Tuesday, November 11, 2008

ميلاد بعد مخاض عسير ..!

ميلاد بعد مخاض عسير ..!

كتابات : علي الحمداني

منذ أن وطأت أرجل المحتل القذرة أرض العراق الطاهرة وداست فوق التراب الذي مشى عليه عبر قرون بل عبر آلاف السنين قادة ومفكرين وعظماء حملوا مشاعل الحضارة الإنسانية
آشور بانيبال ومكتبته التي ضمت الآلاف من الألواح التي دونت فيها العلوم والآداب تحمل شموخ العقل البشري في حقبة الإمبراطورية الآشورية وما قبلها وما تلاها .
ومنذ أن وضع حمورابي قوانينه فوق مسلته والتي ظلت الإنسانية تقتبس من روحها قوانينها وعبر آلاف السنين .
منذ شيث إبن آدم الى نوح الى إبراهيم الى يونس صاحب الحوت الذين حملوا رسالات الهداية للإنسان من أرض العراق ..
ومنذ الفتح الإسلامي الذي قاده خالد وسعد ليخرجوا كسرى مذءوما مدحورا ..
منذ علي بن أبي طالب الى الحسين والعباس وأبنائهم البررة من بعدهم والذين لم تأخذهم في الله لومة لائم وهم يجاهدون لرفع راية الحق ومن على أرض العراق ..
ومنذ البناء الحضاري الشامخ للدولة العباسية وعلمائها وفلاسفتها ومفكريها ، والجامعة المستنصرية منارة الفكر للباحثين عن المعرفة والعلوم على أرض بغداد ..
ثم منذ موجات الغزو الوحشية التي قادها الطامعين الأشرار من هولاكو وقادة الصفويين وإنكشارية الأتراك .. ثم الإحتلال بإسم الحضارة والديمقراطية على يد البريطانيين .. وما أعقب ذلك من سنوات خضر ويابسات ..
منذ كل تلك القرون الطويلة وأحداثها والتي قل ماشهد بلد في المنطقة مثلها بنورها وظلمتها ، بعلوها وانكسارها ، بصمودها وصبرها وتحديها .. والى أن جاء المحتلون الجدد يحملون لنا ديمقراطيتهم وحريتهم يجرّون وراءهم جرّ النعاج حثالات وأشباه رجال تم إنتقائهم بعناية من أحفاد فارس وأعوان صهيون وماسحي الأكتاف والأحذية الخليجية ، ليعبروا بهم الى العراق فوق الجسور التي صنعها لهم العملاء بنسيج غريب من عقال عربي وحزام كردي وعمامة صفوية ، تبْرَأ منهم ومن أعمالهم الأرض والسماء .. ثم ليدخلوا بعد ذلك في الفخ الذي سقط فيه قبلهم عشرات المحتلين والغزاة ! .

منذ كل ذلك .. وبالرغم من كل ذلك .. لم يستكين شعب العراق ولم يستسلم ، فكانت مقاومته للغزاة والمحتلين نبراساً ومنهاجاً لحياته ، وهو يحمل السيف والمكوار والبندقية .. ومعهم يحمل نيران الكلمة المدوية الصادرة من القلوب قبل الحناجر لتحرق الأرض تحت أقدام المحتلين وأعوانهم خونة الشعب والوطن .

ويتصل الحاضر بالماضي .. فمع الإحتلال غير الشرعي ، تقوم المقاومة الشرعية ، التي كفلتها لها قوانين السماء قبل قوانين الأرض .. وتبقى أرض العراق الرحم الولود الذي لاينضب عطاؤه ..

نيسان 2003 ، وما أعقبه من إحتلال جديد للعراق يضاف الى السلسلة الطويلة في تاريخه من إحتلالات الجيران الطامعين ، ثم إحتلالات ماهو أبعد من الجيران ، وأخيراً إحتلال الأبعد وبمساعدة الجيران .. فلكل منهم شهوة ونَهم ، ولكل منهم ثارات ونِقم ، والتقى الجميع على امر قد قُدِر ، ذلك هو ذبح العراق الأرض والشعب والتاريخ والقِيَم ..

ظن الجيران أن عصر سيف علي والحسين وخالد وسعد وصلاح الدين ، قد ولّى ..
وظن الأبعدون ، أن الوقت قد حان لتنفيذ مخططات أصحاب ثارات بابل ، وحلم الفرات ..
وظنت كلاب الصيد ، أدلاء الطريق الى الفريسة .. أن هذا يومهم حيث يُطفأ الغل وتشبع البطون ..
فكان أول ماكان .. حل جيش الشعب العراقي ، ظانين أنهم بذلك قد كسروا السيف ..
ولكن ..
ثمة حقيقة تاريخية ، وإنسانية يعرفها التاريخ البشري ، قد تم إغفالها .. تلك هي أن الواقف على أرض المعسكرات ، يعرف جيداً كيف يعيش في الخنادق .. وأنه شتان مابين من أتى من الفنادق ومن يعيش في الخنادق .. فالرجولة ليست سلعة يمكن شراؤها حتى بثمن كل نفط العراق ..!

