Friday, May 30, 2008

حملة الموصل !

حملة الموصل !
هل هي تكتيك مرحلي لتحقيق أهداف إستراتيجية ..؟
أم فشل للحملة فَرضَه تكتيك المقاومة العراقية

علي الحمداني
مرت ( الحملات ) العسكرية في ظل حكومات الإحتلال وخصوصاً الحكومة الحالية برئاسة المالكي بعدة صفحات ، منها ماسمي بالحرب ضد الإرهاب كما حدث في الأنبار والفلوجة بالذات ، ومرة أخرى بخطة فرض القانون كما حدث خصوصاً قي بغداد ، أما في البصرة فقد أطلق عليها القضاء على العصابات والخارجين على القانون ، وفي الموصل القضاء على القاعدة .. وقد تم تنفيذ هذه العمليات تحت مسميات مختلفة ، ولكنها كانت جميعها من وضع وتنفيذ وإسناد قوات الإحتلال ، بالرغم مما نسمعه من جعجعات حول قيام قوات ( الجيش والشرطة ) العراقية بتولي مهام إدارة وتنفيذ هذه العمليات .
هذا صحيح الى حد ما ، فالقوات العراقية ( المسلحة ) تقوم بمهام قتالية ، ولكن ليس خارج وضع الخطط وإدارتها أمريكياً . ولقوات الإحتلال أسبابهم لذلك من منظورين أولهما هو لإظهار أن القوات العراقية في طريقها الى البناء والتطور وأنها ستكون مستعدة تماماً يوماً ما (...) لتولي المهمة الأمنية بنفسها ..وهذا يضمن إحتلالهم الى أجل غير محدد ، والثاني ، التقليل من الخسائر الأمريكية بإستخدام القوة العراقية كرأس حربة ، وقد طُبّق هذا وبنسب من النجاح في عمليات مايسمى قوات الصحوة وبإستخدام القوة البشرية لأبناء المناطق العراقية من العشائر .

أتت عملية " زئير الأسد " ! في الموصل والتي تغير إسمها بعد أيام الى عملية " أم الربيعين " ! بعد فترة وجيزة من عملية " صولة الفرسان " ! التي حدثت في مدينة البصرة وكادت إنعكاساتها أن تكون كارثية على الحكومة ، لولا إذعان مقتدى الصدر لضغوط وتوجيهات حكومة طهران .. أعقب ذلك تدخل مباشر من القوات الأمريكية والبريطانية لمساندة المالكي ، مما أدى الى تشرذم وتفتت مقاومة جيش المهدي .. وبالتالي تحقيق النصر الأمريكي ـ الإيراني ـ المالكي بشكل أو بآخر .. أعقبه غزل المصالحة بين مقتدى والحكومة !

هذه العملية ، كانت بمثابة المجس الذي أعطى مؤشرات لكافة الأطراف حول طبيعة التكتيك المستقبلي في عمليات مماثلة . لكن الأهم من ذلك ، أنه كانت هناك تجربة سابقة أكبر من هذه ، وأقرب الى طبيعة عملية الموصل المقترحة .. تلك هي تجربة الفلوجة ، والتي أعطت من خلال تجربتها ونتائجها ، مؤشرات يمكن إعتمادها في ضرب المقاومة العراقية وهذا ماتم التكتيك بخصوصه في حملة الموصل .

ـ إعترفت المقاومة العراقية أنها قد إنجرّت الى حرب نظامية على الأرض في الفلوجة ، وقدمت من أجل ذلك عدداً من خيرة مقاتليها على الرغم من تفهم قيادات المقاومة المتمرسة عسكرياً للموقف آنذاك ، وأنها يجب أن تكون بعيدة عن الحرب النظامية مع القوات الأمريكية ، وأن تبقي على إستراتيجيتها في حرب العصابات .. ولكنها وجدت نفسها في أتون معارك ضارية مع القوات الأمريكية دفاعاً عن أهالي الفلوجة .

ـ تم توقيت معركة الفلوجة ، بعد أن تأكد للقوات الأمريكية بتمركز عدد من فصائل المقاومة في محافظة الأنبار إستعداداً لخوض المعركة دفاعاً عن المحافظة .. وقد جاء تمركزهم هناك بسبب ضربهم في مناطق أخرى من العراق ، رافقته تسريبات إعلامية من قبل حكومة علاوي ، تتكلم عن منطقة غرب العراق ومحافظة الأنبار ودخول مقاتلين من سوريا الى المنطقة ، ووجود قواعد لجماعة القاعدة هناك .. وأن المنطقة قد غدت مركزاً لتصدير الإرهاب !!

ـ حداثة عهد المقاومة في تلك الفترة ، لاسيما وأنها تعتمد في قدراتها على تمويلها الذاتي ، وليس هناك من دولة إقليمية شيعية أو سنية تقف لمساندتها ، بخلاف جماعة القاعدة على سبيل المثال ، أو الميليشيات التي بدأت تظهر على الساحة مدعمة من مراكز وأحزاب حكومية وطائفية .. ومن إيران .

ـ إن سلطات الإحتلال والحكومة العراقية ، تعلم علم اليقين ، أنه لا يوجد أي نوع من التنسيق والتعاون بين المقاومة العراقية سواء تلك التي يقودها حزب البعث ، أو رجال الجيش العراقي الشرعي ، أو حتى الفصائل الإسلامية المسلحة .. وبين تنظيم القاعدة الذي ينظر اليه أولئك بعين الشبهة من حيث تاريخه وتعاونه مع الأمريكان ، وهو ما ثبتت صحته لاحقاً ، وحتى لدرجة إنكشاف تعاونه مع النظام الإيراني والمفترض أنهما على طرفي نقيض ... ! لكن الضرورة الإعلامية والحرب النفسية إقتضت ربط عمليات المقاومة بالعمليات الإرهابية وبجماعة القاعدة لغرض تشويه سمعة المقاومة من جهة ، وإذابة دورها أمام الرأي العام العراقي خصوصاً ، وكأنها غير موجودة وغيرفاعلة أصلاً !

كل هذه التكتيكات قد نجحت بدرجة او بأخرى .. وبقيت عين الإحتلال وحكومته في بغداد تنظر من زاوية أخرى على التطورات النوعية في عمل المقاومة العراقية حتى بعد التضحيات التي منيت بها في معركة الفلوجة والتي لم تتحول حتى في تلك الفترة الى إنتكاسات ، واستطاعت المحافظة على صمودها ، وتركيع القوة العسكرية الأمريكية التي تحاول دائماً تجنب تقديم خسائر بشرية كبيرة .

كانت أولى المحاولات من قبل المحتل بعد حرب الفلوجة ، هي محاولة مد الجسور مع المقاومة وفتح بعض الحوار معها خارج العراق ، وعن طريق اللقاء ببعض قادتها في الأردن . هذه المحاولة لم تثمر بما كان يسعى اليه الأمريكان لإصطدامها بمبدأية طروحات المقاومة .. ولم تنتهي بالنتيجة الى شيئ يذكر .

أصبح خلط الأوراق بعد ماتعرضت له محافظة الأنبار ومذابح الفلوجة وحديثة والقائم ، بمحاولة ربط أنشطة المقاومة بالقاعدة والإرهاب ومحاولة وضعهما أمام الرأي العام كوجهان لعملة واحدة ، أصبح أمراً مهزوزاً ومن الصعب تقبله ، وقد لعب إعلام المقاومة وصبرها ومبدأيتها وتكتيكها الدور المهم في ذلك .. فظهرت على السطح ماسمي " بمجالس الصحوة" كردة فعل عشائرية إنطلقت أول الأمر من غرب العراق ومن الأنبار بالذات ، وأعلن عن دورها ، أنها تستهدف القاعدة وتعمل على تطهير المنطقة من الإرهابيين ، وقامت هذه بدورها بنجاح الى حد ما من خلال الدعم والتمويل الأمريكي ، إلا أنها فشلت في إختراق تنظيمات المقاومة لغرض إستهداف عناصرها وتصفيتهم لحساب الأمريكان .

لقد لعبت حكومة بغداد أيضاً دورها بإتقان ، وذلك بالإيحاء ومن خلال مواقفها أنها ليست مع فكرة مجالس الصحوة .. بل ورفضت وعلى لسان مسؤوليها ضم هؤلاء الى الأجهزة الأمنية ، وكأنها تقف موقف الضد من هذه المبادرة الأمريكية والصحوة العشائرية .. في حين تولّت إيران ومن خلال مجنديها في العراق من فيلق القدس القيام بعمليات تصفية لعناصر هذه المجالس لحساب جماعة القاعدة ، وكانت تسعى الى هدف مزدوج من خلال ذلك وهو ، أولاً إضعاف دور العشائر السنية العربية ، وثانياً محاولة إختراق المقاومة ، بإعتبار أن الأخيرة كان لها موقف مضاد من هذه المجالس بسبب تعاونها مع القوات المحتلة . وهذا أيضاً لم يحقق أهدافاً تذكر لا للحكومة وأجهزتها الأمنية المتكونة من الميليشيات الطائفية الحزبية ، ولا لعرّابهم قاسم سليماني وفيلقه .. وأثبتت المقاومة مرة أخرى بُعد نظر في قراراتها .

وحين إندلعت أزمة جيش المهدي ، ومقتدى الصدر مع الحكومة والإحتلال الأمريكي ، وبدأ القتال هنا وهناك ، حتى وصل ذروته في مدينة البصرة .. إعتقد البعض أن الوقت قد حان لكي تعلن المقاومة العراقية موقفها المساند لجيش المهدي ، بل وتدخل بقوتها كشريك في المعركة أو الإنتفاضة .. ولكي أكون صادقاً معي نفسي ومع الآخرين ، كنت أنا شخصياً ممن وقف هذا الموقف ودعوت المقاومة ومن خلال رسالة مفتوحة الى أن الوقت قد حان لإعلان ثورة عشرين جديدة ضد المحتل وأعوانه .. ولكن وجهة النظر هذه لم تكن إلا ثورة داخلية في نفوسنا حاولنا ترجمتها الى واقع وعمل فعلي ..
لقد تلقيت شخصياً وعلى بريدي الألكتروني ، رسالة من إحدى فصائل المقاومة المهمة والمعروفة ، توضح لي أن دعوتي هذه مفهومة لديهم ولدى الآخرين ، ولكن مايجري ليس بمستوى الحدث هدفاً أو أسلوباً ، وأن مايحدث سرعان ماسينتهي بإتفاق صدري ـ حكومي ، وأن التجربة مع مقتدى الصدر لم تخرج سابقاً عن هذا الإطار والرجل يقود العمليات من إيران !!
مرة أخرى ، ثبت أن وجهة نظر المقاومة ، وبعد نظرها ، كانا الأصح والأعقل من الدعوات العاطفية .
لقد تعلمت المقاومة كما يبدو من تجربة الأنبار وغيرها دروساً بليغة ، أنضجت إستراتيجيتها البعيدة ، وتكتيكاتها المرحلية .

تم الإعلان عن حملة الموصل ( آخر معاقل القاعدة ! ) كما أطلق عليها القادة الأمريكان والمالكي نفسه . وقد أخذ هذا الإعلان فترة طويلة جداً من وجهة النظر العسكرية ، وحتى السياسية ، وسبقها بمدة قاربت الستة أشهر , وكان ذلك أمر تشوبه بعض الشكوك . وحتى بعد حدوث تفجير " الزنجيلي " والذي ثبت للقاصي والداني في حينه وبعد ذلك ، أنه كان من وضع وتنفيذ أزلام خسرو كروان ونور الدين هركي .. وقيام المالكي بإطلاق تصريحه الشهير من مدينة كربلاء ، بأن الوقت قد حان لبدء الحملة العسكرية .. وحتى بعد ذلك التصريح ، تأخر التنفيذ لمدة حوالي شهرين ..!

كانت تبريرات الحكومة وقادتها العسكريين ومسؤوليها في بغداد أو الموصل ، أن الحملة ستبدأ عند إكتمال التحشيدات العسكرية والخطط اللازمة .. وكانت هذه التبريرات غريبة حقاً من وجهة نظر عسكرية أو سياسية ..! فإرسال قوات من الجيش الأمريكي أو الحكومي الى الموصل ومن أي بقعة في العراق ، عملية لاتستغرق أكثر من أيام .. كما أن الهدف المعلن من الحملة ، وهو القضاء على آخر معاقل القاعدة والمخربين ، أمر غريب وغير مقبول من وجهة نظر عسكرية مهما تكن ساذجة ، لأن حرب العصابات أو مطاردة العصابات ، يجب أن تعتمد على عنصر المباغتة لتحقيق أهدافها ، وليس بالإعلان عن ذلك وعلى مدى أشهر عديدة ..!

إذن ، ماذا يكمن وراء كل ذلك .. هل هو فعلاً ضرب عناصر القاعدة ، والتي يفترض أنها قد إختفت هنا وهناك بعد ( إنذارها ) ببدء الحملة ..؟
هذ الرأي طبعاً ، لايمكن القبول به . مع أن طارق الهاشمي ، قد صرح بذلك قبل أيام ، وتكلم عن فقدان عنصر المباغتة في العملية أدى الى عدم القضاء كلياً على القاعدة ولكن الهاشمي ، صرّح بذلك .. وقد إنتهت العملية كما هو ظاهرها أو كادت أن تنتهي .. ولاندري أين كان قبل وقوعها وفي فترة الإعداد والإعلان عنها ، وهو العسكري المحترف ..!؟

لم يبقى إلا تبرير منطقي واحد لكل هذه العاصفة .. ذلك هو محاولة لجر المقاومة العراقية من مواقعها المختلفة في العراق ، وسحبها وتكديسها في منطقة الموصل وطوال هذه الأشهر التي سبقت تنفيذ العملية .. إعتقاداً منهم ، أن ذلك فعلاً سيحدث ، وستتدخل المقاومة بما فيها تلك التي هي موجودة في محافظة نينوى للدفاع ومواجهة القوات الأمريكية والعراقية المتحالفة معها والدخول معها في حرب نظامية ، وتكرار تجربة الفلوجة مرة ثانية .. وهذه المرة سيتم تحقيق شلل كامل لها وضربها ضربة قاضية !!

لكن ذلك ، لم يحدث ، ولم تقع قيادات المقاومة ، ضحية لهذه الخدعة .. وتم كشف اللعبة .. ومرة أخرى كان للفلوجة فضلها على الموصل وغيرها من مناطق العراق المحتل .

حين دخل الجيش الأمريكي والعراقي الى مدينة الموصل ومعهما قوات البيشمركة من داخل المدينة .. لم يواجهوا بإطلاقة نار واحدة ..!
فماذا حدث بعد ذلك ، لتغطية هذا الفشل المفضوح .. ؟
قامت تلك القوات بإعتقال الضباط والبعثيين السابقين من أهالي الموصل تحت ذريعة التحقيق معهم .. وقد بلغ العدد ، وحسب تصريحات مسؤولي الحكومة الى أكثر من 1500 معتقلاً ..!
لقد أرادت بهذه العملية ، إظهار شيئ من النصر .. وأنها قد وضعت يدها على بعض المخربين والعصابات وغيرها من التسميات التي ملّتها آذان العراقيين !!

وصل المالكي الى الموصل ، يصحبه وزيري الدفاع والداخلية وكذلك مستشار الأمن الوطني وغيرهم من ( القادة ) والمسؤوليين ! ولم يجد أمامه إلا إطلاق ذلك التصريح البائس حينما أعلن ( بعد إطلاعه على حقيقة الوضع ) أنه يأسف أن تُركت الموصل طوال خمس سنوات تحت تصرف البيشمركة ( ... ) ، ولا ندري ماهو دور رئيس وزراء دولة ، إذا كان لايعلم بما كان يجري في محافظة من محافظات العراق ..؟
وخرجت علينا بعد ذلك معلومات عن إجتماعاته مع شيوخ العشائر .. وتجنيده لأحد عشر ألفاً من أبنائهم مع قوات الجيش ..! وفرار خسرو كروان الى أربيل ..! وإتصال المالكي بالبرزاني ..! وتجميد دريد كشمولة محافظ الموصل ..! وعزل مطاع الخزرجي قائد الفرقة الثانية هناك وإحالته للتحقيق وتعيين شخص آخر محله ..!
ثم عاد المالكي الى بغداد ...!!!

وبدأ الجيش الأمريكي ببناء جدار ترابي مرتفع حول مدينة الموصل ، التي تربطها بالعالم الخارجي ، ثلاثة منافذ فقط .. الطريق الدولي الى الحدود السورية .. وطريق بغداد .. وطريق أربيل ..! وتم إطلاق إسم ( خط رياض ) على هذا الجدار ! كخط ماجينو في فرنسا في الحرب العالمية الثانية .. وخط بارليف في سيناء في حرب عام 1967 .. ورياض هو الفريق الركن رياض توفيق جلال ، قائد عمليات الموصل ! " الخبر بالصور من موقع ـ ستارس آند سترايبس ـ العائد للجيش الأمريكي " .

لقد حاول الأمريكان وحكومة بغداد .. سحب المقاومة العراقية الى حرب نظامية مفتوحة ، من شأنها القضاء عليها من جهة .. وتحقيق المخطط الكردي بإستغلال حالة الحرب والفوضى وفقدان الأمن لتكمل فرض هيمنتها على الموصل ومحافظة نينوى من جهة ثانية .. وتحول ذلك الى نصر جديد لتكتيك المقاومة العراقية وعدم وقوعها في الفخ ..
لقدأصبحت قوات الأمن المليشياوية الطائفية والعرقية الشوفينية .. تحت قرار ومبادرة المقاومة هذه المرة في جرها الى حرب عصابات كيف ومتى شاءت !!


lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com




Thursday, May 29, 2008

مؤتمر حول " كركوك " في البرلمان الأوربي

مؤتمر حول " كركوك " في البرلمان الأوربي

علي الحمــداني

الموضوع ليس من ( كتابات : علي الحمداني ) ، إنما هو تفاصيل مذكرة رسمية وبيان صحفي حول ( مؤتمر كركوك ) في البرلمان الأوربي . ولكن لابأس أن أقدم الموضوع للقارئ الكريم بهذه الصيغة وحسب سياسة موقع ( كتابات ) ، حيث سيتيح لي ذلك فرصة للتعقيب وليس فقط عرض أوراق المؤتمر .. والتي قمت بترجمتها من اللغة الإنكيزية ، وهي اللغة التي أعدّت بها لتقديمها الى المؤتمر .

أولاً : النص الكامل للمذكرة الخاصة بالمؤتمر

1) يعقد المؤتمر تحت إسم ( مشكلة كركوك والمادة 140 ـ تحديد البدائل ووجهات نظر عرب وتركمان كركوك ـ
2) التاريخ : 3 حزيران / يونيو 2008 ـ من الساعة 9.30 صباحاً الى 1.00 بعد الظهر . يليه مؤتمر صحفي في الساعة 2.00 بعد الظهر .
3) منظّمي المؤتمر : * مؤسسة بحوث حقوق الإنسان للعراقيين التركمان .
* منظمة القوميات والشعوب التي بدون تمثيل .
* بمساعدة مكتب النائبة في البرلمان الأوربي " آنا كومز " .
4) نص المذكرة :

مدينة كركوك ، مدينة غنية في تاريخها وثروتها النفطية ، وهي وطن للتركمان والأكراد والعرب والكلدوآشوريين وغيرهم من الأقليات . مما يجعل مطالبة الأكراد بهذه المدينة كما يحدث حالياً من شأنه أن يؤدي الى الخلاف والنزاع .

إن قيادات التركمان والعرب ، وهم يعبّرون عن حضورهم ووجودهم التاريخي في هذه المدينة .. قد أبدوا معارضتهم بكل مايتعلق بضمها الى المنطقة الكردية .

لو رجعنا الى المادة ( 58 ) من القانون الإداري الإنتقالي للعراق ، والتي أستنبطت منها المادة ( 140 ) من الدستور الحالي ، نرى أنها قد أُفرِدَت لحل النزاع من خلال عمليات : " تطبيع " و " إحصاء سكاني " ثم " إستفتاء " يتبع ذلك ، ويجري في موعد لايتجاوز 31 / 12 / 2007 .

هذه الخطوات وميكانيكية العمل الخاصة بهذا الموضوع ، قد أثبتت وبشكل كبير أنها عقيمة وغير فعّالة ، أضف الى ذلك ، أنه لم يتم الإعتراف بها .
مما يجعل من الإستفتاء ، نتيجة متوقعة ، وهي جلب المزيد من عدم الإستقرار والتشرذم .

إن عوامل النقص والضعف في هذه الإجراءات قد أظهرت لحد الآن فشلاً واضحاً في تفسير معالم وأهداف المادة ( 140 ) ، والعلاقة بين " التطبيع " و " الإحصاء السكاني " و " والإستفتاء " ، كذلك فيما يتعلق بحق التصويت ، والحدود الجغرافية للمناطق الإنتخابية .

من الأمور اللافتة للنظر والمهمة ، أنه قد جرت مناقشة بسيطة لإقرار الخيارات المتاحة أمام الناخبين في الإستفتاء النهائي .. هذا بحد ذاته قد أدى الى النزاع بين أؤلئك الذين يرون أن كركوك هي جزء من المنطقة الكردية ، واؤلئك المعارضين لذلك .. ولم تُتْرَك إلا مساحة صغيرة يمكن من خلالها الإتفاق على صيغة مشتركة أو إمكانية التوصل الى حلول وسط للمشكلة .

مع معرفتنا ، أن الوضع العراقي الراهن والسيطرات المفروضة عليه ، لايخدم أساساً سكان مدينة كركوك من العرب والتركمان ، عليه فإن هؤلاء يرون ومن خلال ممثليهم ، أنه لاسبيل إلا معارضة إنتقال مدينتهم الى إقليم كردستان . ويمكن لكركوك أن تدار بواسطة حكم محلي أو فيدرالي وضمن سيادة الدولة العراقية . هذا الحل هو المفضل لدى حكومة بغداد حالياً .. ولا ننسى أن هناك العديد من المدن والمحافظات في العالم تدار وفق هذا المنظور .

لقد بقي التركمان العراقيين مهمشين خلال عملية إعادة بناء نظام الدولة العراقية الجديدة بعد 2003 ، وأن القليل جداً قد قُدّم لهم لتصحيح أوضاعهم التي يعانون منها .

إن الموجات البشرية من الأكراد التي تتدفق الى مدينة كركوك وتوطينهم هناك ، هي محاولة واضحة لقلب معادلة التوازن السكاني في المدينة إستعداداً لأي عملية إستفتاء قد تجري مستقبلاً .

لهذا ، فإن المؤتمر يجب أن يهدف إبتداءاً الى إعادة صياغة القرارات الخاصة بوضع مستقبل مدينة كركوك وبشكل علمي مبني على الحقائق المستندة الى الواقع ، وعرض صورة بديلة لوضع المدينة الحالي وبشكل نهائي .

يهدف المؤتمر الى جمع ممثلين من مؤسسات العراق ، مع صناع السياسة الأوربيين ، ذوي الرغبة والحرص لإعادة بناء وضع الدولة العراقية وبتأثير فاعل .

إن الإهتمام بتركمان وعرب كركوك ، والذي يجب أن يمثل من قبل شخصيات معروفة لضمان أن الخطوات المهمة القادمة في إعادة الهيكلة ، سوف تتماشى مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وتحقيق إنتقال جدّي وعقلاني يراعي حقوق كافة الأقليات في المحافظة .

هذه هي أهم المبادئ ، والتي بدونها سيبقى إستقرار العراق نوع من الوهم .

المساهمون المدعوّون الى المؤتمر :

ـ آنا ماريا كومز ، عضوة البرلمان الأوربي .
ـ علي صديق ، عضو مجلس محافظة كركوك .
ـ مارينو باسداخن ، سكرتير عام منظمة القوميات والشعوب التي بدون تمثيل .
ـ محمد ناصيف ، عضو مجلس محافظة كركوك ، عضو لجنة المادة ( 140 ) .
ـ محمد مهدي أمين ، عضو البرلمان العراقي .
ـ مظفر أرسلان ، خبير ومستشار الشأن التركماني للرئيس العراقي سيادة جلال الطالباني .
ـ ممثل عن الآشوريين ، يُسَمّى لاحقاً .
ـ راكان علي ، عضو مجلس محافظة كركوك .
ـ شيت جرجيس ، رئيس مؤسسة بحوث حقوق الإنسان للعراقيين التركمان .
ـ تحسين محمد علي والي ، عضو مجلس محافظة كركوك ، عضو لجنة المادة ( 140 ) .

ثانياً : نص البيان الصحفي .

إن العراق بلد يتكون من قوميات وأديان متعددة ، كما أنه موطن لثقافات مختلفة ، وخصوصاً في شمال العراق حيث يكَوّن خليطاً متنوعاً ومتداخلاً بحيث يجعل من الصعوبة بمكان رسم أية حدود تقوم على أساس الفصل العرقي بين السكان .

حتى مدينة أربيل نفسها ، والتي أصبحت عاصمة لإقليم كردستان ، هي أيضاً خليط وبدرجة عالية من قوميات كردية وتركمانية وآشورية .. في حين كانت تاريخياً ومع بداية القرن العشرين ذات أغلبية تركمانية . ولكن الآن وحتى مدينة الموصل ذات الأغلبية الساحقة من العرب قد أُضيفَت الى الأجندة الكردية مع كركوك ذات الخليط السكاني العرقي ، وأصبحت من مطالب الأكراد ، وتدار بشكل أو بآخر من قبل السلطات السياسية الكردية .

إن التقسيم الذي يعتمد على الحدود والإعتبارات العرقية والقومية في هذه المنطقة من العراق ، عمل ينطوي على مخاطرة عالية ويهدد مستقبل الدولة العراقية وكذلك السلام الإقليمي .

إن الضحايا والمآسي العديدة التي حدثت منذ إحتلال العراق عام 2003 ، أصبحت تتطلب إهتماماً مدركاً ومتفهماً كأساس لحل المشاكل العالقة .

لاشك أن قضية كركوك ، تعتبر واحدة من أهم المشاكل الرئيسية ، وأن حلاً عادلاً لهذه المشكلة ، أصبح من المواضيع المهمة على أن يتم ضمن رؤيا عادلة ومتكافئة لكافة الأطراف ، ومراعاة حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية ، والتي هي هدف مطلوب للتطبيق في الشرق الأوسط .
كل ذلك يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار عند التحقيق والتحري في دراسة مشكلة كركوك .

مع أن بعض الحلول البسيطة قد ظهرت على السطح من قبل السلطات العراقية ومنها ، التطبيع والإحصاء السكاني والإستفتاء ، وذلك لغرض حل المشكلة .. إلا أنها ، وعلى العكس ، قد زادت من تعقيدها وفشلت في تحقيق أي تقدم لغرض تحقيق إستقرار في المستقبل .

قضية كركوك وتعقيداتها ، أصبحت أكثر وضوحاً ، خصوصاً بعد فشل الحكومة العراقية في تنفيذ الإستفتاء في موعده المقرر 31/12/2007 .

مع بداية عام 2008 ، نقلت القضية لتوضع أمام الأمم المتحدة ، والتي بدورها لم تستطع حتى الآن من رسم خريطة عمل واضحة المعالم لحل مستقبلي وهنا يمكننا إعتبار الإتحاد الأوربي كمُحَكّم مهم لإيجاد هذا الحل .

كركوك ، غنية بتراثها ونفطها أيضاً . وأن التركمان العراقيين في هذه المدينة يقفون ضد ضمها الى الإدارة الكردية ملفتين النظر الى طبيعة وعدد السكان فيها . كذلك فإن عرب كركوك يقفون نفس الموقف ضد التغييرات التي يراد تطبيقها على المدينة وخصوصاً منذ الإحتلال وذلك بضمها الى المنطقة الكردية . وأن الطرفان يشعران أن التطبيع قد فشل نتيجة هذه السياسات المنحازة .. ويعكس ذلك بما يؤيد وجهة نظرهم عمليات توطين الأكراد في محافظة كركوك وهم من غير أهالي كركوك ، وقد جلبوا من خارجها ، وذلك لغرض إحداث تغييرات إحصائية في التركيبة السكانية وزيادة عدد أصوات الأكراد المسجلة لأغراض الإستفتاء . إضافة الى وجود أراضٍ ومساحات لم يتم حل موضوع عائديتها ، وهي ضمن حدود المحافظة ومشكلتها ترجع الى عهد الحكم السابق.

إن كل من التركمان والعرب يؤيدون أحد الخيارين التاليين :
1) إما أن تدار كركوك إدارياً من قبل بغداد .. أو
2) أن تكون إقليماً مستقلاً ضمن السيادة العراقية .

ـ إنتهى البيان ـ

تعقيب :

أبدأ أولاً بما أشار اليه البيان الذي سيتلى في المؤتمر الصحفي الذي سيلي إنعقاد المؤتمر ، وفي الفقرة الخاصة بمدينة أربيل ، كمثال على التوطين الكردي والتطهير العرقي على يد زعماء الأكراد والعصابات وأخيراً البيشمركة ، والذي أخذ قرابة قرن من الزمن ..

يشير الكاتب ( فلاح يازار أوغلو ) في بحثه حول مدينة أربيل ، الى أنها كانت فعلاً مدينة ذات غالبية تركمانية والتي إختلفت ديموغرافيتها في الوقت الحاضر ، مستنداً الى المصادر التاريخية التالية : ( تاريخ التركمان في العراق ـ السيد شاكر صابر الضابط ) و ( قلعة أربيل بين الماضي والحاضر ـ السيد برهان جبار يارالي ) و ( منشورات جريدة توركمن ايلي للأعوام 2003 ـ2004 ) واستعراضه المفصل للشخصيات التاريخية التركمانية ، والعوائل التركمانية في أربيل والتي منها ( قصاب ، بزركان ، أرسلان ، ايلخان ، اتابك ، توتنجي ، قلعه لي ، دوغرماجي ، اغالي ، يعقوبي ، اوطراقجي ، سبزه جي ، باغجاجي ، المفتي ، كوره جي ، قهوه جي ، جلبي ، بناجيلر ، درزي ، ساعتجي ، خفاف ، بقال اوغلو ، سراج ، دباغ ، قبقابجي ، عسافلي ، ده مرجي ، حلوه جي )
أما الشخصيات والوجهاء التركمان في اربيل ، والذين شغلوا مناصب عليا ، فعددهم بالعشرات لايتسع المجال لذكرهم ، منهم القضاة ، والأكاديميين ، والسياسيين ، والمحامين والأطباء ، والفنانين ، والكتّاب ، إضافة الى المشايخ وأئمة المساجد .. والمحلات الشعبية والمدارس والأسواق والمهن ، التي كانت تعود وتدار من قبل التركمان .
كل ذلك يكاد اليوم يصبح جزء من الماضي والتاريخ ..

ولكن لو رجعنا عميقاً في التاريخ ، وبخطوطه العامة ، لغرض إعطاء فكرة عن الزحف الكردي الى شمال العراق ، وعمليات التوطين ، والتطهير العرقي التي جرت في المنطقة ولا زالت .. يمكننا أن نستخلص الحقائق التالية :

ـ تاريخياً بدء زحف الأقوام الكردية من آسيا الوسطى الى كل من إيران وتركيا والعراق .. وإذا مالاحظنا الخريطة السكانية الحالية لهم نرى أنها لازالت في شمال غرب إيران ، جنوب شرق تركيا ، وشمال شرق العراق .. على شكل مثلث أضلاعه مشتركة بين الدول الثلاثة ..
هذه كانت المواطن الأصلية للكرد تاريخياً عند إستقرارهم في هذه المنطقة .. ولو نظرنا الى بقية أجزاء الشمال العراقي ، لوجدنا تاريخياً ايضا ، أن سهل نينوى ( عاصمة الإمبراطورية الآشورية ) ، إمتداداً الى مايسمى اليوم محافظة دهوك ، صعوداً الى الشمال وحتى عقرة وعمادية وزاخو .. كانت جميعها تحت الحكم الآشوري .. وبقيت موطن الآشوريين في مئات القرى في تلك المنطقة ولآلاف السنين .. حتى بدأ الزحف الكردي بإتجاهها وبدأت عمليات التطهير العرقي هناك وبالإعتماد على العنف وتقتيل السكان وحرق القرى .. والمذابح اللاإنسانية التي قام بها رؤساء الأكراد وعصاباتهم ضد سكان هذه القرى قد ملأت مجلدات . وهكذا تمت ( كرددة ) هذه المناطق على مر السنين لتصبح اليوم أجزاء من المنطقة الكردية أو ( كردستان ) .

ـ وإذا مانظرنا تاريخياً الى الخريطة الممتدة من سهل نينوى أيضاً ، وبإتجاه أربيل .. نرى أن هذه المنطقة هي أيضاً موطن قرى مسيحية سريانية وكلدانية في الغالب .. وتخضع حالياً لعمليات إبتزاز مابين ترغيب وتهديد وفرض سياسة الأمر الواقع لجعلها مناطق كردية ..!

ـ وإذا ماإنتهينا الى أربيل ، نعلم الآن ، أنها كانت ذات أغلبية تركمانية وحتى سقوط الإمبراطورية العثمانية .. ووقوف الكرد الى جانب الإنكليز تماماً كما يقفون مع الأمريكان اليوم ، حتى إستطاعوا تحويل المدينة الى مدينة أغلبية كردية ..!

ـ وإذا ما إنتقلنا الى خارج مدينة أربيل الى الشمال الشرقي ، فسوف ننتهي الى أقدام المثلث المحادد لإيران ، والذي سكنه الأكراد تاريخياً والذي ذكرناه آنفاً . وبإنتقالنا من أربيل بإتجاه الجنوب الغربي .. نكون قد دخلنا حدود محافظة كركوك ، حيث سَكن الغالبية التركمانية .. ومنها بإتجاه ديالى حيث تسكن العشائر العربية خصوصاً عزّه والعْبيد ..
هذه المناطق التركمانية والعربية الآن ، تخضع لسياسة إتبعتها الأحزاب الكردية وقياداتها ، لغرض جعلها جزء من الإقليم الكردي بمحاولة فرض سياسة الأمر الواقع والإستناد على تحالفهم مع الأمريكان والإسرائيايين ، تماماً كما تحالفوا في الماضي مع الإنكليز المنتصرين في الحرب العالمية الأولى لبسط هيمنتهم على أجزاء كبيرة من جبال شمال العراق بما فيها مدينة أربيل .

ـ ولم تقف السياسة الكردية العرقية من خلال الأحزاب العشائرية التي تحكم المنطقة منذ عقود بإسم الديمقراطية ، عند هذه الحدود والمطالبات غير المشروعة ، بل تحاول أن تنتقل الى محافظة نينوى ومدينة الموصل وإجراء تغيير ديموغرافي للمنطقة وبأساليب مختلفة .. بل بدأت حتى بإستثمار نفط محافظة نينوى في قند وعين سفني وياسمين ، واعتبرت تلك المناطق مناطق كردية .. بدعم أو إغماض عيون حكومة بغداد ، والأمريكان .. ولاتزال الموصل تعيش حالة من الصراع والمؤامرات بعضها قد تم إفتضاحه أمام الرأي العام ، وبعضها الآخر يجري في الخفاء ، على يد الشوفينية الكردية التي أهدرت دم عشرات الآلاف من المسيحيين العرب والآشوريين والعرب والتركمان من سكنة كركوك والموصل وبقية مناطق الشمال العراقي .

ـ إستفاد الأكراد من تغلغلهم الواسع في وزارة الخارجية بسبب وزيرها ( هوشيار زيباري ) أحد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وخال مسعود البرزاني .. وبدأوا يشغلون مناصب في سفارات العراق في الخارج ..
لقد أشار بيان المؤتمر المزمع عقده في بروكسل ، مقر البرلمان الأوربي ، الى عمليات توطين أكراد في مدينة كركوك ، وهم أصلاً من غير سكانها وتوثيقاً لذلك ، نشير الى فضيحة سفاراتنا في الدول الإسكندنافية ، والسفير ( بامرني ) الذي كشفت الصحافة السويدية والنرويجية دوره في إصدار مئات الآلاف من الجوازات العراقية المزورة ( لأنها غير قانونية ) لأشخاص من الأكراد العراقيين وأكراد إيران وتركيا ، وإرسالهم الى محافظة كركوك .. ولاأشك مطلقاً أن سفارات عراقية ( مكرّدة ) أخرى تقوم بنفس الدور حالياً .. إضافة الى مايجري من تسلل الى شمال العراق من تركيا وإيران .

السؤال هو .. هل أن حكومة العراق برئاسة المالكي تقف مع مايجري .. أم أنها مغلوبة على أمرها بسبب الضغوط الأمريكية ..؟

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com


Friday, May 23, 2008

أكذب .. ثم أكذب .. حتى يصدقك الناس ، ياعلي الدباغ ..!

عودة الى المطران الراحل بولس فرج رحّو
أكذب .. ثم أكذب .. حتى يصدقك الناس ، ياعلي الدباغ ..!

علي الحمــداني

مرة أخرى يُدخل علي الدباغ ، الناطق الرسمي بإسم حكومة المالكي ، نفسه ويدخلنا معه في متاهات لاأول لها ولا آخر ..!

كثيرة هي تصريحات لسان الحكومة .. وكثيرة هي أيضاً فلتات وزلات هذا اللسان ، تماماً كما هي زلات لسان ( ولي النعمة ) السيد بوش .. ولكن هذا الأخير على الأقل كان يعترف في تصريحات لاحقة عن زلات لسانه ، أما ( دكتورنا ) الدباغ .. فهو صامد ، والحق يقال ، حتى لو أثبتت الحقائق عكس مايقول أو إعترض على مايقول ذوي الشان كما في تصريحاته عن المطران المغدور بولس رحّو ..

بتاريخ الإثنين 19 من هذا الشهر ، خرج علينا علي الدباغ ، ليعلن أنه قد تم القبض على قائد من قادة القاعدة ، يدعى احمد علي احمد ، ويعرف بإسم
( أبو عمر ) ، وأنه قد تم تقديمه الى محكمة الجرائم المركزية ، وحكمت عليه يوم أمس " الأحد 18 / 5 " بالإعدام بتهمة إختطاف وقتل المطران بولس فرج رحو وذلك في شهر شباط الماضي ..! ولم يخبرنا الدباغ بتفاصيل أكثر عن مكان إلقاء القبض عليه ولا عن زمانه ، ومتى تم تقديمه الى المحكمة ، وماهي المدة التي إستغرقتها محكمته أمام القضاء العراقي .. ؟ ولماذا لم يعلن عن ذلك قبل هذا التاريخ ..؟

يعني ( الله جابها ) .. زعيم من ( القاعدة ) ، و ( أبو عمر ) .. ووقت الإعلان عن الخبر ( الطازة ) هو خلال الحملة العسكرية على الموصل ، حيث أُغتيل المرحوم رحو .

في نفس اليوم ، الإثنين ، الذي أعلن فيه ( الدكتور ) الدباغ نبأ محاكمة أبو عمر ، والحكم عليه بالإعدام ...
أعلن المطران ( لويس ساكو ) .. مطران كركوك .. رفض الكنيسة لحكم الإعدام الصادر ضد من أُعلِنَ أنه المسؤول عن مقتل المطران رحو .. و ( أن حكم الإعدام لايتفق وقِيَم الكنيسة الكلدانية في العراق ) ، وأضاف ، ( أن إعلان الحكومة لم يعطي إلا القليل من التفاصيل .. وأننا لانعرف من المسؤول ( ..! ) عن خطف وقتل المطران رحو .. والأسباب وراء ذلك .. هل هي سياسية .. أم دينية .. أم مجرد عمل إجرامي ...!! )

بلغةٍ دبلوماسية مؤدبة ، يتكلم المطران .. وهو قطعاً لديه من المعلومات الكافية عن قتلة المطران رحو .. معلومات لايجهلها ( الدكتور ) الدباغ .. ولكن الفرق أن المطران يقول له .. نحن نعلم ، وكفاكَ كذباً .. والدباغ يقول ، أنا أعلم .. وسأكذب .!
العجيب ، أن هذا الناطق بإسم الحكومة ، يعني ، أن مايقوله والذي هو يمثل رأي الحكومة .. يتصور أن الناس العاديين والمتابعين للأحداث والصحفيين والمحللين السياسيين ، بل وشهود حادث الخطف الأثيم للمطران رحو .. هؤلاء كلهم مغفلون .. لابل أن عليهم أن يصدقوا ماتفبركه له العمائم الوسخة الآثمة الساكتة عن الحق والمضللة فيخرج علينا بهذا التصريح ..

ثم لايخجل .. وفي نفس اليوم .. وبعد أن صفعه تصريح المطران ساكو .. يعود ليقول : ( إن أبو عمر ملاحق بسبب عدة جرائم وليس فقط بسبب خطف وقتل المطران )

من حقنا جميعاً أن نتساءل .. كيف تمّ بهذه السرعة التعرف على قاتل المطران من بين اكثر من ألف وخمسمائة معتقل في منطقة الموصل وحسب الأرقام الرسمية ، وكيف تسنى لهم الإنتهاء من التحقيق معهم ، ثم كيف إعترف هذا المجرم وبهذه السرعة والبساطة ، وهو مطلوب في قضايا أمنية كثيرة حسب تصريح ( الدكتور ) الدباغ ، بقيامه بخطف المطران وقتله .. وبعد كل ذلك تتم إحالته للمحكمة من بين كل هؤلاء .. ولا ندري متى ، وتحت أي أمر قضائي .. ولما لم يعلن علينا النبأ السار بالقبض على خاطف وقاتل المطران حين حدوثه لكي يشفي غليل صدور محبي المطران الراحل وكل أهل الموصل .. ؟
لماذا إنتظر اللسان الحكومي الناطق .. حتى تمت المحاكمة ـ ولاندري أين تمت وكم أخذت من الوقت ـ وحتى صدر حكم الإعدام عليه .. وربما تم تنفيذ الحكم ..؟؟
ومن هو ياترى احمد علي احمد ( ابو عمر ) .. هل رأى أحد صورته .. هل عرض التلفزيون ذلك .. وهو من قادة القاعدة وقد إرتكب عملاً إجرامياً بحجم خطف وإغتيال بولس فرج رحو .. !! ؟؟

ماذا حدث لشهادات شهود عيان خطف المطران ..؟ ومَن تعرّف عليهم وأجزموا أنهم من الأكراد ، حين صاح أحدهم على صاحبه الذي كان يحاول أن ينتزع حقيبة من يد أحد مرافقي المطران الذين تم قتلهم ، وناداه باللغة الكردية ( بيلو ) أو ماشابه .. أي اتركه ..!! ثم إنطلقوا بسيارتهم ومعهم الأسير المطران رحو ..؟ هذه كانت شهادة شاهد ممن كان قرب الكنيسة وممن شهدوا آخر قداس أجراه المرحوم رحو قبل أن يلقى ربه ..!

هل أصبح غريباً على العصابات والمرتزقة الأكراد ـ وقطعاً لا أقصد الشعب الكردي البسيط بل من يحكمه دكتاتورياً وعشائرياً لعقود ـ .. هل أصبح غريباً على هؤلاء ، وتنفيذأ لسياسة أحزابهم الشوفينية .. قتل المطران أو غيره .. أو تفجير كنيسة الطاهرة في الموصل .. أو ترعيب وترغيب سكان القرى المسيحيين في سهل نينوى بغية ضمهم الى ( كردستان ) ..!؟

تاريخهم وليس نحن .. يشهد على جرائمهم بحق الكلدوآشوريين .. ومسح قرى عائدة لهم من الخريطة .. وإرتكاب أفضع الجرائم الإنسانية بحقهم .. وعلى مدى عقود طويلة ، ومنذ أيام السفاح ( بدرخان ) الذي يعتبرونه بطلاً قومياً كردياً .. وما فعله بنساء وأطفال وشيوخ المسيحيين .. وسكان المنطقة من الآشوريين ، الذين سكن أجدادهم شمال العراق قبل أن تطأها قدم أول كردي جاء اليها ، وبالآف السنين .. !
كل ذلك بهدف التطهير العرقي .. الذي لايزال يجري بأشكال وصورمتعددة لبسط حدود ( كردستان ) الى الموصل ..!

فلماذا لايتم إغتيال المطران رحو .. ولأسباب سياسية .. ومن ياترى المستفيد الأول والأخير من الجريمة .. القاعدة .. أم قيادات الأكراد ..؟

ألم يكتشف المالكي بنفسه وهو في الموصل .. دور ( خسرو كروان ) وعلاقته ببعض مرتزقة مايسمى القاعدة .. وتحريكهم في إرتكاب الجرائم بحق سكان الموصل مسلمين ومسيحيين وغيرهم ..؟ إضافة الى أفراد لواء البيشمركة الموجود في المدينة ..!

مَنْ كان وراء تفجير ( الزنجيلي ) .. وقتل وتشريد المئات .. ؟ كروان .. أم الهركي .. أم مَن ..؟
وماذا يمكن أن تجني القاعدة من تفجيرها لمتفجرات في بناية يمكن أن تستفيد منها إذا كانت تعود لها .. وإذا لم تكن فمن باب أولى أن تستولي عليها لتستخدمها في عملياتها الإرهابية ..
ولماذا تمنح القاعدة هذه الفرصة الذهبية للمالكي والأمريكان والأكراد لكي يقوموا بحملة ضدهم في الموصل ..؟
وكيف يمكن القبول عسكرياً بالإعلان عن حملة وعن أهدافها قبل أن تبدأ بشهور ..؟

وهل صحيح أن كروان هذا ، رئيس فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني البرزاني ، قد ذهب الى أربيل ولم يَعُد ...؟؟

ماذا يجري .. ؟ أفلا يكفي ماعرف الجميع من أهل محافظة نينوى ، ومن المسؤولين أيضاً .. دور أزلام الأحزاب الكردية وجرائمهم ..؟
ألا نعرف مَنْ يقف وراء القيادات الكردية .. ويحركها كيف ومتى يشاء ..؟

ولأن مهازل التصريحات الحكومية الدباغية وغيرها .. قد بلغت المدى من السفالة والضحالة ، ومن الكذب والتضليل .. لابد أن أعرّج قليلاً الى ماسمعناه أخيراً ، في محاكمة طارق عزيز .. كمثال على مايجري ..

أضاف المدعي العام للمحكمة الجنائية من ( جماعة الدكتور ) وحزبه ، حليف حزبي البرزاني والطالباني ، أنه قد أُضيفت تهمة جديدة الى ( تهم ) طارق عزيز .. ويالها من تهمة .. تلك هي : ( تسييس خطب الجمعة ...!! )
عزيز .. المسيحي الكلداني .. يسيس خطب الجمعة في المساجد .. !
هل سمعتم بهراء أكبر من هذا ..؟ أم أنه قول حكومة قد دخلت في خريفها وتخريفها ..؟
ولماذا لم يقم بذلك وزير الإعلام .. أو وزير الأوقاف .. أو حتى بإشارة واحدة من إصبع صدام ليتم ذلك في الجوامع والحسينيات .. !! ؟؟

لست بصدد أن أقف الى جانب طارق عزيز .. ولا أمتلك هذا الحق القانوني .. ولو إمتلكته لفعلته .. ولكنني أتساءل :
ما العلاقة بين طارق عزيز .. أنجح وألمع وزير خارجية ، ربما منذ العهد الملكي ، وبشهادة العالم قبل العراقيين ، بقتل تجار شيعة في الشورجة ..؟
لماذا لم يقم بذلك رئيس جهاز المخابرات أو الأمن مثلاً ..؟
أليس هذا هو المنطق ..؟

أم ترى أن القضاء العراقي ( المستقل ) .. وحكومة العراق ولسانها ( الدكتور ) الذي كان يمتهن ( ....... ) في دولة الإمارات .. قد فقدوا عقلهم كما فقدوا كرامتهم ..؟؟

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com
+

Tuesday, May 20, 2008

تدنيـس القرآن .. ومواقف رجال ( الِدمَنْ ) .. ومراجع ( الخِصَام ) ..!

تدنيـس القرآن .. ومواقف رجال ( الِدمَنْ ) .. ومراجع ( الخِصَام ) ..!

علي الحمــداني

مالكم أيها المسلمون .. أقمتم الدنيا ولم تقعدوها .. لحادثة عابرة قام بها جندي أمريكي محتل لبلدكم وبتصرف فردي !! ؟
ألم تقرأوا إعتذار بوش لرئيس وزرائكم نوري المالكي .. حتى بدون أن يستنكر هذا الأخير ماحدث ومن خلال موقعيه :
رئيس وزراء دولة .. ورئيس حزب ( إسلامي ) !!

ألم تقرأوا إعتذار قائد القوات الأمريكية في العراق لكل من نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ، ورئيس مجلس نواب العراق ، محمود المشهداني ألم تسمعوا ماقاله الإثنان ..

الأول طلب إعتذاراً مكتوباً ..!! لاندري هل يريد تضمينه في سيرة حياته الذاتية عندما يكتبها للأجيال ، ويضيفها الى تاريخه النضالي منذ أن كان رائد ركن في الجيش العراقي ومدرّساً في كلية الأركان العراقية ، وبدرجة عضو فرقة في حزب البعث العربي الإشتراكي .. حتى إنتقل بعد فصله من الحزب ، ونقله من وظيفته بسبب عملية تواطؤ وغش حين أعطى أحد التلاميذ في تلك الكلية العريقة أسئلة الإمتحان ، وتم كشف ذلك .. وهرب الى خارج العراق ليصبح ( إسلامياً ) ويبدأ بالتآمر مع زمر الخيانة من ساسة الشيعة الإيرانيين .. ويضع يده بيد الأمريكان .. ويدخل العراق ليتبوأ رئاسة حزب .. ونيابة رئاسة الجمهورية ..!

أما الثاني ، فقد صرح بعد لقائه للجنرال لويد أوستن ، قائد القوات الأمريكية ، بما يلي :
" تصرف الجندي الأمريكي هو تصرف شخصي وعمل فردي وإن خوفنا أن تُستغل هذه الحالة لأغراض سيئة ...!! "
والمشهداني ، هو أيضاً " سيد " كالأول .. وإسلامي غيور ..!

ماذا فعل هذا الجندي الأمريكي .. سوى أنه أطلق الرصاص على القرآن الكريم .. ونقلت لنا الصور على مواقع الأنترنيت والتلفزة ذلك .. ثم قام بتدنيس كتاب الله ، ومن ضمن ماقام به التبول عليه .. !!

دعونا نفترض ونقول .. أن كلاً من المشهداني ، والهاشمي ، والمالكي ، والطالباني .. ونوابهم ومريديهم .. هم رجال سياسة ودولة ، وعليهم الإلتزام بالأعراف الدبلوماسية والتمسك بلغتها .. هم سياسيون ، وعليهم إلتزامات مع الأمريكان ، وعليهم مداراة الموقف والفعل الشنيع بالتصريحات المرنة التي لاتخدش الهيبة الأمريكية ..!

ولكن مابال .. رجال الدين .. والمراجع العظام .. وعذري من الحدث ، أنني أسميتهم بغير ذلك في عنوان هذا المقال ..؟
ومابال .. رؤساء الأحزاب ( الإسلامية ) .. ؟
ثم ما بال .. الولي الفقيه وآيات الله في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ..؟
وما بال .. وأين هم .. ( علماء ) الأمة .. وأصحاب الفتاوى في المملكة العربية السعودية ، أو باكستان ، أو بقية دول الإسلام .. ؟

أين عبد العزيز الحكيم .. ( السيد ) إبن رسول الله ، رئيس المجلس ( الإسلامي ) الأعلى .. ومع تقديرنا لظروفه ( الخاصة ) جداً ، ولقاءاته مع بوش ومعيته .. وهنري كيسنجر .. ولكن الا يستحق الموضوع ولو كلمة من باب ذر الرماد في العيون ، كما فعل غيره .. ؟ أم للعمالة قوانينها وأعرافها ..؟

أين عدنان الدليمي .. ؟ ألم ( يهزّ ) الحدث شعرة من لحيته أو رأسه .. ؟

أين الصغير جلال الدين ، والقبنجي .. وكبيرهم آية الله ( العظمى ) علي السيستاني .. ؟ أم أن هذا الموضوع لايستحق إستنكار أو فتوى ..؟

أين شيخ الأزهر .. والخطب الطنطاوية .. والفتاوى والتصريحات ..؟
وأين ( إبن جبرين ) .. والساكت عن الحق شيطان أخرس .. ؟

أين خامنئي .. وتلميذه البار نجاد .. أليس هذا القران .. والفاعل أحد أبناء الشيطان الأكبر ..؟ أم أن عندكم قرآن غيره .. فأتونا به إن كنتم صادقين .!
أليست هذه أرض فيها علي والحسين والعباس .. وبقية طليعة شهداء أهل البيت .. ؟
أم أن رجال فارس ، في حكومة التحالف والإئتلاف .. هم لديكم أهم من كل ذلك ، ومن كل ماحدث .. ؟
هل اللطم وضرب القامة والزنجيل .. أهم من قرآن الحسين .. ؟ المُنَزّل على جد الحسين .. ؟

كلمة إستنكار واحدة ، هو أقل مانريد منكم ياأصحاب التقية والنفاق ووعاظ السلاطين والمتأسلمين .. !

التساؤلات كثيرة .. والمسؤولون أكثر .. ولانتوقع إجابات أو ردود فعل بحجم ماحدث ..

هي ليست الحادثة الأولى من هذا النوع .. أم أن ذاكرتنا قد بدأ يصيبها الوهن والضعف ..؟
هل نسينا سجن أبي غريب .. وما حدث فيه ..؟
هل نسينا العراقيات المعتقلات في سجون السَفَلةِ والقَتَلة ..؟
أم هل نسينا الشهداء الذين قضوا وهم يؤدون الصلاة في مسجدهم في الرمادي بعد أن أطلق عليهم الأمريكان النار .. ؟
وهل نسينا فتاة المحمودية .. وإغتصابها .. وقتلها مع عائلتها .. ؟
أم هل نسينا تفجير المراقد وبيوت الله .. وحرق مافيها ومنها كتاب الله ..؟
ألم تنقل كل تلك الأحداث وغيرها على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام الأخرى .. فماذا فعلتم .. إلا الكلام والتمثيل ودموع التماسيح .. ؟

هل نحن مسلمي ( الإستنكارات ) والغضب العابر ..؟
وهل أن رسوم رسام الكاريكاتير الدانماركي .. هي فقط من فَتَحَ فم صحافتنا الألكترونية .. والورقية .. والتلفزيونية .. ؟

وأخيراً .. هل ياترى .. ستحرك هذه الكلمات سواكن كل مَنْ ذكرت .. وكل من لم أذكر .. ؟
ولكن هل لي أن أذكّر .. فهل مِن مُدّكِر .. ؟ وأقدم مايجول بخاطري في هذه اللحظات هدية الى هؤلاء وغيرهم :

يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو يصف القرآن ببلاغته وحكمته المعهودتين :

( وإنَّ القرانَ ظاهِرُهُ أنيقٌ وباطِنُهُ عَمِيقٌ .. لاتَفنى عَجَائبُهُ ولا تَنْقَضي غَرائبُهُ ولا تُكْشَفْ الظَلُماتُ إلا بهِ )

ثم أتذكر شعر الإمام الشافعي رحمه الله ، وهو يقول :

إذا حــارَ أمرُكَ في معْنَيينِ
ولمْ تدرِ حيثُ الخطأُ والصوابُ

فَخَالِفْ هَواكَ فإنَّ الهوى
يقودُ النفــوسَ الى مايُعـــــَابُ

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com

Thursday, May 15, 2008

دولة الفيلد مارشال " مونتغمري " المالكي .. وقيادة المعارك الحاسمة ..!

دولة الفيلد مارشال " مونتغمري " المالكي .. وقيادة المعارك الحاسمة ..!

علي الحمـــداني

لسنا هنا بصدد إضفاء موهبة القيادة العسكرية على القائد العام لقواتنا المسلحة ، فوضعنا بدل إسمه ، إسم القائد العسكري البريطاني البارز في الحرب العالمية الثانية ، الفيلد مارشال برنارد مونتغمري ..
ربما العكس هو الصحيح ، فنحن نريد أن نبرز عبقرية ذلك القائد العسكري بمنحه إسم دولة قائدنا العام ..!
فنحن في زمن إنقلبت فيه المقاييس والمعايير .. فأصبح الأسود أبيضاً .. وغدا الكاذب صادقا .ً.!!

لَِما لانُكرّم قيادة مونتغمري العسكرية .. بالقيادة العسكرية الفذّة لقائدنا ..؟
فهناك حقيقةً نقاط تشابه بين الإثنين .. كما أن هناك أيضاً نقاط إختلاف ..!

ولكن دعونا نتكلم بصراحة ، واعتبروها ( سالفه من هالسوالف ) .. التي نسمعها كل يوم . فالمثل العربي يقول ( أعذب الشعر أكذبه ) ، ونحن نقول : (أصبحت سوالف حكامنا .. كلها عذبة ! )

يبدو أن إحدى الأقدار و ( البلاوي ) عند العراقيين ، أن يتولى رأس الدولة دائماً قيادة العسكر .. بعضهم لبس الخاكي وطرّز كتفيه بالنسور والنجمات والسيوف والشارات الحمراء .. ولكنه على الأقل كان يعمل تحت إمرته قادة عسكريون أكفّاء ، مهنيين ، محترفين ، ومتدرجين في سلم الرتب العسكرية ، وأصحاب خبرة طويلة ..
وهو على الأقل كان يمتلك صفتي الشجاعة وقوة الشخصية ، فاستطاع التأقلم مع الرتبة العسكرية الرمزية التي منحها لنفسه وحملها على كتفه ..

أما الآن .. فلا القائد العام للقوات المسلحة يمتلك الشجاعة .. وليس على وجهه ( الباكي ) أي من سمات قوة الشخصية أوالإقدام أو القيادة ..!
ولا ( الجنرالات ) العاملين بمعيته .. يفقهون مايعملون .. وأنى لهم ذلك .. وقد حملوا الرتب العالية وشارات الأركان الحمراء خلال خمس سنوات فقط والأخيرة فقط تحتاج الى سنتين من الدراسة الصعبة والمضنية ..!

لكنه كما قلنا .. هو الزمان .. ياسادة ياكرام ، حيث أصبح كل شيئ مقلوباً .. حتى الفارسي ، قد أصبح عربي العشيرة واللقب .. وصار الأعلى أسفلاً .. والأسفل قد غدا عالياً .. والحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه .

تنقل القائد العسكري مونتغمري ، بين معارك شمال أفريقيا الضارية ، بعد أن دحر القائد الألماني رومل ، المعروف بثعلب الصحراء .. بدهاء مميز وقوة عسكرية ، إنتقل الى نورماندي في شمال فرنسا حيث وضع اللمسات الأخيرة على الإنزال الجوي الشهير .. وشارك ميدانياً في قيادة المعركة . وكانت كل عملية عسكرية يخوضها تحمل إسماً رمزياً .

القائد العام لقواتنا المسلحة .. إنتهى من معارك البصرة في الجبهة الجنوبية ، بعد أن دحر مقتدى ، المعروف برجل الدين الشاب .. بدهاء إيراني وقوة أمريكية ، وانتقل الى الموصل على الجبهة الشمالية لكي يعزز بخبرته العسكرية سير المعارك .. ولكنه ، ودلالة على عبقريته ، لم ينسى أن يوعز الى ( الحلفاء ) بسد بوابات سد الموصل ليقطع المياه عن المدينة وعن ( الأعداء ! ) .. كما لم ينسى أن يصطحب معه ( رئيس أركانه الجنرال ) كريم شاهبور ، المعروف على مستوى العسكرية العالمية بإسم ، موفق الربيعي ..! وأيضاً لم ينسى ، أن يسمي المعارك بالأسماء الرمزية .. فمن ( صولة الفرسان ) الى ( زئير الأسد) الى ( أم الربيعين ) .. والإسم الأخير قد عبّر عنه الرفيق في الحزب الديمقراطي الكردستاني ، خسرو كروان ، يوم أمس على شاشة إحدى الفضائيات بأنه أقل حدة وأكثر جمالية من ( زئير الأسد ) ... أحسنت كاكا ..!!

لاشك أن خبرات قائدنا العام هي في غنىً عن التعريف .. فهو خريج أكاديمية ( الرادود ) للعلوم العسكرية .. وزميل كلية أركان حرب ( قم ) ..!!
وقد قضى سنوات طويلة يمارس مهنته العسكرية .. بخوض معارك ووضع خطط إستراتيجية في ( جبهة ) السيدة زينب من أرض الشام .. وكان يرتب القطعات العسكرية بنظام متقن كعملية ( لظم السبح ) !! ، ويتم تسعير " من السعير " نار ( قدر الباجة ) كتسعير نار الحرب .. وذلك في إحدى زوايا (جبهة ) السيدة زينب ، في الركن المقابل لشركة نقليات المصطفى ... أيام زمان !!

بقيت فروقات بسيطة بين مونتغمري 1 .. و منتغمري 2 :

الأول ، أدار معارك وربحها قبل أن تدخل أميركا الحرب العالمية الثانية الى جانب الحلفاء ..
والثاني دخل مع أميركا والحلفاء وبدأ بإدارة المعارك !!

الأول ، إعتمد على القدرات القتالية الذاتية ، والمقدرة الفنية العسكرية ، وطاقم كفوء من القادة ..
والثاني إعتمد على القوة الجوية الأمريكية .. وطاقم كفوء من العمائم كمستشارين ..!

الأول ، إنتقل بعد النصر الذي حققه في شمال أفريقيا ، الى الجبهة الأوربية ..
والثاني إنتقل بعد نداءات إستغاثة من القصر الرئاسي في البصرة الى بغداد وعلى متن طائرة ( اباتشي ) عسكرية أمريكية ..!

الأول ، قاتل عدواً لوطنه ..
والثاني ، يقاتل أبناء وطنه ويذبح أبناء جلدته ..

إنتهت ( سالفتنا ) .. والبقية ، حتى تنقضي عملية (أم الربيعين ) .. أو يقضي عليه ( زئير الأسود ) في ( أم الربيعين ) .. ولنا لكل حادث حديث !

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com


مايحدث في محافظات ومدن العراق وبشكل منظّم هو خطوات لتطبيق نظام الأقاليم الإنفصالي

مايحدث في محافظات ومدن العراق وبشكل منظّم هو خطوات لتطبيق نظام الأقاليم الإنفصالي

علي الحمـداني

من البديهيات المعروفة أن وضع أي خطة عمل وتنفيذها ، يتطلب توفر عوامل ثلاثة رئيسية هي :
ـ توفر المخطط أو المخططين لوضع تفاصيل العمل وتحديد الهدف والجدولة الزمنية للوصول الى الهدف وإختيار الوقت المناسب للبدء بالتنفيذ .
ـ توفر المنفذين لهذه الخطة وتحديد واجباتهم ورسم خطة عملهم وأيضاً الجدول الزمني لإنجاز المهمة ، مع الأخذ بنظر الإعتبار ماقد يطرأ من مستجدات على مسار التنفيذ ، والإستعداد لمعالجتها .
ـ توفر عوامل الإسناد والدعم للتنفيذ ، وهذا يشمل مستوى ونوعية المنفذين وتوفير مستلزمات إنجاح العمل مالياً وإستشارياً ولوجستياً وغير ذلك .

هذه الخطة قد تتسع دائرتها وقد تضيق وفقاً لحجمها ونوعها وأهميتها وعوامل إنجاحها أو معوقات فشلها . فما ينطبق على الخطط الصغيرة وعلى مستوىً ضيق ، هو نفسه ماينطبق على الخطط التجارية والصناعية والإستثمارية على مستوى العمل المؤسساتي ، وهو أيضاً ماينطبق على دائرة العمل السياسي وخططه على مستوى الدولة أو على المستوى الإقليمي .. وهي جميعها لاتخرج عن نطاق توفير العوامل الثلاثة أعلاه بشكل أو بآخر ، وبدرجة أو بأخرى ، وضمن جدول زمني قد يطول وقد يقصر وفقاً لحجم الخطة موضوع التنفيذ .

ما يهمنا من جميع مستويات ونوعيات هذه الخطط ، هو ( الحالة العراقية ) . وهنا نتكلم عن أوسع الدوائر في خطط العمل ، والتي تتطلب الجهد الأكبر والوقت الأطول . وتحتاج الى توفير عوامل أخرى إضافةً الى ماذكرنا ، لأنها ، أي هذه الخطة ، تقع ضمن الدائرة الدولية والسياسة العالمية من حيث وضعها . ومن ناحية تنفيذها لابد من الإشتراك بين التنفيذ الخارجي والإقليمي والمحلي مع توفيرعوامل إسناد أكبر ، وتحضيربدائل تنفيذ جديدة في المستوى الإحتياطي وتحسباً لكافة المتغيرات والتداعيات التي قد يفرزها تنفيذ الخطة .

هذه العوامل الجديدة ، هي :
ـ التمهيد والتحضير لعملية التنفيذ على كافة المستويات .
ـ التنفيذ على المستوى السياسي .
ـ التنفيذ على المستوى العسكري .
ـ التنفيذ على المستوى الإقتصادي والإجتماعي .
ـ توفير عوامل الإحتفاظ بمحصلة ونتائج الخطة بما يضمن نجاح الهدف وإستقراره .

بعد هذه المقدمة المختصرة .. أود أن أتناول الموضوع بخطوطه العامة ، وبشكل مركّز بدون أن أثقل على القارئ الكريم ، خصوصاً وأن بعض فقرات هذا الموضوع قد قمت بطرحها في مواضيع سابقة ، وبعضها الآخر قد تناولها عدد من الزملاء في كتاباتهم .. ولكن مايهمني بالدرجة الأولى ، هو ربط كافة هذه التفاصيل بما ينطبق وعنوان هذا المقال على ضوء النقاط التي ذكرتها أعلاه .

لاشك أن مرحلة التمهيد والتحضير لإغتيال العراق ( البلد والشعب ) قد بدأت في وقت مبكر قد يمتد لثلاثة عقود من الزمن أو أكثر ، إلا أن ماتم الإعلان عنه في الوقت المناسب ، هو فقط تصفية القيادة السياسية للعراق كهدف ، إنطلاقاً من جملة فرضيات ، تم التعامل معها إعلامياً سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي على أنها حقائق ثابتة مسلّم بها .. وأن الهدف من وراء تحقيق ذلك الهدف ، هو الأمن والسلام العالمي المهدد من قبل حاكم العراق ، ومحاربة الإرهاب الذي يمثله تعاون الحاكم مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن والذي كان قد إكتمل غسل دماغ العالم بخصوصه بعد أحداث سبتمبر ، وتدمير أسلحة الدمار الشامل التي لدى قيادة العراق والتي تريد إستخدامها لضرب دول الجوار وتهديد الغرب ، وإزالة الدكتاتورية الجاثمة على صدر العراقيين وفتح أبواب الحرية والديمقراطية أمام الشعب العراقي المظلوم والمبتلى بدكتاتوره .!

من أجل كل ذلك ، كان على ( زعيمة العالم الحر ) ، أن تتحرك ، وتتحمل مسؤولياتها التاريخية ، وتضحي حتى بأبنائها من أجل أبناء العراق ..!!!
وهنا بدأت الصفحة الثانية ، من المخطط ، وهي الصفحة السياسية .. والتي كان يجب أن تنفذ بعناية وترافقها ماكنة الإعلام الصهيوني الغربي ، لكي تمهد للصفحة الثالثة من المخطط .
بدأت هذه الخطوة بموضوع الحصار الإقتصادي .. مع محاولات الإيحاء ، بأن هذه العملية هي عملية ضرورية للضغط على القيادة السياسية في العراق لغرض إجبارها على تغيير سياستها ، وأن المقصود منها هي قيادة صدام حسين وليس الشعب العراقي الذي ينظر اليه الغرب بعين العطف ويعمل على مساعدته ويتمنى له حياة مستقبلية أفضل ..!!
ثم .. وكمبادرة ( إنسانية ) .. لمساعدة الشعب العراقي ، الذي لاذنب له والمغلوب على أمره بسبب قيادته .. تم إتخاذ خطوة جديدة على مستوى الأمم المتحدة وبمبادرة من الغرب وزعيمته .. تلك هي وضع برنامج ( إنساني ) أطلقوا عليه ( برنامج النفط مقابل الغذاء ) ..
ويلاحظ هنا أن تسمية البرنامج تتفق سيكولوجياً ومنطقياً ، مع الهدف الأمريكي المعلن ، وهوأن الهدف هو تركيع النظام لكن مع عدم الإساءة والضرر للشعب العراقي ( المسكين ..! ) فالغرب سيأخذ جزء من عائدات النفط ، لكي يوظفها في توفير السلع الغذائية الضرورية والخدمات لشعب العراق بسبب وجود الحصار الإقتصادي على ( النظام السياسي ) العراقي ..!! فتم بذلك تحقيق هدف مزدوج ، إعلامي فيما يخص الشعب العراقي ، وإقتصادي فيما يخص شركات النفط الغربية وشركات الأغذية والخدمات !

ثم ، وفي نفس المسار ، بدأت ( الأمم المتحدة ) بعمليات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل من خلال ( مفتشيها ) ولجانها .. والتي عرف العالم لاحقاً وبإعتراف هؤلاء ، أنهم كانوا جزءاً من منظومات المخابرات الأمريكية ، وأنهم قدموا لهم ومن خلال عمليات التفتيش ، كافة التفاصيل والأسرار العسكرية العراقية ، من أسلحة ، ومواقع مهمة ، ومبان سرية ، وتشكيلات عسكرية ، وغيرها .. لكي تتم الإستفادة منها عند تنفيذ مهاجمة العراق ، والتي كانت الخطة قد وضعت على أجندة البيت الأبيض منذ زمن .!
فتحت لهذه اللجان حتى القصور الرئاسية .. إضافة الى المواقع العسكرية والمدنية على حد سواء .. وكانت النتائج لاتكاد تذكر أمام إدعاءات وجود اسلحة الدمار الشامل .. وحتى تلك التي تم تدميرها ، من مواد كيمياوية ، أو أسلحة ثقيلة .. ليست أكثر من معدات توجد في كل جيوش العالم ، ويتم شراؤها أصلاً من الغرب .. كما فعل رامسفيلد ، حين إلتقى صدام حسين في بغداد عام 1984 ، وباعه مواد كيمياوية أمريكية المنشأ ومن شركات رامسفيلد نفسه !!

خلال تلك الحقبة ، تم البدء مبكراً بخطوة يفترض أنها من خطوات الخطة بعيدة المدى .. تلك هي خلق حالة شبه إستقلالية لمنطقة شمال العراق والتي بدأت تعرف ( بكردستان العراق ) .. بعد أن كان التعاون الإسرائيلي ـ الكردي " ممثلاً بمصطفى البرزاني " ، والذي كان قد إبتدأ منذ الخمسينات ، قد بدأ يؤتي ثماره ، خصوصاً مع ضعف وتحجيم حركة الحكومة المركزية في بغداد ، وفرض مناطق الحظر الجوي فوق العراق !

ثم بدأ التمهيد ، للصفحة الثالثة ، وهي الصفحة العسكرية ، ومن خلال إصرار الإدارة الأمريكية على وجود أسلحة الدمار الشامل المخيفة في العراق وإستمرار تعاون النظام العراقي مع ( القاعدة ) الإرهابية ! وإصرار صدام حسين على تنكيله بشعبه ( الشيعي والكردي ) !!
في نفس الوقت ، بدأت التحضيرات العسكرية الأمريكية تأخذ دورها ، أولاً عن طريق قاعدة ( إنجليك ) العسكرية التركية ، وبعد رفض البرلمان التركي لهذه الخطوة .. إنتقل الثقل العسكري البري والجوي الى الخليج لاسيما الكويت وقطر ، إضافة الى حاملات الطائرات والبوارج الحربية التي إتخذت مواقعها في مياه الخليج العربي .
وبدأت الإنذارات ( الشكلية ) الأمريكية تتوالى بالطلب الى صدام لترك العراق .. وحتى قبل الهجوم يوم 20 / 3 / 2003 ، ظهر بوش على شاشات التلفزيون ليطلق إنذاره الأخير بحركة مسرحية تمثيلية ، بأن يترك صدام وولديه العراق وخلال مدة أقصاها 48 ساعة ، وإلا سنهاجم ! .. ونحن نعلم الآن ، أنه حتى لو حدث ذلك جدلاً ، ماكان ليغير من الخطة الأمريكية في غزو العراق والتي تم إستكمالها تنظيمياً وتعبوياً .. لقد كانت عملية التهديد والإنذارات عمليات تكتيكية للإستهلاك والتضليل العراقي والعربي ليس إلا ..!

تم تنفيذ الصفحة الثالثة ، وتحقق غزو العراق ، وسقط صدام ، وجرت الأحداث بما نعرفه منذ 9 / 4 / 2003 .. وحتى يومنا هذا !

كل ذلك ، كان ومن وجهة نظري المتواضعة ، يمثل كفة واحدة من كفتي الميزان .. أما الكفة الثانية والمهمة ، فهي ماحدث ويحدث منذ أكثر من خمس سنوات لغرض تحقيق توازن الكفتين من جديد .. أي تحقيق الهدف الأمريكي ـ الإسرائيلي .. والمحافظة عليه .. وهما الفقرتين الأخيرتين ، من الفقرات الخمس التي أشرت اليها أعلاه .

في الداخل العراقي ، وعلى المستوى الإقتصادي والإجتماعي ، نختصر ماحدث بالنقاط التالية .. والتي أيضاً تعتبر خطوات تمهيدية مهمة ، لتحقيق الهدف النهائي وهو تقسيم العراق ، والذي بدأ مع المواجهات العسكرية في محافظات ومدن العراق بدءاً بالرمادي .. مروراً ببغداد .. والجنوب .. والبصرة .. والآن بالموصل !! .

هذه النقاط التمهيدية هي :
ـ التعمد في تدمير البنية التحتية العراقية وإشاعة الإرهاب والفوضى وفقدان الأمن .
ـ التعمد في نقص وإنعدام الخدمات العامة الأساسية للمواطنين بما فيها الخدمات الصحية المهمة .
ـ إهمال الحفاظ على الثروة القومية للعراق وتركها للنهب والتهريب .
ـ تشجيع تفشي السرقات واللصوصية بين المسؤولين الحكوميين في حكومات الإحتلال الأربعة .
ـ إهمال تفشي البطالة بين الشباب وإنحرافهم .
ـ تشجيع تفشي إنتشار المخدرات بين الشباب وتحولهم الى الإدمان وتسهيل وصول المخدرات اليهم خصوصاً عن طريق إيران .
ـ تشجيع هجرة العوائل العراقية ، بعد أن تم تهجير العقول والكفاءات ، وتصفية من بقي منهم جسدياً .
ـ ظهور المليشيات الحزبية والطائفية والعرقية المسلحة ، وإغماض العين على مصادر تمويلها وتسليحها .
ـ تثوير النعرات الطائفية والعرقية بين الأديان والمذاهب والقوميات .. وتشجيع ذلك بكافة السبل المتاحة .
ـ سن وتمرير قوانين إقتصادية وسياسية تخدم المحتل وأعوانه في كراسي الحكم .
ـ تشجيع الأحزاب الكردية على المضي قدماً في مخططاتها الإنفصالية ، وحملاتها العرقية للتكريد .
ـ ظهور وتفشي الدعارة بين النساء داخل العراق وفي دول الهجرة .. وتفشي ظواهر مثل زواج المتعة بتشجيع وفتاوى دينية بحجة الحفاظ على المرأة.
يقول فكتور هوجو " إذا جاع الرجل إستجدى ، وإذا جاعت المرأة باعت .. "
ـ تشجيع التطرف الديني الطائفي بشقيه السني والشيعي عن طريق رجال دين عملاء ومزيفين .
ـ إنتشار السلاح بين الأفراد والمناطق السكنية وبشكل غير مسبوق .
ـ وصول معدلات الفقر والفاقة الى أعلى مستوياتها لدرجة بدأت معها ظواهرغريبة مثل بيع الأطفال !
ـ البدء في تقسيم الأحياء السكنية داخل المدينة الواحدة بين سنة وشيعة ، بل وبناء جدران عازلة حول بعض الأحياء داخل بغداد .
ـ وأخيراً ، وربما ليس آخراً .. إشعال نار المصادمات المسلحة داخل المحافظات والمدن العراقية بإسم ملاحقة الخارجين على القانون تارةً ، وبإسم ملاحقة الإرهابيين والقاعدة تارةً أخرى .. وكل ذلك يسير بموازاة وتوقيت ، مع التدخل الإيراني السافر في الشأن العراقي بشكل مباشر أو من خلال رجال حكومة بغداد أو الأحزاب الطائفية الإيرانية ذات النفوذ والتسليح .. وكل ذلك يتم ، وكأن الأمر لايعني الأمريكان لامن قريب ولا من بعيد !!!

نخلص من ذلك الى أن ماذكرناه من نقاط أعلاه ، وربما مافاتنا ذكره .. ماهي إلا مقدمات وخطوات تمهيدية ، تم تحقيقها وتطويرها ، بتعمد وتخطيط وقصد خبيث للوصول الى تفكيك الجغرافية العراقية من خلال تفتيت النسيج الإجتماعي والإقتصادي والثقافي العراقي .

فلو أننا أردنا أن نلقي نظرة سريعة ، وفي هذه المرحلة ، على العراق .. الخارطة والوطن .. لوجدنا مايلي :
ـ سيطرة شيعية مدعومة من إيران وبشكل كلي على الجنوب العراقي ، شارك فيها كل من عبد العزيز الحكيم ، ومقتدى الصدر ، والمرجعيات .. بالرغم مما يبدو من حالة عداء ظاهرة وصراع وتضارب في الإتجاهات السياسية والعقائدية .. وهي لاشك خطوة مهمة بإتجاه بلورة إعلان إقليم الجنوب سواء عن طريق الإنتخابات المحلية أو وفق أساليب مبتكرة اخرى !

ـ العمل على تفتيت محافظة نينوى السنية العربية .. ومن خلال مايجري هناك الآن ، وتحت رعاية المالكي شخصياً ، بحجة مايسميه الإشراف على سير العمليات العسكرية .. والرجل لايفهم أبجدية العسكرية كما هو معروف ..!
أصبح الآن في الموصل كل من رئيس الوزراء ، وزير الدفاع ، وزير الداخلية ، ومستشار الأمن الوطني موفق الربيعي !!

الغرض الرئيسي الذي تم تحت هدف ( مطاردة القاعدة ) .. هو تكريد الأقضية والنواحي التابعة لمحافظة نينوى في الجانب الشرقي من مدينة الموصل وقد إبتدأ تنفيذ خطة " نيجيرفان بارزاني " في هذه المناطق .. مع نشاط وهمة مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل ، نائب المحافظ ، خسرو كوران ، وقائد اللواء العسكري لميليشيا البيشمركة " نور الدين الهركي " !
هذا من جهة ، ومن الجهة الثانية .. هو القيام بحملات تصفية لعناصر ضباط الجيش العراقي السابق ، بالرغم من أن معظمهم في الستينات من عمرهم الآن .. الحقيقة التي أكدها رسمياً نواب الموصل في مجلس النواب العراقي ، محمود العزاوي ، أسامة النجيفي ، وعز الدين الدوله .. وأكدها شهود عيان ورسائل الى مواقع الكترونية أهالي الموصل أنفسهم.. حيث يجري العمل وفق قوائم بأسماء هؤلاء ، وإستجوابهم أو إعتقالهم .. ويقال أن من يتولى المهمة هي منظمة بدر وفق قوائم زودت لها من قبل إيران ! .
إعترف جواد البولاني ، وزير الداخلية الحالي ، وعضو شعبة في التنظيم العسكري لحزب البعث سابقاً ، يوم أمس ، أن عدد المعتقلين هو 500 فرد ، بينهم ضباط من الجيش ..!!
ومن جهة أخرى ، فإن الحملة تهدف أيضاً الى ، تحجيم وإضعاف دور العشائر العربية في الموصل ، والتي ستكون حتماً هدف من أهداف الحملة ، وبشكل من الأشكال ، وهذا ماسوف تبينه لنا الأحداث قريباً ..!

ـ إنتهت حملة البصرة بمساعدة أمريكية ـ إيرانية .. وتسير حملة الموصل وفق ماخطط لها ومن قبل نفس الأطراف .. وتم تحجيم وإضعاف دور المناطق الأخرى في العراق عن طريق مايسمى ( بمجالس الصحوة ) التي وضعت قدراتها تحت تصرف الحكومة والأمريكان .. وبثمن ! ولم يبقى بعد ذلك سوى الإعلان عن ( العراق الفيدرالي ) .. وتلك ستكون الخطوة الأولى وهي في الحقيقة تعني نظام ( كونفدرالي ) .. سينتهي الى التقسيم على شكل دويلات ثلاثة أو أربعة وحسب ماهو مرسوم له ..

عندها تكون إسرائيل وأميركا ، قد حققتا هدف تم العمل من أجله ، وعلى مدى عقود من الزمن .. وبالتعاون مع : إيران ، والأكراد ، والقاعدة نفسها التي لايزال يعتبرها البعض من أنها تمثل وجهاً إسلامياً معادٍ للغرب !!

إن كل مايظهر على السطح من السياسة .. ماهو إلا السراب الذي تُخدعْ به الشعوب .. أما الحقائق .. فهي في الأعماق حيث لايصلها إلا القليل ..!

lalhamdani@yahoo.com

مصادر مساعدة للبحث :
ـ " من يريد إغتيال مقتدى الصدر " . جيل مونيه . ترجمة الدكتور عبد الإله الراوي . شبكة البصرة .
ـ " خذوا فقهكم واتركوا لنا أخلاقنا " . حسين عبد الخضر . موقع كتابات .
ـ مقالات سابقة للكاتب ، يمكن مراجعتها على :
www.alialhamdani.blogspot.com





Tuesday, May 13, 2008

أحسـنتِ ياميادة العسـكري ... ولكن

أحسـنتِ ياميادة العسـكري ... ولكن

علي الحمـداني

أقرأ ماتخطه يمينك على صفحة " كتابات " .. وأشعر مع السطور بنبض عراقي في قلب مهاجر ولو كان في الوطن .. فالغربة لم تعد مصطلح يعني كل عراقي خارج الحدود الجغرافية للوطن .. فما أكثر الغرباء من أبناء العراق في عراقهم .. وما أكثر الغرباء الذين قدموا من خارج الحدود ليقولوا لنا أنهم عراقيون ..!

لا أخفيكِ .. أنني أحسستُ أحياناً في الكلمات التي تنساب من قلمكِ لوناً وطعماً فيه نكهة طائفية لاتتفق وجمال الطبق الذي تطهيه بعناية على هذه الصفحة المفتوحة للجميع كي ينهلوا منها مايشاءون ..
ولكني ، أعود فأقول .. ومَنْ منّا لاتنزلق منه كلمات وسطور من بين آلاف الكلمات التي تتدافع لتخرج من قلبه عبر أنامله الى قلمه .. وقد يكون فيها مايفسد الطهي الجيد لمقال أردناه أن يكون أجود .. فمن كان منا بلا خطيئة .. فليتناول أول حجر وليرجم به مَن به خطيئة ! وذلك عذركِ وعذرنا ..!

لذلك ، سيدتي ، فأنا لست هنا لكي أحمل حجراً .. أو أسفه رأياً .. أو أدعو الى مايدعو به البعض للبعض من " المعصومية ".. !

جميل هو عنوان مقالك " بين الخضراء والحدباء " .. وجميل هو إختيارك لكلمة الخضراء كي تسبق الحدباء .. فالخضراء الدولية قد أصبحت مالئة الدنيا وشاغلة الناس .. أما الحدباء ، فمن سوء حظها .. أنها وُلِدَت في مدينة في أقصى شمال العراق .. ولم تَقُم في إيطاليا كي تنال حظوة برج بيزا المائل !

لعل ذلك ، قد جعلها أيضاً تنال من من مقالكِ .. قدراً صغيراً .. رغم أن " اليونسكو " قد أقرّت بتراثيتها .. وطلبت ترميمها والعناية بها ، لولا أبناء "العراق" الغيارى .. في " الخضراء " ..!!

أول .. مالفت نظري .. هو عنوان مقالكِ .. فكان أول مقال أضغط عليه ، لكي أقرأهُ .. ولكنني سيدتي ، وجدت نفسي ، وأنا أمضي مع السطور أن نصيب الحدباء المدينة ، كان أقل مما كنت أتوقع ، ولم يكن الحديث حولها بما يتناسب وعنوان المقال ، أوما تعيشه هذه الأيام من مآسي ، ثقي أنها توازي مآسي البصرة وكربلاء والرمادي .. مع فارق واحد .. أن الجهد الحكومي المتمثل بالقادة العسكريين من طائفيي " بدر " ، ومن بيشمركة الكرد ومن القيادة الأمريكية المشرفة .. قد إتفقوا ، أول ماإتفقوا على فرض التعتيم الإعلامي الكامل على مايجري ، بعد أن تعلموا ، كما يبدوا درسهم من إقتحام مدننا العراقية الأخرى ..! فأرادوا تطبيق التجربة الجديدة على المدينة التي ينبذونها وتنبذهم ..!

أُصبتُ .. ولا أخفيكِ .. بنوع من الإحباط .. مع وصولي الى الكلمات الأخيرة من مقالكِ .. وكم كنت أتمنى من ، ميادة العسكري ، المثقفة اللامعة ، أن توظّف قلمها في مقالها لتعطي الحدباء أكثر من الخضراء .. وكلنا يعرف ماهي الخضراء ، أو الدولية كما يطلق عليها الأمريكان .. وكلنا قد سمعنا عن المشاريع الإستثمارية التي تسعى الشركات الأمريكية الى بنائها في الخضراء .. وحديقة حيوانات بغداد ..
كلنا يعرف من يسكن الخضراء .. وماذا يجري في هذه الخضراء من مؤامرات بحق أبناء العراق ..
وكلنا يعلم عن بناء السفارة الأمريكية الجديدة ، الأكبر في العالم ، في قلب خضراء بغداد ..

ولكن ، ربما أنتِ ، سيدتي الكريمة ، وأنا ، وغيرنا ممن أُبتلي بالثقافة والمتابعة والقراءة وهموم الوطن .. فقط مَن يعلم عن أزمة مدينة تراثية عريقة من مدن عراقنا .. وعلى الجميع أن يعلموا مانعلم ومن خلال أقلامنا.. وحتى أولئك ممن لايكترث لها .. علينا أن نذكّره بأن يكترث للعروبة .. ياسيدتي حفيدة ساطع الحصري ..!

قطعت .. بيشمركة مسعود البرزاني .. المتحكمة في بوابات سد الموصل .. الماء عن الموصل ، وشحت مياه دجلة هناك ، حتى لم تعد المضخات التي على النهر من أن تعمل على سحب المياه التي تستخدم للشرب لتسقي أبناء المدينة !! وكأنني هنا أمام قطع إسرائيل للوقود عن محطات الكهرباء في غزة لكي تحيل حياة أهلها الى جحيم ..!
ثم تقول لنا حكومة المالكي .. أن هناك شحة في مياه نهر دجلة في الموصل بسبب قلة الأمطار هذا العام ..!!!
أنا لست مهندساً ولا فنياً .. ولكنني أعلم ، أن هناك بوابات في سد الموصل ، أي على بحيرة السد الواسعة المملوءة بمليارات الألتار من الماء .. لو فتحت بالكامل لغطت المياه مدنا عراقية بالكامل من الموصل وحتى بغداد .. وهذا مايقوله الخبراء .. فهل أصبح من المستحيل فتح البوابات بدرجة معينة لتعيد منسوب الماء الى نهر دجلة في الموصل الى وضعه الطبيعي ..؟؟

حدث هذا قبل حملة " زئير الأسد في صولة الحق ..!! " بحوالي اسبوع .. فهل هناك من صدفة .. أم أصبح الإستغفال والكذب ديدن ودين حكومة الخضراء ..؟
أليس هذا موضوعاً وجريمة إنسانية يجب أن نوجه له أقلامنا .. بعد أن عجزت تلك الأقلام من أن تغطي جريمة " الهركي " في منطقة " الزنجيلي " في الموصل قبل أشهر .. لتكون شرارة ساعة الصفر التي أعلنها دولة رئيس وزرائنا من كربلاء ، في القضاء على " القاعدة " هناك .. كما أراد القضاء على " العصابات " .. في البصرة ..؟

هل أنه من باب الصدف مثلاً .. أن يرفض الأمريكان والمالكي .. قيام ( مجالس صحوة ) في الموصل لقتال " القاعدة " ..؟ وقد حدثَ ذلك في مناطق عراقية كثيرة ..؟
وهل أنه من باب الصدف أن يرفضان ، تطوع ( 11 ) ألف من أبناء العشائر المدربين لملاحقة " القاعدة " ..؟
أم أنه من باب الصدف .. أن يُعلن عن الحملة العسكرية وحشودها قبل أربعة أشهر .. ؟ ومع أي نظرية عسكرية يتفق ذلك في حرب العصابات التي عادة ما يلعب عنصر المباغتة فيها الدور الحاسم ..؟
هل يجهل ذلك القادة العسكريون الأمريكان مثلاً .. إذا ماإفترضنا جهله من قبل ( قادة ) الجيش العراقي ( الجديد ) لحداثتهم ..؟؟
وهل من باب الصدف .. أم من متطلبات الحملة العسكرية .. أن يتم إعتقال ( 150 ) ضابط سابق من أبناء الموصل العربية ، وعلى القوائم التي يحملها أفراد " بدر " الإيرانيون وذلك بسبب كونهم قد قاتلوا إيران قبل أكثر من ربع قرن من الزمن ..؟ .. هل يُعقل ذلك ..؟ فماذا حدث ياترى للقضاء العراقي (العادل والمستقل ) ..!؟
وماذا حدث لحكومة العراق التي يفترض أن توفر الحماية والرعاية لأبنائها ..؟ فهل أن من شارك من ضباط الموصل في الحرب مع إيران أصبح من المجرمين ..؟؟
إذن ماذا حدث للضباط وضباط الصف والجنود " الشيعة " وبعشرات الآلاف من الذين حاربوا إيران ...؟؟ وأين ذهبَ بعثييهم ..؟؟

هل من قلم منصف .. أومثقف واعٍ .. أوعراقي أصيل .. أو إنسان يحمل بين جنباته معنى من معاني الإنسانية .. أن يخبرنا عما يجري .. وأن يكتب لنا وبضمير حي يليق بمثقف عن كل هذه المهازل والتجاوزات والإعتداءات الإنسانية التي تجري .. ؟
أم أن ثقافة الجثث والدماء أصبحت جزء من حياتنا .. ؟
وأن داء الطائفية والشوفينية .. قد سكّر وأعمى عيوننا وقلوبنا ، فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة .. ؟

ولا زلنا نقول أننا كتّابٌ ومثقفون ..!

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com

Monday, May 12, 2008

حزب الله .. وشركاه .. والحلم الفارسي ! هل حان الوقت لإعادة قراءة الأحداث والمعطيات ..؟

حزب الله .. وشركاه .. والحلم الفارسي ! هل حان الوقت لإعادة قراءة الأحداث والمعطيات ..؟

علي الحمــداني

كانت الإشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على أوجها .. وقد حبسَ الجميع انفاسهم لما يمكن أن يحدث .. فكل شيئ كان محتملاً .. وكل التوقعات يمكن أن يكون فيها نصيب من الصحة !

وصلتني ذات ليلة رسالة على تلفوني الجوال من أحد الأصدقاء ، وهو من أهل السنّة ـ وأجدني مضطراً لذكر ذلك ـ يقول لي فيها " أذاع السيد حسن نصر الله رسالة يطلب فيها من الجميع قراءة سورة الفتح هذه الليلة .." وذيّل الصديق رسالته " أرجوك أن تفعل ذلك إذا إستطعت .."

شعرت حينها بشعور غير عادي ، هو عبارة عن مزيج من الفخر والتعاطف مع مقاتلين يقاتلون جيشاً غازياً لبلدهم .. وأنا العراقي الذي أُبتلي بغزاة لوطنه .. والغريب في الأمر ، أن هذا الصديق ، قد تعرض وتعرضت مصالحه لكثير من الظلم على يد فصائل شيعية في ظل حكومات الإحتلال !!

ومع مضي الساعات والأيام وتوالي الأحداث الساخنة في جنوب لبنان ، مع ماقابلها من سكوت مطبق من سوريا حليفة حزب الله ، وإيران راعية هذا الحزب ، وكذلك المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة ، وهم من يفترض أنهم في نفس المركب الذي تحمله أمواج نفس الأحداث .. وهي الإحتلال والغزو وسلب حقوق الآخرين .. طرأت على خاطري أفكار وتحليلات ، حاولت فيها أن أعقد المقارنة بين مايجري في العراق المحتل ، والجنوب اللبناني المحتل ..! وبقيت تلك الأفكار مدونة على قصاصات منذ ذلك الوقت .. وأعتقد أنه قد حان موعد نشرها ومناقشتها .

في لبنان هناك مقاومة مسلحة ضد الإحتلال الإسرائيلي ، يقودها حزب شيعي ، تؤيده وتدعمه وتموله وتدرب كوادره ، إيران . وكل ذلك يمكن أن يؤخذ على أنه شيئ طبيعي وتحصيل حاصل كما يقال . ولكن ..
في العراق أيضاً مقاومة مسلحة ضد الإحتلال الأمريكي تقودها فصائل سنية ، بعضها إسلامي المنحى .. وكذلك مجموعات شيعية تعلن أنها ضد الإحتلال .. ولكننا نجد أن هذه المقاومات تواجه حرباً مباشرة من قبل إيران .. أو بواسطة ذراعها العراقي ، وأعني به أجهزة الحكومة العراقية ، وميليشياتها المسلحة .!! يعني بكلمة أخرى .. وبإستنتاج منطقي ، هي إضعاف المقاومة العراقية ومن أي شكل كانت لحساب المحتل الأجنبي !! وإذا ماعرفنا ، وهو من البديهيات ، أن أميركا وإسرائيل واحد .. وأن أميركا هي " الشيطان الأكبر " .. يبرز أمامنا لغز محير حتماً لما يجري .. لاأجد مخرجاً لحله إلا النَفَس والهدف الطائفي ..!

في لبنان ، يقيم حزب الله وزعيمه علاقات متميزة مع كل من إيران وحلفائها في العراق .. ومع جيش المهدي وزعيمه مقتدى الصدر ، وتجمع بينهما علاقة خاصة .. في وقت أصبح الصدر ، وبين فترة وأخرى ، وكما يبدو ومن ظاهر الأحداث ، أحد مناوئي حكومة العراق ، المدعمة من إيران ! في وقت يدرب حزب الله عناصر من جيش المهدي ، وتدرب إيران عسكرياً وإستخباراتياً عناصر من حزب الله . ولكن ..
في العراق ، يتم ضرب جيش المهدي بواسطة حلفاء إيران وعناصرها في الحكومة العراقية .. في نفس الوقت الذي كان فيه مقتدى الصدر على الأرض الإيرانية ! بل وتم تحالف الحكومة العراقية والقوات الأمريكية يداً بيد لضرب جماعة الصدر ، تحت ذريعة محاربة العصابات والخارجين على القانون ، بل ووافق الصدر ، ومن إيران مع وفد المالكي على تسليم الأبنية التي كانت تحت سيطرة جيش المهدي في البصرة .. وبدأت عمليات ذبح أنصاره ولا زالت .. ولايزال يدعو الى التهدئة وحقن الدماء ، مرة من إيران ، ومرة أخرى من النجف ..!! فلماذا وكيف ولمصلحة من ، تمت وتتم تصفيات شيعة الصدر .. وهو يعقد تحالفاته مع من يقوم بتصفيتهم .. ؟!

سوريا ، تقوم بإيواء عناصر من قادة النظام السابق كما تقول حكومة بغداد الشيعية المنهج ، وكما يقول الأمريكان .. ولكن .. عن طريق سوريا حليفة إيران والتي يفترض كنتيجة لذلك ، أن تكون حليفة لنظام بغداد أيضاً .. يتدفق المقاتلين الذين يفترض أنهم من تنظيمات إسلامية متطرفة ومن ( الصداميين والتكفيريين ) ! لمقاتلة حكومة العراق التي هي عميلة ( للشيطان الأكبر ) ولكنها حليفة إيران في نفس الوقت .. والأخيرة حليفة لسوريا .. وسوريا حليفة لحزب الله .!
يعني هناك مايشبه التحالف الشيعي الصبغة بين إيران وحكومة بغداد وسوريا وحزب الله .. وهو أشبه مايمثل جغرافياً وسياسياً الحلم الفارسي القديم والجديد : " الهلال الشيعي " ، وهو ماسنتناوله لاحقاً . ولكن ..
والحال هكذا .. فكيف يسمح أحد أطراف التحالف ، وهو سوريا ، بفتح جبهة مقاتلة من ( السنة والصداميين ) ضد حكومة بغداد ، وهي أحد أهم أطراف التحالف الشيعي حالياً .. ؟؟

ولو فرضنا جدلاً ، أن الهدف من قبل كافة هذه الأطراف الأربعة ، هو مقاتلة المحتل الأجنبي .. سواء كان أمريكياً أو بريطانياً أو إسرائيلياً أو من أية جنسية أخرى .. فلماذا إذن يتم في نفس الوقت ملاحقة وقتل المقاومين لهؤلاء من غير الشيعة .. أليس المنطق يقول ، أن ثمة تحالف والحالة هذه يجب أن يقوم بين هذه الأطراف المقاومة للإحتلال ، وأن يتم إستقطاب وإحتضان للمقاومة المسلحة في العراق ، إذا كان فعلاً مقاومة الإحتلال ـ كما يدعي هذا التحالف الغير معلن ـ هو الهدف ..؟ وإذا كانت فعلاً الوطنية وحرية الأوطان وطرد المحتل هي التي من أجلها تدعي إيران وجماعة الصدر وأطراف أخرى متحالفة مع حكومة الإحتلال في بغداد أنها هدفها وغايتها ومنهاجها .. ؟

وقبل أن ننتقل الى الحاضر ، وما يحدث في المنطقة خصوصاً العراق ولبنان وما بينهما !! والى الهالة التي صنعتها إيران لحسن نصر الله وثوريته ومقارعته لإسرائيل وكذلك عروبية بعض قادة أحزاب الشيعة كمقتدى الصدر ورفضهم للإحتلال وحكومته ، وعدم ولائهم لإيران كحكومة بغداد .. كل ذلك ومن خلال إعلام مبرمج وموجه وذكي ..!
لابد لنا من مرور سريع على الحلم الفارسي في الإستحواذ على المنطقة العربية ..

إنه ليس فقط حلم محمد رضا بهلوي .. وليس فقط حلم من سبقه من القاجار والصفويين .. بل حلم الزمن المجوسي الزرادشتي .. أيام كسرى ورستم .. وهو أيضاً ـ وهذه هي الحقيقة المرّة ـ لايزال حلم الجمهورية ( الإسلامية ) .. ولكن هذه المرة تحت راية التشيع ، وبإسم الإسلام وبإسم ( محبي و شيعة ) آل البيت ...!!! وكأن ماعداهم من المسلمين هم من ( أعداء ) آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..

إنه تسييس التشيع أي إستخدامه لتحقيق مآرب سياسية وعرقية .. ولا شيئ غير ذلك ..
إنه خدمة الفارسية برداء العلوية العربية الإسلامية ..!!
لقد أجبر الجيش العربي الإسلامي الفرس ، ولأكثر من مرة على تجرع ( كأس السم ) !!

كانت بلاد الشام ، وهي حسب الخريطة الجغرافية الحالية ( سوريا ، لبنان ، فلسطين / إسرائيل ، والأردن ..) قبل الإسلام وعند ظهوره ، تحت حكم الأمبراطورية الرمانية ، شأنها شأن كثير من مناطق البحر المتوسط وأوروبا .. وتخضع في حكمها لقيصر روما ، وحتى قبل ظهور المسيحية .
والى جانبها ، كانت هناك أمبراطورية الفرس المجوسية ، وتحتل بدورها ماحولها من مناطق ، ومنها العراق .. وتخضع كلها في حكمها الى كسرى الفرس . وقد سجّل لنا التاريخ الكثير من المعارك والحروب بين هاتين الإمبراطوريتين ، قبل وبعد المسيحية والإسلام ، لغرض فرض الهيمنة أو مايسمى بالإمبريالية والإحتلال العسكري والسياسي بمفهومه الحديث ..

كانت تلك هي الإستراتيجية السائدة في ذلك الوقت .. ولكن بعد دخول الإسلام الى المنطقة إنحسرت وتلاشت .. وظهرت محلها القيم الدينية ، والتي كان من أهم ماحملته هو : ( إن أكْرَمَكُم عند اللهِ أتْقَاكُم ) و ( كُلُكُم لآدمَ وآدمَ من تُراب ، لافضلَ لعربيٍّ على أعجمي إلا بالتقوى ) ..
ولكن .. هل كان ذلك يكفي ليطفأ نار الغلو الفارسي الشوفيني عند الإيرانيين ، حتى وهم قد أصبحوا تحت راية الإسلام ..؟
الجواب .. قطعاً .. كلا ، وأحداث التاريخ تثبت ذلك بالأدلة والأحداث .. ( راجع ، علي الحمداني " التاريخ أسير أقلام من يكتبه ، تزييف الحقائق وتصديق التضليل " ـ موقع كتابات ـ ) .

بإختصار تم تشويه الحقائق التاريخية المتعلقة بالتاريخ الإسلامي وشخوصه وبإسم الإسلام نفسه .. وتم تثقيف العامة والبسطاء من الناس من قبل رجال دين وسياسة على هذه المفاهيم الخاطئة على أنها حقائق .. ونذكر أنه عندما قال السيد محمد حسين فضل الله ، وكان المرجع الأعلى وقتها في النجف ، بأنه لاسند تاريخي يثبت رواية
( ضرب ) الخليفة عمر بن الخطاب للسيدة فاطمة .. تم طرد السيد فضل الله من المرجعية بل من العراق وشيّع بعبارات وأهازيج بذيئة ، نسي معها أولئك أنه ( إبن رسول الله ) .. ومرجع شيعي .. لقد كان ذنب الرجل أنه عربياً وليس فارسياً !! ومن يومها يتوالى على شغل مقعد المرجعية العليا فارسي ، وحتى يومنا هذا بقيت المرجعيات العربية في الظل !!

لقد أصبحت إيران وبرغم كل الظواهر التي لاتتفق مع ماأقول ، أصبحت طرف مهم في معادلة التآمر على الدول العربية ، مع كل من إمبرياليي الغرب وإسرائيل ..
وأصبح في العراق جناحان للشيعة ، أحدهما إيراني على المكشوف !! والآخر عروبي معارض للجناح الأول .. ولكن الغريب في الأمر أن كلاهما يرتمي في الحضن الإيراني علناً ويرضع من الثدي الفارسي ..!!
وأصبح في لبنان .. بطل قومي عروبي وإسلامي ثوري .. يطلق الصواريخ على إسرائيل ويحاربها ، ويطردها من جنوب لبنان ماعدا ( مزارع شبعا ) .. وهي أهم جزء تريد أن تحتفظ به إسرائيل من كل الجنوب اللبناني ..
لقد سبق وأطلق صدام حسين تسعة وثلاثون صاروخاً على تل أبيب .. ولم تبارك ذلك لا إيران ولا سوريا ولا شيعة حزب الله أو حركة أمل .. هل بسبب أنها صواريخ عربية ياترى ..؟ أم هل لأنها صواريخ أعداء آل البيت مثلاً ..!؟

في العراق .. رفض مقتدى الصدر سحب نوابه من مجلس النواب ، والذي كان سيؤدي الى سحب الثقة من حكومة المالكي ( الشيعية الإيرانية ) ، ويتركها حكومة أقلية .. وهذا هو حل سياسي .. كما رفض مد الجسور بينه وبين المقاومة العراقية ( السنية ) ! لغرض تحقيق الضغط على الأمريكان المحتلين الذين يطالبهم بالإنسحاب من العراق ..! وكذلك دخل مواجهة عسكرية مع قوات الإئتلاف الحكومي ( بدر وغيرها ) .. وهو في إيران !! وسرعان ماخمد ( العصيان المدني والمواجهة والحل الثالث الذي توعد به !! ) .. وكذلك ـ وياللعجب ـ تم توقيت توقيع إتفاقية ( الصلح ) و ( وقف إطلاق النار ) بين قوات الحكومة المؤلفة من عناصر ميليشيا بدر في الداخلية والدفاع .. مع ساعة الصفر في بدء هجوم هذه القوات على مدينة الموصل !!

في لبنان .. حدث العكس بين حليف إيران الآخر .. والمتقارب مع الصدر .. حسن نصر الله .. فقد تحالف حزب الله مع الحزب القومي السوري ( وهو الحزب السني ، القومي ، العلماني !! ) لغرض إسقاط الحكومة اللبنانية .. وبدأ الإثنان أعمال العنف والحرق والتدمير وإحتلال الشوارع .. في بيروت وفي طرابلس وفي جبل لبنان !!

هل السبب ياترى ، أن ( سنة ) العراق هم جماعة صدام حسين .. و ( سنة ) لبنان هم من جماعة سوريا ..؟؟
الحقيقة أنها لاهذه ولا تلك ، فالمرض ( العربي ) يعشعش في العقل الإيراني منذ القدم ، واليوم لكي يتم تمريره أُطلق عليه مسمى ( أعداء آل البيت ) ..!

إنها لعبة السياسة الفارسية في السيطرة على المنطقة العربية .. وقد بدأت في العراق بمساعدة أمريكية إسرائيلية .. ومن يقل غير ذلك فليأتِ ببراهنه !!
سوريا تخضع وتدار إقتصادياً الآن من قبل إيران الفارسية ..!
حسن نصر الله ، ونبيه بري .. في لبنان ، يعملان بإتجاه فرض هذه السياسة الفارسية وهيمنتها .. تحت مسميات المقاومة والعروبية ..!!
أما الخليج فالتغلغل السكاني الفارسي فيه ، فحدث ولا حرج ..!!
إيران ( الإسلامية ) ترفض إعادة جزر الإمارات الى أصحابها ، وهي الجزر التي كان قد إحتلها شاه إيران ..( الكافر ، العلماني .. حليف الشيطان الأكبر وإسرائيل ) وتقف نفس موقفه الآن .. لابل وتأمر حكومة العراق البائسة ( المستقلة ) ، من سحب تأييدها بإعتبار أن جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى ، هي جزر عربية !! وحكومة بغداد ساكتة ..
ياللوقاحة في الطلب .. وياللمهزلة في السكوت ..!!

ماذا يمكن أن نقرأ من كل ذلك ..؟
إنها نفس القراءة القديمة .. بثوب جديد ..
إنها قراءة كسرى قبل الفتح العربي الإسلامي ..
وهي قراءة إبن العلقمي والطوسي ..
وهي قراءة الصفويين وقبلهم المؤمرات في زمن الدولة العباسية بحيث أصبح جعفر البرمكي ( الفارسي ) الذي سمم الإمام موسى الكاظم ، بطلاً .. وهارون الرشيد الذي قتل البرمكي هو المجرم ..! تماماً كما تم تشويه التاريخ وأصبح لأبي لؤلؤة المجوسي مقاماً ( إمامياً ) يزار قرب طهران ...!!!
هي قراءة آل بهلوي وشوفينيتهم الفارسية ..
وهي نفسها أيضاً قراءة خميني .. وخامنئي .. ومن سيأتي بعد ذلك ..
محمود أحمدي نجّاد يقول : ( يد المهدي تحرك إيران !! ) .. وخامنئي يقول : ( ماذا إذن كان يقصد الخميني من تصدير الثورة ..؟ )

إنه الهدف القديم / الجديد ، الهلال الفارسي على أرض العرب ..
أليس الغريب إذن بعد ذلك .. أن لايتحالف الشيطان الأكبر أميركا .. وشقيقه الأصغر إسرائيل .. مع هذا الهدف مباشرة أو بالواسطة لغرض إسكات الصوت العربي الإسلامي ..؟
أليس هو الصوت الذي كان الكابوس الثقيل خلال العقود الستة الماضية ..؟ وما يمكن أن يكون عليه في المستقبل ..؟
وهل هناك من يتساءل بعد كل ذلك .. لماذا العراق ..؟
ولماذا هذا الغزل على إستحياء بين الشيطان الأكبر وحلفائه .. وبين ولاية الفقيه ..؟؟

lalhamdani@yahoo.com

مقالات أخرى للكاتب على موقع :

www.alialhamdani.blogspot.com






Wednesday, May 7, 2008

أحدث القصص .. ماأدراك ما ( تنور الزهره ) ..!

أحدث القصص .. ماأدراك ما ( تنور الزهره ) ..!

علي الحمــداني

وصلني مايلي :

أنا رياضي عراقي من أب سني وأم شيعية ، وكنت ومازلت أكره هذه التسميات التي أتت الى بلدي العراق مع الساسة والمعممين الفاشلين والحاقدين والمحملين بالكراهية والحقد مع الإحترام للشرفاء المعممين وللشرفاء السياسيين .
ولكن هذا التنوع أنقذ حياتي في لحظات كنت فيها بين أيدي جلادين لايعرفون الرحمة ، وليس لهم علاقة بالدين والأخلاق والخلق .. اليكم القصة من أولها :

الإسم : ( ... ...... )
المكان : باب المعظم في بغداد " سيطرة الشرطة "
الزمان : شهر من شهور 2008 !

