عودة الى العوادي :
عشق إيران .. هل بسبب كونها إسلامية ، أم لأنها وطنية ، أم لأنها جارة للعراق
أم لأسباب طائفية .. ؟
كتابات : علي الحمــداني
قرأت مقال السيد باسم العوادي ، المنشور على هذه الصحيفة يوم 22 / 8 ، بعنوان ( يامعاوية إيران أشبعتكم ضرباً وانتم أشبعتموها سباً ) ، وقد تضمن فيما يفترض أنه رد على مقال السيد معاوية المهدي الذي نشر على هذه الصحيفة أيضاً في 21 /8 ، وتحت عنوان : ( آل بيت إيران ) .. وإبتداءاً لا أخفي إعجابي بالتورية اللغوية التي إستخدمها السيد العوادي ، حين قال ( يامعاوية .. ) في عنوان مقاله ، على الرغم من واقع كون أن المُخَاطب كتب مقاله بهذا الإسم ، سواء كان الإسم حقيقياً أو مستعاراً ! فهذا لايعني شيئاً في واقع الحال .
وكما أنني لاأخفي إعجابي ، فإنني أيضاً ، لاأخفي معرفتي بطروحات السيد العوادي ، صحفياً أو من على شاشات التلفزة ، ( من إحدى القنوات التي أسماها لاحقاً بالفضائيات المرتزقة !!) فقد سمعته ورأيته يوماً يحدثنا عن دولة جنوب العراق ، وآفاقها المستقبلية ونهضتها الإقتصادية بسبب النفط ، وكيف أن ( الغير ) من أبناء العراق سيأتون ( ليقبلوا الأقدام ) كي يعملوا أجرَاء في هذه الدولة ..!
طرح لاشك أنه شجاع .. وصريح ، لم يفعل مثله داعية هذا التقسيم العراقي ، عبد العزيز الحكيم ، ولا أحد من مريديه المقربين .. ولابد أن السيد العوادي قد كوفئ على ماقال ، ولكنه حتماً قد نُصحَ بالتريث وعدم الشطط ، حيث لم نسمعها مرة أخرى ، أو نسمع مثلها من غيره بعد ذلك ..!
أما عنوان مقاله هذه المرة ( إيران أشبعتكم ضرباً ...! ) فهو يأتي بنفس نكهة العنف والتطرف في إختيار الكلمات والتي عرفنا بها السيد العوادي .. ولذلك لم يكن بالمفاجأة حين وقعت عيني عليه في قائمة مقالات كتابات السياسية تحت إسم : باسم العوادي .
بعد قراءتي للمقالين المذكورين ، وما احتوياه من كلمات وعبارات .. خطرت لي فكرة هذا المقال وأرجو أن لايعتبره السيد العوادي رداً متطرفاً أو طائفياً ، فصاحبه ليس ناصبياً ولا قومجياً ولابعثياً ولا وهابياً .. وصاحبه ليس من أصحاب الأسماء المستعارة ، وبالتأكيد ليس من جماعة الشهواني أو غيره ممن هم موضع ثقة الأمريكان وحكومات الإحتلال والأحزاب الإسلامية المتعاونة معهما من كلا الفريقين سنة كانوا أو شيعة ..!
فإذا ماسقط السيد العوادي على ظهره من الضحك ، كما قال ، عندما قرأ مقالين كتبا ضد مدير مخابرات حكومة الإحتلال السيد الشهواني .. وقال في نفسه ، كما ذكر لنا ، أن مدير جهازنا الوطني يحتاج الى شيئ من الذكاء .. و .. و .. فأرجو منه أن لايسقط على ظهره هذه المرة ومن حقه إن شاء أن يرميني وغيري بقلة الذكاء كما فعل مع الشهواني ، مع قناعتي أنه لو كان الشهواني من ( الرَبع ) لما قال فيه ماقال ، ولكنها الطائفية على أية حال ..!!
أعود الى موضوع ( واقع إيران وواقع من يعاديها ) ، كما ذكر السيد العوادي .. وأود أن أبدأ قبل كل شيئ ، بموضوع ( الحب والكراهية ) ، لغرض وضع النقاط على الحروف ، وقبل مناقشة مقال السيد العوادي ..
من منطلق إنساني بحت .. نسمّه إذا شئنا العالمية ، أو الإنسانية ، أو الأممية .. أو أي تسمية أخرى تنطبق على الجنس البشري مهما كان لونه وعرقه ودينه نقول :
منطقياً وواقعياً ، نحن لانكره الإسرائيليون مثلاً لكونهم يهود .. بل أن حالة العداء قائمة بيننا بسبب التسييس الديني تحت مسمى الصهيونية .. وما أنتجته هذه السياسة مما أدى الى إحتلال أراضٍ عربية وإسلامية ، وتشريد شعب ، ومحاولة الهيمنة على مقدراتنا ومستقبلنا ومعتقدنا ، وبالتالي مسح هويتنا
ونحن لانكره الأمريكان وغيرهم من شعوب الغرب السائرة تحت مظلة سياستهم الخارجية ، بسبب كونهم مسيحيين مثلاً ، بل بسبب سياساتهم وأطماعهم وإعتدائهم علينا ومحاولة إستعمارنا وإحتلال بلداننا ونهب ثرواتنا وتعطيل مستقبلنا وأيضاً مسح هويتنا الوطنية والقومية والدينية ..
لاأعتقد أن هناك كراهية منا ضد الآخرين ، من سود أو بيض أو صفر ، ومن هندوس أو بوذيين ، من شرقيين أو غربيين ، من أفارقة أو من أوربيين ... بل أن دول المنطقة العربية وغير العربية ، الإسلامية أو العلمانية ، تتعامل مع جميع هؤلاء وعلى أصعدة كثيرة ومن خلال مصالح وإحترام متبادل..
إذن موضوع الحب والكراهية يجب أن ينبعا من كلا الطرفين ليشكلا حالة متبادلة ومتشابكة ، إذ لافائدة أو منطق من أن تحب من يكرهك ، أو تكره من يحبك .. اللهم إلا من كان غير سوي التفكير أو يسعى الى مصلحة معينة فيتظاهر بالحب .. وهنا تسقط الإعتبارات المنطقية السليمة ..!
هذا نفسه ينطبق على إيران وشعبها ، كما ينطبق على البقية .. فتظهر حالة العداء ، عندما تنشأ حالة الإعتداء .. فأنت تحب من يحبك ويريد لك الخير .. وتنفر ممن يكرهك ويريد لك الشر .. وهذه هي سنّة الطبيعة البشرية ، بل هي أيضاً تشريع السماء في التوراة والإنجيل والقرآن .. ( العين بالعين والسن بالسن ) أو كما يقول الكتاب المقدس لدى اليهود والمسيحيين ، وبكل لغاته ومنها اللغة الإنكليزية حيث يقيم ويتكلم السيد العوادي :
Eye for an eye and tooth for a tooth
لو أردنا أن نخرج من هذه المقدمة والتي كانت ضرورية لزرع حُسن النية ، بيني وبين السيد العوادي ، قبل أن يفاجئ بعنوان المقال ، ويضعني في خانة الأعداء ، أو ممن أطلق عليهم بسخرية أدبية : ( والله مثل ماتشوف شبعونه دك وشبعناهم مسبة ) .. لكي ندخل في صلب مقاله ، فإن علينا أن نأخذ المقال بمفرداته وتسلسله ، ونحاول أن تكون المناقشة مختصرة ومركزة جهد الإمكان كمقال السيد العوادي .
ما سأورده بين قوسين هي نصوص مقال السيد العوادي ، وكما جاءت حرفياً :
( فالإعلام الإيراني صامت لايسب ولايشتم ولايتبنى برامج طائفية من خلاله إعلامه المقروء والمسموع والمكتوب الموجهة باللغة العربية بينما يركز ذلك الإعلام على الإنجازات الكبرى من قبيل الأمور التكنلوجية المتعلقة بالبرنامج النووي السلمي واخيرا اطلاق المسبار اميد وسيلحقه أول قمر صناعي ايراني تشير التقارير الى انه قريب الاكتمال ، وسلاح الصواريخ بمختلفة انواعها ومصانع الطائرات والدبابات والاجهزة الالكترونية ومصانع السيارات والقطارات وماشابه ذلك وكله بمقدرات ايرانية ذاتية خالصة ومن عاش في ايران سنة او اكثر يعلم ذلك بكل يقين والشهود على ذلك من العراقيين بالملايين ممن زارها قبل سقوط سلطة صدام أو بعده ، أم اعلى مستوى السياسة فهي تتقاسم الادوار مع امريكا في المنطقة لابصورة التحالف ولكن بصورة التخام السياسي )
ملاحظة : هناك بعض الأخطاء اللغوية والإملائية ، وردت في المقطع أعلاه ، أود الإشارة اليها وتصحيحها أولاً ـ ومعذرة للسيد العوادي ـ فهو طبعاً شخص عربي ، والموقع هذا باللغة العربية ، ولانريد أن يحصل بعض اللبس للقراء الكرام أو يختلط عليهم فهم التعبير بصورة صحيحة .
من خلاله إعلامه : المقصود ، (خلاله) تعود الى الإعلام ، وذكرت كلمة ( إعلامه ) بعدها للتأكيد على ماورد في بداية الجملة ( فالإعلام الإيراني ) ..
بمختلفة أنواعها : بمختلف أنواعها ..
بمقدرات ايرانية : بقدرات ايرانية
سقوط سلطة صدام أو بعده : سقوط سلطة صدام أو بعدها .. او يمكن القول سقوط صدام أو بعده ..
أم اعلى مستوى : أما على مستوى ..
ولكن بصورة التخام السياسي : لم أجد معنى مع الأسف لكلمة التخام السياسي ، فلو فرضنا أنها التخام للتعبير عن المتاخمة أي القرب ، مع أنه لاتوجد هكذا كلمة ، فيجب القول ربما مجازاً التخام سياسي وليس السياسي . أردت حذف النقطة لكي تكون التحام مثلاً ، فرأيت المعنى لايستقيم ، فالمفروض اميركا وايران غير ملتحمتين .. وربما المقصود التلاحم السياسي .. ثم قمت بوضع النقطة الى الأسفل لتقرأ التجام ، فوجدت أن المعنى لايستقيم أيضاً .. ومع ذلك أعتقد أن القصد من عبارة السيد العوادي مفهوم ضمناً .
عزيزي السيد باسم العوادي : إن اسرائيل أيضاً ومن خلال إعلامها العربي والعبري ، لاتسب ولا تشتم العرب .. فهي ليست مبادرة عظيمة وسابقة يحمد ويشكر من أجلها الإعلام الإيراني .. ربما هو توارد خواطر أو تنسيق ، شأنه شأن ( إيران كونترا ) أو ( ايران كيت ) ...!
لاأشك أنك كما تقول ونعرف ، مواطن عراقي ، ويفترض أنه يحب وطنه ، فقل لي بربك ، أو دعني أستحلفك بإمامك إن شئت ، أو ( بروح الإمام الخميني ) : هل سبق وانشرح صدرك في السابق عندما كان بلدك العراق يبني سلاحه ويطور صواريخه ويبني برنامجه النووي وبقدرات علمية عراقية ، كما ينشرح صدرك الآن لقيام ايران بهذا التطور العسكري والعلمي ..؟
وكمواطن عراقي ماذا كان شعورك عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مفاعل تموز النووي قرب بغداد ودمرته وأوقفته عن العمل ..؟ أو عندما ضربت صواريخ العراق تل أبيب ..؟ وماذا سيكون شعورك لو فرضنا قيام إسرائيل في الغد بنفس العمل وقامت بضرب المفاعلات النووية الإيرانية ، مع أن ذلك لن يحدث برغم الجعجعة الإعلامية ..؟!
أنت الآن تؤكد أن برنامج ايران النووي هو برنامج سلمي .. ولا أدري كيف تأكدت من ذلك ، فحتى الملايين من الشعب الإيراني لايعرفون بالتأكيد كون البرنامج النووي لبلدهم سلمياً أو عسكرياً .. فهل أنت ياعزيزي ( ملكي أكثر من الملك ) ..؟
إنه شيئ مفرح أن نرى بلداً من العالم الثالث ، أوإسلامياً ، أو عربياً ، يتطور تكنلوجيا .. ولكن ، من المؤسف أن نرى مثل هذا البلد يأخذ منحىً عدوانياً ضد جيرانه من العرب والمسلمين ، ويتدخل في شؤون بلدانهم الداخلية ، ويحاول ( تصدير ثورته ) اليهم ، ويستخدم قدراته العسكرية لتكريس إحتلاله لأراضيهم وجزرهم في الخليج تماماً كما تفعل إسرائيل في الأراضي العربية .. وكما فعلها شاه إيران المقبور من قبل ..
مرة أخرى .. قل لي بربك ، وبوضوح وبصراحة .. ماالفرق بين سياسة إيران الشاهنشاهية وسياسة إيران الإسلامية ..؟
لقد قلت ، كلمة حق ، في تقاسم إيران للأدوار مع أميركا في المنطقة .. وهو ماأثبتته الأحداث وخاصة في العراق بلدك عزيزي باسم العوادي ..!
سمّهِ ماشئت .. تحالف .. أو تخالف .. فالسياسة العالمية أعمق مما تظن .. وإلا فاسأل السيد عبد العزيز الحكيم ، الذي هو أقرب منك بكثير لإيران وحكامها ومراجعها ، وأكثر أهميةً .. لماذا قام بزيارة الصهيوني هنري كيسنجر في أميركا ، والأخير لايشغل أي منصب حكومي أمريكي رسمي ؟ ولكنك قطعاً تعرف كما نعرف ، أنه من صناع القرار السياسي الأمريكي ..!! والحكيم من صناع القرار السياسي العراقي حالياً .
تقول : ( على الطرف المناوئ والمخالف لإيران فلا إنجازات سوى المباني الكونكريتية المسلحة الشاهقة والمساحات الخضراء وبأيادي خارجية بمعنى ان التطور غير ذاتي وانما هو عبارة عن سلع مستوردة ، لكن بالطبع فإن الجماعة اشداء بالسب والشتم واثارة النعرات الطائفية والفضائيات المرتزقة التي تتابعها ايران وهي مسرورة جداً لان تريد لنفسها ان تتحرك على الارض فيما تريد للآخر ان يتحرك على الأثير وشتان بين الأرض والأثير ؟؟؟ !!! )
هذا هو المقطع الثاني من مقال السيد العوادي ، ولنترك الأخطاء والمطبات اللغوية والصياغة جانباً ، ولنفترض أن العربية ليست اللغة الأم للكاتب الكريم ، ولندخل في الموضوع :
الطرف الثاني من الخليج العربي ، كما يعلم الجميع ، غير مناوئ ومخالف لإيران ، لاسياسياً ولا إقتصادياً .. اللهم إلا إذا كنت تقصد الإختلاف المذهبي .. فهناك شيعة ، وهنا سنّة ..! أي الطائفية فهنا يستقيم طرحكَ ..
هل تعلم أن الميزان التجاري بين إيران الإسلامية ودول الخليج أعلى مما كان بين هذه الدول وإيران الشاهنشاهية ، وأنه يسجل معدلات قياسية في حجم التبادل الإقتصادي ..؟ هذا من الناحية الإقتصادية
وأعتقد أنك لاشك تعلم بالزيارات الرسمية المتبادلة بين حكام الخليج بما في ذلك السعودية وإيران وآخرها زيارة أمير قطر لطهران قبل عدة أيام . وهذا من الناحية السياسية ..
فأين المناوئة إذن ..؟
أما موضوع الفضائيات المرتزقة والنعرات الطائفية التي تثيرها ، فنعم ، هي موجودة .. ولكن هل تريد أن تعدها في العراق .. حاول أن تتابع برامج بعضها ، وأعتقد أنك تعرفها ، يوماً واحداً فقط ، ولك إختياره عشوائياً .. لترى حجم السموم الطائفية التي تبثها .. فماذا تريد من الطرف الآخر أن يفعل ؟؟
نعود الى الإنجازات الكونكريتية الشاهقة التي تعيّر بها الطرف ( المناوئ ) !! فأقول :
هل تعلم أن هونك كونك ، ذات الإنجازات الكونكريتية كانت تحرك إقتصاديات العالم لأكثر من قرن من الزمن ..؟ واليوم ، الإستثمارات المحلية العالمية في دول الخليج تلعب نفس الدور الإقتصادي الهام .. وقد بحّ صوت الإعلام الإيراني في تسويق السياحة في جزيرة ( كيش ) في الخليج قرب الدول ( الكونكريتية ) .. وبدون جدوى ..؟
وهل تعلم أن التقدم لايقاس بالصواريخ والقنابل النووية والى آخر القائمة التي ذكرتْ ..
باكستان ، تمتلك ترسانة نووية .. ولكن ماهو معدل دخل الفرد الباكستاني ، وماهو معدل الناتج القومي هناك ..؟ وبالمناسبة ، هل لك ان تخبرنا عن معدل دخل الفرد الإيراني في إيران العظمى .؟
ألمانيا واليابان ، لايملكان صواريخ باليستية ولا يملكان قوة نووية .. ولكن .. الأولى تتحكم بالإقتصاد الأوربي .. والثانية لايخلو منزل في العالم من منتج أو أكثر صنع في اليابان ..!
سويسرا .. لاتمتلك جيشاً .. وليست حتى عضواً في الأمم المتحدة .. ولكنها تدير وتتحكم في النظام المصرفي للعالم ..!!
هذه هي قياسات التقدم والنمو الحقيقي .. فلا يجوز أن نعيب على دول الخليج العربية ، هذه النهضة الإقتصادية .. كما أنه ليس من العيب أن تبنى العمارات الكونكريتية بأيدي أجنبية ..
وبالمناسبة .. فالتطور الذي ذكرت في إيران ، والذي ينصب على الجانب العسكري كما أشرت في مقالك .. لم يبنى كما قلت بأيدي ومقدرات إيرانية خالصة .. وإلا معنى هذا أنك لا تتابع هذا التطور كما يجب .. ولا تعلم شيئاً عن حجم التعاون في هذه الأنشطة بين إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية ..! وهذا بالذات ينصب على البرنامج النووي .. أما الجوانب الأخرى فهناك أكثر من دولة أجنبية وكثير من الخبرات العالمية تساهم فيها ولمصالح مشتركة مثل اليابان والصين وكوريا وحتى دول اوربية ..!!
يقول السيد العوادي " وبالنص " !! :
( وسأعطيك يامعاوية نموذجاً بسيطاً ترى من خلاله كيف أن إيران وصلت من القوة والإقتدار السياسي والدبلوماسي ـ بان تعلب بيكم طوبة ويه امريكا ـ ماحصل قبل عدة أسابيع ففي الوقت الذي سكتت فيه ايران من تقدم الجيش العراقي والقوات المشتركة على البصرة والعمارة ومدينة الصدر ودعمت الحكومة في هذا المسار ، وفي خضم الحدث استطاع حزب الله ان يسيطر على بيروت خلال ساعات ، هنا تصور جماعتك يامعاوية ان امريكا ستحرك البارجات والاساطيل الجوية والمنظومات الصاروخية وقوات المارينز لضرب حزب الله وإرجاع بيروت للآخر من أجل سواد عيونهم اليعربية ، ولكنهم تفاجأوا بان الأمريكان لم يفعلوا اي شيئ وحدثت التطورات وكأن الأمر لايعنيهم بالمرة وبعد مضي عدة أيام ، فهم جماعتك يامعاوية ـ ان ايران موتت بيدهم الدوشيش ـ وان القضية تمت في العراق ولبنان على اساس ـ حكلي وحكلك ـ فضاعت المليارات التي انفقها جماعتك على الفضائيات والجرائد والمجلات والأحزاب والشخصيات السياسية باربع ساعات في بيروت مثلما ضاعت المليارات التي انفقها جماعتك يامعاوية في العراق وستضيع بعدها كل الاموال التي ستنفقونها ، وان ايران تعلم ان سبكم وشتمكم لها هو بمقدار الألم الذي يصيبكم منها . )
مرة أخرى يخطأ السيد العوادي .. ومرة أخرى تتغلب إنفعالاته على قلمه .. ومرة أخرى يثبت لنا قصر نظره في تحليل الحدث السياسي ..!
سكوت ايران ـ لو صح ـ على ماجرى في البصرة والعمارة ومدينة الصدر ، ودعمها للجيش العراقي والقوات المشتركة " مصطلح يستخدمه الغرب ويعني قوات الإحتلال للعراق " ! ، فذلك يعني أن إيران تعمل بالتنسيق مع هذه القوات المشتركة التي كما تعلم هي من يخطط ويسند القوات العراقية ، وهذا قد أدى ياسيد العوادي الى مجازر بحق شيعة العراق في الجنوب ومدينة الصدر .. مجازر نقلتها كافة أجهزة الإعلام المرئية .. مما يعني أن هناك تنسيق ما أمريكي ـ إيراني ، لدعم الحكيم وجماعته
أما حزب الله ، فقد لعبت الدبلوماسية العربية ، والقطرية بشكل خاص ، دوراً في حل الأزمة .. وما تسميه بالمصطلح العامي العراقي ـ موت الدوشيش ـ ، نتج عنه وضع قوات دولية ولبنانية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية .. وفي تقديري ، فهذه إنتكاسة لحزب الله ، لاأدري كيف قبلها ، ربما مرغماً ، لأنها تشكل الآن درعاً على الحدود الشمالية لإسرائيل ..
أم هل هو ياترى ، يدخل ضمن التنسيق الخفي ، والتكتيك الإيراني ..؟
التضحية بالآلاف من الشيعة العرب في العراق .. كما تضحي بالآلاف من الشيعة العرب في الأهواز ثم الشيعة العرب في لبنان ..
أعتقد أنها نقطة تستوجب منك التوقف عندها وإعادة حسابات تحليلك السياسي ، بدون إنفعال من أن إيران ( تلعب طوبة بأمريكا ) .. و ( موت الدوشيش ) و ( حكلي وحكلك ) ..!!!
يقول السيد العوادي نصاً مايلي :
( وهنا والحق نقول اننا لانفرق بين ايران والسعودية او أي بلد مسلم مجاور للعراق ، فالكل عندنا سواسية لاننا اصحاب مشروع وطني عراقي وينقف ضد من يريد ان يحارب ايران ومن يريد ان يحارب السعودية لاننا نعلم ان المنطقة شعوباً وحكومات لم تعد تتحمل اي نزاع جديد ، وان الذين يدفعون باتجاه الحرب مع ايران او ضرب امريكا لها هم المنافقون الذين يريدون ان يضربوا عشرة عصافير بحجر واحد واستخدام طريقة التخلص من السعودية بضرب ايران )
لاتعليق لي على هذا ، إلا أنه النفاق بعينه .. والمغالطة .. التي تناقض كل الوقائع حتى تلك التي وردت في مقال السيد العوادي ..!!
ثم يختم السيد العوادي مقاله ، بأسوأ مما بدأ به ، فيقول :
( أما قضية ضرب إيران فهذه من المستحيلات ان امريكا تنظر الى ايران بصورة " العدو العاقل " الذي يعرف حدوده وحجمه ويعرف من اين تؤكل الكتف اولا ، ولان امريكا تريد ان تبقي ايران دولة اسلامية شيعية قوية ومقتدرة ـ لاحظ كلمة : تريد أن تبقي ـ الكاتب ـ " ومعادلة ومناوئة للدول الإسلامية الخليجية السنية ، وما يعقب ذلك من حالة استقطاب اسلامي وعربي وسياسة محاور وهرولة الضعيف في هذه العملية لكي يلقي بنفسه في احضان امريكا ويعتبرها حامي الحما ويقدم لها وعلى طبق من فضة كل ماتريد وقبل ان تتكلم ، والحر تكفيه الإشارة .
أما حول سلطة السباب واطباق الشتائم التي سقتها لنا وللآخرين ـ عيوني معاوية ـ فسبوا واشتموا واصرخوا وتهستروا وكل ذلك على قدر الألم الذي تسببه لكم ايران والمعادلة هي هي ايران تباريكم بالأفعال وانتم تقاتلونها بالأقوال ، لهم الأرض ولكم الهواء )
بهذا المقطع إنتهى مقال السيد باسم العوادي ، وسأترك التعليق عليه للقراء الكرام ..
مقال وتحليلات صادرة من شخص عراقي لم أجد في مقاله منذ السطر الأول الى الأخير كلمة دفاع واحدة عن أرض العراق أو شعب العراق أو وحدة العراق أو مستقبل العراق .. وأترك الإجابة على عنوان مقالي هذا حول سبب العشق الإيراني هذا للقارئ الكريم أيضاً ..
والعوادي ليس إلا مثل بسيط ، بساطة وسذاجة مقاله ذاك ، وكتاباته وعباراته وتحليلاته السياسية .. ولله في خلقه شؤون ..!
lalhamdani@yahoo.com
www.alialhamdani.blogspot.com
عشق إيران .. هل بسبب كونها إسلامية ، أم لأنها وطنية ، أم لأنها جارة للعراق
أم لأسباب طائفية .. ؟
كتابات : علي الحمــداني
قرأت مقال السيد باسم العوادي ، المنشور على هذه الصحيفة يوم 22 / 8 ، بعنوان ( يامعاوية إيران أشبعتكم ضرباً وانتم أشبعتموها سباً ) ، وقد تضمن فيما يفترض أنه رد على مقال السيد معاوية المهدي الذي نشر على هذه الصحيفة أيضاً في 21 /8 ، وتحت عنوان : ( آل بيت إيران ) .. وإبتداءاً لا أخفي إعجابي بالتورية اللغوية التي إستخدمها السيد العوادي ، حين قال ( يامعاوية .. ) في عنوان مقاله ، على الرغم من واقع كون أن المُخَاطب كتب مقاله بهذا الإسم ، سواء كان الإسم حقيقياً أو مستعاراً ! فهذا لايعني شيئاً في واقع الحال .
وكما أنني لاأخفي إعجابي ، فإنني أيضاً ، لاأخفي معرفتي بطروحات السيد العوادي ، صحفياً أو من على شاشات التلفزة ، ( من إحدى القنوات التي أسماها لاحقاً بالفضائيات المرتزقة !!) فقد سمعته ورأيته يوماً يحدثنا عن دولة جنوب العراق ، وآفاقها المستقبلية ونهضتها الإقتصادية بسبب النفط ، وكيف أن ( الغير ) من أبناء العراق سيأتون ( ليقبلوا الأقدام ) كي يعملوا أجرَاء في هذه الدولة ..!
طرح لاشك أنه شجاع .. وصريح ، لم يفعل مثله داعية هذا التقسيم العراقي ، عبد العزيز الحكيم ، ولا أحد من مريديه المقربين .. ولابد أن السيد العوادي قد كوفئ على ماقال ، ولكنه حتماً قد نُصحَ بالتريث وعدم الشطط ، حيث لم نسمعها مرة أخرى ، أو نسمع مثلها من غيره بعد ذلك ..!
أما عنوان مقاله هذه المرة ( إيران أشبعتكم ضرباً ...! ) فهو يأتي بنفس نكهة العنف والتطرف في إختيار الكلمات والتي عرفنا بها السيد العوادي .. ولذلك لم يكن بالمفاجأة حين وقعت عيني عليه في قائمة مقالات كتابات السياسية تحت إسم : باسم العوادي .
بعد قراءتي للمقالين المذكورين ، وما احتوياه من كلمات وعبارات .. خطرت لي فكرة هذا المقال وأرجو أن لايعتبره السيد العوادي رداً متطرفاً أو طائفياً ، فصاحبه ليس ناصبياً ولا قومجياً ولابعثياً ولا وهابياً .. وصاحبه ليس من أصحاب الأسماء المستعارة ، وبالتأكيد ليس من جماعة الشهواني أو غيره ممن هم موضع ثقة الأمريكان وحكومات الإحتلال والأحزاب الإسلامية المتعاونة معهما من كلا الفريقين سنة كانوا أو شيعة ..!
فإذا ماسقط السيد العوادي على ظهره من الضحك ، كما قال ، عندما قرأ مقالين كتبا ضد مدير مخابرات حكومة الإحتلال السيد الشهواني .. وقال في نفسه ، كما ذكر لنا ، أن مدير جهازنا الوطني يحتاج الى شيئ من الذكاء .. و .. و .. فأرجو منه أن لايسقط على ظهره هذه المرة ومن حقه إن شاء أن يرميني وغيري بقلة الذكاء كما فعل مع الشهواني ، مع قناعتي أنه لو كان الشهواني من ( الرَبع ) لما قال فيه ماقال ، ولكنها الطائفية على أية حال ..!!
أعود الى موضوع ( واقع إيران وواقع من يعاديها ) ، كما ذكر السيد العوادي .. وأود أن أبدأ قبل كل شيئ ، بموضوع ( الحب والكراهية ) ، لغرض وضع النقاط على الحروف ، وقبل مناقشة مقال السيد العوادي ..
من منطلق إنساني بحت .. نسمّه إذا شئنا العالمية ، أو الإنسانية ، أو الأممية .. أو أي تسمية أخرى تنطبق على الجنس البشري مهما كان لونه وعرقه ودينه نقول :
منطقياً وواقعياً ، نحن لانكره الإسرائيليون مثلاً لكونهم يهود .. بل أن حالة العداء قائمة بيننا بسبب التسييس الديني تحت مسمى الصهيونية .. وما أنتجته هذه السياسة مما أدى الى إحتلال أراضٍ عربية وإسلامية ، وتشريد شعب ، ومحاولة الهيمنة على مقدراتنا ومستقبلنا ومعتقدنا ، وبالتالي مسح هويتنا
ونحن لانكره الأمريكان وغيرهم من شعوب الغرب السائرة تحت مظلة سياستهم الخارجية ، بسبب كونهم مسيحيين مثلاً ، بل بسبب سياساتهم وأطماعهم وإعتدائهم علينا ومحاولة إستعمارنا وإحتلال بلداننا ونهب ثرواتنا وتعطيل مستقبلنا وأيضاً مسح هويتنا الوطنية والقومية والدينية ..
لاأعتقد أن هناك كراهية منا ضد الآخرين ، من سود أو بيض أو صفر ، ومن هندوس أو بوذيين ، من شرقيين أو غربيين ، من أفارقة أو من أوربيين ... بل أن دول المنطقة العربية وغير العربية ، الإسلامية أو العلمانية ، تتعامل مع جميع هؤلاء وعلى أصعدة كثيرة ومن خلال مصالح وإحترام متبادل..
إذن موضوع الحب والكراهية يجب أن ينبعا من كلا الطرفين ليشكلا حالة متبادلة ومتشابكة ، إذ لافائدة أو منطق من أن تحب من يكرهك ، أو تكره من يحبك .. اللهم إلا من كان غير سوي التفكير أو يسعى الى مصلحة معينة فيتظاهر بالحب .. وهنا تسقط الإعتبارات المنطقية السليمة ..!
هذا نفسه ينطبق على إيران وشعبها ، كما ينطبق على البقية .. فتظهر حالة العداء ، عندما تنشأ حالة الإعتداء .. فأنت تحب من يحبك ويريد لك الخير .. وتنفر ممن يكرهك ويريد لك الشر .. وهذه هي سنّة الطبيعة البشرية ، بل هي أيضاً تشريع السماء في التوراة والإنجيل والقرآن .. ( العين بالعين والسن بالسن ) أو كما يقول الكتاب المقدس لدى اليهود والمسيحيين ، وبكل لغاته ومنها اللغة الإنكليزية حيث يقيم ويتكلم السيد العوادي :
Eye for an eye and tooth for a tooth
لو أردنا أن نخرج من هذه المقدمة والتي كانت ضرورية لزرع حُسن النية ، بيني وبين السيد العوادي ، قبل أن يفاجئ بعنوان المقال ، ويضعني في خانة الأعداء ، أو ممن أطلق عليهم بسخرية أدبية : ( والله مثل ماتشوف شبعونه دك وشبعناهم مسبة ) .. لكي ندخل في صلب مقاله ، فإن علينا أن نأخذ المقال بمفرداته وتسلسله ، ونحاول أن تكون المناقشة مختصرة ومركزة جهد الإمكان كمقال السيد العوادي .
ما سأورده بين قوسين هي نصوص مقال السيد العوادي ، وكما جاءت حرفياً :
( فالإعلام الإيراني صامت لايسب ولايشتم ولايتبنى برامج طائفية من خلاله إعلامه المقروء والمسموع والمكتوب الموجهة باللغة العربية بينما يركز ذلك الإعلام على الإنجازات الكبرى من قبيل الأمور التكنلوجية المتعلقة بالبرنامج النووي السلمي واخيرا اطلاق المسبار اميد وسيلحقه أول قمر صناعي ايراني تشير التقارير الى انه قريب الاكتمال ، وسلاح الصواريخ بمختلفة انواعها ومصانع الطائرات والدبابات والاجهزة الالكترونية ومصانع السيارات والقطارات وماشابه ذلك وكله بمقدرات ايرانية ذاتية خالصة ومن عاش في ايران سنة او اكثر يعلم ذلك بكل يقين والشهود على ذلك من العراقيين بالملايين ممن زارها قبل سقوط سلطة صدام أو بعده ، أم اعلى مستوى السياسة فهي تتقاسم الادوار مع امريكا في المنطقة لابصورة التحالف ولكن بصورة التخام السياسي )
ملاحظة : هناك بعض الأخطاء اللغوية والإملائية ، وردت في المقطع أعلاه ، أود الإشارة اليها وتصحيحها أولاً ـ ومعذرة للسيد العوادي ـ فهو طبعاً شخص عربي ، والموقع هذا باللغة العربية ، ولانريد أن يحصل بعض اللبس للقراء الكرام أو يختلط عليهم فهم التعبير بصورة صحيحة .
من خلاله إعلامه : المقصود ، (خلاله) تعود الى الإعلام ، وذكرت كلمة ( إعلامه ) بعدها للتأكيد على ماورد في بداية الجملة ( فالإعلام الإيراني ) ..
بمختلفة أنواعها : بمختلف أنواعها ..
بمقدرات ايرانية : بقدرات ايرانية
سقوط سلطة صدام أو بعده : سقوط سلطة صدام أو بعدها .. او يمكن القول سقوط صدام أو بعده ..
أم اعلى مستوى : أما على مستوى ..
ولكن بصورة التخام السياسي : لم أجد معنى مع الأسف لكلمة التخام السياسي ، فلو فرضنا أنها التخام للتعبير عن المتاخمة أي القرب ، مع أنه لاتوجد هكذا كلمة ، فيجب القول ربما مجازاً التخام سياسي وليس السياسي . أردت حذف النقطة لكي تكون التحام مثلاً ، فرأيت المعنى لايستقيم ، فالمفروض اميركا وايران غير ملتحمتين .. وربما المقصود التلاحم السياسي .. ثم قمت بوضع النقطة الى الأسفل لتقرأ التجام ، فوجدت أن المعنى لايستقيم أيضاً .. ومع ذلك أعتقد أن القصد من عبارة السيد العوادي مفهوم ضمناً .
عزيزي السيد باسم العوادي : إن اسرائيل أيضاً ومن خلال إعلامها العربي والعبري ، لاتسب ولا تشتم العرب .. فهي ليست مبادرة عظيمة وسابقة يحمد ويشكر من أجلها الإعلام الإيراني .. ربما هو توارد خواطر أو تنسيق ، شأنه شأن ( إيران كونترا ) أو ( ايران كيت ) ...!
لاأشك أنك كما تقول ونعرف ، مواطن عراقي ، ويفترض أنه يحب وطنه ، فقل لي بربك ، أو دعني أستحلفك بإمامك إن شئت ، أو ( بروح الإمام الخميني ) : هل سبق وانشرح صدرك في السابق عندما كان بلدك العراق يبني سلاحه ويطور صواريخه ويبني برنامجه النووي وبقدرات علمية عراقية ، كما ينشرح صدرك الآن لقيام ايران بهذا التطور العسكري والعلمي ..؟
وكمواطن عراقي ماذا كان شعورك عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مفاعل تموز النووي قرب بغداد ودمرته وأوقفته عن العمل ..؟ أو عندما ضربت صواريخ العراق تل أبيب ..؟ وماذا سيكون شعورك لو فرضنا قيام إسرائيل في الغد بنفس العمل وقامت بضرب المفاعلات النووية الإيرانية ، مع أن ذلك لن يحدث برغم الجعجعة الإعلامية ..؟!
أنت الآن تؤكد أن برنامج ايران النووي هو برنامج سلمي .. ولا أدري كيف تأكدت من ذلك ، فحتى الملايين من الشعب الإيراني لايعرفون بالتأكيد كون البرنامج النووي لبلدهم سلمياً أو عسكرياً .. فهل أنت ياعزيزي ( ملكي أكثر من الملك ) ..؟
إنه شيئ مفرح أن نرى بلداً من العالم الثالث ، أوإسلامياً ، أو عربياً ، يتطور تكنلوجيا .. ولكن ، من المؤسف أن نرى مثل هذا البلد يأخذ منحىً عدوانياً ضد جيرانه من العرب والمسلمين ، ويتدخل في شؤون بلدانهم الداخلية ، ويحاول ( تصدير ثورته ) اليهم ، ويستخدم قدراته العسكرية لتكريس إحتلاله لأراضيهم وجزرهم في الخليج تماماً كما تفعل إسرائيل في الأراضي العربية .. وكما فعلها شاه إيران المقبور من قبل ..
مرة أخرى .. قل لي بربك ، وبوضوح وبصراحة .. ماالفرق بين سياسة إيران الشاهنشاهية وسياسة إيران الإسلامية ..؟
لقد قلت ، كلمة حق ، في تقاسم إيران للأدوار مع أميركا في المنطقة .. وهو ماأثبتته الأحداث وخاصة في العراق بلدك عزيزي باسم العوادي ..!
سمّهِ ماشئت .. تحالف .. أو تخالف .. فالسياسة العالمية أعمق مما تظن .. وإلا فاسأل السيد عبد العزيز الحكيم ، الذي هو أقرب منك بكثير لإيران وحكامها ومراجعها ، وأكثر أهميةً .. لماذا قام بزيارة الصهيوني هنري كيسنجر في أميركا ، والأخير لايشغل أي منصب حكومي أمريكي رسمي ؟ ولكنك قطعاً تعرف كما نعرف ، أنه من صناع القرار السياسي الأمريكي ..!! والحكيم من صناع القرار السياسي العراقي حالياً .
تقول : ( على الطرف المناوئ والمخالف لإيران فلا إنجازات سوى المباني الكونكريتية المسلحة الشاهقة والمساحات الخضراء وبأيادي خارجية بمعنى ان التطور غير ذاتي وانما هو عبارة عن سلع مستوردة ، لكن بالطبع فإن الجماعة اشداء بالسب والشتم واثارة النعرات الطائفية والفضائيات المرتزقة التي تتابعها ايران وهي مسرورة جداً لان تريد لنفسها ان تتحرك على الارض فيما تريد للآخر ان يتحرك على الأثير وشتان بين الأرض والأثير ؟؟؟ !!! )
هذا هو المقطع الثاني من مقال السيد العوادي ، ولنترك الأخطاء والمطبات اللغوية والصياغة جانباً ، ولنفترض أن العربية ليست اللغة الأم للكاتب الكريم ، ولندخل في الموضوع :
الطرف الثاني من الخليج العربي ، كما يعلم الجميع ، غير مناوئ ومخالف لإيران ، لاسياسياً ولا إقتصادياً .. اللهم إلا إذا كنت تقصد الإختلاف المذهبي .. فهناك شيعة ، وهنا سنّة ..! أي الطائفية فهنا يستقيم طرحكَ ..
هل تعلم أن الميزان التجاري بين إيران الإسلامية ودول الخليج أعلى مما كان بين هذه الدول وإيران الشاهنشاهية ، وأنه يسجل معدلات قياسية في حجم التبادل الإقتصادي ..؟ هذا من الناحية الإقتصادية
وأعتقد أنك لاشك تعلم بالزيارات الرسمية المتبادلة بين حكام الخليج بما في ذلك السعودية وإيران وآخرها زيارة أمير قطر لطهران قبل عدة أيام . وهذا من الناحية السياسية ..
فأين المناوئة إذن ..؟
أما موضوع الفضائيات المرتزقة والنعرات الطائفية التي تثيرها ، فنعم ، هي موجودة .. ولكن هل تريد أن تعدها في العراق .. حاول أن تتابع برامج بعضها ، وأعتقد أنك تعرفها ، يوماً واحداً فقط ، ولك إختياره عشوائياً .. لترى حجم السموم الطائفية التي تبثها .. فماذا تريد من الطرف الآخر أن يفعل ؟؟
نعود الى الإنجازات الكونكريتية الشاهقة التي تعيّر بها الطرف ( المناوئ ) !! فأقول :
هل تعلم أن هونك كونك ، ذات الإنجازات الكونكريتية كانت تحرك إقتصاديات العالم لأكثر من قرن من الزمن ..؟ واليوم ، الإستثمارات المحلية العالمية في دول الخليج تلعب نفس الدور الإقتصادي الهام .. وقد بحّ صوت الإعلام الإيراني في تسويق السياحة في جزيرة ( كيش ) في الخليج قرب الدول ( الكونكريتية ) .. وبدون جدوى ..؟
وهل تعلم أن التقدم لايقاس بالصواريخ والقنابل النووية والى آخر القائمة التي ذكرتْ ..
باكستان ، تمتلك ترسانة نووية .. ولكن ماهو معدل دخل الفرد الباكستاني ، وماهو معدل الناتج القومي هناك ..؟ وبالمناسبة ، هل لك ان تخبرنا عن معدل دخل الفرد الإيراني في إيران العظمى .؟
ألمانيا واليابان ، لايملكان صواريخ باليستية ولا يملكان قوة نووية .. ولكن .. الأولى تتحكم بالإقتصاد الأوربي .. والثانية لايخلو منزل في العالم من منتج أو أكثر صنع في اليابان ..!
سويسرا .. لاتمتلك جيشاً .. وليست حتى عضواً في الأمم المتحدة .. ولكنها تدير وتتحكم في النظام المصرفي للعالم ..!!
هذه هي قياسات التقدم والنمو الحقيقي .. فلا يجوز أن نعيب على دول الخليج العربية ، هذه النهضة الإقتصادية .. كما أنه ليس من العيب أن تبنى العمارات الكونكريتية بأيدي أجنبية ..
وبالمناسبة .. فالتطور الذي ذكرت في إيران ، والذي ينصب على الجانب العسكري كما أشرت في مقالك .. لم يبنى كما قلت بأيدي ومقدرات إيرانية خالصة .. وإلا معنى هذا أنك لا تتابع هذا التطور كما يجب .. ولا تعلم شيئاً عن حجم التعاون في هذه الأنشطة بين إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية ..! وهذا بالذات ينصب على البرنامج النووي .. أما الجوانب الأخرى فهناك أكثر من دولة أجنبية وكثير من الخبرات العالمية تساهم فيها ولمصالح مشتركة مثل اليابان والصين وكوريا وحتى دول اوربية ..!!
يقول السيد العوادي " وبالنص " !! :
( وسأعطيك يامعاوية نموذجاً بسيطاً ترى من خلاله كيف أن إيران وصلت من القوة والإقتدار السياسي والدبلوماسي ـ بان تعلب بيكم طوبة ويه امريكا ـ ماحصل قبل عدة أسابيع ففي الوقت الذي سكتت فيه ايران من تقدم الجيش العراقي والقوات المشتركة على البصرة والعمارة ومدينة الصدر ودعمت الحكومة في هذا المسار ، وفي خضم الحدث استطاع حزب الله ان يسيطر على بيروت خلال ساعات ، هنا تصور جماعتك يامعاوية ان امريكا ستحرك البارجات والاساطيل الجوية والمنظومات الصاروخية وقوات المارينز لضرب حزب الله وإرجاع بيروت للآخر من أجل سواد عيونهم اليعربية ، ولكنهم تفاجأوا بان الأمريكان لم يفعلوا اي شيئ وحدثت التطورات وكأن الأمر لايعنيهم بالمرة وبعد مضي عدة أيام ، فهم جماعتك يامعاوية ـ ان ايران موتت بيدهم الدوشيش ـ وان القضية تمت في العراق ولبنان على اساس ـ حكلي وحكلك ـ فضاعت المليارات التي انفقها جماعتك على الفضائيات والجرائد والمجلات والأحزاب والشخصيات السياسية باربع ساعات في بيروت مثلما ضاعت المليارات التي انفقها جماعتك يامعاوية في العراق وستضيع بعدها كل الاموال التي ستنفقونها ، وان ايران تعلم ان سبكم وشتمكم لها هو بمقدار الألم الذي يصيبكم منها . )
مرة أخرى يخطأ السيد العوادي .. ومرة أخرى تتغلب إنفعالاته على قلمه .. ومرة أخرى يثبت لنا قصر نظره في تحليل الحدث السياسي ..!
سكوت ايران ـ لو صح ـ على ماجرى في البصرة والعمارة ومدينة الصدر ، ودعمها للجيش العراقي والقوات المشتركة " مصطلح يستخدمه الغرب ويعني قوات الإحتلال للعراق " ! ، فذلك يعني أن إيران تعمل بالتنسيق مع هذه القوات المشتركة التي كما تعلم هي من يخطط ويسند القوات العراقية ، وهذا قد أدى ياسيد العوادي الى مجازر بحق شيعة العراق في الجنوب ومدينة الصدر .. مجازر نقلتها كافة أجهزة الإعلام المرئية .. مما يعني أن هناك تنسيق ما أمريكي ـ إيراني ، لدعم الحكيم وجماعته
أما حزب الله ، فقد لعبت الدبلوماسية العربية ، والقطرية بشكل خاص ، دوراً في حل الأزمة .. وما تسميه بالمصطلح العامي العراقي ـ موت الدوشيش ـ ، نتج عنه وضع قوات دولية ولبنانية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية .. وفي تقديري ، فهذه إنتكاسة لحزب الله ، لاأدري كيف قبلها ، ربما مرغماً ، لأنها تشكل الآن درعاً على الحدود الشمالية لإسرائيل ..
أم هل هو ياترى ، يدخل ضمن التنسيق الخفي ، والتكتيك الإيراني ..؟
التضحية بالآلاف من الشيعة العرب في العراق .. كما تضحي بالآلاف من الشيعة العرب في الأهواز ثم الشيعة العرب في لبنان ..
أعتقد أنها نقطة تستوجب منك التوقف عندها وإعادة حسابات تحليلك السياسي ، بدون إنفعال من أن إيران ( تلعب طوبة بأمريكا ) .. و ( موت الدوشيش ) و ( حكلي وحكلك ) ..!!!
يقول السيد العوادي نصاً مايلي :
( وهنا والحق نقول اننا لانفرق بين ايران والسعودية او أي بلد مسلم مجاور للعراق ، فالكل عندنا سواسية لاننا اصحاب مشروع وطني عراقي وينقف ضد من يريد ان يحارب ايران ومن يريد ان يحارب السعودية لاننا نعلم ان المنطقة شعوباً وحكومات لم تعد تتحمل اي نزاع جديد ، وان الذين يدفعون باتجاه الحرب مع ايران او ضرب امريكا لها هم المنافقون الذين يريدون ان يضربوا عشرة عصافير بحجر واحد واستخدام طريقة التخلص من السعودية بضرب ايران )
لاتعليق لي على هذا ، إلا أنه النفاق بعينه .. والمغالطة .. التي تناقض كل الوقائع حتى تلك التي وردت في مقال السيد العوادي ..!!
ثم يختم السيد العوادي مقاله ، بأسوأ مما بدأ به ، فيقول :
( أما قضية ضرب إيران فهذه من المستحيلات ان امريكا تنظر الى ايران بصورة " العدو العاقل " الذي يعرف حدوده وحجمه ويعرف من اين تؤكل الكتف اولا ، ولان امريكا تريد ان تبقي ايران دولة اسلامية شيعية قوية ومقتدرة ـ لاحظ كلمة : تريد أن تبقي ـ الكاتب ـ " ومعادلة ومناوئة للدول الإسلامية الخليجية السنية ، وما يعقب ذلك من حالة استقطاب اسلامي وعربي وسياسة محاور وهرولة الضعيف في هذه العملية لكي يلقي بنفسه في احضان امريكا ويعتبرها حامي الحما ويقدم لها وعلى طبق من فضة كل ماتريد وقبل ان تتكلم ، والحر تكفيه الإشارة .
أما حول سلطة السباب واطباق الشتائم التي سقتها لنا وللآخرين ـ عيوني معاوية ـ فسبوا واشتموا واصرخوا وتهستروا وكل ذلك على قدر الألم الذي تسببه لكم ايران والمعادلة هي هي ايران تباريكم بالأفعال وانتم تقاتلونها بالأقوال ، لهم الأرض ولكم الهواء )
بهذا المقطع إنتهى مقال السيد باسم العوادي ، وسأترك التعليق عليه للقراء الكرام ..
مقال وتحليلات صادرة من شخص عراقي لم أجد في مقاله منذ السطر الأول الى الأخير كلمة دفاع واحدة عن أرض العراق أو شعب العراق أو وحدة العراق أو مستقبل العراق .. وأترك الإجابة على عنوان مقالي هذا حول سبب العشق الإيراني هذا للقارئ الكريم أيضاً ..
والعوادي ليس إلا مثل بسيط ، بساطة وسذاجة مقاله ذاك ، وكتاباته وعباراته وتحليلاته السياسية .. ولله في خلقه شؤون ..!
lalhamdani@yahoo.com
www.alialhamdani.blogspot.com