هكذا وُلِدت المقاومة .. والتي لاأشك مطلقاً أنه سيأتي اليوم الذي سيجلس فيه الأمريكان ليستمعوا الى شروطها .. وقد فعلوها قبل ذلك في فيتنام وكمبوديا ..

هكذا وُلِد القلم ، وما أدراك ماالقلم .. وما أدراك ما يسطرون .. صنو البندقية ورفيق الرصاصة ..

وهكذا ولِدت مجاميع أحفاد الفاتحين والمحررين الأوائل هنا وهناك .. تمسك بالقلم ولا تنسى البندقية ، وتمسك بالبندقية ولاتنسى القلم .. الصوت واحد .. إنه هدير الحرية وصرخة التحرير .

وقبل أيام ، كانت هناك ولادة بعد مخاض عسير ، أخذ أشهر واشهر لكي يسجل على الورق فقط .. وأخذ قبل ذلك سنوات من الألم والمعاناة لكي يصل الى مرحلة المخاض .. ثم الولادة في 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2008 .. وقد شاء أن يحمل إسم العراق الحبيب ، وإسم الوطن الذي يعيش بين الضلوع .. فكانت ( الجماعة الوطنية العراقية ) .

مؤسسوها وأعضاؤها ليسو طلاب سلطة .. بل مطالبين بحق الشعب العراقي والوطن العراقي ..
إنها المولود الجديد الذي أرى أن سيحمله على الأكتاف وطنيو العراق وسيحتضنه أولئك الذين يدافعون عن شرف العراقيين والعراقيات .. وتزهو بمولده أحداق المظلومين على أرض العراق ممن خطط أعداءه لكي تعميها غياهب السجون وظلمات السجن الكبير .. وهيهات .. ثم هيهات ، أن يتم ذلك ..
فلابد لليل أن ينجلي .. ولابد للقيد أن ينكسر .

وأنا أتذكر هنا هذا البيت من الشعر لأبي القاسم الشابي ، وأنا أحد الجنود المؤسسين لهذه الجماعة الوطنية العراقية .. تشدني أبيات من شعر شعبي جميل ، وجدته على بريدي هذا اليوم أرسله أحد الأعضاء المؤسسين وهو الأخ صباح الخزاعي ، وقد تلقاه من الشاعر العقيد عبد الجبار الدليمي بعنوان .. من وحي إنطلاق الجماعة الوطنية العراقية ، ألتقط منه هذه الأبيات وأختتم بها مقالي :

صرنه مضحكه للرايح وللجاي واعلوج أبحلك زمرات مسعوره
مثل كطعة عجينه إيشـيلها الخباز وآخرها يكطـهه أبنار تنوره
ومثل لشه ذبيحه أمعلكه بجنكال والكصاب اجاهه إيشيل ساطوره
ومثل سبحه تداور بيد هذا وذاك لو صفحة جريدة صبح منشوره
ومثل سوك الهرج ماتفهم اشمابيه لو بستان تاه أو مات ناطوره
مثل عسكر الجاي إمن الحرب مكسور لو تفاك فزعه وضاع شاجوره
شمال الوطن ضاع وراح للسرّاك أو قواعد عسكريه أهناك معموره
جبل زوزك زعل من كاكه مسعود وهندرين أنتحر واهتزت صخوره
وجبل حمرين دنّج راسه حتى الكاع وروابيه العزيزه بكت مبهوره
وبجت أربيل من سمعت الوادي أنباع وصلاح الدين هب وفاح كافوره
وزمناكو نفض كل الصخر من فوك ودوكان امترده وفاحت ابحوره
وشط العرب بطل يسعد السفان وخليج العرب بطل يرفد أحضوره
والبصره أنتخت للموصل وسنجار لامانظل بيد الغرب باكوره
والعماره تنادي ليش ياعدنان ترضى أبلادنا للأجنبي صوره
لايابن الدليم اشلون ترضه اليوم كاعك تظل بيد أعداك مهدوره
العراقي أيظل عراقي أوبيده يسكي الكاع إيجوع وماإخلي جايعه طيوره
ولو شح المطر من دمعة العينين نسكي كاعنا بدموع مقطوره
شوفوا اشصار بينه وبعد بينه اشصار صرنه بحلك كل الدول حزوره
جنوب أعراكنا صاير لهذا وذاك ونفطنه أنباع نصّه أبغير فاتوره
وباعوا جيشنا ألماينشره وينباع بيد أحزاب صفره وكتل مأجوره

واليوم أنبرت عدنه جماعه أنسور بيهه أرجال بالطِيبات مشهوره
نظل وحدة وطن وحدة سما والكاع ولو جيش العدو يهجم بطابوره
لأن هذا الوطن ظل كامل الأعضاء مايرضى يعيش أبئيد مبتوره
مايرضى يعيش أبئيد مبتوره ...

lalhamdani@rocketmail.com

أرشيف مقالات الكاتب :

www.alialhamdani.blogspot.com









No comments: