السـيد مقتدى الصدر : لايلدغ المؤمن من جحر مرتين ..!ولقد لُدِغتْ .. فكيف ستكون الثالثة ..؟
علي الحمــداني
سأكون معك سماحة السيد صريحاً ولأقصى درجات الصراحة ، ولو تسنى لي إرسال هذا الموضوع مباشرةً اليك لفعلت .. ولكن ها أنا ذا أنشره على هذه الصحيفة المحايدة . ولتكن رسالة مفتوحة إن شئت أن تسميها كذلك .. ولكن ، ما يهمني منها أن تُقرأ بعقول وقلوب مفتوحة ، لأنني وكما قلت ستكون الصراحة عنوان هذا الموضوع ومضمونه ، ولو جاء فيه مايجرح أو يُغضِب ، فعذري في ذلك أنني لاأريد أن أختار الكلمات المنمقة فقط لكي ترضى ، وأُخفي في صدري ماالله مبديه ..
أملي أن تصلكَ كلماتي ، وأن يُوزن موقفي فيها بالحيادية كطرف ثالث ، فلا زلت أُؤمن .. أننا تجمعنا عراقيتنا التي تُذبح كل يوم !
تذكر لك الأحداث خلال سنوات الإحتلال العِجَاف .. موقفك المضاد من مجزرة الفلوجة .. وما تعرض له أهلها من ذبح على أيدي الأمريكان .. وقوات بدر .. والبيشمركه !
أليسو هؤلاء هم أعداؤك الذين تشيرون اليهم اليوم ..؟
أليس ذلك مانسمعه في كل تصريحاتك ورسائلك وخطبك ..؟
أليس هو مايقوله الناطقون بإسم التيار وقادته من أمثال الشيخ صلاح العبيدي ، والسيد بهاء الأعرجي وغيرهما ..؟
إذا كانت هذه الخطب والرسائل ، تعبّر حقيقةً عن فهم كامل للموقف السياسي المتدهور في العراق ، واستطاعت الفرز بين الأعداء والأصدقاء .. فأين ياترى يقف السيد مقتدى الصدر حالياً .. وأين يقف تياره السياسي والعسكري ..؟
أسئلة .. وأسئلة كثيرة ، يجب أن تُطرح .. ولإن ورَدَتْ في مقال يحمل أسمي .. لكنها في الحقيقة أسئلة تدور في أذهان الملايين من أبناء العراق .. ومنهم من يؤمن بقيادتك ، وينفّذ توجيهاتك .. أو يتعاطف معك .
هؤلاء جميعاً يجمعهم قاسم مشترك واحد .. هو وقوفهم ضد الإحتلال الأجنبي بأنواعه وأشكاله لبلادهم .. وضد تسلط فيلق بدر ومن يقف وراءه من إطلاعات ، وحرس ثوري ، وقوة قدس ..وحتى الأمريكان .. وضد طغيان ميليشيا البيشمركه .. وضد سياسات حكومة نوري المالكي ، الذي كان لك الفضل الأكبر في تثبيته على كرسي رئاسة الوزارة ..
ومن هنا .. فالتساؤلات قد تكون سياسية .. أو عقائدية .. أو حتى عسكرية !
نبدأ من إعلانكم ، وقبل ضرب البصرة بفترة قليلة ، أنكم ستتفرغون للدراسة الدينية شرعاً وفقهاً ، وأنكم أوكلتم قيادة التيار الى هيئة خاصة من مساعديكم المقربين .
هل كان ذلك هو الوقت الصحيح والمناسب فعلاً لقرار كهذا ..؟
وهل أن التحصيل العلمي مع أهميته ، هو قرار يمكن أن يتزامن مع الذروة في سخونة الأحداث ، والخطط المبيتة ضدكم ..؟
أما كان من الأهمية أن يكون للوطنية والعراقية والشيعية العربية ، المكانة الأولى في قمة الجدول ، وأن تأخذ كل إهتمامكم في هذه الحقبة ..؟
لاشك أنكم كنتم على علم تام ، بما بدأ يظهر في الأفق من مخططات سوداء رسمها الأمريكان .. وحكومة المالكي .. وقادة المجلس الإسلامي الأعلى .
المجلس الذي لم يخجل قائده ، ولم يعترض من يقف وراءه من أعداء " الشيطان الأكبر " ، في أن يلحق بمجرم الحرب بوش الى عمان لغرض لقائه .. ثم يلحق به الى واشنطن ليعقد معه الإجتماعات ثم يسمح لنفسه ، ومن دون إعتراض أيضاً من قبل أعداء " الشيطان الأكبر " ، أن يجلس ليتجاذب اطراف الحديث ، وليعقد الصفقات وبعد مصافحةً حارةً ، وذلك مع .. " هنري كيسنجر " .. عرّاب الصهيونية والسياسة العدوانية الأمريكية للمحافظين الجدد من صهيونيي المسيحية ، وعلى مدى عقود من الزمن ..!
أعود فأقول ، لم ندرِ ، ماذا كان وراء قراركم ذاك ، الذي إتخذتموه في لحظة من اللحظات المصيرية الحاسمة ، وفي وقت غير مناسب على الإطلاق ، أو هكذا يبدو لنا ..؟
لقد شعرنا .. كما شعرتم بالحيف والمعيار المزدوج الذي تكيل به حكومة المالكي من خلال مواقفها من :
ـ المسلمين من أهل السنة في العراق
ـ الحكومات العربية بشكل عام
ـ رؤساء العشائر العربية من الشيعة والسنة في العراق
ـ التيارات الإسلامية
ـ التيارات الوطنية
ـ المقاومة المشروعة ضد الإحتلال
ـ مجالس الصحوة التي تعاونت مع الأمريكان والحكومة لمقاتلة القاعدة !
ـ والتيار الصدري
وكان لكل من هؤلاء موقف مما يحدث ، يختلف بإختلاف عقائدهم وإستراتيجياتهم واسلوب تعاملهم مع الأحداث ..
وكان موقفكم هو التحرك السلمي .. ثم العصيان المدني .. ثم أسلوباً ثالثاً لم يعلن عنه ، إذا مافشل الأسلوبان الأوليان ..
بادر المالكي ، الذي أطلق عليه بريمر في كتابه ( دكتاتور من الشيعة ) ، الى إشعال نار الحرب في مدينة البصرة ، وبقيادة ميدانية إنتقل معها الى مقره هناك في قصور صدام الرئاسية ! ودارت المعارك بما لايشتهي ، بالرغم من دعواتكم المتكررة من إيران ، بالتهدئة !
وتدخل الطيران الحربي الأمريكي والبريطاني ، لينقذ رقبة المالكي ، وهذا الكلام ليس من عندي ، بل من القادة الأمريكان أنفسهم ..! وتم لهم ذلك .
الغريب .. أنه قبل ذلك ، وعندما قام ممثلي المالكي ، علي الأديب ، وهادي العامري ، بزيارتكم في إيران ، والإجتماع لكم ، انكم وافقتم على تسليم السلاح الثقيل ووقف العمليات العسكرية .. في وقت كانت شرارة الثورة المدنية التي دعوتم لها قد بدأت تؤتي ثمارها ميدانياً وعلى أرض المعركة ..! وبدأ جنوب العراق .. وقسم من بغداد يتململ .. وبدأت معه بعض الفصائل الأخرى تفكر في مساندتكم من مواقعها في أنحاء العراق الأخرى ..
كتبتُ يومها مقالاً على هذه الصفحة ، بعنوان (ماذا تنتظر المعارضة العراقية ضد الإحتلال وحكوماته ..؟ ) دعوت فيه الى التحرك ونصرة عرب الجنوب ، والتذكير بثورة العشرين .. وللحقيقة والواقع فقد تسلمت عدة رسائل تعلق على الموضوع ، وكان بعضها ذو أهمية خاصة لكونه صادر عن قيادات لحركات تقارع الإحتلال الأمريكي .. تماماً كما تدعون أنتم دائماً ، وبمبدئية ..
