبل ان تتكلم ، والحر تكفيه الإشارة .
أما حول سلطة السباب واطباق الشتائم التي سقتها لنا وللآخرين ـ عيوني معاوية ـ فسبوا واشتموا واصرخوا وتهستروا وكل ذلك على قدر الألم الذي تسببه لكم ايران والمعادلة هي هي ايران تباريكم بالأفعال وانتم تقاتلونها بالأقوال ، لهم الأرض ولكم الهواء )

بهذا المقطع إنتهى مقال السيد باسم العوادي ، وسأترك التعليق عليه للقراء الكرام ..

مقال وتحليلات صادرة من شخص عراقي لم أجد في مقاله منذ السطر الأول الى الأخير كلمة دفاع واحدة عن أرض العراق أو شعب العراق أو وحدة العراق أو مستقبل العراق .. وأترك الإجابة على عنوان مقالي هذا حول سبب العشق الإيراني هذا للقارئ الكريم أيضاً ..
والعوادي ليس إلا مثل بسيط ، بساطة وسذاجة مقاله ذاك ، وكتاباته وعباراته وتحليلاته السياسية .. ولله في خلقه شؤون ..!


lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com


Wednesday, August 20, 2008

كما يجب أن لانهمل مؤامرات القيادة الكردية

كما يجب أن لانهمل مؤامرات القيادة الكردية
يجب أيضاً أن لا نغفل عن المؤامرات الإيرانية
في وسط وجنوب العراق

كتابات : علي الحمــداني

لقد أوجدت مؤامرات القيادة الكردية البرزانية / الطالبانية ، وخلال بضعة أسابيع مناخاً سياسياً مناسباً لتفقيس بيض الملالي في إيران وأعوانهم في العراق ، وبدأت الأفاعي الصغيرة تزحف في كل إتجاه حيث الرأي العام العراقي وأقلام المحللين السياسيين والكتاب والصحفيين قد شغلتهم الأحداث والتداعيات التي خلفتها مشكلة كركوك والعناد والأطماع الكردية بخصوصها ، وما رافق ذلك من جملة أحداث بنفس الإتجاه في مناطق ديالى ونينوى .. ولو أردنا أن نجري عملية ربط بسيطة بين مايحدث في الشمال العراقي وما يخطط له في جنوبه ، لوجدنا نوع من التناغم والتوافق ، اللذين لاأعتقد أنهما محض صدفة فرضهما الوضع العراقي المضطرب ، بل أن الموضوع يذهب الى أبعد من ذلك ...

جلال الطالباني ، وهو تحت العلاج في الولايات المتحدة ، ومن على فراشه في مستشفى ( مايو كلينك ) ، يصرح أنه سيقوم بزيارة الى إيران بعد عودته الى العراق ..! في وقت هناك بعض التسريبات الإخبارية عن وجود مسعود البرزاني هناك قادماً من تل أبيب ..
أنشطة مكثفة .. يتبناها بحماس صاحب القلب المريض .. وصاحب العقل المريض !

لابد هنا من وقفة مقارنة بين الوضع الذي خلقته القيادة الكردية وأزلامها وعناصر المخابرات وميليشيات البيشمركة في كل من كركوك وديالى ونينوى على مدى الشهور الماضية خصوصاً وبين تحركات إطلاعات الإيرانية وتصريحات مقتدى الصدر في طهران وقم ، وأنشطة عادل عبد المهدي المنتفكي مع واشنطن إستكمالاً لزيارات رئيسه عبد العزيز الحكيم الى البيت الأبيض ومكتب هنري كيسنجر .. كل ذلك يسير بشكل متوازٍ مع التخاذل والسلبية من جانب حكومة نوري المالكي . الموقف في الشمال العراقي ، متوجاً بأزمة كركوك ، ومن خلال القانون التشريعي لإنتخابات مجالس المحاقظات ، والذي إنسحبت كتلة الحكيم وممثلين عن الحزب الشيوعي عند التصويت عليه ، أعقبه رفض رئيس الجمهورية جلال الطالباني من التصديق عليه ليكشف زيف مواقفه التمثيلية مِن أنه رئيس جمهورية وليس رئيس حزب ، مما أسقط ورقة التوت عن سوءته .. وأصبح فعلاً غير مؤهل لمنصبه ..
تزامن كل ذلك ، مع موقف القيادة الكردية الإنتهازي لموضوع كركوك ، بموقفها في ديالى وإستمرار تمركز ميليشيات البيشمركة في قره تبه ، وجلولاء ، والسعدية ، وغيرها .. مما أجبر المالكي مخذولاً بإيقاف عملياته لبسط نفوذ جيش الحكومة المركزية على هذه الأجزاء من العراق ، والذي يفترض أنه رئيس وزرائه ..!
ورداً على ذلك ، قال العميد ناظم كركوكلي ، آمر اللواء 34 لمليشيا البيشمركة ، وبوقاحة تناسب تخاذل المالكي ، أنه يرفض تنفيذ أوامر اللواء علي غيدان قائد القوات البرية في حكومة المالكي (..) بالإنسحاب من شمال ديالى ، وقال : إن حرس الإقليم ( يعني البيشمركة والأشايس حسب المصطلح الكردي ) مرتبط برئاسة الإقليم ( يعني مسعود البرزاني ) ولن ننسحب من دون قرار منها ..!
أما اللواء جبار ياور ، الناطق بإسم قوات البيشمركة ، فقال أن هذه مناطق آمنة وليست بحاجة الى قوات عراقية (...)

أما جعفر مصطفى ، وزير الدولة لشؤون البيشمركة في حكومة ( الإقليم ) فقال : إن قواتنا ستبقى في مواقعها حتى حين حسم الموضوع بين القيادة السياسية في كردستان والحكومة المركزية في بغداد (المقصود هنا طبعاً موضوع كركوك ، والمساومة ولوي الذراع مع حكومة ضعيفة عميلة منفذة لما يملى عليها ..! ) ، وأن قواته لن تترك هذه الأماكن حتى صدور أمر من رئاسة الإقليم ( البرزاني ، ويلاحظ أن إرتباط قيادة البيشمركة هي بمسعود برزاني ، كما أن إرتباط الأشايس ، أو قوى الأمن والمخابرات الكردية ترتبط بولده مسرور مباشرةً ، وتعمل بالتنسيق مع الأمريكان والإسرائيليين منذ سنوات ) ..

وإذا ماأضفنا الى ذلك ، الجرائم التي لازالت تنفذها عصابات البيشمركة في محافظة نينوى ، وإستمرار بسط سيطرتها على المناطق المغتصبة من حدود المحافظة الجغرافية بسبب وجود النفط فيها أو لأغراض التطهير العرقي وتغيير البنية الديموغرافية .. يمكن أن نرى حجم الدور الذي تلعبه القيادة الكردية العميلة في إرباك الوضع العراقي وتسهيل تمرير المخططات الإيرانية داخل العراق وبالتعاون والتنسيق مع الأطراف الفارسية من حكام العراق وأبرزهم عبد العزيز الطباطبائي الحكيم

يقول ( كولن كاهل ) الخبير بشؤون العراق وزميل مركز البحوث الأمريكي المسمى ( مركز الأمن الأمريكي الجديد ) ، وذلك بعد أن قام ديفيد بيتريوس ، القائد العام لقوات الإحتلال ، بزيارته في 17/8/2008 ، مايلي :
( لقد لعب مقتدى الصدر دوراً مهماً في تقوية المالكي من خلال قراراته بعدم مقاومة الحملات التي شنتها قوات الإحتلال والقوات الحكومية ضد عناصر جيش المهدي ، وتخلى عن مواقعه السياسية في البصرة والعمارة ومدينة الصدر بدون أن يكون قد تعرض لإندحار عسكري .. وهناك دلائل على أن السبب الرئيسي وراء تخلي مقتدى الصدر عن المقاومة العسكرية هو التفاهم الإستراتيجي مع إيران !!)

ولعل مايؤكد تحليل ( كولن كاهل ) هذا ، هو ما نقل من أخبار عن خطط مقتدى الصدر الجديدة والتي صرح ببعضها من مقر إقامته في مدينة قم الإيرانية ،

ذكر تقرير صحفي أورده موقع ( فاتحون ) ، تحت عنوان ( رجال قم يشرفون على التعبئة الروحية للفرق المخصصة بالإغتيالات ـ مقتدى الصدر يعلن الجهاد على " النواصب " وطهران تعده بالعودة لبسط نفوذه على بغداد في " الساعة المناسبة " ) مايلي :

( أصدر مقتدى الصدر من مقر إقامته في مدينة قم الإيرانية تعليماته المشددة الى أنصاره بالإستعداد الى مرحلة جديدة في العراق . وكشف مصدر أمني عراقي النقاب عن وعود إيرانية بإعادة النفوذ تدريجياً الى أتباع مقتدى وتهيئتهم لصفحة الهيمنة على الشارع كما كانوا قبل القرار الأمريكي بإيقاف أنشطتهم وملاحقة عناصرهم بالتعاون مع فيلق بدر الذي يتبع عبد العزيز الحكيم الخصم اللدود لمقتدى الصدر . وأيد المصدر ماأعلنه الجانب الأمريكي مؤخراً عن قيام إيران بتدريب مجاميع لفرق الموت على أراضيها بمساعدة من حزب الله لتنفيذ عمليات إغتيال واسعة النطاق لكنها جديدة الأسلوب وتشمل مسؤولين في الحكومة العراقية ، وأن أغلب عناصر فرق الموت الجديدة هم من أتباع مقتدى الصدر الذين يشرف على تعبئتهم عدد من المعممين الإيرانيين ممن يتحدثون العربية بطلاقة . وقال المصدر ، أن التقارير المؤكدة أن قوى إيرانية وعدت مقتدى بالعودة بنفس القوة السابقة الى الشارع العراقي لكن في الوقت المناسب وشرط أن تتخصص عملياته لتصفية السنّة من بقية المراكز التي يشغلونها في بغداد ، ولكن عليه الإنتظار الآن .. كما أوصوه بعدم الإشتباك مع "فيلق بدر " !!! بصورة خاصة ، وحصر الإستهداف بالعناصر التي إكتشفت المخابرات الإيرانية "عمالتها " للجانب الأمريكي .!
وأوضح أن الإغتيالات ستشمل جميع المسؤولين الأمنيين الحاليين في مفاصل مختلفة من المراكز في بغداد والمحافظات فضلاً عن المستشارين الأمريكيين والخبراء الأجانب في الوزارات العراقية .. وأن الإستهداف سيكون في بيوت المسؤولين ومن خلال الحلقات الضعيفة لعوائلهم .

دعا مقتدى الصدر للمرة الأولى علناً عن أن أحد أعدائه الذين لن يلتقي معهم هم العرب السنّة الذين وصفهم بكلمة " النواصب " ، وقال في وثيقة وزعت بإسمه في بغداد الجمعة 15 / 8 / 2008 ، داعياً أنصاره للتوقيع عليها " بالدم " بمثابة البيعة : " أن أجعل من أعدائي الإحتلال والكفار والنواصب والإستعمار ، لاأفاوضهم ولا أهادنهم ولا أجلس معهم مادمت حياً "
ردد هذه البيعة كل من الشيخ أسعد الناصري في مسجد الكوفة ، وأسماها البيعة للإمام الحجة
" المهدي " بالدم .. كما وصفها الناطق الرسمي باسم الصدر ، الشيخ صلاح العبيدي ، أنها خطوة على طريق الإهتمام بالجانب العبادي !! )

لاحظ هنا ، التزامن والتنسيق في الوضع العراقي ، بين طالباني وبرزاني ، وبين مقتدى والحكيم ، وكلاهما بالتعاون مع إيران ، التي يريد طالباني زيارتها بعد أن يغادر فراش مرضه في الولايات المتحدة ..!!!
كل ذلك يجري ، ولاندري هل أن رئيس وزراء العراق نوري المالكي ( نايم ورجليه بالشمس ) كما يقول مثلنا الشعبي .. أم أنه طرف له دوره في العملية التآمرية ..؟؟

ثم إذا كان مقتدى ومن ورائه إيران ، التي تريد منه عدم التعرض لجماعة الحكيم ( فيلق بدر ) ، يريدون إغتيال العناصر التي إكتشفت إيران " عمالتها " للأمريكان .. فهل سيكون الطالباني مثلاً أحد هؤلاء وعمالته للأمريكان لاغبار عليها .. وكذا الحال مع البرزاني ، وما هو الموقف من الحكيم التي تعلم إيران علاقاته مع الأمريكان بشكل جيد ..؟ وهل إيران جادة فعلاً في قتل من له علاقة بالأمريكان ..؟ فلماذا إذن تؤوي عناصر القاعدة ، وتغتال من يستهدفهم في العراق ..؟ وما هو موقفها وأعوانها وخططها من المقاومة العراقية التي تقاتل الأمريكان بدون هوادة .. هل يدخل هؤلاء تحت مصطلح " النواصب " أيضاً ..؟؟ ثم كيف سيتعامل الصدر أو غيره مع كل هذه المتناقضات التي لايمكن أن يصدقها عاقل ، إلا إذا صدّق أن القيادة الكردية ، وحكومات الإحتلال ، هم من صفوة الوطنيين العراقيين ممن لاتربطهم علاقة بمحتل أجنبي أو دولة أجنبية أو مصالح قذرة مشتركة مع إيران !!!

لقد تساءلت شخصياً ، في مقال سابق لي ، نشر على موقع كتابات بتاريخ 23/4/2008 ، بعنوان :
( السيد مقتدى الصدر : لايلدغ المؤمن من جحر مرتين ! ولقد لُدِغتْ .. فكيف ستكون الثالثة ..؟ ) وأعيد الآن نفس السؤال .. هل أن ماأعلنه الصدر هذه المرة ستكون الثالثة ، أم هل ستكون هذه المرة القبر الذي تحفره له إطلاعات .. وعمائم قم المخضرمة ...؟

هكذا كما يبدو هي لعبة الشطرنج على رقعة الأرض العراقية بين أميركا وإيران ، أو من يلعبها بالنيابة عنهما من شيعة الفرس وأكراد مهاباد ..!!

نقل الأستاذ عبد الجبار ناصر ، في مقاله ( مصادر أمريكية : الطالباني عميل مزدوج وعبد المهدي حصان طروادة الأمريكي ) الخبر الذي أوردته صحيفة ( نيو يوركر ) للكاتب ( سيمور هيرش ) في حزيران الماضي ، والذي نصه :
( أن إطلاعات الإيرانية دفعت أحمد الجلبي لتقديم أدلة مزيفة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية الى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .
ردد الكثيرون من قادة المجلس الإسلامي الأعلى في العراق بقيادة عبد العزيز الحكيم ، بأنهم عقدوا صفقة مع واشنطن " لنا سلطة الحكم .. ولكم السيطرة على النفط " )

وفي نفس المقال ، يورد الأستاذ ناصر ، جانب من مقابلة صحفية جرت بين ( إيمي غودمان ) و الصحفي الأمريكي ( ديليب هيرو ) الذي أصدر ثلاث كتب عن حرب العراق ، وكما يلي :

( غودمان : ديليب هيرو ، ماذا عن علاقة جلال الطالباني بوكالة المخابرات المركزية ؟
هيرو : حسناً .. طبعاً ، لابد أن أقول أن له علاقة ليس فقط بوكالة المخابرات الأمريكية ، بل لديه علاقات قوية مع المخابرات الإيرانية . هذا واحد من الأمور العجيبة لو تتوغلين في عالم المخابرات ستصعقين بسبب التداخل القائم فيها .
غودمان : يبدو شبيهاً بأحمد الجلبي .
هيرو : تماماً ، ماعدا أن الجلبي لم يعش حياته في العراق ، فقد غادر والداه العراق وهو في سن 12 أو 13 سنة .. بينما البرزاني والطالباني في كردستان العراق . لابد أن تنظري الى الخارطة لترين أن الجنوب الشرقي من كردستان ملاصق لإيران . لايمكنك القيام بأي عمل من دون إقامة علاقات مع إيران . في الحرب العراقية ـ الإيرانية ، قاتلت ميليشيات الطالباني والبارزاني مع إيران ضد الجنود العراقيين ، بذلك يمكنك القول أنهما إرتكبا مصطلح " الخيانة " لقيامهما بمقاتلة جيشهما العراقي وتعاونهما مع العدو . طبعاً العلاقة مع وكالات المخابرات لها أهمية كبيرة بالنسبة لهما ..!
لقد سجل الطالباني والبرزاني وعلاوي ، أرقاماً قياسية في التعاون مع وكالات المخابرات ، ولابد أن تذكرهم موسوعة " غينس " للأرقام القياسية !! .

للإطلاع على نص هذه المقابلة ، راجع :
www.democracynow.org/2005/4/7iraqs_new_president


lalhamdani@yahoo.com
www.alialhamdani.blogspot.com

Thursday, August 14, 2008

" وشهِِدَ شاهدٌ من أهلِها "


" وشهِِدَ شاهدٌ من أهلِها "
الحقائق التأريخية والأدلة الدامغة على عدم كردية كركوك

كتابات : علي الحمــداني

وأي شاهد حق .. إنه الأستاذ خالد عزيز الجاف ، الكاتب الكوردي ، كتبَ على موقع " بوابتي " مقاله الموسوم كما هو أعلاه ( الحقائق التأريخية والأدلة الدامغة على عدم كردية كركوك ) . وأنا أستأذنه في إعادة نشره لقراء " كتابات " ، ولمن لم يتسنى له الإطلاع عليه عند نشره في شباط / فبراير الماضي .

ليس لدي الكثير لأضيفه على المقالات العديدة الخاصة بهذا الموضوع ( كركوك ) وعراقيتها .. ومؤامرة الحزبين الكرديين لإبتلاعها بأي شكل من الأشكال ، بعد أن أغنى الموضوع وأثراه زملاء عديدين في مقالاتهم منذ أن أطلقت صحيفة ( كتابات ) الحملة الخاصة بذلك مشكورةً .
أود فقط أن أشير الى أن المؤامرة هي أبعد من كركوك .. ففي ديالى ويوم أمس أوقف الجيش والشرطة العراقيين الحملة العسكرية التي أطلق عليها ( بشائر الخير ) .. والسبب منع التصادم بين قوات الحكومة وقوات البيشمركة التي تسيطر على الشريط الحدودي الذي يشمل عدة مدن وقرى منها خانقين ، ومندلي ، وجلولاء ، وزرباطية ... وغيرها ، وترفض تقدم الجيش إليها .. !! ونحن نعلم أن قيادة الحزبين الشوفينيين تقوم حالياً بسرقة النفط من آبار ( النفط خانة ) في تلك المنطقة !!

في نينوى وسهلها ومدينة الموصل .. يتمركز البيشمركة ويقومون بمحاولات قضم الأراضي تمهيداً لضمها الى مايسمى " كردستان " وترهيب وترغيب السكان للإنصياع لخططهم التطهيرية العرقية !
منذ أن فشلت حملة " أم الربيعين " لنفس أسباب توقف وفشل حملة " بشائر الخير " في ديالى ..!

إذن هي سياسة التوسع والإبتلاع الإسرائيلي للأراضي العربية تطبقها بتخطيط ودهاء القيادة الكردية الشوفينية .. نقول ذلك ، وننتظر ، ونتساءل : متى ستخرج الحكومة عن صمتها وسكونها ..؟
وهل سيتم السماح لها بذلك ..؟
إنه الإختبار التأريخي لحكومة يفترض أنها مستقلة ، ذات سيادة على أرضها وشعبها .


إلى مقال الأستاذ الجاف بالنص :

(( إن حداثة ظهور الكرد كقومية تحت الإيحاء الغربي المبالغ فيه في بداية القرن الماضي، مما جعل الأكراد يبالغون في وحدة أصلهم ‏ولسانهم وتاريخهم ووطنهم ، ومن نشوء تصورات خيالية في عقلية المثقف الكردي حول كمال عرقهم وعظمتها، وان وطنهم ‏التاريخي الخيالي احتله العرب والفرس والأتراك. ويقول الباحث ماكدويل (انه من المشكوك فيه جدا أن يكون الأكراد يكونون مجتمع ‏عرقي منطقي مترابط من ناحية النسب. عدم وجود ثقافة مدنية كردية وأدب قومي كردى في بدايات القرن العشرين كانت تعتبر من ‏العوائق القاتلة في تعريف الكرد كقومية. في حالة الأكراد الشعور بالتماسك القومي ينبع من فكرة - من المحتمل زائفة - النسب واللغة ‏المشتركة. يواجه الكرد هنا صعوبة عملية المبنية قسما على عدم وحدة اللغة، والحداثة في نشوء الأدب، وعدم استعمال كتابة واحدة). ‏وهذا الشعور القومي الكردي الذي نمى بصورة غير طبيعية جعل من الأكراد يندفعون في محاربة الدول التي يتواجدون فيها لإرجاع ‏مجدهم الضائع بعد أن أقنعهم وكذب عليهم الغرب بوجود وطن أجدادهم (كردستان) .‏لقد اختلف المؤرخون في إعطاء الفصول الأولى من تاريخهم وأصولهم ومنشأهم. ودراسة تاريخ الكرد يحتاج إلى عناية مركزة في ‏البحث عن جذور هذا الشعب وموطنه الأصلي . جاءت المقولة الكردية الحديثة للمثقفين الكرد بعد اكتشاف الاثار التاريخية العظيمة ‏في جبال كردستان الكبرى حسب منطقهم الغريب والعجيب على الشكل التالي ((أنهم أعرق أمة في هذه المنطقة التي يسميها ‏الغربيون "الشرق الأوسط" ولعلهم أسبق وجوداً فيها من أولى الموجات السامية كالأكاديين ;, ومن المؤكد أنهم أقدم من الآراميون ‏والعرب والترك . ومن المتعارف عليه بين الأثريين والمؤرخين أن دولة ميديا دولة كردية )) . ‏‏(من بين الركام والأطلال خرجت درر المعرفة الأصيلة لتاريخ البهي, من أعماق البحيرات في كردستان شعت أمواج الحقائق لترسم ‏للكون شمس ميديا الخلود, وعلى صفحات (آفستا) رسم التاريخ المجيد لشمس هذه الإمبراطورية التي قضت على جبابرة الشرق, أجل ‏هؤلاء الميديون الذين أطلقوا اسم (كي ه –رك) على مدينة كركوك ) هذا ماكتبه وبالنص احد هؤلاء الكتاب .‏والباحث الالمانى باول وايت يقول (إن الصعوبات في تعريف كلمة كرد تواجه الاكادميون منذ القدم، لا يوجد هناك تعريف واحد تتفق ‏عليه) وحتى المؤرخ مينورسكى يصف هذا المصطلح الكرد بالغامض والمبهم) هناك ثلاث نظريات حول اصل الكرد، ولكنها نظريات ‏ضعيفة لا يمكن الاعتماد والتركيز عليها لكي نصل للحقيقة التي مازالت ناقصة وغامضة وحتى مفقودة في صفحات التاريخ. بعض ‏المؤرخين يرجع اصل الكرد إلى الهوريين سكان مملكة ميتانى سنة 1500 قبل الميلاد. ومنهم من يعتبر أن اغلب الأكراد من الميديين، ‏وحتى بعض المؤرخين الأكراد يركزون على هذه النظرية بدون تقديم الدليل والإثبات على صحتها، حيث كانوا يعتبرون أن عصرهم ‏الذهبي بدأ في القرن السابع قبل الميلاد في مملكة الميديين ، فهذه النظرية إذن ضعيفة وحتى ربما مختلقة. ومع توسع الدراسات حول ‏تاريخ الكرد بدأت تنعدم تدريجيا نظرية إرجاع اصل الكرد الى الميديين. ويقول برنارد لويس بهذا الصدد (لا يزال تحديد اصل الأكراد ‏موضع خلاف تاريخي، رغم ادعاء معظم اكاديمى الكرد على الاصل الميدى، إلا أن هذا الادعاء يلاقى صعوبة في الإثبات) والبعض ‏الآخر يرجع أصولهم إلى الاسكيتيين.فعليه يعود أصلهم على الأرجح إلى الشعوب والقبائل الفارسية. ويقول الأستاذ ب. م. هولت أستاذ ‏التاريخ العربي في جامعة لندن في كتابه تاريخ كامبرج للإسلام الصادر عام 1970 (أن الأكراد يطلق عليهم بدو الفرس). بينما يرى ‏المؤرخ مورنى في كتابه العراق بعد الفتح الاسلامى ( أن كلمة كرد تعنى قطاع الطرق)، وجاء في كتاب الطبري أن الكرد دلالة على ‏الفلاحين ويذكر ماكدويل أن مصطلح الكرد يطلق على الشرائح الاجتماعية الخارجة على القانون والهاربة في اعالى جبال زاكروس، ‏ولفترة أكثر من ألفى عام، ولم يكن يعنى اسما لقومية. إذن المؤرخين المعاصرين يختلفون في تحديد اصل الكرد. وقد ذكر المؤرخ ‏ماكدويل المختص في تاريخ الكرد، أن كلمة الكرد لا تعنى اسما للعرق بل كان يطلق على المرتزقة البارثيين الساكنين في جبال ‏زاكروس. وبعض المؤرخين أشاروا إلى أن أصلهم مشتق من الكردوخيين، كما جاء ذلك في كتاب (الأكراد ملاحظات وانطباعات) ‏للباحث مينورسكى الصادر عام 1915. وقد تغير هذا الاعتقاد في الفترة الأخيرة، لان الكردوخيين ليسوا من اصل آري، بل يعتبرون ‏الكورتيين الذين يعيشون في القسم الشرقي من بلاد الكردوخيين، جبال زاكوروس، هم من أجداد الكرد (مينورسكى ). أما المؤرخ ‏ماكدويل المختص في تاريخ الكرد فأنه يرفض هذا الاستنتاج ويقول (إن اصطلاح كورتى كان يطلق على المرتزقة البارثيين ‏والسلوسيين الساكنين في جبال زاكاروس، وانه ليس أكيدا إذا كانت تعنى لغويا اسما لعرق). أما عن علاقة الكردوخيين بالكورتيين ‏فيرى مار انه من الأمور التي يصعب الحكم عليها.‏وقد ورد في الدليل العراقي الرسمي لسنة 1936 – بغداد ص 64 " الميديون هم من الشعب الآري الذي كان يسكن البلاد التي ‏يسميها المتأخرين بلاد شيروان وأذربيجان..وقد حاربوا الآشوريين من الشمال, كما أن الكلدان حاربوهم من الجنوب إلى أن قوضوا ‏تلك الدولة القوية الشكيمة..فأصبح في العراق شعبان يسودانه الكلدان من الجنوب والميديون من الشمال". ‏وبعد سقوط الدولة الميدية (550 – 549) قبل الميلاد ظهر أقرباء الميدين الفرثيون فوق المسرح السياسي للمنطقة, ففي حدود ‏الربع الأخير من القرن الثاني قبل الميلاد حكمت أسرة سكائية اديابين (حدياب), وكانت كركوك عاصمة حكامها الذين كانوا تابعين ‏للإمبراطورية الفرثية, وكانت أربيل أيضاً تدخل ضمن مملكتهم, وتؤلف إحدى قواعدهم . ‏‏ ويقول المؤرخ الأرمني موسيي ( موفسيس) الذي عاش في القرن الخامس – بداية القرن السادس, كان الساسانيون أقرباء ‏الميديين . إذن ومن هنا نكتشف الحقيقة أن الكرد كانوا بالاصل من الساسانيين ، وبمرور الزمن انفصلوا من هذه العشيرة واطلقوا ‏على انفسهم بالكرد ، وهم لاعلاقة لهم بالشعوب المنقرضة من الكوتيين والفرثيين والميديين . ولكن من المضحك أن يعيد بعض ‏الكتاب اصل الساسانيين إلى الاكراد ، فالساسانيون لهم حضارة اثارها موجودة ، فأين هي حضارة الكرد في شمال العراق أو في ‏ايران ؟ . ‏‏ عندما ذكر المؤرخ حنّا بطاطو في كتابه العراق / الجزء الثالث مايلي :- " تقع كركوك وهي مركز نفطي على بعد 180 ميلاً ( 280 ‏كم)، الى الشمال من بغداد وكانت مدينة تركمانية بكل مافي الكلمة من معنى...." استغرب الكاتب الكردي سيامند ابراهيم كل ‏الاستغراب من هذا الكشف الحقيقي للواقع والتاريخ كيف يصرح بهذه الحقيقة وهم يحاولون اخفائها بكل الطرق . إذن حسب‏‎ ‎‏ اعتقاده ‏‏ كما يقول هو بالذات ( فهو بذلك يقفز على الحقائق لكردية كركوك, أن هذا الرجل الذي حرف في تناوله تاريخ كركوك إلى مناحٍ ‏غير صحيحة , و كان يجب على ضميره, وأخلاقه المهنية في كتابة التاريخ الحقيقي للعراق, ولمدينة كركوك كما اطلع عليها من ‏عشرات المصادر والموسوعات الأجنبية والتي لا تجانب هذا الطرف الكردي, أو العربي أو الآشوري المسيحي, أخلاق مهنة الكتابة ‏هي فوق العواطف والأهداف السياسية والكتابة بصدق وأمانة هي التي ترفع من قيمة الباحث العلمية والأخلاقية, ولأن عمد إلى ‏تحريف الوقائع والحقائق التاريخية فهنا تسقط آراء ودراسات هذا الباحث التاريخية ويفقد القراء والمتابعين للشأن الثقافي والتاريخي ‏من مصداقية هذه الشخصية التي أبتعد عن جادة الصواب العلمي كما هو الحال لدى المؤرخ (بطاطو) ويقول عن هذا الباحث أن الذين ‏كتبوا واستندوا إلى مصادر الباحث بطاطو, نقول لهم بأن بطاطو لم يتعمق كثيراً في تاريخ كركوك القديم منذ آلا لاف السنين؟ وهو ‏ابتعد عن الحقائق التاريخية المثبتة في مراجع قوية فمثلاً إذا عدنا إلى كتاب (الجغرافيا السياسية) من تأليف عدد من الأساتذة ‏الجامعيين المصريين في العام 1961 م ما نصه بهذا الخصوص" الأكراد سلالة منحدرة من أصل شمالي.. وكانت لهم دولة قديمة ‏عاصمتها ارابخا ‏ARAPKHA‏ , وهي كركوك الحالية. ) أن المنطقة التي فيها كركوك حاليا كانت تابعة للامبراطورية الاشورية ، ‏فكيف استطاع الكوتيون الوصول إلى تلك المنطقة لبناء هذه المدينة والامبراطورية الاشورية مازلت في عنفوان قوتها وسيطرتها ؟ ‏‏. وهؤلاء الاساتذة المصريون كيف استطاعوا الوصول إلى هذا الكشف العلمي على أن ارابخا هي كركوك بالذات ، مع العلم أن ‏اربيل كان يطلق عليها ارابخا أيضا ؟ . ‏‏ أن أي طرح اكاديمي يجب أن يعزز بالمصادر التاريخية والمكتشفات من الاثار القديمة للشعوب المنقرضة ، وحتى الموسوعات ‏الاجنبية الروسية والانكليزية عليها أن تقدم هذه المستندات التاريخية ، وليس اطلاق الكلام جزافا . وعندما يذكر الدكتور الكردي ‏كمال مظهر" ان سكان بلاد ما بين النهرين القدماء كانوا في الألف الأول قبل الميلاد يطلقون اسم الكوتيين على جميع الشعوب التي ‏كانت تقطن إلى الشمال والشرق من بابل بما في ذلك الميديون اعتمادا على الانسكلوبيديا السوفيتية المجلد الرابع الصفحة 914 . ‏فهذا الادعاء غير صحيح لأنه كانت هناك شعوب أخرى ارامية عديدة تسكن تلك المناطق الشمالية الغربية للعراق ولا علاقة لهم ‏بالكرد اصلا ، وكما قلنا سابقا ليس هناك دليل واثبات على أن الكوتيين هم اجداد الاكراد الحاليين .‏‏ أما الكاتب الكردي الأستاذ كريم زند فإنه يرى انه في حدود القرن السادس قبل الميلاد أطلق على المدينة أسم كاركوك من قبل ‏الأهالي, وهذا الكلمة كانت متداولة أيام السومريين فهل هذه هي الحقيقة التي يريد أن يقدمها للقأري على كردية كركوك ؟ ، لان ‏الاهالي طبعا من اصل كردي سومري وهم الذين اطلقوا اسم كركوك عليها . وطالما أن اسم كركوك له صلة بكلمة (بابا كركر) ‏وهذه كلمة كردية أيضا فهي إذن مدينة كردية ، ولايهمهم فيما اذا كانت الكلمة مشتقة من (كرك ) أي القلعة أو (كهرمة كان) ‏الفارسية أو (بيت كرماي) في المصادر السريانية القديمة . وقد استغرب الكاتب سبماند ابراهيم أيضا من مقولة السيد فريد ‏فاضل في جريدة المدار حيث يقول إنها كانت تسمى (عربايا) ومنها أخذت تسمية (عرفة) التي أطلقت على المجمع السكني الذي أقامته ‏‏(شركة نفط العراق) قائلا : بالفعل إنه ربط وتحليل ساذج لا يقنع إنسان لم يقرأ عراقة تاريخ المدينة بشكل جيد . وقد ذكر الكاتب ‏الكردي عوني الداودي قائلا : وقد أطلق عليها البابليين اسم (آميخة) أي (عرفه) . ‏عندما نراجع تاريخ المدينة سنجد إن هناك من يعتقد إن اسم كركوك أتى من السومرية، بمعنى العمل العظيم (كار - عمل وكوك - ‏عظيم). وقد ورد لها اسم أخر هو (اريخا) في عهد الملك سرجون الاكدى. وتكشف الآثار التاريخية في قلعة كركوك أن عمرها يمتد إلى ‏ثلاثة ألاف عام قبل الميلاد، وقد اكتسبت أهمية دفاعية لدرء المخاطر عن المدينة. ويبدأ تاريخها مع انبثاق النار الأزلية عام 550 ‏قبل الميلاد في العهد الكلدانى، والتي مازالت مشتعلة لحد ألان، وسبب اشتعالها وجود الغاز المنبثق من تحت الارض، والتي يطلق ‏عليها في الوقت الحاضر (بابا كركر) مع العلم إن هذه التسمية حديثة لم تعرف قبل احتلال العثمانيين للعراق، وهى تعنى بالعربية أب ‏النار. وبسبب وجود هذه النار الأزلية ومنذ ذلك العصر تحولت هذه المدينة إلى مركز لعبادة الإله (حدد) السامي. وتشير التنقيبات ‏الأثرية إن منطقة عرفة في كركوك هي مدينة مقدسة لدى الملوك العراقيين القدماء، لأنها مدينة الآلهة، واتخذت معبدا مقدسا تقدم فيه ‏قرابين الطاعة والغفران، وقد استوطنها عدة أجناس أولا العراقيون الناطقون بالسومرية، ثم العراقيون الناطقون بالاكدية بلهجتها ‏الآشورية، وكذلك الجماعات المهاجرة من الجبال والهضاب المجاورة مثل الحوريون والكاشيون والفرثيون والفرس والآراميون ‏والعرب والتركمان وأخيرا الأكراد.. وقد سكن التركمان هذه المدينة والمنطقة المحيطة بها منذ القرن الثامن قبل الميلاد، ومن خلال كل ‏هذه الفترة الطويلة من الزمن لم يكن للأكراد اى موطىء قدم في هذه المدينة، بل كانت تحوى على الأكثرية التركمانية، وكانت اللغة ‏التركمانية هي الشائعة بين سكان المدينة.‏‏ وقد اختلف المؤرخون والباحثون في اسم كركوك. ويرى الدكتور مصطفى جواد إن اجتماع ثلاث كافات في هذا الاسم من الأمور ‏النادرة من حيث الحروف وتركيبه اللفظي، وهذا ما يدل على انه من الأسماء السامية الآرية اى الآرامية، ويقول أيضا إن هذه الصورة ‏اللفظية قريبة من كلمة الكرخ السامية أيضا وكلتاهما تدل على الحصن أو القلعة. ويطلق على كركوك اسم كرخينى أيضا. وجاء في ‏معجم البلدان لياقوت الحموي المتوفى عام 1228 ميلادية (كرخينى بكسر الخاء المعجمة ثم باء ساكنة ونون وياء، وهى قلعة في ‏وطاء من الارض حسنة حصينة بين داقوقا واربل، رأيتها وهى على تل عال ولها ربض صغيرة)وهذا الوصف الجغرافي ينطبق على ‏مدينة كركوك الحالية. وجاء ذكرها في القرن السادس للهجرة في كتاب (تاريخ بنى سلجوق) لصدر الدين ناصر الحسيني ص 179 ‏على اسم كرخانى. وسماها ابن فضل الله العمرى في فصل الأكراد من مسالك الإبصار (الكرخين) وذلك في أواسط القرن الثامن ‏للهجرة. وهناك من يعتبر إن كركوك أصلها (كرخ سلوخا) بعد إن تحولت هذه المدينة بعد الاحتلال الاغريقى بقيادة لاسكندر المقدوني ‏عام 331 قبل الميلاد إلى مركز رئيسي للمسيحية النسطورية السريانية. وبنى فيها القائد الاغريقى سلوقس قلعة عسكرية، وأطلق ‏عليها اسم (كرخ سلوقيا) اى قلعة السلوقيين، ويعتبر مصطفى جواد انه ليس هناك تقارب بين الاسمين لاختلاف البقعتان، لان كرخ ‏سلوخى هي غير الكرخينى. والعصر الذي سميت به بلدة كرخينى كركوك هو زمن الدولة التركمانية القراقونيلية، في القرن التاسع ‏للهجرة اى الخامس عشر للميلاد، بدأ اسم الكرخينى يختفي شيئا فشيئا، وشاع اسم كركوك، وأصبح بدون منازع له الشهرة على الاسم ‏القديم. فالحوادث التاريخية تؤيد أيضا إن كرخينى هي كركوك نفسها. ويذكر التاريخ انه عام 1230 ميلادية وصلت جيوش التتار ‏والمغول إلى اربل (اربيل) ثم واصلوا تقدمهم إلى الكرخين (كركوك) كما جاء ذلك على لسان عز الدين ابن الأثير، حيث جهز الخليفة ‏المستنصر بالله العباسي الأموال والعساكر، وساروا قاصدين مظفر الدين كوكيرى ملك اربل، فألتقوا به في موضع قريب في ‏‏(الكرخينى) كركوك فأقاموا فيها أياما، وذلك يدل على أنها كانت من المواضع الحصينة. هذا ما كتبه ابن الأثير في كتابه (الحوادث ‏الجامعة). ‏‏ وبعد احتلال كركوك من قبل الساسانيين الفرس قاموا بتنفيذ عدة مذابح شهيرة ضد النساطرة في القرن الرابع ميلادي. وفى القرن ‏السادس تمكن (يزيدن) احد القادة السريان من إن يكون أميرا على المدينة، وسميت باسمه (كرخا يزيدن). وكانت في كركوك أقدم ‏كنيسة مسيحية في تاريخ المنطقة التي تواجدت منذ عام 470 ميلادي، وفجرها الأتراك بعد انسحابهم من المدينة عام 1918. لقد ‏كانت كركوك عام 1535 ميلادية عبارة عن القلعة الموجودة فيها فقط، باعتبارها الحي السكاني الوحيد فيها. وتظهر الوثائق التي ‏تعود إلى 1548 أن المدينة مؤلفة من 145 دارا تقطنها العوائل و23 دارا يقطنها العزاب. ويعود أقدم مصدر تاريخي للطابع السكاني ‏للمدينة إلى القرن الثالث عشر الميلادي.‏‏ وعندما ذكر السيد عبد الرزاق حسني في كتابه (العراق قديماً وحديثاً) يقول بأن (سردنا بال) ملك الآشوريين هو الذي أنشأ هذه ‏المدينة مستنداً إلى بعض المصادر السريانية, استغرب الكاتب سيماند على هذا الطرح قائلا ( لكن لم يبين لنا مدى مصداقية هذه ‏المصادر وما هي حجتها ومن أين وصلت هذه المصادر إلى الحقائق العلمية الموثوقة في تاريخ هذه المدينة.) بينما يصر على رأيه ‏بأنها مدين كردية حسب اقوال الموسوعة الروسية ، وبدورنا نرد عليه طالبين منه ذكر المصادر التي يعتمد عليها ومن اين وصلت ‏هذه المصادر وماهي حجتها التاريخية والعلمية ؟‏ إن نتيجة الحفريات التي جرت في المدينة والتي كانت تؤكد وجود مدينة تعرف ب (آربخا) أو (ارنجا) أو (أرفا) وتؤكد هذه الحقائق ‏دائرة المعارف الإسلامية حيث ورد فيها حول مدينة كركوك – أن كل من ( ‏S.H. Gadd‏) و (سدني سميث) يعتقد بأن كركوك ‏الحالية هي نفس المدينة التي كانت تعرف ب (أربخا ) ويذهب العلامة توفيق وهبي بأن كركوك مدينة قديمة وهي أقدم من مدينة ‏أربيل, وجاءت تسمية آربخا نفسها لمدينة كركوك في كتاب"فاتحة انتشار المسيحية في امبراطوريةالإيرانيين (ميسوبوتاميا ‏وإيران)‏‏ ومن جهة أخرى نراه يعتمد على رأي الدكتور شاكر خصباك العراقي في كتابه الكرد والمسألة الكردية إلى أن "الكوتيين هم الذين ‏بنوا مدينة كركوك" ومن الثابت أن الكوتيين هم كرد أقحاح تاريخياً, (وماهو الدليل على ذلك) وتقول السيدة ليلى نامق وهي كردية ‏أيضا بأن الكوتيين عاشوا في هذه المدينة واتخذوا من مدينة (أربخا) مركزاً لهم. ( هذه هي المصادر التي اعتمدت عليها ) ومن ‏الجدير بالذكر أن الدكتور العراقي العربي شاكر خصباك يؤكد مرة ثانية في كتابه ( العراق الشمالي) : واعترف السومريون وكذلك ‏الأكاديون من بعدهم بمملكة الكوتيين التي كانت أسمها (أربخا) والتي ربما كانت تقع بالقرب من كركوك الحالية . ‏وهكذا توصل هذا الكاتب الكردي سيامند إلى الحقيقة التاريخية المهمة وهي تأييد القول بأن الكوتيين هم الذين بنوا مدينة كركوك, ‏حيث سجل (تلت – نزت) الأول الملك الآشوري (1255-1218) أنه فتح بلاد (أربخ) وكان أول ملك آشوري استولى عليها, ثم وقعت ‏بيد الملك العيلامي (شهلك – انششنك) 1165- 1151) ق.م أي بعد بناء هذه الدولة بما يقرب من بناء مدينة (أربخ) ب عشرة ‏قرون, وهنا فإن هذه المعلومة العلمية المدونة والمهمة هي التي أكدت أن الكوتيين الأكراد هم الذين بنوا مدينة (كركوك) قبل ‏الآشوريين بألف سنة؟ ‏‏ ويقول الدكتور (كمال مظهر) في كتابه (كركوك وتوابعها – حكم التاريخ والضمير) :"بل ذكروها باسم (كرخيني) فالرحالة ‏‏(ياقوت الحموي) لم يذكر بشيئ اسمه كركوك في كتابه (معجم البلدان) لأنه لم يجد لها اسما يحتوي هذه الكلمة وحتى القلقشندي ‏توفي 831- 1418 م) لم يذكرها إلا باسم الكرخيني , ويقول الدكتور كمال بأن القلقشندي قد حدد طابعها الكردي مكاناً وسكاناً, ‏بالاستناد إلى" مسالك الابصار في ممالك الأمصار" للجغرافي الدمشقي ابن فضل الله العمري توفي 748 هجري – 1347- 1348- ‏كتب القلقشندي: انه حدد عشرين مكاناً في كل مكان منها طائفة من الأكراد ويستمر القلقشندي حيث يعدد الأماكن العشرين تلك, ‏وتحت البند العاشر منها فيقول:" بلاد الكرخيني ودقوق- ( ولم يقل كركوك ) وبه طائفة من الكرد عدتهم تزيد على سبعمائة, ولهم ‏أمير يخصهم . حسب ماجاء في كتاب القلقشندي, شهاب الدين أحمد صبح الأعشى, الجزء الرابع, ص 373- 374 . ويجدر الذكر ‏حسب قول الكاتب سيامند ابراهيم أن السبعمائة رقم معتبر من المنظور الديموغرافي لذلك العهد والزمان" نقول له حسنا اذا كان ‏هذا العدد القليل من الاكراد من المنظور الديموغرافي في ذلك الزمان له اهمية في نظرك ، فكم كان العدد الحقيقي للعرب والتركمان ‏والمسيحيين ، طبعا اعداد كثيرة مضاعفة ، فهل اصبحت كركوك مدينة الاكثرية كردية اذا كان عددها بهذه الكمية الكردية القليلة ‏من النفوس ؟ تكلم ياايها الكاتب الكردي بمنطق عقلاني . فهل اصبحت كركوك في ذلك العصر جزءا من بلاد شهرزور ، وهل ‏شهرزور تعني ألان بلاد كردستان ؟ . وهم يعتمدون على قول مؤرخ كردي اسمه ابن خلكان . وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان, ‏حققه وعلق على حواشيه ووضع فهارسه محمد محيي الدين – القاهرة 1987- ص 193. بأن اسم كركوك ارتبط باسم (بلاد ‏شهرزور) منذ العهد الاسلامي وقد تجاوزت حدود بلاد شهرزور كركوك بعيداً في العصر العباسي الأخير لتغدوا أربيل قاعدة لها يوم ‏ذاك " , وقد وصف المؤرخ الكردي ابن خلكان شهرزور هكذا :" وهي بلدة كبيرة معدودة من أعمال أربيل" إذن حسب وصف ابن ‏خلكان فأن كركوك ليست من توابع بلاد شهرزور طالما الاخيرة تقع بالقرب من اربيل ، وثم أن بلاد شهرزور لايعني بالضرورة وقفا ‏على الاكراد ولاتوجد شعوب وقبائل أخرى . بينما ذكر العلامة والمؤرخ الاشوري هرمز أبونا في كتابه الموسوم " الآشوريون ‏بعد سقوط نينوى " في مجلده الخامس وعلى الصفحة 118 , حيث يقول (( بخصوص تواجد الأكراد في منطقة أذربيجان أيران ‏وضمن المناطق التي كانت عبر مراحل التاريخ مسكونة بالآشوريين فأن ابن الأثير . مؤرخ القرن الثالث عشر وهويتحدث عن حوادث ‏سنة 296 هجرية 906 ميلادية فانه يقول : بأن الأكراد كانوا حول جبل قنديل ( رحل) طوردوا فتوجهوا نحو اذربيجان . اما على ‏سيدي الكوراني , في كتابه ( من عمان الى العمادية ) , ص 204 . ويحدثنا عن حوادث سنة 293 هجرية 980 ميلادية ذاكراً بان ‏الأكراد قاموا بالزحف نحو سهول شهرزور من مناطق ـ الدينور وهمدان ونهاوند والصامغان ومن بعض أطراف أذربيجان قبل نحو ‏خمسين سنة " ابن الأثير , التاريخ 6 : 426 ـ 427 .‏أما ياقوت الحموي في (تقويم البلدان) :" بلاد شهرزور" ما نصه وأهل هذه النواحي كلهم أكراد ، ولكنه لم يحدد قولا بأن كركوك ‏سكانها كلهم الاكراد . أما قول الكاتب سيامند ابراهيم بأنه ثبتت هذه المعلومات التاريخية القيمة في العهود الإسلامية الأمر الذي ‏يؤكده ياقوت الحموي الذي قال " كان هؤلاء الأكراد يتمتعون بقدر كبير من الاستقلالية, , وأضاف "وأهلها عصاة على السلطات" ‏ليست حجة لاْثبات أن كركوك كردية الأصل . نفس المصدر. ( من كتاب كركوك حكم التاريخ والضمير) د كمال مظهر- الجزء الأول ‏ص 20. سيامند إبراهيم : الحقائق التاريخية والأدلة الدامغة على كردستانية كركوك فهل هذه الاقوال المشكوك في صحتها حول ‏وجود السبعمئة نفر من الاكراد في كركوك اصبحت هذه المدينة مسجلة بالطابو لهؤلاء البشر واصبحت من الحقائق التاريخية ‏والادلة الدامغة على كردستانية كركوك حسب ماجاء في كتاب الدكتور كمال مظهر ؟ ‏‏ لنعود إلى كركوك مرة ثانية ونستعرض المزيد من الآراء التاريخية حول انتماء هذه المدينة فمن خلال الرقم المسمارية المكتشفة في ‏قرية(تركلان) التي تبعد عن كركوك 12 كيلو متراً فقد أعتبر أن كركوك جزءاً من بلاد الكاشيين كما جاء ذلك في كتاب ( بلاد ما بين ‏النهرين – الحضارتان البابلية والآشورية ) تأيف ل . ديلابورت) , ويدعي الكاتب بدون أن يقدم الدليل والاثبات قائلا ( ومن المؤكد ‏أن الكاشيين هم من الكرد أيضاً وقد حافظوا على الحضارة السومرية وطوروها ) واذا كان الكرد قد حافظوا على الحضارة السومرية ‏‏ فلماذا لم يحافظوا على حضارتهم الكردية ويطوروها اذا كانت لديهم حضارة اصلا ؟ . ويقول الباحث المحامي (جرجيس فتح الله ) ‏في كتابه زيارة للماضي القريب :" بأن كركوك اسم تاريخي لا غبار عليه وللإقليم كله اسمه التأريخي الذي عرفه المؤرخين العرب ‏والمسلمون وهو (باجرمي) أو (كرميك) ويجمع الباحثون أن الوجود المسيحي هو أقدم من الوجود العربي, وقد بقيت كركوك ‏مركزاً للنساطرة المسيحيين ومازالت كركوك كرسياً لرئيس أساقفة كلداني, وقد ظلت المدينة تفتخر بوجود أقدم كنيسة في العالم, حيث ‏بنيت هذه الكنيسة في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي, وكانت تعرف ببيعة الشهداء, تخليداً لذكرى شهداء الملك الساساني ‏يزدكرد الثاني (438- 457) . ويستمر الكاتب سيامند قائلا في اثبات حجة عائدية كركوك لبني جنسه قائلا ( وللذين يدعون بعراقية ‏كركوك نقول لهم إن كركوك قد عرفت العصيان على الدولة العراقية وبقيت خارج السيطرة الدولة العراقية لمدة خمس سنين أي منذ ‏‏1918 م ولم يرتفع عليها العلم العراقي على مبانيها.) ولهذا السبب فأنها كردية بالطبع والعصيان ، طالما أن الاكراد هم دوما من ‏يرفعون شعار العصيان ويطبقونه في جبالهم الشامخة ‏ويستمر الكاتب في تنقيباته الاثرية في بطون الكتب لعله يكتشف اثرا يقوده إلى اثبات اصل قومه وتاريخهم وحضارتهم ، والتنقيب ‏عن انتماء كركوك إلى قوميته الكردية التي ترسخت جذورها عبر الالاف السنين حسب قوله , وإزاء هذه المسألة الهامة في انتماء ‏كركوك إلى قوميته الكردية خاصة, وما هي الحقائق التاريخية الدامغة التي يتحجج بها الأكراد ، فهم يقولون إنها خط أحمر لا يجوز ‏لأحد الاقتراب منه, والتركمان يقولون هي جزء من ممالكنا وغالبية السكان هم من التركمان, ويقول الآثورييون إنها جزء من ‏الإمبراطورية الأثورية العظيمة.‏يطالب الكاتب الحيادي في طرح بحوثه ، حيث يقول ( وقبل الدخول في مسألة هذه المدينة والبحث عن المصادر التاريخية يجب ‏علينا أن نكون حياديين تجاه هذه المسألة ونتجرد من عواطفنا الشخصية وأن نعترف بالحقيقة, نعم حقيقة الوقائع التاريخية الصحيحة ‏بشكل ديمقراطي ‏اسمعوا إلى الخربطة في الكلام في نقل الحقائق من بطون الكتب في فكر هذا الكاتب الكردي التي تؤكد على ضعف حجة صاحب ‏المناقشة والبعيدة كل البعد عن المضامين العلمية في البحث عن الحقيقة التاريخية في بطون الكتب والمصادر الموثوقة عالميا ‏والتاريخية يقول: ف(كركوك) ليست من المدن العراقية القديمة, والحقائق التاريخية هي التي ثبتتها الوقائع المتتالية في الاستيطان ‏السامي الذي جاء من الجزيرة العربية, حيث يقول السيد ك . ن. ساندرز وهو الذي حقق ونقل ملحمة كلكاميش إلى اللغة الانكليزية ‏وترجمة حمد نبيل نوفل- فاروق حافظ القاضي – دار المعارف مصر 1960. بالله عليك أيها القاريْ الفطن فسر لي معنى هذه العبارة ‏الغامضة وما يقصده الكاتب بها وما علاقة ساندرز الذي حقق ونقل ملحمة كلكامش إلى اللغة الانكليزية فهل اكتشف ساندرز اصل ‏مدينة كركوك الكردية في هذه المسلة التاريخية على انها ليست من المدن العراقية القديمة ؟ ‏ويستمر في اعتماده على مصدر كردي وحيد حيث يقول أن الباحث كمال مظهر في كتابه القيم والذي يعد من أغنى الكتب التي تناولت ‏تاريخ كركوك في اعتقاده ، لما بذل فيه من جهود كبيرة في البحث عن المراجع التاريخية الدقيقة في مسألة تاريخ كركوك منذ العهد ‏الأكادي التي وردت إشارات صريحة إلى مدينة كركوك في النصوص المسمارية, مما يفترض تاريخياً أن يكون اللولبيين هم بناة ‏المدينة" . ومن الثابت تاريخياُ أن الخوريين هم الذين كانوا يقطنون كركوك وتوابعها في الألف الثاني والأول قبل الميلاد, ويوم ذاك ‏كانت كركوك تعرف باسمين – آرباخا واليلاني- أي مدينة الآلهة. ‏ويذهب الباحث الكردي عوني الداودي إلى أن الدلائل التاريخية تشير أن الكوتيين على الأرجح هم الذين وضعوا اللبنات الأولى لبناء ‏هذه المدينة . كما جاء ذلك في كتابه كركوك المدينة الضاحكة – عوني الداودي- منشورات مكتب الفكر والتوعية – السليمانية ‏‏2002. . فهل الكوتيين هم اجداد الشعب الكردي ؟ . ومن الأسماء التي أطلقت على كركوك اسم (نوزي) وقد أطلقه الحوريون على ‏مدينة كركوك, ؟ والحور يون يؤلفون شعباً انحدر منذ الألف الثالثة قبل الميلاد من الجبال الشمالية. ولعب دوراً مهماً في تأريخ ‏الشرق الأدنى وسياسته وثقافته في الألف الثاني قبل الميلاد . حسب ماجاء في كتاب جان بوتيرو, ( بلاد الرافدين, الكتابة العقل, ‏الآلهة ) ترجمة البير أبونا, مراجعة الدكتور وليد الجادر, بغداد 1990- ص 89 . فهل شعب الحوريين أيضا من اصل كردي ؟ . ‏وقد أكتشفت فيها لوحات باللغة الأكادية تتضمن معلومات تاريخية عن الحوريين وعن حياتهم الاجتماعية والاقتصادية ‏‎ G wilhilm ‎grunddzurge und kurtur Der Hurriter, Dramstadt 1982, p 10‎‏ . ويعترف الكاتب أن من الحقائق ‏التاريخية الثابتة أن الحوريون الذين حكموا بلاد آشور على مدى قرن من الزمان, هم الذين شيدوا دون ريب, عددا من توابع كركوك ، ‏أي انه كان استعمار لارض اشور والتي لم تكن تابعة للخوريين أو الحوريين ، حسب المفهوم الحديث للاستعمار الشعوب والاوطان .‏ويقدم لنا أيضا وبالدليل القاطع قائلا: ( وهنا لا يستطيع أي مؤرخ أن لا يقر بانتساب الشعب الكردي إلى الحوريين الذين ينتسبون ‏إلى العرق الآري ) وقد كشفت البعثة الأمريكية في التسعينيات من القرن الماضي إحدى أعظم مدنهم وهي (تل موزان) الأثري ‏الواقع إلى غرب القامشلي ب 25 كليومتراً وإلى الشرق من عامودا ب 3 كيلومترات, وقد نقلت السلطات السورية جميع الوثائق ‏والمكتشفات الأثرية إلى متحف دير الزور. و لا يخفى على المملكة الكردية الأخرى المملكة الميتانية والتي أكتشفها المستشرق ‏الألماني (أوبنها يم )هو وزوجته في سنة 1917 م, إذ حطت بطائرتهم إلى غرب رأس العين في تل حلف الذي يبعد عن رأس العين ب ‏‏4 كيلومترات, وقد أخذ غالبية كنوز ومكتشفات هذه الحضارة إلى متحف برلين, وقد نسخت السلطات السورية العديد من التماثيل ‏كالأسود ووضعتها في مدخل المتحف الوطني في حلب الشهباء . إذن حسب ادعاء هذا الدكتور فأن الحضارة الكردية تمثلها الدولة ‏المفتري عليها دولة الحوريين الكردستانية ، واللمملكة الكردية الأخرى الميتانية . أن من يدعي أن نوح عليه السلام كردي الأصل ، ‏من السهل عليه أيضا الادعاء بأن السومريين والحوتيين والميتانين من الشعوب الكردية الأصل والفصل . ‏‏ يقول الكاتب وهو يطمئن الباحثين في بطون التاريخ لاكتشاف حقيقة واصل الكراد قائلا لهم ( لمن ينتمي الشعب الكردي؟ سؤال ‏حيرً جميع الدارسين والباحثين لأصول هذا الشعب الذي استمر في البقاء رغم طوفان الممالك والإمبراطوريات الغازية من الجنوب إلى ‏الشرق فالغرب, لكن ليطمئن الجميع أننا ننتسب إلى أعرق الممالك التي عاشت ولا تزال تعيش على أرضها كردستان منذ آلالاف ‏السنين, نحن ننتمي إلى الحوريين الذين تربطهم بالآريين صلة قوية ومن المؤكد أنهم امتزجوا بهم, فكان الآريون يؤلفون بين ‏الحوريين طبقة أرستقراطية قائدة في القرن الخامس عشر والرابع عشر قبل الميلاد, أي في الوقت الذي أحكم الحوريون الحكم كلياً ‏على كامل شمال العراق, والتي كانت تطلق على المملكة الحورية اسم المملكة الميتانية" والميتانيون كنية مشتقة كانت تطلق على ‏الآريين( العراق القديم – جورج رو – ترجمة حسين علوان- مراجعة الدكتور عبد الواحد علي- بغداد 1982- ص- 317-318) ‏والكاتب جورج رو لم يقل حرفيا أن الحوريين والميتاتيين هم اجداد الكرد حاليا ، لان البحث العلمي يستند فقط في كشف الحقيقة ‏إلا على الوقائع والاثباتات العلمية والنصوص التاريخية .االكوتيين وكركوك ‏‏ يستند الدكتور كمال مظهر إلى الموسوعة السوفيتية وتقول " أن شعب زاكروسي آخر ارتبط باسم كركوك وهم الكوتيين . أن من ‏يعتمد على قول موسوعة في نقل الاخبار ليست حجة قوية يمكن الاعتماد عليها , ويقول أيضا ( فمن الثابت من النصوص المسمارية ‏أن الكوتيين, الذين أدوا نفس دور الحوريين والسوباريين والميتانيين , في تكوين الشعب الكردي لاحقاً ) كانوا يعيشون في الألف ‏الثالث قبل الميلاد في المنطقة الواقعة جنوب سهل شهرزور, ووصلوا كركوك وتوابعها, بل سيطروا على جميع نواحي هذه المدينة, ‏وحكموا المدينة وسموها (آرباخا) تاريخ كمبردج القديم- كمبردج- 1924- المجلد الأول – الصفحة 423- المجلد الثالث ص 223 . ‏أن النصوص السومريية لم تؤكد مطلقا أن الكوتيين أيضا قاموا في تكوين الكرد لاحقا . ‏ويؤكد السير سدني سميث في كتابه تاريخ آشور القديم حتى الألف الأول قبل الميلاد" الحقيقة ذاتها حين كتب أن قلب "المملكة ‏الكوتية" كان المربع الواقع بين نهري الزاب الأسفل ودجلة, وبين جبال السليمانية ونهر ديالي, وكانت عاصمتها (اراباخا) تقع حيث ‏مدينة كركوك الآن.ومن جهة ثانية تؤكد ألواح بابل أن بلاد الكوتيين تؤلف دولة مستقرة, وإن سكانها متحدين يحكمهم ملك واحد منذ ‏الألف الثالث قبل الميلاد. ويبدوا أن السومريين والأكاديين والآشوريون كانوا في قتال مستمر مع الكوتيين" بوضع دفاعي أكثر منه ‏هجومي" ومن المعروف تاريخياً أن الكوتيين كانوا يغيرون على أطراف الإمبراطورية الأكادية القوية, كما أنهم حكموا منطقة بابل مدة ‏تجاوزت القرن من الزمان (أواخر الألف الثالث قبل الميلاد) ونقلوا منها ومن مدن سومر كنوزهم إلى عاصمتهم ارباخا. ، كتاب ( ‏كركوك وتوابعها - حكم التاريخ والضمير – د كمال مظهر –الجزء الأول ص 10-11 ) . اذا كانت هذه الشعوب قد اندثرت ولم يبقى ‏لها اثر عين ، فكيف استطاع الكرد في الحفاظ على نسلهم وبقائهم كل هذه الفترة الطويلة من الزمن ، وكم كان عددهم أيضا في تلك ‏العصور الغابرة ، طالما أن عددهم لايبلغ اكثر من 25 مليون نسمة في الوقت الحاضر ؟ . وبعد كل هذا السرد التاريخي الموثق ‏فكيف يستطيع معاند من التأكيد على تقارب الاصول الكردية منذ القدم بينها ؟ . ‏وكيف يستطيع يوثق بعض الاراء المعاكسة في وجهات نظرهم على مصداقية نظرياتهم التي يعتبرها وثائق ومراجع بشأن كردستانية ‏كركوك التي لاغبار على كردستانيتها ، وان العناصر الكردية العريقة هي من اوائل الذين بنوا وحكموا مدينة كركوك وتوابعها فهل تم ‏بنائها بهذا العدد القليل الذي يبلغ 700 نفر ؟ . ويدعي أيضا أن السجلات العراقية الرسمية العربية للدولة, وكتابات المؤرخين ‏العرب, أمثال فوزي رشيد, شاكر خصباك, العزاوي وغيرهم تؤكد على انتماء هذه العناصر الكردية المختلفة إلى الشعب الكردي, ‏كالحوريين, الكاسيين, السوباريين, اللولبيين, الكوتيين ، واين الدليل الذي يثبت أن هذه الشعوب المندثرة هم اجداد الكرد الحاليين . ‏وهنا نرجع إلى رأي الدكتور كمال مظهر إذ يقول " إن تاريخ نشوء القومية الكردية تكونت من امتزاج العديد من السكان الأصليين ‏الذين هم الشعب الكوتي, الذين كان البابليون يسمونهم " كاردو" وهذه مغالطة أخرى جديدة فالفكر القومي للكرد لم ينشيْ ويتكون إلا ‏في القرن الثامن عشر عن طريق الغرب والبعثات الاستعمارية ، أما اعتماده على مصدر عربي اخر حيث يقول مجموعة من الأساتذة ‏الجامعيين المصريين وما دونوه في الكتب المنهجية العربية كما ورد في كتاب "الجغرافيا السياسية" الأكراد سلالة من أصل شمالي, ‏وكانت لهم دولة قديمة عاصمتها اراباخا ‏‎ ARAPKHA‏, هي كركوك حالياً " ( الدكتور دولت احمد صادق و آخرون, الجغرافيا ‏السياسية, الطبعة الثانية القاهرة, 1961 م, ص 458.) فهذا اعتماد ضعيف لايمكن الارتكاز عليه .‏‏ مازال الكاتب يركز على حلم وأساطير الامبراطوريات الكردية العظمى التي ليس لها وجود إلا في افكاره ويعتبر كل تلك ‏الامبراطوريات في الشرق الاوسط من اصول كردية ، ومملكة الميديين التي سقطت وانقرض شعبها يعتبرهم من الاكراد (( منذ ‏سقوط آخر الإمبراطوريات الكردية (الميدية)‏‎(‎‏ ويتناسى دور الامبراطورية الاشورية في شمال العراق . كل المؤرخين قاطبة لم ‏يسمعوا بوجود امبراطوريات كردية عبر التاريخ .. شعوب الامبراطوريات السابقة اندثروا بمرور الزمن ، واصبحت قصصهم ‏وتواريخهم مكتبوبة فقط في بطون التاريخ ، اين هم شعوب سومر وبابل وكلدان واشور ؟ لقد أصبحوا من اثار الماضي السحيق . ‏ويقول أيضا ( أن الشعب الكردي عاش تحت سيطرة الإمبراطوريات التي حكمت كردستان ) . المؤرخون لم يكتشفوا مطلقا بوجود ‏كلمة كردستان أو كرد على الالواح الطينية للحضارات وادي الرافدين ! ، فكيف يستطيع الكرد أن يحافظوا على وجودهم عبر هذا ‏الزمن الطويل ؟ ، ويستمر قائلآ : ( لكن هذا الشعب حافظ على وجوده رغم الواقع المأسوي الذي كان يعيش تحت حكم هذه الأقوام, ‏ولم تكن الجبال وحدها هي التي صانت وحافظت على وجود الأكراد لكن الإرادة القوية والعزيمة وروح العنفوان وحياة الأكراد في ‏الصراع العسكري, الاقتصادي, والاجتماعي المديد هي التي أبقت على وجود هذه الشعب في حين زالت إمبراطوريته العظيمة, ونقص ‏وتضاءل دور هذا الشعب صال وجال وحكم البلاد كالشعب الآشوري الكبير . ) ‏وأخيرا نذكر الذين يحاولون تحقيق الحلم بتزوير وتلاعب في التاريخ ومحاولة طمس الحقائق والأدلة ، على حساب باقي الشعوب ، أن ‏لا يحلموا كما يحلم قوم موسى في كذبة وأسطورة نجمة داود والدولة العظمى المزعومة . ))‏ ـ 26/2/2008

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com



Friday, August 8, 2008

لعبة صراع النفوذ في العراق ـ 2 ـ

لعبة صراع النفوذ في العراق ـ 2 ـ

كتابات : علي الحمــداني

لعل من أكبر النجاحات التي حققتها ماكنة الإعلام للحزبين الكرديين الممسكَين بالسلطة في المنطقة الكردية من شمال العراق ، هو الإيحاء بنهوض المنطقة إقتصادياً مع تمتعها بالأمن والسلام . ووجود برلمان ممثل للشعب الكردي في ظل حكم ديمقراطي .

وإذا ماأردنا أن نربط ذلك بحقبة زمنية مقدارها سبعة عشر عاماً ، أي من عام 1991 ، عند دخول العراق تحت الحصار ، وضعف ثم فقدان الحكومة المركزية في بغداد لسيطرتها على أجزاء كثيرة في المنطقة الكردية ، وحتى اليوم بما في ذلك خمس سنوات من الإحتلال الأجنبي للعراق تعاظم معه دور الحزبين الكرديين واتسعت معه أطماعهما وتدخلهما في الشأن العراقي وخلق حالة شبه إنفصال عن العراق وبشكل تدريجي تحت مظلة الإحتلال والدعم الخارجي .

إذا ماأردنا أن نربط ذلك بكل هذه السنوات ، نجد زيف البروباكندا الكردية في إدعاءاتها ..

للحديث عن الأمن والسلام .. نقول : نعم ، هنالك أمن بالقياس الى فوضى إنعدام الأمن في أجزاء العراق الأخرى .. ولكن السؤال هو ماهي مصادر إنعدام الأمن العراقي ومن يقف وراءها ..؟

ـ هنالك الميليشيات الحزبية المسلحة
ـ وهنالك قوات البيشمركة الكردية
ـ وهنالك عصابات النهب والسرقات من محترفي الإجرام

هذه الفئات الثلاثة هي التي خلقت حالة فقدان الأمن في الشارع العراقي ، كل من زاويته ومن مصالحه الخاصة ..

الميليشيات الطائفية الحزبية ، تعمل وفق أجندة وتوجيهات أحزابها التي دخلت في تحالف مع الحزبين الكرديين منذ اليوم الأول لسقوط العراق تحت الإحتلال ، فساحة عملها إذن لاتشمل المناطق الكردية.

قوات البيشمركة الكردية ساهمت بشكل مباشر في تثوير عمليات الفوضى الأمنية في الأجزاء غير الكردية من العراق خصوصاً في محافظة نينوى ، سواء داخل مدينة الموصل من قبل اللوائين الكرديين التابعين لها والعاملين بتوجيه مباشر من مسؤول حزب البرزاني ، نائب المحافظ خسرو كوران ، أو بحدود المحافظة كما يحدث في مناطق المسيحيين الكلدوآشوريين والسريان في سهل نينوى ، وفي مناطق الشبك واليزيدية ، بغية تهجيرهم الى المنطقة الكردية ، وبالتالي تطبيق سياسة التطهير العرقي ، أو لغرض تفريغ المناطق التي تحتوي على النفط في المحافظة من سكانها لضمان السيطرة الكردية عليها وسرقة النفط وفق عقود غير قانونية .!
قوات البيشمركة أيضًا تلعب نفس الدور في محافظة ديالى بواسطة اللواء 34 ، وتعمل على السيطرة على مناطق مثل جلولاء والسعدية وحمرين وغيرها بواسطة فرض سياسة العنف والإرهاب ..
وتقوم بالدور نفسه في مناطق أخرى بغية إبتلاعها كما هو الحال فيما حدث ويحدث في كركوك ذات التركيبة السكانية المختلطة من أجل إحداث تغيير ديموغرافي مزور على حساب العرب والتركمان .
أما عصابات النهب والإجرام والسرقات فساحات عملها داخل المدن الكبيرة وخصوصاً العاصمة بغداد ، مع أن لدينا بعض الحوادث المسجلة عن عصابات سرقة سيارات خاصة في مدينة الموصل ثم تم بعد ذلك تسليمها لأصحابها في السليمانية وأربيل لقاء مبالغ مالية بالدولار .

ولعل هناك من يتساءل .. أين هو دور القاعدة إذن ..؟
الجواب بكل بساطة ، أنه لو كانت القاعدة تستهدف المحتل الأمريكي والمتعاونين معه ومنهم الحزبين الكرديين ومصالحهم ، لكنا قد سمعنا ولوعن عملية واحدة على الأقل من هذا النمط في المنطقة الكردية ! ولكن أصبح من المعروف والمؤكد لدى الجميع ، أن القاعدة ماهي إلا فبركة وصناعة أمريكية .. قلنا ذلك في السابق وأثبتته كافة الأحداث اليوم ، وأنها تعمل وفق أجندة الأمريكان بإسم الإسلام والجهاد وما الى ذلك .. ( راجع : علي الحمداني : سلسلة حلقات على " كتابات " بعنوان : الحرب على الحقيقة ، مترجم عن كتاب باللغة الإنكليزية بنفس العنوان لمؤلفه شافيز مصدق أحمد )

هذا فيما يتعلق بالأمن والإستقرار في المنطقة الكردية واسلوب إستثمار ذلك إعلامياً من قبل الحزبين العميلين .
فماذا عن الإزدهار الإقتصادي في (جنة الله على الأرض ) في ظل رعاية مسعود البرزاني وجلال الطالباني ..؟
سأختزل كل ذلك بأمثلة من أرض الواقع يكاد يعرفها كل كردي ، ولأن آثارها بدأت تنعكس على مفردات حياته اليومية . ينكرها البعض عناداً واستكباراً ، وهم عادة من المنتفعين من بركات الحزبين ومن منتفعي المنتفعين نزولاً الى أسفل السلّم ، أو أولئك الذين يعتقدون أن الكلام عن الوضع المزري للأكراد من خارج قوميتهم هو طعن وإنقاص وقضية شرف يجب الوقوف ضدها حتى لو إقتنعوا بصحتها ، وهذا حال التفكير الشوفيني .

( بعض المعلومات الواردة في الفقرات التالية عن دراسة للبروفيسور الدكتور كمال مجيد بعنوان :
An assessment of the condition in the Kurdish part of Iraq . 23 July 2008 .(


ـ خدمات الماء والكهرباء : تعاني المنطقة الكردية بما في ذلك المدن الرئيسية الثلاث السليمانية وأربيل ودهوك من إنقطاع مستمر للتيار الكهربائي ولفترات طويلة يومياً . يستثنى من ذلك بنايات تعود للحزبين كمكاتب أو شقق سكنية لأجانب بما فيهم إسرائيليين ، أو المجمعات السياحية غالية الأجور .. وكل هذه الأماكن لاتشكل إلا نسبة ضئيلة جداً من أماكن سكن المواطنين أو أماكن عملهم .

من المعروف أن محطات توليد الطاقة في عموم العراق قد تعرضت للقصف الجوي إبان الإحتلال مما أدى الى تخريبها وتعطيلها ولم تنل حظها من الرعاية والتصليح خلال أكثر من خمس سنوات لامن قبل الحكومة ولا من قبل المحتل .. ولكن لم تتعرض أي من هذه المحطات في المنطقة الكردية لأي عمليات قصف لكي تتوقف ..
الذي حدث هو عمليات السرقة من قبل عصابات تدار من قبل جهات معينة وذلك لتفكيكها وسرقتها للتوربينات والمولدات وأميال من الأسلاك النحاسية لنقل الطاقة الكهربائية ، ومن ثم بيعها داخل إيران .. وهذا إستمر منذ بداية التسعينات مما ترك محطات التوليد الرئيسية في سدي دوكان ودربندي خان ، والمحطات الفرعية معطلة ومهملة ، ولم يقم الحزبان الحاكمان بإصلاحها أو إعادة تشغيلها مع أهميتها القصوى للمواطن الكردي .

نفس الموضوع ينطبق على محطات ضخ المياه والأنابيب التي أكل بعضها الصدأ الى درجة إختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي وتلويثها وظهور حالات إصابة بمرض الكوليرا نتيجة لذلك .. ولا تزال المياه تنقل الى بعض المدن والقرى بواسطة الصهاريج !

ـ الزراعة والصناعة : إشتهرت المنطقة الكردية من العراق بزراعة التبوغ وبمعدل 15,000 طن سنوياً .. كانت الحكومة العراقية تقوم بشراء هذا المحصول من المزارع الكردي لمصانع السيكاير ، وكان هذا يدر على المزارعين دخلاً سنوياً ثابتاً .
الآن ، وبسبب عمليات تهريب السيكاير الأجنبية وخصوصاً الأمريكية والتي غزت الأسواق في العراق ، فقد توقفت تقريباً زراعة التبوغ بعد أن توقفت مصانع السيكاير الوطنية في أربيل والسليمانية .
أما البنجر ، والذي ينمو في المنطقة الكردية ، فقد كان يشكل المادة الأولية لمصانع السكر ، ودخل مالي للفلاح الكردي .
الآن ، توقفت هذه الزراعة أيضاً ، بعد توقف معامل السكر .
ومما تجدر الإشارة اليه ، أن هذه المعامل قد تم تفكيكها وبيعها في إيران من قبل أزلام الحزبين ، كذلك تم بيع معملين للأنسجة بنفس الطريقة !

بسبب تدهور الزراعة للأسباب المذكورة وبسبب تحويل مجرى نهر ( سيروان ) من قبل الإيرانيين والذي أدى الى إنخفاض في مستوى المياه في سدي دوكان ودربندي خان ، فقد هجر الكثير من المزارعين الكرد لأراضيهم وانتقلوا الى المدن مثل أربيل والسليمانية ودهوك من أجل لقمة العيش . لقد اصبحت المواد الغذائية اليوم تستورد من إيران وتركيا وسوريا وتباع من قبل حفنة من المتنفذين من التجار الى المحلات ثم الى المواطن وبأسعار خيالية !

كان هنالك في شمال العراق مصنعين للسمنت قد بنيا من قبل الحكومة العراقية ، الأول هو مصنع سرجنار ، وهذا قد تمت مصادرته في ظل حكومة الحزبين ، من قبل شركة تدعى " نوكان " مملوكة للإتحاد الوطني الكردستاني لصاحبه جلال الطالباني .
المصنع الآخر هو مصنع طاسلوجة .. أصبح في ظل حكومة الحزبين مملوكاً شخصياً للسيدة
" هيرو" زوجة جلال الطالباني وعن طريق أحد وكلاء أعمالها " فاروق ملا مصطفى " .. وتجدر الإشارة الى أن السيدة هيرو تمتلك أيضاً شبكة إتصالات الهاتف المحمول " آسيا سيل " ، وعدد من فنادق الخمسة نجوم في المنطقة ..!

ـ الفساد المالي : لايظنن أحد أن الفساد المالي موقوف على شلة الأحزاب الطائفية الإيرانية في العراق وأزلامهم في مواقع السلطة مما نسمع عنه كل يوم .. فإقليم ( كردستان ) وقادته حلفاء وشركاء نهب العراق اليوم ، لهم باع وتاريخ طويل أيضاً في الأنشطة اللصوصية .
كان الدخل اليومي لمسعود البرزاني من السماح بدخول الشاحنات التركية التي تحمل المواد الغذائية الى العراق في زمن الحصار وفقاً لبرنامج النفط مقابل الغذاء التابع للأمم المتحدة هو مليون دولار يومياً ، نعم يومياً ، ولمدة ثلاثة عشر عاماً ..!!
هذا العمل المخالف للقانون كان يتم بعلم الأمم المتحدة وأميركا ..
ليس هذا فقط ، بل حصل مسعود على مبلغ 1,4 بليون ( نعم بليون وليس مليون ) دولار من ذلك البرنامج " تقرير صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية في 10 / 12 / 2004 " .
كما حصل جلال الطالباني على نفس المبلغ تماماً .
كلا المبلغين سجلا بإسم الحزبين الكرديين ، وتم إيداعهما للإستثمار بواسطة شركة أسسها " إيد روجرز " وشركاء آخرين للرئيس الأمريكي جورج بوش .!

مدينة دهوك تخصصت بالتهريب وخصوصاً للسيكاير الأجنبية .. وهذا النشاط يعود الى أكثر من خمسة عشر عاماً .
في 18/8/1994 ، ومن مدينة دهوك ، كتب " كرس هيدجز " لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وصحيفة الغارديان البريطانية يقول " إن المنطقة الآمنة الكردية قد أصبحت سوقاً سوداء ورئيسية للسيكاير الأمريكية المهربة مثل كنت ومارلبورو وفايسروي وبعوائد تقدر بملايين الدولارات ... "

منذ 1992 ، لم تقدم أية ميزانية رسمية ( للإقليم ) ..! كما أن نسبة 17 % من عائدات النفط تذهب مباشرة الى الحزبين ..!

18,000 عضو في الإتحاد الوطني الكردستاني يحصلون على رواتبهم لكونهم أعضاء في الحزب !

المناقصات في قطاع الإنشاءات وغيرها ، تحال أولاً الى المتنفذين في الحزبين .. ويقوم هؤلاء بدورهم بإعادة بيعها الى المزايدين عليها ممن هم أدنى في السلم الهرمي للسلطة .. وهكذا !!

ـ الفساد السياسي : لم يتم إنتخاب مسعود البرزاني أو جلال الطالباني من قبل الشعب الكردي ولأي منصب أو مركز على الإطلاق ..!
رئاسة الحزب الديمقراطي الكردستاني ور اثية .. مصطفى ثم ولده إدريس ثم شقيق إدريس مسعود .!
رئاسة الإتحاد الوطني الكردستاني ، فقد تم إنتخاب جلال الطالباني رئيساً للحزب عند تأسيسه عام 1975 من قبل الأعضاء المؤسسين .. ولايزال رئيساً لحد الان ..!

تم تعيين مسعود رئيساً للإقليم ، وجلال رئيساً للجمهورية من قبل الحاكم الأمريكي للعراق ..!

ليس هناك شخص واحد من الكرد قد رشح نفسه لعضوية البرلمان .. الترشيح يتم من قبل الحزبين ومن أعضائهما لشغل المقعد النيابي .. وبإمكان الحزب طرد أي من نوابه إن شاء قبل إنتهاء مدة عضويته ..! ( ديمقراطية تتواضع أمامها ديمقراطية برلمان المنطقة الخضراء ! )

يقول جلال الطالباني لصحيفة الحياة في لندن في عددها 21/9/1996 ( إن البرلمان قد تأسس على أساس أن يتقاسم كل من الحزبين الكرديين المقاعد مناصفة وبالتساوي .. إن العملية الإنتخابية تقوم على أساس التصويت للحزب وليس للمرشحين عن مناطقهم ، وللحزب الحق في تبديل مرشحيه للمجلس بآخرين ..! )

لاأدري أين هو حق بقية القوى السياسية الكردية والمستقلين من الكرد في التمثيل ( الديمقراطي ) في البرلمان الكردي ..!؟

والى الحلقة الثالثة ..

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com



Thursday, August 7, 2008

لعبة صراع النفوذ في العراق ـ 1 ـ

لعبة صراع النفوذ في العراق ـ 1 ـ

كتابات : علي الحمــداني

لعل من أبرز مارافق الإحتلال العسكري للعراق في نيسان / ابريل عام 2003 ، هو إستراتيجية تم وضعها بعناية وعلى مدى سنوات طويلة سبقت الغزو العسكري ، بعضها ربما يرجع الى أكثر من نصف قرن من الزمن كما هو الحال في تعاون قيادات حزبية كردية متمثلة بالعائلة البرزانية وأتباعها ممن كانوا منضوين تحت الحزب الديمقراطي الكردستاني ثم لاحقاً الإتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه جلال الطالباني ،وذلك مع المخابرات الأمريكية والغربية والإسرائيلية على وجه الخصوص .

آيديولوجية الإحتلال وما تم بناؤه عليها من إستراتيجيات وخطط وتكتيكات أيضاً ، ينطلق من عدة معطيات وعوامل بعضها تاريخي ديني " توراتي " ، والبعض الآخرهو الخطط السياسية في تحقيق مخطط " الشرق الأوسط الجديد " بدءاً من العراق بسبب موقعه وثرواته وتركيبته السكانية وطبيعة الأحداث السياسية التي فرضت عليه خلال عقود طويلة من الإنقلابات والصراعات الدموية والتسلط الفردي والأزمات السياسية والإقتصادية بما فيها الحروب الطاحنة والتي كانت تمثل جزءاً مهماً في حلقة الصراع من أجل تحقيق وتكريس الأهداف البعيدة .
( راجع : علي الحمداني : سلسلة الشرق الأوسط الجديد / كتابات . وسلسلة من أجل بابل والتلمود تم ذبح العراق / كتابات . والسلسلة الأخيرة هي عبارة عن ترجمة مكثفة لكتاب صدر بالإنكليزية هو :
) . Alliance against Babylon . By John Cooley
صراع النفوذ في العراق ، صراع يتمثل في أربعة معايير ، وكما يلي :
ـ صراع سياسي وحزبي
ـ صراع مذهبي وديني
ـ صراع قومي وأثني
ـ صراع داخل هذه الصراعات الثلاث

الصراع الأول : هو صراع المصالح والسيطرة على مقاليد الحكم .
الصراع الثاني : هو صراع التزييف وتصدع المجتمع .
الصراع الثالث : هو صراع التمهيد لخلق حالة التقسيم والتفتيت الجغرافي .
الصراع الرابع : هو صراع لعب الورقة الرابحة داخل هذه الصراعات وحسب مقتضيات المرحلة والمصلحة .

