حزب الله .. وشركاه .. والحلم الفارسي ! هل حان الوقت لإعادة قراءة الأحداث والمعطيات ..؟
علي الحمــداني
كانت الإشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على أوجها .. وقد حبسَ الجميع انفاسهم لما يمكن أن يحدث .. فكل شيئ كان محتملاً .. وكل التوقعات يمكن أن يكون فيها نصيب من الصحة !
وصلتني ذات ليلة رسالة على تلفوني الجوال من أحد الأصدقاء ، وهو من أهل السنّة ـ وأجدني مضطراً لذكر ذلك ـ يقول لي فيها " أذاع السيد حسن نصر الله رسالة يطلب فيها من الجميع قراءة سورة الفتح هذه الليلة .." وذيّل الصديق رسالته " أرجوك أن تفعل ذلك إذا إستطعت .."
شعرت حينها بشعور غير عادي ، هو عبارة عن مزيج من الفخر والتعاطف مع مقاتلين يقاتلون جيشاً غازياً لبلدهم .. وأنا العراقي الذي أُبتلي بغزاة لوطنه .. والغريب في الأمر ، أن هذا الصديق ، قد تعرض وتعرضت مصالحه لكثير من الظلم على يد فصائل شيعية في ظل حكومات الإحتلال !!
ومع مضي الساعات والأيام وتوالي الأحداث الساخنة في جنوب لبنان ، مع ماقابلها من سكوت مطبق من سوريا حليفة حزب الله ، وإيران راعية هذا الحزب ، وكذلك المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة ، وهم من يفترض أنهم في نفس المركب الذي تحمله أمواج نفس الأحداث .. وهي الإحتلال والغزو وسلب حقوق الآخرين .. طرأت على خاطري أفكار وتحليلات ، حاولت فيها أن أعقد المقارنة بين مايجري في العراق المحتل ، والجنوب اللبناني المحتل ..! وبقيت تلك الأفكار مدونة على قصاصات منذ ذلك الوقت .. وأعتقد أنه قد حان موعد نشرها ومناقشتها .
في لبنان هناك مقاومة مسلحة ضد الإحتلال الإسرائيلي ، يقودها حزب شيعي ، تؤيده وتدعمه وتموله وتدرب كوادره ، إيران . وكل ذلك يمكن أن يؤخذ على أنه شيئ طبيعي وتحصيل حاصل كما يقال . ولكن ..
في العراق أيضاً مقاومة مسلحة ضد الإحتلال الأمريكي تقودها فصائل سنية ، بعضها إسلامي المنحى .. وكذلك مجموعات شيعية تعلن أنها ضد الإحتلال .. ولكننا نجد أن هذه المقاومات تواجه حرباً مباشرة من قبل إيران .. أو بواسطة ذراعها العراقي ، وأعني به أجهزة الحكومة العراقية ، وميليشياتها المسلحة .!! يعني بكلمة أخرى .. وبإستنتاج منطقي ، هي إضعاف المقاومة العراقية ومن أي شكل كانت لحساب المحتل الأجنبي !! وإذا ماعرفنا ، وهو من البديهيات ، أن أميركا وإسرائيل واحد .. وأن أميركا هي " الشيطان الأكبر " .. يبرز أمامنا لغز محير حتماً لما يجري .. لاأجد مخرجاً لحله إلا النَفَس والهدف الطائفي ..!
في لبنان ، يقيم حزب الله وزعيمه علاقات متميزة مع كل من إيران وحلفائها في العراق .. ومع جيش المهدي وزعيمه مقتدى الصدر ، وتجمع بينهما علاقة خاصة .. في وقت أصبح الصدر ، وبين فترة وأخرى ، وكما يبدو ومن ظاهر الأحداث ، أحد مناوئي حكومة العراق ، المدعمة من إيران ! في وقت يدرب حزب الله عناصر من جيش المهدي ، وتدرب إيران عسكرياً وإستخباراتياً عناصر من حزب الله . ولكن ..
في العراق ، يتم ضرب جيش المهدي بواسطة حلفاء إيران وعناصرها في الحكومة العراقية .. في نفس الوقت الذي كان فيه مقتدى الصدر على الأرض الإيرانية ! بل وتم تحالف الحكومة العراقية والقوات الأمريكية يداً بيد لضرب جماعة الصدر ، تحت ذريعة محاربة العصابات والخارجين على القانون ، بل ووافق الصدر ، ومن إيران مع وفد المالكي على تسليم الأبنية التي كانت تحت سيطرة جيش المهدي في البصرة .. وبدأت عمليات ذبح أنصاره ولا زالت .. ولايزال يدعو الى التهدئة وحقن الدماء ، مرة من إيران ، ومرة أخرى من النجف ..!! فلماذا وكيف ولمصلحة من ، تمت وتتم تصفيات شيعة الصدر .. وهو يعقد تحالفاته مع من يقوم بتصفيتهم .. ؟!
سوريا ، تقوم بإيواء عناصر من قادة النظام السابق كما تقول حكومة بغداد الشيعية المنهج ، وكما يقول الأمريكان .. ولكن .. عن طريق سوريا حليفة إيران والتي يفترض كنتيجة لذلك ، أن تكون حليفة لنظام بغداد أيضاً .. يتدفق المقاتلين الذين يفترض أنهم من تنظيمات إسلامية متطرفة ومن ( الصداميين والتكفيريين ) ! لمقاتلة حكومة العراق التي هي عميلة ( للشيطان الأكبر ) ولكنها حليفة إيران في نفس الوقت .. والأخيرة حليفة لسوريا .. وسوريا حليفة لحزب الله .!
يعني هناك مايشبه التحالف الشيعي الصبغة بين إيران وحكومة بغداد وسوريا وحزب الله .. وهو أشبه مايمثل جغرافياً وسياسياً الحلم الفارسي القديم والجديد : " الهلال الشيعي " ، وهو ماسنتناوله لاحقاً . ولكن ..
والحال هكذا .. فكيف يسمح أحد أطراف التحالف ، وهو سوريا ، بفتح جبهة مقاتلة من ( السنة والصداميين ) ضد حكومة بغداد ، وهي أحد أهم أطراف التحالف الشيعي حالياً .. ؟؟
ولو فرضنا جدلاً ، أن الهدف من قبل كافة هذه الأطراف الأربعة ، هو مقاتلة المحتل الأجنبي .. سواء كان أمريكياً أو بريطانياً أو إسرائيلياً أو من أية جنسية أخرى .. فلماذا إذن يتم في نفس الوقت ملاحقة وقتل المقاومين لهؤلاء من غير الشيعة .. أليس المنطق يقول ، أن ثمة تحالف والحالة هذه يجب أن يقوم بين هذه الأطراف المقاومة للإحتلال ، وأن يتم إستقطاب وإحتضان للمقاومة المسلحة في العراق ، إذا كان فعلاً مقاومة الإحتلال ـ كما يدعي هذا التحالف الغير معلن ـ هو الهدف ..؟ وإذا كانت فعلاً الوطنية وحرية الأوطان وطرد المحتل هي التي من أجلها تدعي إيران وجماعة الصدر وأطراف أخرى متحالفة مع حكومة الإحتلال في بغداد أنها هدفها وغايتها ومنهاجها .. ؟
وقبل أن ننتقل الى الحاضر ، وما يحدث في المنطقة خصوصاً العراق ولبنان وما بينهما !! والى الهالة التي صنعتها إيران لحسن نصر الله وثوريته ومقارعته لإسرائيل وكذلك عروبية بعض قادة أحزاب الشيعة كمقتدى الصدر ورفضهم للإحتلال وحكومته ، وعدم ولائهم لإيران كحكومة بغداد .. كل ذلك ومن خلال إعلام مبرمج وموجه وذكي ..!
لابد لنا من مرور سريع على الحلم الفارسي في الإستحواذ على المنطقة العربية ..
إنه ليس فقط حلم محمد رضا بهلوي .. وليس فقط حلم من سبقه من القاجار والصفويين .. بل حلم الزمن المجوسي الزرادشتي .. أيام كسرى ورستم .. وهو أيضاً ـ وهذه هي الحقيقة المرّة ـ لايزال حلم الجمهورية ( الإسلامية ) .. ولكن هذه المرة تحت راية التشيع ، وبإسم الإسلام وبإسم ( محبي و شيعة ) آل البيت ...!!! وكأن ماعداهم من المسلمين هم من ( أعداء ) آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
إنه تسييس التشيع أي إستخدامه لتحقيق مآرب سياسية وعرقية .. ولا شيئ غير ذلك ..
إنه خدمة الفارسية برداء العلوية العربية الإسلامية ..!!
لقد أجبر الجيش العربي الإسلامي الفرس ، ولأكثر من مرة على تجرع ( كأس السم ) !!
كانت بلاد الشام ، وهي حسب الخريطة الجغرافية الحالية ( سوريا ، لبنان ، فلسطين / إسرائيل ، والأردن ..) قبل الإسلام وعند ظهوره ، تحت حكم الأمبراطورية الرمانية ، شأنها شأن كثير من مناطق البحر المتوسط وأوروبا .. وتخضع في حكمها لقيصر روما ، وحتى قبل ظهور المسيحية .
والى جانبها ، كانت هناك أمبراطورية الفرس المجوسية ، وتحتل بدورها ماحولها من مناطق ، ومنها العراق .. وتخضع كلها في حكمها الى كسرى الفرس . وقد سجّل لنا التاريخ الكثير من المعارك والحروب بين هاتين الإمبراطوريتين ، قبل وبعد المسيحية والإسلام ، لغرض فرض الهيمنة أو مايسمى بالإمبريالية والإحتلال العسكري والسياسي بمفهومه الحديث ..
كانت تلك هي الإستراتيجية السائدة في ذلك الوقت .. ولكن بعد دخول الإسلام الى المنطقة إنحسرت وتلاشت .. وظهرت محلها القيم الدينية ، والتي كان من أهم ماحملته هو : ( إن أكْرَمَكُم عند اللهِ أتْقَاكُم ) و ( كُلُكُم لآدمَ وآدمَ من تُراب ، لافضلَ لعربيٍّ على أعجمي إلا بالتقوى ) ..
ولكن .. هل كان ذلك يكفي ليطفأ نار الغلو الفارسي الشوفيني عند الإيرانيين ، حتى وهم قد أصبحوا تحت راية الإسلام ..؟
الجواب .. قطعاً .. كلا ، وأحداث التاريخ تثبت ذلك بالأدلة والأحداث .. ( راجع ، علي الحمداني " التاريخ أسير أقلام من يكتبه ، تزييف الحقائق وتصديق التضليل " ـ موقع كتابات ـ ) .
بإختصار تم تشويه الحقائق التاريخية المتعلقة بالتاريخ الإسلامي وشخوصه وبإسم الإسلام نفسه .. وتم تثقيف العامة والبسطاء من الناس من قبل رجال دين وسياسة على هذه المفاهيم الخاطئة على أنها حقائق .. ونذكر أنه عندما قال السيد محمد حسين فضل الله ، وكان المرجع الأعلى وقتها في النجف ، بأنه لاسند تاريخي يثبت رواية
( ضرب ) الخليفة عمر بن الخطاب للسيدة فاطمة .. تم طرد السيد فضل الله من المرجعية بل من العراق وشيّع بعبارات وأهازيج بذيئة ، نسي معها أولئك أنه ( إبن رسول الله ) .. ومرجع شيعي .. لقد كان ذنب الرجل أنه عربياً وليس فارسياً !! ومن يومها يتوالى على شغل مقعد المرجعية العليا فارسي ، وحتى يومنا هذا بقيت المرجعيات العربية في الظل !!
لقد أصبحت إيران وبرغم كل الظواهر التي لاتتفق مع ماأقول ، أصبحت طرف مهم في معادلة التآمر على الدول العربية ، مع كل من إمبرياليي الغرب وإسرائيل ..
وأصبح في العراق جناحان للشيعة ، أحدهما إيراني على المكشوف !! والآخر عروبي معارض للجناح الأول .. ولكن الغريب في الأمر أن كلاهما يرتمي في الحضن الإيراني علناً ويرضع من الثدي الفارسي ..!!
وأصبح في لبنان .. بطل قومي عروبي وإسلامي ثوري .. يطلق الصواريخ على إسرائيل ويحاربها ، ويطردها من جنوب لبنان ماعدا ( مزارع شبعا ) .. وهي أهم جزء تريد أن تحتفظ به إسرائيل من كل الجنوب اللبناني ..
لقد سبق وأطلق صدام حسين تسعة وثلاثون صاروخاً على تل أبيب .. ولم تبارك ذلك لا إيران ولا سوريا ولا شيعة حزب الله أو حركة أمل .. هل بسبب أنها صواريخ عربية ياترى ..؟ أم هل لأنها صواريخ أعداء آل البيت مثلاً ..!؟
في العراق .. رفض مقتدى الصدر سحب نوابه من مجلس النواب ، والذي كان سيؤدي الى سحب الثقة من حكومة المالكي ( الشيعية الإيرانية ) ، ويتركها حكومة أقلية .. وهذا هو حل سياسي .. كما رفض مد الجسور بينه وبين المقاومة العراقية ( السنية ) ! لغرض تحقيق الضغط على الأمريكان المحتلين الذين يطالبهم بالإنسحاب من العراق ..! وكذلك دخل مواجهة عسكرية مع قوات الإئتلاف الحكومي ( بدر وغيرها ) .. وهو في إيران !! وسرعان ماخمد ( العصيان المدني والمواجهة والحل الثالث الذي توعد به !! ) .. وكذلك ـ وياللعجب ـ تم توقيت توقيع إتفاقية ( الصلح ) و ( وقف إطلاق النار ) بين قوات الحكومة المؤلفة من عناصر ميليشيا بدر في الداخلية والدفاع .. مع ساعة الصفر في بدء هجوم هذه القوات على مدينة الموصل !!