يقول لي أصحابها .. أنهم مع تفهمهم لما أقول ومع تعاطفهم مع مقتدى الصدر .. فإنهم يفضلون التريث لبعض الوقت ، لإختبار جدية القرار الصدري والبعد الذي سيذهب اليه هذه المرة ، قبل أن يقفوا بكل إمكانياتهم معكم ..
ولاأخفيكم ، أن بعض الإنتقادات لكم قد وصلتني من بعضهم ، تذكرني ، أنكم في إيران .. وأنكم قابلتم وفد المالكي بناء على طلب إيراني .. وإيران هذه تعيث في البصرة والعراق فساداً .. وأنها تقف وبقوة مع من إعتبرتموهم أعداءاً يريدون القضاء على تياركم ، وهو حقيقة ، وأولئك هم عبد العزيز الحكيم .. وحزب الدعوة برئاسة المالكي .. الدعوة الذي سرقه عملاء أميركا الذين يلبسون الرداء الشيعي من مؤسسيه ، وكوادره القدامى ، وعلى رأسهم والدكم وعمكم رحمهما الله ،.. من أمثال الجعفري والمالكي والحكيم !
لقد تحقق الهدف من إصابة تياركم بشلل جزئي ولكنه مهم .. ولا زالت الطائرات الأمريكية تقصف مدينة الصدر وسكانها المليونين لحد هذه اللحظة .. بل وبدأوا ببناء جدار عازل فيها على الطريقة الإسرائيلية ..! وعلى أيدي إحدى شركات أحمد الجلبي ..!! تاجر الحرب واللص الدولي المعروف !
قد يكون ، موضوع حقن الدماء ، هو الذي دفعكم الى إعطاء التنازلات .. وهذا يمكن فهمه من وجهة نظر دينية صرفة ، وسياسية معتدلة .. ولكن من وجهة النظر العسكرية تعبوياً وتنظيمياً ، وبعد أن جُررتم الى المعركة ، يعتبر من الأخطاء القاتلة .
وقد يكون قد إندست بين صفوف جيش المهدي عناصر غير عقائدية ، ومجموعات إجرامية ، وعصابات مختلفة .. سواء نتيجة فقدان الإنضباط في هذا التنظيم ، أو بتخطيط حكومي لغرض نسفه من الداخل ..
كلا الإحتمالين وارد .. ولكن من الخطأ أيضاً ، أن تبحثوا عن هذا الخلل وأسبابه ، بعد أن بدأ الصدام المسلح مع من إعترفتم أنهم يعملون على تحجيمكم إن لم تكن إبادتكم ، وذلك لكسب الجولة القادمة من الإنتخابات ، بالقوة أو بالتزوبر أو بكليهما ..
لقد أكد الشيخ صلاح العبيدي ، أن هناك مليشيات مندسة بين صفوف الجيش والشرطة .. وكنا نتمنى أن يكون الحديث بوضع النقاط على الحروف ، وبالقول أنها ميليشيا بدر المدعومة من إيران إستخبارياً وعسكرياً .. ومجموعات من البيشمركة .. المدعومة أمريكياً وحكومياً ..!
