Friday, February 29, 2008

الشـــرق ألأوســــط " قديمه وجديده " - معادلة واحــــــــدة بحلول مختـلفة 2

ماهو مشـروع الشرق الأوسط الجديد ؟ ولماذا الآن ..؟ للإجابة على هذا السؤال واستكمالا لما بدأناه في القســم الأول من هذا المقال .. نبدأ أولا ببحث مختصر للدول المكونة لهذا الشرق وستكون البداية من " إيران " .
ظهرت أهمية ايران بالنسبة للغرب منذ بداية القرن الماضي واستقطبت انظاره خصوصا بعد سقوط روسيا القيصريه وحتى قبل ذلك . وقد ابتدأ هذا الإهتمام من قبل بريطانيا اولا حين كانت امبراطوريتها تتزعم الإمبرياليه العالمية ثم انتقل الى اميركا لاحقا وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية . ولأهمية ايران عوامل عديدة أهمها :
الثروة النفطية في الجنوب الإيراني التي تشكل امتدادا طبيعيا للحوض النفطي العراقي والخليجي .
أهمية الموقع الجغرافي والكثافة السكانيه .
ألإنتماء المذهبي والصراع التنافسي التقليدي و التاريخي مع الدولة العثمانيه " تركيــا " .
وسنمر على هذه النقاط لدراستها باختصار قبل أن ننتقل الى المحصلة التي انتهت اليها في ظل الوضع السياسي والدولي الراهن ، وعلاقات اميركا بالذات بإيران سلبا او إيجابا .

النفط : لعب النفط الإيراني دورا كبيرا في اقتصاديات الغرب الى جانب النفط العربي في الخليج والعراق ، وكما ذكرنا في القسم الأول فإن سياسة الإستعمار البريطاني سعت منذ بداية القرن الماضي الى جعل مصادر هذه الثروة الحيوية التي تشترك بحوض نفطي طبيعي واحد مقسمة بين ثلاثة أنظمه وعلى اساس هذه النظرة ضمت عربستان العراقية الى ايران وفصلت الكويت وجعلتها إمارة مستقله ، وكان الهدف من ذلك حسب النظرة السياسية البريطانية بعيدة المدى هو عدم الإعتماد كليا على دولة واحدة لتجهيز هذا المصدر المهم - ويكاد يكون الوحيد - من مصادر الطاقة لعصب الحياة في الغرب وهذه النظرة انطلقت من اية احتمالات قد تحدث مستقبلا على ضوء متغيرات الوضع الدولي انذاك وما قد يسببه هذا التغيير من اضرار جمة للغرب الرأسمالي وخصوصا أن الوضع الروسي قد تغير من القيصريه الى الشيوعيه بانتصار الثورة البلشفيه عام 1917 أي بسنة واحدة قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى التي كان من محصلتها اندحار المانيا وتركيا والى البدء بتقسيم المنطقة العربيه والشرق الأوسط حيث وضعت الخريطة الجديدة للمنطقة تحت الإحتلالين البريطاني والفرنسي . هذا من جهة ومن جهة ثانية كانت فكرة الوطن القومي اليهودي في ( أرض الميعاد ) قد طرحت من قبل هيرتزل في المؤتمر الصهيوني في بازل – سويسرا في اواخر القرن التاسع عشر وبحدود اربعون عاما قبل الحرب العالمية الاولى ووجدت اذنا صاغية من قبل الاميراطورية البريطانيه ودخلت في الحسابات السياسية بوقت ليس بالقصير قبل ان يتولى بلفور حقيبة الخارجية البريطانيه ويصدر بإسم حكومته وعده الشهير بإعطاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين ، ولا شك ان من تداعيات قرار كهذا أنه سوف يخلق حالة عداء بين الدول العربيه التي تمتلك مصادر الطاقة النفطية والدولة اليهوديه المزمع اقامتها وليس بالضرورة ان تخلق حالة عداء مماثلة بين الدولة المقترحة وايران غير العربية .
لقد اثبتت هذه النظرة البريطانية صحتها فيما يتعلق بالسيطرة على مصادر الطاقة النفطيه الشرق أوسطية في اكثر من موضع لاحقا يمكن تلخيصها بما يلي :

أولا : قيام اسرائيل على ارض فلسطين عام 1948 ، وكانت فلسطين تحت الإنتداب البريطاني مع منطقة شرق نهر الأردن او امارة شرق الأردن أو المملكة الأردنية الهاشميه لاحقا وكانتا ضمن مناطق النفوذ التي اصرت بريطانيا على السيطرة عليهما في اعقاب الحرب الاولى . لقد تلى ذلك كما كان متوقعا خصوصا بعد مؤامرة انشاء اسرائيل وبالتآمر مع الأنظمة الحاكمة انذاك والتي كانت تدور في الفلك البريطاني وهي الملك فاروق في مصر والأمير عبدالله في شرق الاردن والوصي على عرش العراق عبد الإله ، حالة عدم استقرار تلت حرب 1948 بين العرب واسرائيل كان من أولها قيام الثورة المصريه عام 1952 وطرد الملك فاروق ثم ثورة 1958 في العراق ثم الحروب الاسرائيلية العربيه والبدء بالتلويح باستخدام النفط العربي كسلاح خصوصا مع تصاعد المد القومي في تلك الفترة على يد جمال عبد الناصر في مصر وظهور ونمو أحزاب قومية عربيه تحرك بكفاءة الشارع العربي ، الا ان النفط حتى عندما قلص انتاجه واوقف بعضه لهذه الآسباب استمر بالتدفق من الحقول الايرانيه الى الغرب ، بل الأدهى من ذلك تدفقه الى اسرائيل خلال فترة الحكم الشاهنشاهي في ايران ..!
ثانيا : تأميم النفط الإيراني في زمن رئيس الوزراء مصدق وانقلابه على الشاه في الخمسينات واضطراب معدلات ضخه ومستوى اسعاره إلا أنه لم يولد أثرا يذكر على الغرب بسبب وجود نفط العراق والكويت والسعودية .
ثالثا : تأميم شركات النفط البريطانيه والعالميه في العراق عام 1970 لم يهز الاقتصاد الغربي بالشكل المطلوب أو المتوقع بسبب وجود نفط ايران والكويت والسعوديه الذي تديره نفس الشركات النفطيه العملاقه والتي أممت حصصها في العراق .
رابعا : حين قامت الثورة الإيرانية على نظام الشاه محمد رضا بهلوي بزعامة الخميني عام 1979 وقيام الجمهورية الإسلامية وما صاحبها من تداخلات وتداعيات سنأتي على ذكرها لاحقا ، ودخول اميركا حلبة صراع (منظور ) مع ايران ، لم يفقد الغرب اتزانه بعد زيادة معدلات ضخ النفط في العراق والكويت والسعوديه . وهكذا كان النفط ورقة اللعب المهمة في يد الغرب لحسم اللعبة لصالحه ولو تغير لون تلك الورقة أو شكلها او مصدرها .

في القسم الثالث سننتقل ان شاء الله لدراسة بقية العوامل المتمثلة بتأثيرات الموقع الجغرافي والإنتماء المذهبي لإيران سواء في عهد الشاهنشاهيه او الجمهورية الإسلاميه قبل ان ننتقل لبقية دول الشرق الاوسط العربيه وذلك لإستكمال الوضع السياسي لخريطة الشرق الأوسط القديم / الحالي قبل الدخول في المتغيرات الجديدة التي ظهرت معها طروحات نظرية الشرق الاوسط الجديد التي تبنتها امريكا وتسعى لتحقيقها مع حليفتها الإستراتيجيه اسرائيل .

No comments: