ألحلقة الأولى علي الحمـــــداني
كثرت الطروحات في ألآونة ألأخيرة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وآخرها ماسمي ( الشرق الأوسط الجديد ) ودول المنطقه والتي آخر ما اطلق على بعضها ( الدول المارقة ) تمييزا لها ربما عن الدول ( الطائعة ) ، ولكن وبحقيقة الأمر وبمراجعات بسيطة لحسابات التاريخ والجغرافيه السياسية في المنطقة التي اطلق عليها مجازا منطقة الشرق الأوسط اعتمادا على موقعها من اوربا زعيمة الإستعمار القديم في بدايات القرن الماضي ، نرى ان الكثير من هذه الدول ( المارقة ) كانت وما زالت تشكل المفتاح الذي يحتفظ به الغرب في جيبه وهو من طراز ( ماستر كي ) Master Key والذي يستخدم عادة عند الحاجة لفتح كل الأبواب المغلقة ضمن بناية واحدة ولنعتبرها هنا دول( الشرق الأوسط ) . حرارة الباروميتر السياسي لهذه الدول ( المارقة ) في منطقة الشرق الأوسط تنبع من حرارة النفط الموجود في أراضيها وأهمية موقعها الجغرافي وتأثيره في السياسة العالمية ، ولفهم ذلك لابد من العودة الى الوراء الى أيام معاهدة ( سايكس بيكو ) التي اعقبت انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 حين خرجت تركيا العثمانية حليفة المانيا مهزومة من الحرب وفقدت سيطرتها على دول المنطقة تاركة اياها غنائم حرب للدول المنتصره ومن ابرزها في الشرق العربي كانت بريطانيا زعيمة الإستعمار الغربي انذاك والمتحكم شبه الوحيد في السياسة الدولية وكذلك فرنسا . وعلى اساس المعلومات المتوفرة لدى بريطانيا فيما يخص منابع واحواض النفط في المنطقة تم اقتسام الغنائم ومن أهمها مناطق ايران وجنوب وشمال العراق . بالنسبة لإيران تم اقتطاع الجزء الجنوبي الشرقي من العراق الذي كان يتبع للشيخ خزعل ويضم عبادان والمحمرة ليتم ضمه الى ايران ليعرف بإسم اقليم عربستان ولاحقا خوزستان . كما تم اقتطاع الجزء الجنوبي من العراق وتأسيس دولة مستقله له بدل المشيخة وعرفت لاحقا بدولة الكويت الحالية . ولعل هناك من يسال لماذا هذا التقسيم الجغرافي من قبل بريطانيا في حين ان هاتين المنطقتين المقتطعتين كانتا جزء من العراق الذي أصبح تحت الإنتداب البريطاني مباشرة ، اي تحت الإحتلال العسكري بلغة العصر ثم اصبح بعد الإستقلال في 1921 خاضعا للسياسة البريطانية وحليف استراتيجي لها . والجواب هنا ربما ينطلق من المثل الإنكليزي وهو ( لاتضع كل البيض في سلة واحدة ) خصوصا ان الدول الثلاث وهي ايران والعراق والكويت كانت ضمنا حلقة فاعلة في السيطرة البريطانية ، ولكن النظرة السياسية بعيدة المدى والتي عرف بها الساسة البريطانيون انذاك وضعت في الحسبان في معادلتها السياسيه ابقاء موضع رجل لها في أي من هذه الدول في حالة فقدانها لهذا الموضع في دولة اخرى .. وقد اثبتت الأحداث اللاحقة في اواخر القرن الماضي صحة هذه الإستراتيجيه السياسية حين خرج عن الطوق كل من العراق وايران فاصبحت الدولة الثالثة في هذه المعادلة المنطلق العسكري والإقتصادي والسياسي لإعادة السيطرة على العراق ضمن السياسة الجديدة للإستعمار الغربي وبزعامة الولايات المتحدة الأمريكيه وحليفتها بريطانيا هذه المره . هذا مايتعلق بالمثلث الجنوبي الشرقي للعراق ، أما مايخص المثلث الشمالي الغربي للعراق فيكاد نفس السيناريو يتكرر ولكن باسلوب آخر . منطقة الموصل وشمال العراق الجبلي أو مااطلق عليه منطقة كردستان العراق حاليا وكذلك السهول الممتدة بين الموصل والحدود السوريه او مايعرف بمنطقة ربيعه فله وضع مشابه . ابتداءا اسقطت مطالبة تركيا المهزومة في الحرب بمنطقة الموصل وشمال العراق بسبب حقول نفط كركوك والموصل.. وتركز التفاوض في اقتسام الغنائم بين الحليفين بريطانيا وفرنسا فقط ، لقد طالبت فرنسا بضم منطقة الموصل الى سوريا باعتبارها امتداد جغرافي وسكاني واجتماعي وكانت فرنسا قد حسمت موضوع انتدابها على بلاد الشام وهي سوريا ولبنان وقد ترك موضوع فلسطين وشرق الاردن معلقا ليحسم لاحقا على الرغم ايضا من مطالبة فرنسا ان يكون شرق الاردن هو جزء من الدولة السوريه حيث كان جزءا من محافظة الكرك السوريه .. أصرت بريطانيا على موقفها من الطلبين الفرنسيين بالرفض وان تكون الموصل جزءا من العراق ، والكرك تدخل ضمن شرق نهر الأردن وهذا ماسوف نتناوله في حلقات قادمة ، الا ان مايهمنا في هذه المقدمه هو انضمام الموصل الى العراق اي تحت الوصاية البريطانية . لم تكن فرنسا كما يبدو انذاك لتدرك بعد هذه المطالبه والإصرار البريطاني أو اسبابها الحقيقية بل اكتفت بنشوة ( امتلاك ) سوريا ولبنان . الهدف الحقيقي كان يكمن في النفط وهو نفس الأساس الذي بنت عليه بريطانيا سياستها الاستعماريه في جنوب العراق . بالقرب من الموصل تقع منطقه تدعى ( عين زاله ) وكانت بريطانيا تعلم بوجود النفط في هذه المنطقه ولكن دون معرفة بكميته او حجم الحقل النفطي هناك والذي ظهر فيما بعد انه حقل صغير نفد خلال الخمسين عاما اللاحقة لتلك الأحداث . تم ضم الموصل الى العراق واسست شركة نفط الموصل في عين زاله التي عرفت M PC أي : Mosul Petroleum Company كما اسست بريطانيا على غرار ذلك شركتي : I P C و B P C أي شركة نفط العراق وشركة نفط البصره . كان النفط اذن القاسم المشترك في تقسيم مناطق النفوذ بعد الحرب العالمية الاولى ومعها بدأت الحقبة الجديدة في خريطة الشرق الاوسط الحاليه ، وللوصول الى تطلعات الولايات المتحدة الامريكيه في نظرية الشرق الاوسط الجديد لابد ان نبدأ بعد هذه المقدمة لتناول واحدة من أهم الدول في المنطقه وأعني بها ايران وسياستها القديمة والمعاصرة والغموض والإشكالات التي احاطت بها وتنقلها مابين النفوذ البريطاني والأميركي وهو ماسيكون موضوع الحلقة القادمة ان شاء الله .
كثرت الطروحات في ألآونة ألأخيرة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وآخرها ماسمي ( الشرق الأوسط الجديد ) ودول المنطقه والتي آخر ما اطلق على بعضها ( الدول المارقة ) تمييزا لها ربما عن الدول ( الطائعة ) ، ولكن وبحقيقة الأمر وبمراجعات بسيطة لحسابات التاريخ والجغرافيه السياسية في المنطقة التي اطلق عليها مجازا منطقة الشرق الأوسط اعتمادا على موقعها من اوربا زعيمة الإستعمار القديم في بدايات القرن الماضي ، نرى ان الكثير من هذه الدول ( المارقة ) كانت وما زالت تشكل المفتاح الذي يحتفظ به الغرب في جيبه وهو من طراز ( ماستر كي ) Master Key والذي يستخدم عادة عند الحاجة لفتح كل الأبواب المغلقة ضمن بناية واحدة ولنعتبرها هنا دول( الشرق الأوسط ) . حرارة الباروميتر السياسي لهذه الدول ( المارقة ) في منطقة الشرق الأوسط تنبع من حرارة النفط الموجود في أراضيها وأهمية موقعها الجغرافي وتأثيره في السياسة العالمية ، ولفهم ذلك لابد من العودة الى الوراء الى أيام معاهدة ( سايكس بيكو ) التي اعقبت انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 حين خرجت تركيا العثمانية حليفة المانيا مهزومة من الحرب وفقدت سيطرتها على دول المنطقة تاركة اياها غنائم حرب للدول المنتصره ومن ابرزها في الشرق العربي كانت بريطانيا زعيمة الإستعمار الغربي انذاك والمتحكم شبه الوحيد في السياسة الدولية وكذلك فرنسا . وعلى اساس المعلومات المتوفرة لدى بريطانيا فيما يخص منابع واحواض النفط في المنطقة تم اقتسام الغنائم ومن أهمها مناطق ايران وجنوب وشمال العراق . بالنسبة لإيران تم اقتطاع الجزء الجنوبي الشرقي من العراق الذي كان يتبع للشيخ خزعل ويضم عبادان والمحمرة ليتم ضمه الى ايران ليعرف بإسم اقليم عربستان ولاحقا خوزستان . كما تم اقتطاع الجزء الجنوبي من العراق وتأسيس دولة مستقله له بدل المشيخة وعرفت لاحقا بدولة الكويت الحالية . ولعل هناك من يسال لماذا هذا التقسيم الجغرافي من قبل بريطانيا في حين ان هاتين المنطقتين المقتطعتين كانتا جزء من العراق الذي أصبح تحت الإنتداب البريطاني مباشرة ، اي تحت الإحتلال العسكري بلغة العصر ثم اصبح بعد الإستقلال في 1921 خاضعا للسياسة البريطانية وحليف استراتيجي لها . والجواب هنا ربما ينطلق من المثل الإنكليزي وهو ( لاتضع كل البيض في سلة واحدة ) خصوصا ان الدول الثلاث وهي ايران والعراق والكويت كانت ضمنا حلقة فاعلة في السيطرة البريطانية ، ولكن النظرة السياسية بعيدة المدى والتي عرف بها الساسة البريطانيون انذاك وضعت في الحسبان في معادلتها السياسيه ابقاء موضع رجل لها في أي من هذه الدول في حالة فقدانها لهذا الموضع في دولة اخرى .. وقد اثبتت الأحداث اللاحقة في اواخر القرن الماضي صحة هذه الإستراتيجيه السياسية حين خرج عن الطوق كل من العراق وايران فاصبحت الدولة الثالثة في هذه المعادلة المنطلق العسكري والإقتصادي والسياسي لإعادة السيطرة على العراق ضمن السياسة الجديدة للإستعمار الغربي وبزعامة الولايات المتحدة الأمريكيه وحليفتها بريطانيا هذه المره . هذا مايتعلق بالمثلث الجنوبي الشرقي للعراق ، أما مايخص المثلث الشمالي الغربي للعراق فيكاد نفس السيناريو يتكرر ولكن باسلوب آخر . منطقة الموصل وشمال العراق الجبلي أو مااطلق عليه منطقة كردستان العراق حاليا وكذلك السهول الممتدة بين الموصل والحدود السوريه او مايعرف بمنطقة ربيعه فله وضع مشابه . ابتداءا اسقطت مطالبة تركيا المهزومة في الحرب بمنطقة الموصل وشمال العراق بسبب حقول نفط كركوك والموصل.. وتركز التفاوض في اقتسام الغنائم بين الحليفين بريطانيا وفرنسا فقط ، لقد طالبت فرنسا بضم منطقة الموصل الى سوريا باعتبارها امتداد جغرافي وسكاني واجتماعي وكانت فرنسا قد حسمت موضوع انتدابها على بلاد الشام وهي سوريا ولبنان وقد ترك موضوع فلسطين وشرق الاردن معلقا ليحسم لاحقا على الرغم ايضا من مطالبة فرنسا ان يكون شرق الاردن هو جزء من الدولة السوريه حيث كان جزءا من محافظة الكرك السوريه .. أصرت بريطانيا على موقفها من الطلبين الفرنسيين بالرفض وان تكون الموصل جزءا من العراق ، والكرك تدخل ضمن شرق نهر الأردن وهذا ماسوف نتناوله في حلقات قادمة ، الا ان مايهمنا في هذه المقدمه هو انضمام الموصل الى العراق اي تحت الوصاية البريطانية . لم تكن فرنسا كما يبدو انذاك لتدرك بعد هذه المطالبه والإصرار البريطاني أو اسبابها الحقيقية بل اكتفت بنشوة ( امتلاك ) سوريا ولبنان . الهدف الحقيقي كان يكمن في النفط وهو نفس الأساس الذي بنت عليه بريطانيا سياستها الاستعماريه في جنوب العراق . بالقرب من الموصل تقع منطقه تدعى ( عين زاله ) وكانت بريطانيا تعلم بوجود النفط في هذه المنطقه ولكن دون معرفة بكميته او حجم الحقل النفطي هناك والذي ظهر فيما بعد انه حقل صغير نفد خلال الخمسين عاما اللاحقة لتلك الأحداث . تم ضم الموصل الى العراق واسست شركة نفط الموصل في عين زاله التي عرفت M PC أي : Mosul Petroleum Company كما اسست بريطانيا على غرار ذلك شركتي : I P C و B P C أي شركة نفط العراق وشركة نفط البصره . كان النفط اذن القاسم المشترك في تقسيم مناطق النفوذ بعد الحرب العالمية الاولى ومعها بدأت الحقبة الجديدة في خريطة الشرق الاوسط الحاليه ، وللوصول الى تطلعات الولايات المتحدة الامريكيه في نظرية الشرق الاوسط الجديد لابد ان نبدأ بعد هذه المقدمة لتناول واحدة من أهم الدول في المنطقه وأعني بها ايران وسياستها القديمة والمعاصرة والغموض والإشكالات التي احاطت بها وتنقلها مابين النفوذ البريطاني والأميركي وهو ماسيكون موضوع الحلقة القادمة ان شاء الله .
No comments:
Post a Comment