في لبنان .. حدث العكس بين حليف إيران الآخر .. والمتقارب مع الصدر .. حسن نصر الله .. فقد تحالف حزب الله مع الحزب القومي السوري ( وهو الحزب السني ، القومي ، العلماني !! ) لغرض إسقاط الحكومة اللبنانية .. وبدأ الإثنان أعمال العنف والحرق والتدمير وإحتلال الشوارع .. في بيروت وفي طرابلس وفي جبل لبنان !!
هل السبب ياترى ، أن ( سنة ) العراق هم جماعة صدام حسين .. و ( سنة ) لبنان هم من جماعة سوريا ..؟؟
الحقيقة أنها لاهذه ولا تلك ، فالمرض ( العربي ) يعشعش في العقل الإيراني منذ القدم ، واليوم لكي يتم تمريره أُطلق عليه مسمى ( أعداء آل البيت ) ..!
إنها لعبة السياسة الفارسية في السيطرة على المنطقة العربية .. وقد بدأت في العراق بمساعدة أمريكية إسرائيلية .. ومن يقل غير ذلك فليأتِ ببراهنه !!
سوريا تخضع وتدار إقتصادياً الآن من قبل إيران الفارسية ..!
حسن نصر الله ، ونبيه بري .. في لبنان ، يعملان بإتجاه فرض هذه السياسة الفارسية وهيمنتها .. تحت مسميات المقاومة والعروبية ..!!
أما الخليج فالتغلغل السكاني الفارسي فيه ، فحدث ولا حرج ..!!
إيران ( الإسلامية ) ترفض إعادة جزر الإمارات الى أصحابها ، وهي الجزر التي كان قد إحتلها شاه إيران ..( الكافر ، العلماني .. حليف الشيطان الأكبر وإسرائيل ) وتقف نفس موقفه الآن .. لابل وتأمر حكومة العراق البائسة ( المستقلة ) ، من سحب تأييدها بإعتبار أن جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى ، هي جزر عربية !! وحكومة بغداد ساكتة ..
ياللوقاحة في الطلب .. وياللمهزلة في السكوت ..!!
ماذا يمكن أن نقرأ من كل ذلك ..؟
إنها نفس القراءة القديمة .. بثوب جديد ..
إنها قراءة كسرى قبل الفتح العربي الإسلامي ..
وهي قراءة إبن العلقمي والطوسي ..
وهي قراءة الصفويين وقبلهم المؤمرات في زمن الدولة العباسية بحيث أصبح جعفر البرمكي ( الفارسي ) الذي سمم الإمام موسى الكاظم ، بطلاً .. وهارون الرشيد الذي قتل البرمكي هو المجرم ..! تماماً كما تم تشويه التاريخ وأصبح لأبي لؤلؤة المجوسي مقاماً ( إمامياً ) يزار قرب طهران ...!!!
هي قراءة آل بهلوي وشوفينيتهم الفارسية ..
وهي نفسها أيضاً قراءة خميني .. وخامنئي .. ومن سيأتي بعد ذلك ..
محمود أحمدي نجّاد يقول : ( يد المهدي تحرك إيران !! ) .. وخامنئي يقول : ( ماذا إذن كان يقصد الخميني من تصدير الثورة ..؟ )
إنه الهدف القديم / الجديد ، الهلال الفارسي على أرض العرب ..
أليس الغريب إذن بعد ذلك .. أن لايتحالف الشيطان الأكبر أميركا .. وشقيقه الأصغر إسرائيل .. مع هذا الهدف مباشرة أو بالواسطة لغرض إسكات الصوت العربي الإسلامي ..؟
أليس هو الصوت الذي كان الكابوس الثقيل خلال العقود الستة الماضية ..؟ وما يمكن أن يكون عليه في المستقبل ..؟
وهل هناك من يتساءل بعد كل ذلك .. لماذا العراق ..؟
ولماذا هذا الغزل على إستحياء بين الشيطان الأكبر وحلفائه .. وبين ولاية الفقيه ..؟؟
lalhamdani@yahoo.com
مقالات أخرى للكاتب على موقع :
www.alialhamdani.blogspot.com
علي الحمــداني
كانت الإشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على أوجها .. وقد حبسَ الجميع انفاسهم لما يمكن أن يحدث .. فكل شيئ كان محتملاً .. وكل التوقعات يمكن أن يكون فيها نصيب من الصحة !
وصلتني ذات ليلة رسالة على تلفوني الجوال من أحد الأصدقاء ، وهو من أهل السنّة ـ وأجدني مضطراً لذكر ذلك ـ يقول لي فيها " أذاع السيد حسن نصر الله رسالة يطلب فيها من الجميع قراءة سورة الفتح هذه الليلة .." وذيّل الصديق رسالته " أرجوك أن تفعل ذلك إذا إستطعت .."
شعرت حينها بشعور غير عادي ، هو عبارة عن مزيج من الفخر والتعاطف مع مقاتلين يقاتلون جيشاً غازياً لبلدهم .. وأنا العراقي الذي أُبتلي بغزاة لوطنه .. والغريب في الأمر ، أن هذا الصديق ، قد تعرض وتعرضت مصالحه لكثير من الظلم على يد فصائل شيعية في ظل حكومات الإحتلال !!
ومع مضي الساعات والأيام وتوالي الأحداث الساخنة في جنوب لبنان ، مع ماقابلها من سكوت مطبق من سوريا حليفة حزب الله ، وإيران راعية هذا الحزب ، وكذلك المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة ، وهم من يفترض أنهم في نفس المركب الذي تحمله أمواج نفس الأحداث .. وهي الإحتلال والغزو وسلب حقوق الآخرين .. طرأت على خاطري أفكار وتحليلات ، حاولت فيها أن أعقد المقارنة بين مايجري في العراق المحتل ، والجنوب اللبناني المحتل ..! وبقيت تلك الأفكار مدونة على قصاصات منذ ذلك الوقت .. وأعتقد أنه قد حان موعد نشرها ومناقشتها .
في لبنان هناك مقاومة مسلحة ضد الإحتلال الإسرائيلي ، يقودها حزب شيعي ، تؤيده وتدعمه وتموله وتدرب كوادره ، إيران . وكل ذلك يمكن أن يؤخذ على أنه شيئ طبيعي وتحصيل حاصل كما يقال . ولكن ..
في العراق أيضاً مقاومة مسلحة ضد الإحتلال الأمريكي تقودها فصائل سنية ، بعضها إسلامي المنحى .. وكذلك مجموعات شيعية تعلن أنها ضد الإحتلال .. ولكننا نجد أن هذه المقاومات تواجه حرباً مباشرة من قبل إيران .. أو بواسطة ذراعها العراقي ، وأعني به أجهزة الحكومة العراقية ، وميليشياتها المسلحة .!! يعني بكلمة أخرى .. وبإستنتاج منطقي ، هي إضعاف المقاومة العراقية ومن أي شكل كانت لحساب المحتل الأجنبي !! وإذا ماعرفنا ، وهو من البديهيات ، أن أميركا وإسرائيل واحد .. وأن أميركا هي " الشيطان الأكبر " .. يبرز أمامنا لغز محير حتماً لما يجري .. لاأجد مخرجاً لحله إلا النَفَس والهدف الطائفي ..!
في لبنان ، يقيم حزب الله وزعيمه علاقات متميزة مع كل من إيران وحلفائها في العراق .. ومع جيش المهدي وزعيمه مقتدى الصدر ، وتجمع بينهما علاقة خاصة .. في وقت أصبح الصدر ، وبين فترة وأخرى ، وكما يبدو ومن ظاهر الأحداث ، أحد مناوئي حكومة العراق ، المدعمة من إيران ! في وقت يدرب حزب الله عناصر من جيش المهدي ، وتدرب إيران عسكرياً وإستخباراتياً عناصر من حزب الله . ولكن ..
في العراق ، يتم ضرب جيش المهدي بواسطة حلفاء إيران وعناصرها في الحكومة العراقية .. في نفس الوقت الذي كان فيه مقتدى الصدر على الأرض الإيرانية ! بل وتم تحالف الحكومة العراقية والقوات الأمريكية يداً بيد لضرب جماعة الصدر ، تحت ذريعة محاربة العصابات والخارجين على القانون ، بل ووافق الصدر ، ومن إيران مع وفد المالكي على تسليم الأبنية التي كانت تحت سيطرة جيش المهدي في البصرة .. وبدأت عمليات ذبح أنصاره ولا زالت .. ولايزال يدعو الى التهدئة وحقن الدماء ، مرة من إيران ، ومرة أخرى من النجف ..!! فلماذا وكيف ولمصلحة من ، تمت وتتم تصفيات شيعة الصدر .. وهو يعقد تحالفاته مع من يقوم بتصفيتهم .. ؟!
سوريا ، تقوم بإيواء عناصر من قادة النظام السابق كما تقول حكومة بغداد الشيعية المنهج ، وكما يقول الأمريكان .. ولكن .. عن طريق سوريا حليفة إيران والتي يفترض كنتيجة لذلك ، أن تكون حليفة لنظام بغداد أيضاً .. يتدفق المقاتلين الذين يفترض أنهم من تنظيمات إسلامية متطرفة ومن ( الصداميين والتكفيريين ) ! لمقاتلة حكومة العراق التي هي عميلة ( للشيطان الأكبر ) ولكنها حليفة إيران في نفس الوقت .. والأخيرة حليفة لسوريا .. وسوريا حليفة لحزب الله .!
يعني هناك مايشبه التحالف الشيعي الصبغة بين إيران وحكومة بغداد وسوريا وحزب الله .. وهو أشبه مايمثل جغرافياً وسياسياً الحلم الفارسي القديم والجديد : " الهلال الشيعي " ، وهو ماسنتناوله لاحقاً . ولكن ..
والحال هكذا .. فكيف يسمح أحد أطراف التحالف ، وهو سوريا ، بفتح جبهة مقاتلة من ( السنة والصداميين ) ضد حكومة بغداد ، وهي أحد أهم أطراف التحالف الشيعي حالياً .. ؟؟
ولو فرضنا جدلاً ، أن الهدف من قبل كافة هذه الأطراف الأربعة ، هو مقاتلة المحتل الأجنبي .. سواء كان أمريكياً أو بريطانياً أو إسرائيلياً أو من أية جنسية أخرى .. فلماذا إذن يتم في نفس الوقت ملاحقة وقتل المقاومين لهؤلاء من غير الشيعة .. أليس المنطق يقول ، أن ثمة تحالف والحالة هذه يجب أن يقوم بين هذه الأطراف المقاومة للإحتلال ، وأن يتم إستقطاب وإحتضان للمقاومة المسلحة في العراق ، إذا كان فعلاً مقاومة الإحتلال ـ كما يدعي هذا التحالف الغير معلن ـ هو الهدف ..؟ وإذا كانت فعلاً الوطنية وحرية الأوطان وطرد المحتل هي التي من أجلها تدعي إيران وجماعة الصدر وأطراف أخرى متحالفة مع حكومة الإحتلال في بغداد أنها هدفها وغايتها ومنهاجها .. ؟
وقبل أن ننتقل الى الحاضر ، وما يحدث في المنطقة خصوصاً العراق ولبنان وما بينهما !! والى الهالة التي صنعتها إيران لحسن نصر الله وثوريته ومقارعته لإسرائيل وكذلك عروبية بعض قادة أحزاب الشيعة كمقتدى الصدر ورفضهم للإحتلال وحكومته ، وعدم ولائهم لإيران كحكومة بغداد .. كل ذلك ومن خلال إعلام مبرمج وموجه وذكي ..!
لابد لنا من مرور سريع على الحلم الفارسي في الإستحواذ على المنطقة العربية ..
إنه ليس فقط حلم محمد رضا بهلوي .. وليس فقط حلم من سبقه من القاجار والصفويين .. بل حلم الزمن المجوسي الزرادشتي .. أيام كسرى ورستم .. وهو أيضاً ـ وهذه هي الحقيقة المرّة ـ لايزال حلم الجمهورية ( الإسلامية ) .. ولكن هذه المرة تحت راية التشيع ، وبإسم الإسلام وبإسم ( محبي و شيعة ) آل البيت ...!!! وكأن ماعداهم من المسلمين هم من ( أعداء ) آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
إنه تسييس التشيع أي إستخدامه لتحقيق مآرب سياسية وعرقية .. ولا شيئ غير ذلك ..
إنه خدمة الفارسية برداء العلوية العربية الإسلامية ..!!
لقد أجبر الجيش العربي الإسلامي الفرس ، ولأكثر من مرة على تجرع ( كأس السم ) !!
كانت بلاد الشام ، وهي حسب الخريطة الجغرافية الحالية ( سوريا ، لبنان ، فلسطين / إسرائيل ، والأردن ..) قبل الإسلام وعند ظهوره ، تحت حكم الأمبراطورية الرمانية ، شأنها شأن كثير من مناطق البحر المتوسط وأوروبا .. وتخضع في حكمها لقيصر روما ، وحتى قبل ظهور المسيحية .
والى جانبها ، كانت هناك أمبراطورية الفرس المجوسية ، وتحتل بدورها ماحولها من مناطق ، ومنها العراق .. وتخضع كلها في حكمها الى كسرى الفرس . وقد سجّل لنا التاريخ الكثير من المعارك والحروب بين هاتين الإمبراطوريتين ، قبل وبعد المسيحية والإسلام ، لغرض فرض الهيمنة أو مايسمى بالإمبريالية والإحتلال العسكري والسياسي بمفهومه الحديث ..
كانت تلك هي الإستراتيجية السائدة في ذلك الوقت .. ولكن بعد دخول الإسلام الى المنطقة إنحسرت وتلاشت .. وظهرت محلها القيم الدينية ، والتي كان من أهم ماحملته هو : ( إن أكْرَمَكُم عند اللهِ أتْقَاكُم ) و ( كُلُكُم لآدمَ وآدمَ من تُراب ، لافضلَ لعربيٍّ على أعجمي إلا بالتقوى ) ..
ولكن .. هل كان ذلك يكفي ليطفأ نار الغلو الفارسي الشوفيني عند الإيرانيين ، حتى وهم قد أصبحوا تحت راية الإسلام ..؟
الجواب .. قطعاً .. كلا ، وأحداث التاريخ تثبت ذلك بالأدلة والأحداث .. ( راجع ، علي الحمداني " التاريخ أسير أقلام من يكتبه ، تزييف الحقائق وتصديق التضليل " ـ موقع كتابات ـ ) .
بإختصار تم تشويه الحقائق التاريخية المتعلقة بالتاريخ الإسلامي وشخوصه وبإسم الإسلام نفسه .. وتم تثقيف العامة والبسطاء من الناس من قبل رجال دين وسياسة على هذه المفاهيم الخاطئة على أنها حقائق .. ونذكر أنه عندما قال السيد محمد حسين فضل الله ، وكان المرجع الأعلى وقتها في النجف ، بأنه لاسند تاريخي يثبت رواية
( ضرب ) الخليفة عمر بن الخطاب للسيدة فاطمة .. تم طرد السيد فضل الله من المرجعية بل من العراق وشيّع بعبارات وأهازيج بذيئة ، نسي معها أولئك أنه ( إبن رسول الله ) .. ومرجع شيعي .. لقد كان ذنب الرجل أنه عربياً وليس فارسياً !! ومن يومها يتوالى على شغل مقعد المرجعية العليا فارسي ، وحتى يومنا هذا بقيت المرجعيات العربية في الظل !!
لقد أصبحت إيران وبرغم كل الظواهر التي لاتتفق مع ماأقول ، أصبحت طرف مهم في معادلة التآمر على الدول العربية ، مع كل من إمبرياليي الغرب وإسرائيل ..
وأصبح في العراق جناحان للشيعة ، أحدهما إيراني على المكشوف !! والآخر عروبي معارض للجناح الأول .. ولكن الغريب في الأمر أن كلاهما يرتمي في الحضن الإيراني علناً ويرضع من الثدي الفارسي ..!!
وأصبح في لبنان .. بطل قومي عروبي وإسلامي ثوري .. يطلق الصواريخ على إسرائيل ويحاربها ، ويطردها من جنوب لبنان ماعدا ( مزارع شبعا ) .. وهي أهم جزء تريد أن تحتفظ به إسرائيل من كل الجنوب اللبناني ..
لقد سبق وأطلق صدام حسين تسعة وثلاثون صاروخاً على تل أبيب .. ولم تبارك ذلك لا إيران ولا سوريا ولا شيعة حزب الله أو حركة أمل .. هل بسبب أنها صواريخ عربية ياترى ..؟ أم هل لأنها صواريخ أعداء آل البيت مثلاً ..!؟
في العراق .. رفض مقتدى الصدر سحب نوابه من مجلس النواب ، والذي كان سيؤدي الى سحب الثقة من حكومة المالكي ( الشيعية الإيرانية ) ، ويتركها حكومة أقلية .. وهذا هو حل سياسي .. كما رفض مد الجسور بينه وبين المقاومة العراقية ( السنية ) ! لغرض تحقيق الضغط على الأمريكان المحتلين الذين يطالبهم بالإنسحاب من العراق ..! وكذلك دخل مواجهة عسكرية مع قوات الإئتلاف الحكومي ( بدر وغيرها ) .. وهو في إيران !! وسرعان ماخمد ( العصيان المدني والمواجهة والحل الثالث الذي توعد به !! ) .. وكذلك ـ وياللعجب ـ تم توقيت توقيع إتفاقية ( الصلح ) و ( وقف إطلاق النار ) بين قوات الحكومة المؤلفة من عناصر ميليشيا بدر في الداخلية والدفاع .. مع ساعة الصفر في بدء هجوم هذه القوات على مدينة الموصل !!
في لبنان .. حدث العكس بين حليف إيران الآخر .. والمتقارب مع الصدر .. حسن نصر الله .. فقد تحالف حزب الله مع الحزب القومي السوري ( وهو الحزب السني ، القومي ، العلماني !! ) لغرض إسقاط الحكومة اللبنانية .. وبدأ الإثنان أعمال العنف والحرق والتدمير وإحتلال الشوارع .. في بيروت وفي طرابلس وفي جبل لبنان !!
هل السبب ياترى ، أن ( سنة ) العراق هم جماعة صدام حسين .. و ( سنة ) لبنان هم من جماعة سوريا ..؟؟
الحقيقة أنها لاهذه ولا تلك ، فالمرض ( العربي ) يعشعش في العقل الإيراني منذ القدم ، واليوم لكي يتم تمريره أُطلق عليه مسمى ( أعداء آل البيت ) ..!
إنها لعبة السياسة الفارسية في السيطرة على المنطقة العربية .. وقد بدأت في العراق بمساعدة أمريكية إسرائيلية .. ومن يقل غير ذلك فليأتِ ببراهنه !!
سوريا تخضع وتدار إقتصادياً الآن من قبل إيران الفارسية ..!
حسن نصر الله ، ونبيه بري .. في لبنان ، يعملان بإتجاه فرض هذه السياسة الفارسية وهيمنتها .. تحت مسميات المقاومة والعروبية ..!!
أما الخليج فالتغلغل السكاني الفارسي فيه ، فحدث ولا حرج ..!!
إيران ( الإسلامية ) ترفض إعادة جزر الإمارات الى أصحابها ، وهي الجزر التي كان قد إحتلها شاه إيران ..( الكافر ، العلماني .. حليف الشيطان الأكبر وإسرائيل ) وتقف نفس موقفه الآن .. لابل وتأمر حكومة العراق البائسة ( المستقلة ) ، من سحب تأييدها بإعتبار أن جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى ، هي جزر عربية !! وحكومة بغداد ساكتة ..
ياللوقاحة في الطلب .. وياللمهزلة في السكوت ..!!
ماذا يمكن أن نقرأ من كل ذلك ..؟
إنها نفس القراءة القديمة .. بثوب جديد ..
إنها قراءة كسرى قبل الفتح العربي الإسلامي ..
وهي قراءة إبن العلقمي والطوسي ..
وهي قراءة الصفويين وقبلهم المؤمرات في زمن الدولة العباسية بحيث أصبح جعفر البرمكي ( الفارسي ) الذي سمم الإمام موسى الكاظم ، بطلاً .. وهارون الرشيد الذي قتل البرمكي هو المجرم ..! تماماً كما تم تشويه التاريخ وأصبح لأبي لؤلؤة المجوسي مقاماً ( إمامياً ) يزار قرب طهران ...!!!
هي قراءة آل بهلوي وشوفينيتهم الفارسية ..
وهي نفسها أيضاً قراءة خميني .. وخامنئي .. ومن سيأتي بعد ذلك ..
محمود أحمدي نجّاد يقول : ( يد المهدي تحرك إيران !! ) .. وخامنئي يقول : ( ماذا إذن كان يقصد الخميني من تصدير الثورة ..؟ )
إنه الهدف القديم / الجديد ، الهلال الفارسي على أرض العرب ..
أليس الغريب إذن بعد ذلك .. أن لايتحالف الشيطان الأكبر أميركا .. وشقيقه الأصغر إسرائيل .. مع هذا الهدف مباشرة أو بالواسطة لغرض إسكات الصوت العربي الإسلامي ..؟
أليس هو الصوت الذي كان الكابوس الثقيل خلال العقود الستة الماضية ..؟ وما يمكن أن يكون عليه في المستقبل ..؟
وهل هناك من يتساءل بعد كل ذلك .. لماذا العراق ..؟
ولماذا هذا الغزل على إستحياء بين الشيطان الأكبر وحلفائه .. وبين ولاية الفقيه ..؟؟
lalhamdani@yahoo.com
مقالات أخرى للكاتب على موقع :
www.alialhamdani.blogspot.com
No comments:
Post a Comment