لقد ردّ ، علي الدباغ ( ولعلكم تعرفون جيداً من هو علي الدباغ ) ، أن الحكومة تستهدف من يحمل السلاح !! وأنها لاتقبل بجيشين أو جيوش تابعة لكتل سياسية !! ( ويبدو أنه هنا قد نسي أو تناسى أن هناك جيش من البيشمركة تدفع مصاريفه ورواتب منتسبيه من خزينة الدولة ..) .. وختم تصريحه بأنه لامفاوضات مع مقتدى الصدر ! في حين كان الشيخ العبيدي ، يتكلم عن إمكانية المفاوضات والسلام والتحالف المستقبلي .. فكيف تريدون أن يقف الشعب العراقي من كل ذلك ..؟؟
ثم أطلق هوشيار زيباري .. تصريحه من الكويت .. ( أننا لن نسمح للصدر بشن حرب مفتوحة )
ماذا تراه يقصد ، الحكومة ، أم البيشمركة .. أم الأمريكان أم جميعهم ..؟
لقد بدأت الحكومة بعد تصريحكم بخصوص ( الحرب المفتوحة ) بمغازلة أطراف من المعارضة خارجها للإنضمام الى العملية السياسية .. ونحن وأنتم نعلم ، أن آخر مايفكر فيه المالكي هو المصالحة الحقيقية ..
والآن ، لو أردنا أن نأخذ المشكلة من الجانب السياسي ، ونحاول أن نتخذ الخطوات الكفيلة بتحقيق نصر سياسي يداوي جروح الإنكسار العسكري ..
أليس هناك أهم وأسهل ، من حجب الثقة عن حكومة المالكي من قبل النواب الصدريين ، ومن يستطيعون التحالف معه من أحزاب أخرى ، وهم موجودون على الساحة وداخل البرلمان .. وقبل أن يضم المالكي تحت جناحه أطراف سياسية أخرى تعتبر معارضة في الوقت الحاضر ليرفع من رصيده كما يريد الأمريكان ..؟
أليست هذه الخطوة ، إن جاءت الآن ، وبتوقيت صحيح ، سوف تسقط المالكي ..؟
أليس هذا هدف مهم بالنسبة لكم ..؟ سوف يغنيكم عن أي حرب مفتوحة .. وعن أي سفك للدماء .؟
فلماذا ياترى أحجم التيار الصدري ولحد الآن عن إتخاذ هذه الخطوة ..؟ خصوصاً وأن لديه الثقة والإمكانية لكسب معركة إنتخابية قادمة ، بعد أن فشلت خطوة إنسحاب وزرائه من الحكومة في تحقيق أهدافها ..؟
ثم تبقى بعد كل ذلك أسئلة مهمة :
ماذا أعددتم للحرب المفتوحة التي تلوحون بها ، من الناحية السياسية ، والتنظيمية ، والعسكرية ..
وما هو موقفكم الشخصي والحزبي من إيران وخططها في حالة إندلاع هذه الحرب ..؟
وأخيرا .. وليس آخراً .. هل أنتم مستعدون لكي تمدوا أيديكم هذه المرة لبقية المعارضين والمقاومين لحكومة المالكي والأمريكان .. إذا كنتم تتطلعون الى نصر حاسم ..؟
هل سيكون الموقف هذه المرة مبدئياً وجدياً .. أم سيبقى تكتيكياً هشاً ..؟
كما تعلمون ، فإن الأحزاب المندسة في الجيش والشرطة ، كما عبر الناطق بإسمكم الشيخ العبيدي ، وهي فيلق بدر بالدرجة الأولى .. تستعد وربما خلال أيام ومعها ميليشيا البيشمركة .. وبإسناد أرضي وجوي أمريكي .. لضرب مدينة الموصل تحت ذريعة القاعدة كما كان ضرب البصرة تحت ذريعة العصابات الإجرامية .. فهل سيكون لتلكؤكم الفرصة الذهبية التي تريدها الحكومة في ضرب مدينة الموصل لحساب القيادات الكردية ومن يقف وراءها ، وبعد أن إنتهت من البصرة ..؟
أم سيكون موقفكم هذه المرة إستباقياً قبل حدوث مجزرة ( فلوجة ) جديدة ، وقد كان لكم من مجزرة الفلوجة الأولى موقفاً واضحاً .. مع أنه جاء متأخراً ..؟
فعامل التوقيت الزمني ـ سماحة السيد ـ مهم ، بل أهم ركن في المعادلة بأكملها ..
فالحرب خدعة .. ولكن قبل ذلك هي تخطيط ودهاء وذكاء .
lalhamdani@yahoo.com
www.alialhamdani.blogspot.com
علي الحمــداني
سأكون معك سماحة السيد صريحاً ولأقصى درجات الصراحة ، ولو تسنى لي إرسال هذا الموضوع مباشرةً اليك لفعلت .. ولكن ها أنا ذا أنشره على هذه الصحيفة المحايدة . ولتكن رسالة مفتوحة إن شئت أن تسميها كذلك .. ولكن ، ما يهمني منها أن تُقرأ بعقول وقلوب مفتوحة ، لأنني وكما قلت ستكون الصراحة عنوان هذا الموضوع ومضمونه ، ولو جاء فيه مايجرح أو يُغضِب ، فعذري في ذلك أنني لاأريد أن أختار الكلمات المنمقة فقط لكي ترضى ، وأُخفي في صدري ماالله مبديه ..
أملي أن تصلكَ كلماتي ، وأن يُوزن موقفي فيها بالحيادية كطرف ثالث ، فلا زلت أُؤمن .. أننا تجمعنا عراقيتنا التي تُذبح كل يوم !
تذكر لك الأحداث خلال سنوات الإحتلال العِجَاف .. موقفك المضاد من مجزرة الفلوجة .. وما تعرض له أهلها من ذبح على أيدي الأمريكان .. وقوات بدر .. والبيشمركه !
أليسو هؤلاء هم أعداؤك الذين تشيرون اليهم اليوم ..؟
أليس ذلك مانسمعه في كل تصريحاتك ورسائلك وخطبك ..؟
أليس هو مايقوله الناطقون بإسم التيار وقادته من أمثال الشيخ صلاح العبيدي ، والسيد بهاء الأعرجي وغيرهما ..؟
إذا كانت هذه الخطب والرسائل ، تعبّر حقيقةً عن فهم كامل للموقف السياسي المتدهور في العراق ، واستطاعت الفرز بين الأعداء والأصدقاء .. فأين ياترى يقف السيد مقتدى الصدر حالياً .. وأين يقف تياره السياسي والعسكري ..؟
أسئلة .. وأسئلة كثيرة ، يجب أن تُطرح .. ولإن ورَدَتْ في مقال يحمل أسمي .. لكنها في الحقيقة أسئلة تدور في أذهان الملايين من أبناء العراق .. ومنهم من يؤمن بقيادتك ، وينفّذ توجيهاتك .. أو يتعاطف معك .
هؤلاء جميعاً يجمعهم قاسم مشترك واحد .. هو وقوفهم ضد الإحتلال الأجنبي بأنواعه وأشكاله لبلادهم .. وضد تسلط فيلق بدر ومن يقف وراءه من إطلاعات ، وحرس ثوري ، وقوة قدس ..وحتى الأمريكان .. وضد طغيان ميليشيا البيشمركه .. وضد سياسات حكومة نوري المالكي ، الذي كان لك الفضل الأكبر في تثبيته على كرسي رئاسة الوزارة ..
ومن هنا .. فالتساؤلات قد تكون سياسية .. أو عقائدية .. أو حتى عسكرية !
نبدأ من إعلانكم ، وقبل ضرب البصرة بفترة قليلة ، أنكم ستتفرغون للدراسة الدينية شرعاً وفقهاً ، وأنكم أوكلتم قيادة التيار الى هيئة خاصة من مساعديكم المقربين .
هل كان ذلك هو الوقت الصحيح والمناسب فعلاً لقرار كهذا ..؟
وهل أن التحصيل العلمي مع أهميته ، هو قرار يمكن أن يتزامن مع الذروة في سخونة الأحداث ، والخطط المبيتة ضدكم ..؟
أما كان من الأهمية أن يكون للوطنية والعراقية والشيعية العربية ، المكانة الأولى في قمة الجدول ، وأن تأخذ كل إهتمامكم في هذه الحقبة ..؟
لاشك أنكم كنتم على علم تام ، بما بدأ يظهر في الأفق من مخططات سوداء رسمها الأمريكان .. وحكومة المالكي .. وقادة المجلس الإسلامي الأعلى .
المجلس الذي لم يخجل قائده ، ولم يعترض من يقف وراءه من أعداء " الشيطان الأكبر " ، في أن يلحق بمجرم الحرب بوش الى عمان لغرض لقائه .. ثم يلحق به الى واشنطن ليعقد معه الإجتماعات ثم يسمح لنفسه ، ومن دون إعتراض أيضاً من قبل أعداء " الشيطان الأكبر " ، أن يجلس ليتجاذب اطراف الحديث ، وليعقد الصفقات وبعد مصافحةً حارةً ، وذلك مع .. " هنري كيسنجر " .. عرّاب الصهيونية والسياسة العدوانية الأمريكية للمحافظين الجدد من صهيونيي المسيحية ، وعلى مدى عقود من الزمن ..!
أعود فأقول ، لم ندرِ ، ماذا كان وراء قراركم ذاك ، الذي إتخذتموه في لحظة من اللحظات المصيرية الحاسمة ، وفي وقت غير مناسب على الإطلاق ، أو هكذا يبدو لنا ..؟
لقد شعرنا .. كما شعرتم بالحيف والمعيار المزدوج الذي تكيل به حكومة المالكي من خلال مواقفها من :
ـ المسلمين من أهل السنة في العراق
ـ الحكومات العربية بشكل عام
ـ رؤساء العشائر العربية من الشيعة والسنة في العراق
ـ التيارات الإسلامية
ـ التيارات الوطنية
ـ المقاومة المشروعة ضد الإحتلال
ـ مجالس الصحوة التي تعاونت مع الأمريكان والحكومة لمقاتلة القاعدة !
ـ والتيار الصدري
وكان لكل من هؤلاء موقف مما يحدث ، يختلف بإختلاف عقائدهم وإستراتيجياتهم واسلوب تعاملهم مع الأحداث ..
وكان موقفكم هو التحرك السلمي .. ثم العصيان المدني .. ثم أسلوباً ثالثاً لم يعلن عنه ، إذا مافشل الأسلوبان الأوليان ..
بادر المالكي ، الذي أطلق عليه بريمر في كتابه ( دكتاتور من الشيعة ) ، الى إشعال نار الحرب في مدينة البصرة ، وبقيادة ميدانية إنتقل معها الى مقره هناك في قصور صدام الرئاسية ! ودارت المعارك بما لايشتهي ، بالرغم من دعواتكم المتكررة من إيران ، بالتهدئة !
وتدخل الطيران الحربي الأمريكي والبريطاني ، لينقذ رقبة المالكي ، وهذا الكلام ليس من عندي ، بل من القادة الأمريكان أنفسهم ..! وتم لهم ذلك .
الغريب .. أنه قبل ذلك ، وعندما قام ممثلي المالكي ، علي الأديب ، وهادي العامري ، بزيارتكم في إيران ، والإجتماع لكم ، انكم وافقتم على تسليم السلاح الثقيل ووقف العمليات العسكرية .. في وقت كانت شرارة الثورة المدنية التي دعوتم لها قد بدأت تؤتي ثمارها ميدانياً وعلى أرض المعركة ..! وبدأ جنوب العراق .. وقسم من بغداد يتململ .. وبدأت معه بعض الفصائل الأخرى تفكر في مساندتكم من مواقعها في أنحاء العراق الأخرى ..
كتبتُ يومها مقالاً على هذه الصفحة ، بعنوان (ماذا تنتظر المعارضة العراقية ضد الإحتلال وحكوماته ..؟ ) دعوت فيه الى التحرك ونصرة عرب الجنوب ، والتذكير بثورة العشرين .. وللحقيقة والواقع فقد تسلمت عدة رسائل تعلق على الموضوع ، وكان بعضها ذو أهمية خاصة لكونه صادر عن قيادات لحركات تقارع الإحتلال الأمريكي .. تماماً كما تدعون أنتم دائماً ، وبمبدئية ..