قبل أن نتناول تفاصيل هذه الصراعات ، لابد من الوقوف عند منعطف خطير ومهم في تاريخ العراق الحديث لم ينل ، مع الأسف ، مايستحقه من الإهتمام على مدى سنوات طويلة وخلال أنظمة حكم مختلفة إلا مؤخراً وبعد أن بدأ يعطي ثماره السامة ، وظهر وجهه القبيح وتأثيره في نكبات العراق متوجاً إياها بالتمهيد والعمل على إحتلال العراق نفسه ..
ذلك هو دور الحزبين الكرديين وقياداتهما ، الحزب الديمقراطي الكردستاني موروث العائلة البرزانية مصطفى ، إدريس ، ثم مسعود البرزاني ، الذي تم تنصيبه على يد الإحتلال رئيس إقليم مايسمى كردستان .. والإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني الذي تم تنصيبه رئيساً للجمهورية !
إنها إذن ديكتاتورية حكم تمتد لعقود تحاول أن تسوق نفسها برداء ديمقراطي علماني تقدمي وهي ليست في الحقيقة أكثر من تعصب قومي لدرجة الشوفينية ، شأنها شأن الكثير من الأنظمة التي ظهرت ولاتزال في العالم الثالث وللأنظمة العربية حظ كبير منها .

يخطأ الكثيرون خطأً فادحاً عندما يتوهمون أن أكراد العراق أو الشعب الكردي في منطقة شمال العراق هم من يمثلهم هذان الحزبان وزعامتهما ، والحقيقة أن هذين الحزبين هما من يسيطر على مقاليد الحكم في هذه المنطقة .. ولأن صوت ضجيج ماكنة إعلام الحاكم الدكتاتور يطغى دائماً على بقية الأصوات ، فإن مانسمع ونرى اليوم هو من هذا القبيل .
مانرى ونسمع من تجاوزات غير قانونية وغير إنسانية في الشمال العراقي هي إفرازات طبيعية نتنة لحكم ديكتاتوري سيما وأنه ومن خلال المصالح المشتركة غير المشروعة قد دخل في تحالفات مرحلية هشة مع شراذم طائفية أخرى تشارك في حكم العراق ، وقد بدأت هشاشتها وتشرذمها يظهران للعيان ومن داخل التحالف داخل البرلمان في أول تجربة تقاطعت فيها المصالح المرحلية .

إن من واجب الإعلام الوطني أن يعرف كيف وأين يضع الخط الفاصل في أدبياته وطروحاته بين الشعب الكردي كشعب مسالم ، عشائري ، يعتز بعراقيته ، وبين القيادات الكردية للحزبين التي تسيطر عليه وتجعل من حياته معاناة يومية وسيطرة طبقية ، لم تعد تخفى على أحد برغم كل أساليب التعتيم والتضليل المفروضة عليها .. ولعل ثوابت التاريخ يمكن أن تعطي كلا الشعبين العربي والكردي في العراق دليلاً قاطعاً على ذلك . وهذا ماسوف نستعرضه بعجالة لإلقاء الضوء على الحقائق .

في عام 1946 من القرن الماضي ، قام مصطفى البرزاني ( والد مسعود ) ، بتمرد عسكري في شمال العراق ضد الحكومة العراقية برئاسة نوري السعيد ، مستغلاً الظروف الدولية وظروف العراق آنذاك ..
العالم كان قد خرج للتو من الحرب العالمية الثانية التي إستمرت لأكثر من ست سنوات وحصدت أرواح مالايقل عن 40 مليون إنسان .. وتركت أوربا منهكة ومقسمة . وبدأت الإمبريالية الجديدة تأخذ أدوارها في العالم الثالث وخصوصاً الشرق الأوسط والمنطقة العربية .
العراق كان قد حصل على نصيبه من تلك التداعيات ، إضافة الى تعرض الحكومة العراقية لمحاولة إنقلابية بدعم ألماني عام 1941 ، وهو ماعرف " بثورة رشيد عالي " ، وكاد الحكم الملكي أن يسقط نتيجة لذلك .. كما أن الدولة العراقية نفسها كانت لاتزال في دور البناء بما في ذلك الجيش العراقي وقوى الأمن ..

فشل تمرد البرزاني .. وهرب مع بعض قادته المقربين الى الإتحاد السوفياتي .. ولم يكن إختياره للإتحاد السوفياتي قد جاء إعتباطياً فهو القوة التي كانت قد بدأت في النمو كمعسكر إشتراكي على النقيض من المعسكر الرأسمالي الذي يمثله الغرب ، وكان العراق وإيران يدوران في فلك هذا الأخير ولم تكن إسرائيل قد ظهرت للوجود بعد ، وكأن مصطفى البرزاني أراد أن يضع نفسه ويوحي الى السوفيات بأنه ذلك المقاتل المتعاطف مع الشيوعية والمناوئ للغرب والحكومة العراقية المسيّرة من قبلهم !

ويبدو أن الفكر المبني على المكر والخداع والتلون ، وإستغلال الظروف السياسية ، كان هو إستراتيجية مصطفى البرزاني كما هو حال ورثته حتى يومنا هذا ..

لقد خان مصطفى البرزاني وغدر بعبد الكريم قاسم ، الذي كان قد تسلم زعامة العراق بعد 14 تموز/ يوليو 1958 وسقوط النظام الملكي ، والذي أقدم على إكرام البرزاني وأعاده الى العراق مرحباً به وبجماعته ، لابل أجرى له راتب وزير في الدولة ، وعين أربعة من حزبه كوزراء في الحكومة الجديدة ..!

أول مافعله البرزاني هو محاولة بناء الجسور بينه وبين جمال عبد الناصر الزعيم المصري الذي كان يناصب عبد الكريم قاسم العداء ، مستنداً في ذلك على التطلعات القومية للشعب الكردي كما هي تطلعات عبد الناصر القومية العربية ، والتي لقيت ترحيباً ودعماً من عبد الناصر بلا شك !

المحور الآخر الذي عمل عليه مصطفى البرزاني ، هو التنسيق مع الجنرال الإيراني ( وارهام ) المعيّن من قبل شاه إيران محمد رضا بهلوي في مهمة الهدف منها عزل وإسقاط عبد الكريم قاسم وذلك بإستخدام مصطفى البرزاني وعشيرته والتعاون معهم !! ( البروفيسور الدكتور كمال مجيد ـ تقييم للوضع العام في القسم الكردي من العراق ـ 13 تموز 2008 ، عن مقابلة لجلال الطالباني أجرتها معه مجلة الوسط في لندن ، العددين 357 و 358 ، عام 1998 ) .

يقول " هنري كيسنجر " في كتابه ( سنوات التجديد ، 1999 ، صفحات 584 ـ 592 . المصدر السابق . ) مايلي :

نُظّمَ إنقلاب 1963 ، والذي قتل فيه عبد الكريم قاسم ، مشتركاً بين حزب البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني ، والذي كانت قيادته مشتركة بين مصطفى البرزاني وجلال الطالباني .
وحين قررت إسرائيل والغرب إستخدام الحزب الكردي ودعمه لغرض خلق حالة عدم إستقرار في العراق في السبعينات ، فإنهما قاما ومابين عامي 1972 ـ 1975 فقط ، بأنشطة معادية صرفت فيها الحكومة الأمريكية بحدود 23 مليون دولار على المتمردين شمال العراق .. في الوقت الذي قامت إسرائيل بتجهيزهم بأسلحة تصل قيمتها الى 28 مليون دولار !

بدأ مصطفى البرزاني بعد ذلك بتكثيف علاقاته وإتصالاته مع إسرائيل والتي كانت بعض الزعامات الكردية الموالية له في شمال العراق قد بدأت بها مع أوائل الخمسينات ، فقام بعدة زيارات لإسرائيل وقامت عدة شخصيات إسرائيلية بزيارات لشمال العراق ..
قام البرزاني بزيارة إسرائيل ( القدس ) في 1968 و1969 والتقى ليفي أشكول رئيس وزراء إسرائيل وموشي دايان وزير الدفاع ومائير عميت رئيس المخابرات .. يصحبه وفد من : الدكتور محمود عثمان ( النائب الحالي في البرلمان العراقي ) ، شمس الدين المفتي ، عزيز عقراوي .

كما قام مائير عميت ، وحاييم ليكوب رئيس وفد الموساد الإسرائيلي ، وديفيد تمخي ، وتسوري ساجيمي ، وأبراهام تدمور بزيارات عديدة الى المنطقة الكردية من شمال العراق بشكل سري متنكرين باللباس الكردي حسبما ظهروا في الصور التي نشرت لهم وذلك مابين الأعوام 1961 و 1972 ، هذا قبل أن يتم فتح المنطقة الكردية للإسرائيليين بالكامل وبشكل علني في سنوات الحصار على العراق والتي إبتدأت عام 1991 .. ثم في الفترة التي تلت الإحتلال الأمريكي عام 2003 ..!

أما التعاون بين البرزاني والطالباني وشاه إيران في السبعينات فقد وصل الى أعلى مستوياته تمويلاً
وتسليحاً ودعماً ، حتى أفل نجمه بعد توقيع إتفاق الجزائر بين صدام وشاه إيران عام 1975 بما عرف بإتفاقية شط العرب ، حيث أوقف الشاه دعمه للتمرد الكردي .

ردة فعل الغرب وإسرائيل ضد حكم حزب البعث في العراق عام 1968 ، بدأت تتبلور في بداية أعوام السبعينات ، ومن خلال إقدام الحكومة العراقية على تأميم النفط .. ثم الإعتراف بألمانيا الشرقية وتوقيع معاهدة صداقة مع الإتحاد السوفياتي .
وعلى الرغم من أن حكومة البعث كانت قد وقعت إتفاقاً مع القيادة الكردية في 11 آذار 1970 ، ومنحت جماعة البرزاني أربعة حقائب وزارية .. إلا أن الغدر البرزاني ، إستمر حين سافر كل من إدريس البرزاني يصحبه محمود عثمان الى واشنطن بدعوة مباشرة من رئيس جهاز المخابرات المركزية الأمريكية " ريتشارد هيلمز " .. وهناك تم الإتفاق معهما على إشعال حرب تمرد جديدة ضد حكومة بغداد وبدعم وبمساعدات مالية سخية من قبل الأمريكان . يشير الى ذلك هنري كيسنجر في كتابه المذكور أعلاه ( بروفيسور د. كمال مجيد ، المصدر السابق )

لم يعد خافياً الآن أمام الرأي العام العراقي والعربي .. سياسة تغيير الجلد كالأفاعي ، والتلون كالحرباء ، التي إتبعها كل من مسعود البرزاني وأسلافه ، والده وشقيقه ، وكذلك جلال الطالباني .. مع حكومات بغداد المتعاقبة ، وعقد التحالفات معهم ، كما هو حال تحالفهم المرحلي والمصلحي اليوم مع الكتلة الشيعية الإيرانية وأحزابها في الحكومة الحالية ...!!
تحالفات منذ حكم عبد الكريم قاسم ، مروراً بحكومة طاهر يحيى ، وعبد السلام عارف ، وعبد الرحمن عارف ، وصدام حسين .. وتبادل كل من مسعود وجلال الزيارات لبغداد لمقابلة صدام وحسب مقتضيات المرحلة والمصالح وخصوصاً خلال فترة الصراع بين مسعود وجلال ، وحتى في أوقات تحالفهما .. والجميع يذكر هذه الزيارات وتلك اللقاءات وهي مثبتة بالصور التي نشرت على أكثر من موقع وصحيفة ...
والجميع يذكر طلب مسعود النجدة من صدام لضرب بيشمركة جلال التي كادت أن تحتل أربيل وتدخل الجيش العراقي لإنقاذ مسعود وتسليمه مدينة أربيل بعد طرد جماعة الطالباني منها ، هذا في وقت كان العراق فيه تحت الحصار الغربي أرضاً وجواً ، وكان مسعود على الجانب الآخر وفي نفس الفترة قد فتح المنطقة الكردية مع الطالباني للمخابرات الإسرائيلية وقوى المعارضة للحكم العراقي المتحالفة مع أميركا لغرض إسقاط صدام حسين ..!!

وحدث ماحدث في نيسان 2003 .. ودخل العراق تحت الإحتلال الأمريكي / الإسرائيلي .. ثم بدأ ومنذ ذلك الوقت وضوح وتبلورموقف الحزبين الكرديين ، إستكمالاً لدورهما التاريخي في تمزيق العراق سياسياً وإقتصادياً وظهرت لعبة الصراع على حقيقتها كما يلمسها ويراها العراقيون اليوم .

بهذه المقدمة التاريخية ، ننهي القسم الأول ، قبل أن ننتقل الى القسم الثاني المتعلق بالوضع الكردي الراهن ، في الحلقة التالية .

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com