يقول لي أصحابها .. أنهم مع تفهمهم لما أقول ومع تعاطفهم مع مقتدى الصدر .. فإنهم يفضلون التريث لبعض الوقت ، لإختبار جدية القرار الصدري والبعد الذي سيذهب اليه هذه المرة ، قبل أن يقفوا بكل إمكانياتهم معكم ..
ولاأخفيكم ، أن بعض الإنتقادات لكم قد وصلتني من بعضهم ، تذكرني ، أنكم في إيران .. وأنكم قابلتم وفد المالكي بناء على طلب إيراني .. وإيران هذه تعيث في البصرة والعراق فساداً .. وأنها تقف وبقوة مع من إعتبرتموهم أعداءاً يريدون القضاء على تياركم ، وهو حقيقة ، وأولئك هم عبد العزيز الحكيم .. وحزب الدعوة برئاسة المالكي .. الدعوة الذي سرقه عملاء أميركا الذين يلبسون الرداء الشيعي من مؤسسيه ، وكوادره القدامى ، وعلى رأسهم والدكم وعمكم رحمهما الله ،.. من أمثال الجعفري والمالكي والحكيم !
لقد تحقق الهدف من إصابة تياركم بشلل جزئي ولكنه مهم .. ولا زالت الطائرات الأمريكية تقصف مدينة الصدر وسكانها المليونين لحد هذه اللحظة .. بل وبدأوا ببناء جدار عازل فيها على الطريقة الإسرائيلية ..! وعلى أيدي إحدى شركات أحمد الجلبي ..!! تاجر الحرب واللص الدولي المعروف !
قد يكون ، موضوع حقن الدماء ، هو الذي دفعكم الى إعطاء التنازلات .. وهذا يمكن فهمه من وجهة نظر دينية صرفة ، وسياسية معتدلة .. ولكن من وجهة النظر العسكرية تعبوياً وتنظيمياً ، وبعد أن جُررتم الى المعركة ، يعتبر من الأخطاء القاتلة .
وقد يكون قد إندست بين صفوف جيش المهدي عناصر غير عقائدية ، ومجموعات إجرامية ، وعصابات مختلفة .. سواء نتيجة فقدان الإنضباط في هذا التنظيم ، أو بتخطيط حكومي لغرض نسفه من الداخل ..
كلا الإحتمالين وارد .. ولكن من الخطأ أيضاً ، أن تبحثوا عن هذا الخلل وأسبابه ، بعد أن بدأ الصدام المسلح مع من إعترفتم أنهم يعملون على تحجيمكم إن لم تكن إبادتكم ، وذلك لكسب الجولة القادمة من الإنتخابات ، بالقوة أو بالتزوبر أو بكليهما ..
لقد أكد الشيخ صلاح العبيدي ، أن هناك مليشيات مندسة بين صفوف الجيش والشرطة .. وكنا نتمنى أن يكون الحديث بوضع النقاط على الحروف ، وبالقول أنها ميليشيا بدر المدعومة من إيران إستخبارياً وعسكرياً .. ومجموعات من البيشمركة .. المدعومة أمريكياً وحكومياً ..!
لقد ردّ ، علي الدباغ ( ولعلكم تعرفون جيداً من هو علي الدباغ ) ، أن الحكومة تستهدف من يحمل السلاح !! وأنها لاتقبل بجيشين أو جيوش تابعة لكتل سياسية !! ( ويبدو أنه هنا قد نسي أو تناسى أن هناك جيش من البيشمركة تدفع مصاريفه ورواتب منتسبيه من خزينة الدولة ..) .. وختم تصريحه بأنه لامفاوضات مع مقتدى الصدر ! في حين كان الشيخ العبيدي ، يتكلم عن إمكانية المفاوضات والسلام والتحالف المستقبلي .. فكيف تريدون أن يقف الشعب العراقي من كل ذلك ..؟؟
ثم أطلق هوشيار زيباري .. تصريحه من الكويت .. ( أننا لن نسمح للصدر بشن حرب مفتوحة )
ماذا تراه يقصد ، الحكومة ، أم البيشمركة .. أم الأمريكان أم جميعهم ..؟
لقد بدأت الحكومة بعد تصريحكم بخصوص ( الحرب المفتوحة ) بمغازلة أطراف من المعارضة خارجها للإنضمام الى العملية السياسية .. ونحن وأنتم نعلم ، أن آخر مايفكر فيه المالكي هو المصالحة الحقيقية ..
والآن ، لو أردنا أن نأخذ المشكلة من الجانب السياسي ، ونحاول أن نتخذ الخطوات الكفيلة بتحقيق نصر سياسي يداوي جروح الإنكسار العسكري ..
أليس هناك أهم وأسهل ، من حجب الثقة عن حكومة المالكي من قبل النواب الصدريين ، ومن يستطيعون التحالف معه من أحزاب أخرى ، وهم موجودون على الساحة وداخل البرلمان .. وقبل أن يضم المالكي تحت جناحه أطراف سياسية أخرى تعتبر معارضة في الوقت الحاضر ليرفع من رصيده كما يريد الأمريكان ..؟
أليست هذه الخطوة ، إن جاءت الآن ، وبتوقيت صحيح ، سوف تسقط المالكي ..؟
أليس هذا هدف مهم بالنسبة لكم ..؟ سوف يغنيكم عن أي حرب مفتوحة .. وعن أي سفك للدماء .؟
فلماذا ياترى أحجم التيار الصدري ولحد الآن عن إتخاذ هذه الخطوة ..؟ خصوصاً وأن لديه الثقة والإمكانية لكسب معركة إنتخابية قادمة ، بعد أن فشلت خطوة إنسحاب وزرائه من الحكومة في تحقيق أهدافها ..؟
ثم تبقى بعد كل ذلك أسئلة مهمة :
ماذا أعددتم للحرب المفتوحة التي تلوحون بها ، من الناحية السياسية ، والتنظيمية ، والعسكرية ..
وما هو موقفكم الشخصي والحزبي من إيران وخططها في حالة إندلاع هذه الحرب ..؟
وأخيرا .. وليس آخراً .. هل أنتم مستعدون لكي تمدوا أيديكم هذه المرة لبقية المعارضين والمقاومين لحكومة المالكي والأمريكان .. إذا كنتم تتطلعون الى نصر حاسم ..؟
هل سيكون الموقف هذه المرة مبدئياً وجدياً .. أم سيبقى تكتيكياً هشاً ..؟
كما تعلمون ، فإن الأحزاب المندسة في الجيش والشرطة ، كما عبر الناطق بإسمكم الشيخ العبيدي ، وهي فيلق بدر بالدرجة الأولى .. تستعد وربما خلال أيام ومعها ميليشيا البيشمركة .. وبإسناد أرضي وجوي أمريكي .. لضرب مدينة الموصل تحت ذريعة القاعدة كما كان ضرب البصرة تحت ذريعة العصابات الإجرامية .. فهل سيكون لتلكؤكم الفرصة الذهبية التي تريدها الحكومة في ضرب مدينة الموصل لحساب القيادات الكردية ومن يقف وراءها ، وبعد أن إنتهت من البصرة ..؟
أم سيكون موقفكم هذه المرة إستباقياً قبل حدوث مجزرة ( فلوجة ) جديدة ، وقد كان لكم من مجزرة الفلوجة الأولى موقفاً واضحاً .. مع أنه جاء متأخراً ..؟
فعامل التوقيت الزمني ـ سماحة السيد ـ مهم ، بل أهم ركن في المعادلة بأكملها ..
فالحرب خدعة .. ولكن قبل ذلك هي تخطيط ودهاء وذكاء .
lalhamdani@yahoo.com
www.alialhamdani.blogspot.com
No comments:
Post a Comment