لقد تمّ إختياري ضمن منتخب العراق لبطولة ( ....... ) ووعدنا بدورة خارج العراق ، وقمت بإكمال الإجراءات المتعلقة بإصدار جواز سفر حيث لم يسبق لي أن سافرت خارج العراق من قبل ، وفرحت بالحصول على جواز من فئة (ج) ، أكثر من فرحي بنيل شهادة الإعدادية حيث أن أيام الفرح عندنا نحن العراقيين مغيبة من سنين طويلة .. وفي أثناء عودتي عبر باب المعظم بإتجاه الأعظمية ، كانت هناك سيطرة ( مفرزة ) رسمية لقوات الشرطة العراقية بالزي الرسمي توقف السيارات لغرض التفتيش والمساءلة .. وعندما وصل الدور للسيارة التي أنا أحد ركابها سألني أحد أفراد الشرطة عن هويتي وأعطيته هويتي بالحال .. ولكنه لم ينظر الى تفاصيل الهوية بل طلب مني النزول من السيارة ، ونفذت ماطلب مني ، ولكن بسرعة قدم إليّ أربعة من الشرطة ، وطلبوا مني الإستدارة الى الحائط وقاموا على الفور بتكبيلي بالأصفاد ، ووضع قطعة من القماش على عينيّ وتم إقتيادي الى أحد السيارات المتوقفة ، وانهالوا عليّ ضرباً بأعقاب البنادق ورموني في سيارة .. وكان الغطاء الملفوف على عيني قد تحرك قليلاً نتيجة الضرب والحركة من الألم .

تحركت السيارة من باب المعظم مروراً بأكاديمية الفنون الجميلة ، وعبر تقاطع جامع النداء الى منطقة القاهرة ( تم إبدال إسم حي القاهرة الى حي الحكيم !!) .. قام أحد رجال الشرطة بالإتصال الهاتفي بشخص يدعى ( السّيد ) .. وقال له بالحرف الواحد : ( مولاي ألقينا القبض على إرهابي سعودي) !

بعد دقائق وصلنا الى حسينية في حي ( الحكيم ) ! حيث كان هناك العديد في إنتظاري .. وما أن فتحت أبواب السيارة حتى إنهال عليّ حرس الحسينية بالضرب والشتم والسي البذئ على السنّة والخلفاء الراشدين .. وأدخلوني الى غرفة صغيرة ملحقة بالحسينية ، وتهافت عدد من الحراس بالضرب بالكيبلات والعصي حتى فقدت الوعي والدماء تسيل مني .!

بعدها قام شخص يدعى أبو قمر ، وهو طالب الدهلكي ( إبن حجي حميد الدهلكي ) ، وأخوه دلال في حي ( الحكيم ) وفي ( الكمب ) ، حيث يقوم بتمرير معلومات عن اهل السنة لخطفهم ومساومتهم على دورهم حيث يقوم بشرائها بأبخس الأسعار .. يساعده في ذلك الدلال ( جاسم الميالي ) ، وبإيقاظي بالسب والشتم وسكب الماء المغلي على أعضائي الذكرية ، أخبرني أنه سيقطع أضلاعي كما قطع أبي بكر ضلع السيدة فاطمة " سلام الله عليها " ، وبدأ بتعذيبي ولا أحد ينصت لإستغاثتي .. وعند حلول المغرب ، وكنا نسمع صوت الآذان يرفع من الحسينية ، وأقيمت الصلاة !! وبعدها بساعة تم سحلي الى غرفة أخرى بالحسينية ، وكان يجلس رجل معمم ويقف وراءه إثنين من المسلحين ، وأربعة يقفون عند رأسي .. وكان هذا السيد يحقق معي : من أي مكان أنت من السعودية ...؟؟

قلت له : أنا عراقي أباً عن جد ، وأنا رياضي عراقي ضمن أحد المنتخبات العراقية ، وأنني سأسافر لتمثيل العراق ، وأن عمامي فلان وفلان ، وخوالي فلان وفلان ، وهم من شيعة أهل البيت ، ويسكنون بغداد ولديهم محال تجارية .
قال : سأقطعك وأرميك اسوة بالآف الكلاب من السنة ، إذا طلعت معلوماتك غلط .. والتفت الى أبو قمر ( طالب حميد الدهلكي ) وقال له : كيف تقول أنه سعودي .. خذوه الى شيخ جواد لأنه من إختصاصه !!

بعد ساعة وقد حل الظلام ، أتت سيارتين من الشرطة العراقية وأخذتني الى منطقة بوب الشام ( الحسينية ) ، وفي أحد الحقول كانت هناك سقيفة بها زنزنات ورائحة الموت وأنين الشباب العراقيين وصيحاتهم تقرع في أصدائها ..

كنت قد تشاهدت ، أي أعددت نفسي للموت بعد نطق الشهادة الكاملة ، عشرات المرات ، واعتقدت أنني سوف لن أرى ضوء نهار الغد ، وكان يوم الخميس ، وعندما توقفت السيارات فتح الباب الخلفي وسحبت بقوة وتم رفع القماش من على عيني ، ولاحظت عدد من سيارات الشرطة والسيارات المدنية في المزرعة ، وبدأت كأنها مسرحية حيث إنهال عليّ عدد من رجال الشرطة ضرباً ، وأنا مرهق من التعذيب المستمر والحروق من الماء الحار على أيدي الجلاد طالب حميد الدهلكي " أبو قمر " الى أن فقدت الوعي ثانيةً ، ولولا أنني أتمتع بلياقة بدنية عالية وجسم رياضي لما قاومت التعذيب ..!

أدخلت الى ( الجملون ) ، وكان الجو باردا في الخارج ورطباً مدخناً في الداخل تشم فيه رائحة اللحم البشري المشوي .. وداخل الجملون ، كان قد بُنِيَ تنور كبير يسمى :
( تنور الزهره ) ، يلقى به الشباب بعد تكبيلهم حيث تدخل رؤوسهم لتحترق ومن ثم أجسامهم بعد ذلك ..!!

وقد تقيأت من شدة الموقف ، واستطعت أن أعد أكثر من أحدى عشر جثة محترقة !! في حين لايزال حوالي سبعة تحت التعذيب !!

تقدم الي ضابط شرطة يشد عصابة سوداء على رأسه مكتوب عليها ( ياحسين ) ، وبيده صندوق خشبي به قصاصات من الورق .. وأخبرني بأن أختار قصاصة من الورق والتي سيكون فيها الطريقة التي سأعذب بها قبل أن أشوى في تنور الزهره .. ( إنتقاماً منكم أيها السنة لما فعلتموه مع أهل البيت !)

فقلت له : مولاي إني شيعي ، ويمكنكم أن تتأكدوا من أقاربي وأصدقائي .. وبدأت أعد له أسماء خوالي وأبناء خولتي من الشيعة .. ويبدو أن النعرة الطائفية قد حركته ، وبدا بالإتصال بخالي ..!

وطلب من التحدث معه على أن أفتح السماعة .. وقلت لخالي : أنا عند الجماعة !!!
وبدأ خالي بالسب والشتم لولا أن تداركته بأنني تحت رحمتهم .. وهكذا توالت الإتصالات .. ومعها أسمع صيحات شباب وأرواحهم تغادر أجسادهم الطاهرة !!

أُطلق سراحي بعد صلاة الفجر ، ونقلت بسيارة شرطة الى سيطرة تحت جسر محمد القاسم قرب جامع النداء بإتجاه الأعظمية ..
لايفوتني أن أذكر ، وأنا أغادر دخول عدد من سيارات الشرطة محملة بأشخاص آخرين ليتم شويهم في ( تنور الزهره ) ...!!!

هذه هي القصة كما وصلتني .. وقد أصبح صاحبها خارج العراق ..
قصة المعممين .. و ( كبيرهم الذي علمهم السحر ) ..
الفرعون الجديد الذي لاينسى أن يمسح دموعه من ( الإيمان والخشوع ) !! وهو يتنقل بين بيته في قم .. ومحل إقامته في بيت طارق عزيز في الجادرية !!

( وَسَكَنْتُم في مَسَاكنِ الذينَ ظَلَموا أنْفُسَهُمْ وَتَبَيّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الأمْثَال )

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com

Tuesday, May 6, 2008

أحمـد الجلبي .. و جون ماكين .. صديقان حميمان .. الرجل الذي دفع أميركا الى الحرب

أحمـد الجلبي .. و جون ماكين .. صديقان حميمان .. الرجل الذي دفع أميركا الى الحرب

علي الحمـــداني

هذه مقتطفات فقط من كتاب نشر في الولايات المتحدة الأمريكية بعنوان ( الرجل الذي دفع أميركا الى الحرب ..!)
( The man who pushed America to war – The extraordinary , Adventures , and Obsessions of : Ahmed Chalabi )
By : Aram Rosten

تأليف : آرام روستن ، الذي يقول في مقدمته :

( المحتال وسيئ الصيت وداعية الحرب ، حصل على مايريد .. إنه الرجل الذي دفع أميركا الى الحرب .. الحياة غير العادية .. ومغامرات .. وولع أحمد الجلبي !!
ربما يبلغ عدد الكتب التي نشرت عن الغزو الأمريكي للعراق ، وإستمرار الحرب فيه لحد الآن .. عدداً يمكن أن يملأ رفوف أي مكتبة .. ولكن ، قصة اللاعب الأساسي ، أحمد الجلبي ، ربما لم يتم سردها بعد بشكلها الكامل ..!! )

ـ صديقه الحميم :

أحد الذين دعموه ووقفوا الى جانبه وعمل معه هو ( جون ماكين ) ـ مرشح الرئاسة الأمريكية الحالية عن الحزب الجمهوري ، أي حزب بوش ـ
كان ماكين ، أحد أبرز الداعمين لما بسمى ( اللجنة العالمية لتحرير العراق ) والتي أسسها أحمد الجلبي في أميركا عام 1991 .. أي بعد الهجوم الجوي والأرضي على العراق ، إثر حرب الكويت .

جون ماكين ، كان المرشح الأفضل لأحمد الجلبي في إنتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2000 ، حين كان الجلبي يأمل أن يحصل له ماكين على مبلغ 97 مليون دولار طلبها الجلبي لتغطية ماأسماه النفقات والتجهيزات العسكرية والدعم لمجموعاته المسلحة .. إضافةً الى ملايين عديدة أخرى قد تم تقديمها الى الكونغرس الأمريكي لغرض دعم حزب أحمد الجلبي المعارض ( المؤتمر الوطني العراقي ) ..
ولكن لم يتسنى له الحصول على ذلك المبلغ ، بعد وصول الرئيس بيل كلينتون الى الرئاسة الأمريكية .!

ـ الفوائد واللصوصية العائلية :

أصبحت عائلة أحمد الجلبي تدير الكثير من الإقتصاد العراقي !
إبن أخته : حسين الأزري .. أصبح يشغل منصب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري العراقي ، والذي عن طريقه تتم كافة المشتريات الحكومية العراقية وبمليارات الدولارات !!
الأزري ، ليس لديه أية خبرة في الأعمال المصرفية للدرجة التي تؤهله شغل هذا المنصب .. كل ماكان لديه من خبرة ، هو العمل الفني في مجال مكائن النقد !!

في اليوم التالي ، لتولي الجلبي منصب نائب رئيس الوزراء ، قام البنك المذكور بتوقيع إتفاق عقد تجاري مع شركة أخرى مملوكة لآل الجلبي تم تأسيسها آنذاك . مجال نشاطها هو تكنولوجيا البطاقات الإئتمانية وحق إستخدامها في المصارف العراقية ..

هذا العقد التجاري .. تمّ بيعه الى شركة ( الأنظمة المتكاملة للخدمات ) ، وهي شركة أمريكية وبمبلغ 54 مليون دولار في تموز / يوليو 2006 !!

إبن أخته الآخر ، علي علاوي ، أصبح وزيراً للتجارة في العراق ، ولعب دوراً أساسياً وعلى المستوى العالمي في خدمة إمبراطورية أحمد الجلبي المالية !!

أما سالم الجلبي ، إبن أخيه .. فقد أُكلت اليه المهمة والدور الأساسي لترتيب إعدام الرئيس العراقي صدام حسين !!

ـ علاقاته مع إيران :

قبل وبعد الغزو الأمريكي للعراق ، كان أحمد الجلبي ، على علاقة وإتصالات مع الجنرال ( أحمد فروزنده ) قائد الحرس الثوري الإيراني ..!
وخلال لقائهما في ربيع 2004 ، تم إعلام الإيرانيين من قبله عن أن شفرتهم السرية قد تم إختراقها من قبل الأمريكان .. وقد شكل ذلك إحباطاً وإحراجاً للإدارة الأمريكية .
لقد حاول مركز التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بعد ذلك مقابلة أحمد الجلبي ، ولكم بدون جدوى !!
( لعلنا نذكر ماتم بعد ذلك من مداهمة بيته ومكتبه في حي المنصور " شارع الأميرات " في بغداد ، ومصادرة أضابير وأجهزة حاسوب عائدة له من قبل القوات الأمريكية ..!! )

ـ نشاطه في سرقات النفط العراقي :

ساعد أحمد الجلبي ، في ترتيب لقاء بين وزير النفط العراقي ، وأحد كبار رجال النفط الأمريكان ، وممول حملة بوش الإنتخابية ، المدعو (البرت هادليستون ) .. وخلال زيارته الى بغداد ، كان الجلبي يرافقه كظله ، ونزل ضيفاً عليه ..!!
في نهاية الزيارة ، التي أثمرت عن مئات الملايين كأرباح من نفط الشعب العراقي ! قدّم الجلبي هدايا ثمينة الى هادليستون ، منها نموذج جذّاب ورائع لبيت عراقي مصنوع من الكريستال النقي الثمين .. وقد تم شحنه له الى تكساس !!

ـ من قتلَ شريكه ؟ :

شريكه وصديقه هو المقاول لحساب وزارة الدفاع الأمريكية ، والشخصية الفاعلة ، ( ديل ستوفيل ) ، الذي جنى مع أحمد الجلبي مئات الملايين من الدولارات من خلال تسهيل أحمد الجلبي له بشراء الحديد " السكراب " للآليات العائدة للجيش العراقي ، الذي ساهم الجلبي بحلّه ، والمكونة من دبابات ومدرعات وعربات ومدافع .. وغيرها ..!! وشحنها الى أميركا لإستخدامها في الصناعة ..!!

وقع الخلاف حول إقتسام الغنائم بين أحمد الجلبي وستوفيل .. ووصل الأمر أن قام الأخير بتهديد الجلبي عندما كان في زيارة عمل الى بغداد ، بأنه سوف يفضح موضوع الرشاوي والإختلاسات أمام الكونغرس الأمريكي !!

بعد أيام تم العثور على جثة ستوفيل مرمية على ضفة نهر دجلة .. وفي رأسه بضع عيارات نارية ..!!!
وأُغُلقَ الموضوع ..!

ـ الشريك السمسار !! :

إنه صديقه وشريكه في الأعمال التجارية ، الأمريكي ، ( وين درزين ) .. والذي قام بعدة صفقات تجاترية مع الجلبي في الثمانينات .
درزين هذا كان يملك داراً للدعارة ، بفروع في كثير من المدن الأمريكية !!

تم سجنه لاحقاً ، ليس بسبب الدعارة .. وإنما نتيجة عملية تجارية مع أحمد الجلبي ، تخص إختراق أجهزة تصنت تابعة لشركة كانت تعمل كما يقال على إنتاج عقار طبي لمرض الأيدز ، وذلك عام 2003 !
ومن خلال علاقاته بدرزين ، الذي كان يملك أيضاً شركة لإنتاج أجهزة التصنت ، قام الجلبي ببيع أجهزة الى الحكومة العراقية وبملايين الدولارات !!

ـ عشيقة صدام حسين الوهمية !! :

أما الفضيحة الأخرى ، التي قام بها الجلبي ، فهي إستغفال فريق صحفي من شبكة ( أي بي سي ) الإخبارية الأمريكية ، وبعض الصحفيين البريطانيين وذلك عن طريق ترتيب لقاء لهم مع عاهرة يونانية تدعى ( باريسولا لامبوسس ) على أساس أنها كانت محضية وعشيقة لصدام حسين .. وأن لديها معلومات مهمة عن لقاء الرئيس صدام بأسامة بن لادن ..!!

سرعان ماتم كشف زيف إدعاءات هذه المرأة وشخصيتها الحقيقية .. وأنها قد تم إستئجارها من قبل أحمد الجلبي لهذه المهمة لقاء مبلغ مقداره 50,000 دولار ...!!!

ـ من أخبرهُ بموعد 11 سبتمبر ..؟ :

غيّر أحمد الجلبي رحلته المرقمة 77 ، على الخطوط الأمريكية يوم 11 سبتمبر ..!!
هذه الرحلة كانت للطائرة التي إصطدمت بالبنتاغون في الأحداث المعروفة ..!!
لقد أقنع سلطات المطار ، بالتغيير الى رحلة يوم 10 سبتمبر الى واشنطن .. وفي اللحظات الأخيرة لإقلاع الطائرة ، رغم أن المسؤول في المطار أعلمه أن أبواب الطائرة قد أغلقت .. ولكن .. وبعد لحظات من المناقشة .. ولسبب ما .. سمح لأحمد الجلبي بالدخول الى الطائرة ...!!!

ماهو اللغز ..؟
إنه ليس أكثر من ألغاز حياة هذا المحتال واللص الدولي المسمى .. أحمد الجلبي ..!!!

lalhamdani@yahoo.com

www.alialhamdani.blogspot.com


:

Friday, May 2, 2008

التأريخ أسير أقلام مَنْ يكتبه .. تزييف الحقائق .. وتصديق التضليل ..!

التأريخ أسير أقلام مَنْ يكتبه .. تزييف الحقائق .. وتصديق التضليل ..!

كتابات : علي الحمــداني

كثيرة هي الأمثلة في تاريخ البشرية ومنذ القدم ، عندما يتم نقل أو تدوين الأحداث والوقائع المعاصرة ، لتصبح بعد فترة زمنية جزءاً من التاريخ ، وتطرح بعد ذلك بل وتدرّس على أساس أنها ثوابت لايرقى اليها الشك .. وفي الحقيقة أن بعضها بل ربما معظمها ، لو عدنا الى جذورها وتحرينا عن هوية كتابها ، لوجدناها تمثل وجهة نظر المؤرخ وطريقة نظرته الى الحدث ، وهل أنه كان يقف الى جانبه أو في الضد منه ، وهل أن مصالحه الشخصية آنذاك فرضت عليه التحريف في الحقائق أو إغفال البعض منها ... وهكذا . ولعل ذلك ما كتب عنه بإسهاب وموضوعية ، المرحوم الدكتور علي الوردي في كتابه المشهور " وعّاظ السلاطين " .

ولكن ، الحقائق التاريخية التي نتكلم عنها ، ليست بالضرورة أن تكون واغلة في القدم بحيث أصبح التحريف والتزييف فيها سهلاً ومقبولا لدى الكثيرين .. إنما ينسحب ذلك أيضاً الى أحداث أعمارها لاتتعدى العقود القليلة من الزمن ، ولكنها وبفعل الدعاية المركّزة والموجهة بذكاء ، أصبحت من المسلّمات وكأنها حقائق ثابتة .

التاريخ يحدثنا عن أحداث وقعت منذ حوالي سبعين عاماً أو أقل .. وبالضبط خلال الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945 ، بين المانيا النازية ومعها دول المحور ، وبين دول الحلفاء .. ومن أبرز تلك الأحداث مايسمى اليوم بمحرقة اليهود على يد دكتاتور المانيا هتلر ، أو ماصطلح عليه :
" الهولوكوست " .
هناك من يقول أنها فبركة مصطنعة .. وهناك من يقول أنها حقيقة ثابتة .. وآخرون يقرّون بها ولكنهم يعتبرونها مبالغ فيها لأغراض سياسية إستثمرتها الصهيونية لتحقيق مكاسب لاحقة على حسابها .
أنا ، مع الفريق الثالث .. فلا أقول أنها أكاذيب لم تقع ، لأن هناك أدلة وشواهد على وقوعها . ولاأقول أنها حقيقة بالمطلق الذي تم نشرها به ، لأن ذلك لايمكن أن يقبله العقل ، خصوصاً فيما يتعلق بعدد الضحايا والذي قيل لنا أنهم 6 ملايين يهودي .. تم قتلهم من قبل هتلر في مجازر جماعية في غرف الغاز .. لسبب بسيط أن عدد اليهود في أربعينات وثلاثينات القرن الماضي لم يكن ليتجاوز مثل هذا العدد في كافة أنحاء العالم !
نعم .. لقد وقع الهولوكوست .. ولكن بعدد أقل بكثير عن ماوصلنا من إحصاءات .. وهي أرقام تدرّس اليوم في الغرب ، وأصبحت مسلّمات ثابتة لاشك فيها ، بسبب تبني الدعاية العالمية لهذا الموضوع وإستثماره للأغراض والأهداف السياسية .

وحتى ، الى عهد قريب ، لايتجاوز عشرون عاماً مضت ، في العراق ، هناك أحداث وقعت ، لاشك أنها مآسي إنسانية .. منها " الإنتفاضة الشعبانية " كما تم الإصطلاح على تسميتها .. ومنها " مجزرة حلبجة " .
الأولى مأساة شيعية .. والثانية مأساة كردية .. وكلاهما قد أرتكبتا كما هو مدوّن ومنشور وكما أُعلن عنه .. من قبل النظام العراقي السابق ، وبأمر من رئيسه صدام حسين ..!
فكيف يمكن تفسير الحقائق ، وتوضيح الإلتباسات ، ووضع النقاط على الحروف خصوصاً في الوقت الحاضر ..؟
طبعاً ذلك سيكون من المستحيلات .. وستوجه تهمة البعثي والصدامي الى من يريد أن يوضح الحقائق .. تماماً كما لاتزال توجّه تهمة " معاداة السامية " لمن يحاول حتى أن يصحح بعض المعلومات عن المحرقة اليهودية النازية ..!

سنترك موضوع " مجزرة حلبجة " ، الى وقت آخر ..
وسنتناول اليوم موضوع " الإنتفاضة الشعبانية " .. ومن خلال جملة حقائق وأحداث مصوّرة ومسجلة من قبل وكالات أنباء ومحطات تلفزة عالمية .. وكذلك من خلال عرض لرسالة شاهد من مدينة النجف الأشرف .

ولكن ، ومن أجل دعم فكرة وموضوع هذا المقال ، أود أولاً أن أقدم بعض الأدلة والشواهد على بعض الأحداث التاريخية ، لكي نعرف ماذا يعني تزييف الحقائق ، وتصديق التضليل . ثم كيف يمكن تصحيح المفاهيم الخاطئة ..؟
المعلومات الواردة فيما يخص الأحداث التاريخية المشار اليها ، هي للكاتب " غسان البصري " ، وقد نشرها على موقع " الرابطة العراقية " ، وسأتناولها بإيجاز وتصرف :

( بعد مقتل ثاني خلفاء المسلمين ، عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ومعه ثلاثة عشر صحابياً ، أثناء صلاة الجماعة ، في المسجد النبوي ، على يد الفارسي ، معتنق المجوسية ، أبو لؤلؤة " الذي له مزار وضريح رمزي يزار لحد الآن قرب طهران " !! ، تسلم الخلافة بعده الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه .. وتم قتله أيضاً ! فمن قتله ..؟
عصابة من الأشقياء ، أعدهم وأشرف عليهم ، اليهودي عبد الله بن سبأ الذي أظهر الإسلام نفاقاً ، وخدع حديثي الإسلام في بعض الأمصار بشعار يقول " أن علياً كرم الله وجهه هو وصيُّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم " عملاً بما تقول الديانة اليهودية من أن " يوشع بن نون هو وصي النبي موسى عليه السلام " ، وهكذا تمت إثارة الفتنة في زمن خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام . فسفكت الدماء .. وتمردت بلاد فارس " إيران " على حكم علي .. وخرجت عليه ، فأرسل اليهم القائد زياد بن أبي سفيان فأوقفهم وشد زمامهم .
أغاظ ذلك الفرس ، وكرروا جريمة أبي لؤلؤة ، بيد فرقة ضالة يقودها أحد المبتدعة الكوفيين ، الذي كلّف ثلاثة من تلاميذه ليقتلوا فجر السابع عشر من رمضان كل من : علياً ومعاوية وعمرو . سَلِمَ عمرو بن العاص لمرضه .. وقتل بدلاً منه مدير شرطته الذي صلى الفجر إماماً محله دون أن يعرف ذلك القاتل ، وجُرِحَ معاوية .. واستشهد علي رضي الله عنه .
بعد مقتل أمير المؤمنين ، حرّض الفرس ، ولده الحسن رضي الله عنه على قتال أهل الشام ، فلما عرفوا نواياه بالصلح ، حاولوا إغتياله أثناء مروره بالمدائن ، فجرح ونجّاه الله .. وتحققت نبؤة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما أشار الى الحسن قائلاً : " إن إبني هذا سيّد ، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " ـ رواه البخاري .
واستمر الفرس يمكرون الليل والنهار .. حتى إستدرج أهل الكوفة ريحانة النبي الثانية الحسين عليه السلام ، ثم خانوه وغدروا به وقُتل مع أهل بيته رضوان الله عليهم جميعاً .!
كذلك فعلوا بحفيده زيد ، لما يئسوا من أخيه محمد الباقر رضي الله عنهما ، وفعلوا نفس الشيئ بيحى بن زيد ويجميع العلويين .
من أسباب غضب الخليفة العباسي هارون الرشيد " وهي حقيقة لايعرفها الكثيرون بسبب غسل أدمغتهم " ، وبطشه بالبرامكة " وهم فرس " ، هو قيام وزيره يحيى البرمكي بقتل الإمام موسى الكاظم رضي الله عنه ، على يد قائد جنده " إبن شاهاك " الفارسي الذي سممه ، كما يروي الأصفهاني في مقاتل الطالبيين .
واستمر مسلسل الفتن والإرهاب على يد أبو سلمه الخلال الفارسي ، وأبو مسلم الخرساني ..!
وإذا ماعدنا الى عام 656 هجرية ، كما ورد في تاريخ ابن كثير ، نجد تآمر بقايا كسرى بالعراق بقيادة الوزير ابن العلقمي ، ومرجعه نصير الطوسي ، حيث رتبا لغزو العراق ، وإسقاط الخلافة العربية الإسلامية ، وفتحوا أبواب بغداد لهولاكو ، فقتل الخليفة ، ودمرت بغداد بمنازلها وعمرانها ومساجدها ونهبت الأموال وانتهكت الأعراض .. " فما أشبه اليوم بالبارحة .. هولاكو بالأمس .. وبوش اليوم .. ، نصير الطوسي بالأمس .. وعبد العزيز الحكيم اليوم ...! "
كلا الغزوين إبتدءا يوم 16 محرم .. ودخل كل من هولاكو ، ورامسفيلد بغداد يوم 7 صفر ..!!
قاوم الجيش العباسي هولاكو 21 يوما .. وقاوم الجيش العراقي 21 يوماً أيضاً ..!!
عيّن هولاكو العلقمي والطوسي الفارسيين وزيرين .. وعيّن بريمر حكام من الفرس الجدد ..!! ) ـ إنتهى الإقتباس ـ

بعد هذا الإستعراض التاريخي .. الذي تم تزييف حقائقه من قبل أصحاب العمائم والمصالح وخصوصاً الفرس ..
نعود الآن الى ( الإنتفاضة الشعبانية ) !
وصلتني ، من أحد الأساتذة الزملاء ، الرسالة التالية والتي كانت قد وصلته .. أنقلها حرفياً لأهميتها :

( مواطن نجفي : شهادة لله وللتاريخ عما جرى في صفحة الخيانة والغدر عام 1991 ، ولتطلع المحكمة المهزلة . معلومات خطيرة . 21/03/2008
بقلم : المواطن النجفي أبو ذو الفقار .
وهل صورة الأمس منا اليوم ببعيد ..؟

بسم الله الرحمن الرحيم
إبتداءاً لكي لايتهمني من لايريدون قولة الحق ومن لايريدون ان يطلع الشعب العراقي والعالم عن حجم جرائمهم التي إرتكبوها بحق العراق والعراقيين أقول أني لم أمتهن السياسة في حياتي ، ولم أكن يوماً ما محسوب على حزب أو جهة ، بل أنا عراقي مسلم أحب وطني وشعبي وأقول مارأته عيني . إذن أنا لابعثي صدامي ولا إرهابي ولا تكفيري وأنا قريب من مسرح الأحداث ، فمسكني في محلة المشراق القريبة من مرقد الإمام علي " ع " ولو كانت المحكمة التي تحاكم المسؤولين في النظام السابق انعقدت في أي دولة من دول العالم لحضرت للإدلاء بشهادتي والساكت عن الحق شيطان أخرس ولذهب الكثيرين ممن شاهدوا تلك الأحداث ..!
وأقول أيضاً للتاريخ وانصافاً لأهالي النجف العرب الشرفاء بأنهم عرفوا الجهة التي حركت الفوضى واشرفت على تنفيذها فهم كانوا يقفون على التل يشاهدون مايحدث فهي ليست انتفاضة الشيعة بل هي جريمة نفذها القادمين من خلف الحدود بمشاركة ودعم وايواء من قبل المستوطنين الفرس الذين حملوا الجنسية العراقية زوراً وبهتاناً وهو آل الحكيم وبحر العلوم وبيت الكفنويز وبيت الخرسان وبيت الطريحي وبيت الخوئي وبيت النقشواني وبيت اللبان وبيت السبزواري وبيت الأديب .. والقائمة طويلة ، أما من حملوا القاب العشائر العراقية المعروفة في النجف ألبو عامر وخفاجه والخوالد والعبوده والبو كلل .. والعرق دساس .
أعود لشهادتي قبل فترة من إندلاع الغوغاء كانت تدخل الى النجف سيارات ايرانية تحمل طحين وصناديق دواء وتتوقف قرب الأحياء القديمة في مركز المدينة وتفرغ حمولاتها وقد شاهدت بأم عيني كيف يستخرج السلاح من أكياس الطحين والقنابل اليدوية ، واستمر هذا الحال الى يوم إندلاع اعمال الشغب وكانت بيوت المستوطنين الفرس في المحلات القديمة مأوى لعناصر حرس الثورة وفيلق بدر وقسم منهم توزعوا في الأحياء السكنية ..
يوم 2/3/1991 ، خرجت عناصر من جهة محلة العماره والحويش والمشراق وفتحت النار على الشرطة المتواجدين قرب مرقد الإمام علي وحصلت إشتباكات وحضرت العناصر والأجهزة الأمنية واستمر القتال الى اليوم الثاني ، انسحب المدافعين من الساحة التي قرب الإمام حيث بدأت العناصر الإيرانية تطلق النار من سطح المرقد ودارت الإشتباكات قرب مديرية شرطة النجف وقتل مدير الشرطة هارون ومعاونه الكردي سردار حيث كانوا يقاتلون مع الشرطة دفاعاً عن المديرية ، كما قتل أيضاً البعثي نجم جريو حيث كان يقاتل قرب مديرية الشرطة .. كنا نرى تدفق الإيرانيين في اليوم الثاني الى مدينة النجف باعداد هائلة وفي اليوم الثاني كان القتال يدور في المقرات الحزبية ومديرية الأمن والمخابرات بعدها سقطت المدينة ..!
توزعت المجاميع الإيرانية فمنهم من قاد المجاميع التي اخرجوها من السجون وهم من المجرمين والسراق فنهبوا مخازن الغذاء والدواء الكائنة في الحي الصناعي بأمر السيد ، من هو ( السيّد ) لاأحد يعرفه وقسم اخر اتجهوا لحرق دوائر الجنسية والتسجيل العقاري وحرق المدارس والمستشفيات ثم بدأت حملة التصفيات الجسدية من خلال مداهمة الدور وقتل من فيها على الهوية السياسية والوظيفية حتى طالت فراش المدرسة وبصورة بشعة جداً .. فهم يقومون بإخراج الضحية الى الشارع ويضعون اطارات السيارات القديمة في عنقه ويسكبون مادة البنزين عليها ويحرقونه في الشارع ، واغتصبوا النساء وبقروا بطون النساء لأنها من عوائل الأجهزة الحكومية ..
أما ماحدث في مرقد الإمام علي فلا يمكن أن يرتكبه حتى أعتى المجرمين في العالم واوصف لكم الحالة التي شاهدتها بعيني كان المجرمين من الإيرانيين والمستوطنين يقفون صفين من باب مرقد الإمام علي "ع " الرئيسية المقابلة للسوق الكبير الى الغرفة التي يجلس فيها مجيد الخوئي وزمر الحكيم وبيدهم السكاكين والخناجر والقامات والدرنفيسات .. وعندما يأتون ببعثي او موظف او شرطي ضايط يصلّون على " محمد " !! وتنهال عليه الخناجر والقامات الى أن يصل الى باب الغرفة التي يجلس فيها مجيد الخوئي فاذا كان لازال حيا يصدر امر اعدامه ويطلق عليه الرصاص داخل الصحن ! وقد شاهدت كيف قاموا بقطع ايدي مدير تربية محافظة النجف وهو عضو شعبة " يونس الشمري " عندما طلبوا منه امام الحشد الهائل من المتفرجين ان يسب صدام حسين فقال لهم باعلى صوته قندرته تشرفكم ، وانهالوا عليه بالقامات ثم اطلقوا عليه الرصاص داخل ساحة المرقد ..
بعدها جاءوا بالشاعر " فلاح عسك " ، وصاح احدهم بالسماعة ، هذا شاعر القادسية ، وامام الجميع أظهروا لسانه وقّصّه بالخنجر " مسلم الحسيني " واصبحنا غير قادرين ان ندخل الى داخل باحة المرقد من كثرة برك الدماء .. فكانت تأتي سيارة الحريق ويغسلون الصحن ويتهيأوا لليوم الثاني وكانت الجثث ترمى في الشوارع لتصبح طعاماً للكلاب السائبة مما جعل من بعض وجهاء المدينة ان يذهبوا الى المرجع الديني السابق ابو القاسم الخوئي ويطلبوا منه اصدار فتوى بتحريم بقاء جثث المسلمين في الشوارع طعماً للكلاب واصدار فتوى ولكن آل الحكيم قالوا من يدفن الكفرة سنطلق عليه النار وتحدى بعض الشرفاء من اهالي النجف وقاموا بدفنهم جماعياً خلف مقبرة النجف ..
أما ماجرى في مدرسة الحكيم الواقعة قرب بيتي والتي استخدمت كمعتقل لالاف الناس من اطباء ومهندسين وشعراء وفنانين وكسبة وبعثيين فقد كنت اسمع يوميا وعلى مدى سبعة ايام اطلاق النار الكثيف ولم اعرف مايحدث داخل المدرسة لان حراسها من الإيرانيين ولا يتكلمون العربية ولكن عرفت تفاصيل ماكان يجري من احد الأسرى الناجين من المعتقل الذي دخل على بيتي وقال احمني واعطني شربة ماء فادخلته بيتي وكان طبيب بيطري لااعرف ماحل به وقد سرد لي قصص اغرب من الخيال ، يقول :
كنا بحدود 400 معتقل داخل مدرسة الحكيم الدينية وكانوا يعطون المعتقلين فردة تمر وشربة ماء في اليوم وقد وزعونا على شكل وجبات كل وجبة تتكون من عشرة اشخاص ينادون عليهم بالأسماء ويتركونهم في غرفة كبيرة ونسمع بعد ذلك اصوات الإطلاقات النارية وهكذا في اليوم الثاني وكنا ننتظر دورنا وهو موقف لايحتمله بشر والقول للناجي من الموت ويقول بقيت وجبتان اي عشرين شخص من مجموع الأربعمائة انسان وفي احد الليالي سقطت قذيفة مدفع داخل باحة المدرسة فاحدثت دوياً هائلاً وساد المكان صمت رهيب وكنا يوميا نسمع قهقهاتهم واصواتهم وبعد سقوط القذيفة لم نسمع صوتاً.. وبعد مرور ساعة قررنا ان يتبرع احد من الباقين بالخروج الى الساحة لمعرفة ماجرى وقد تبرع احد الأشخاص وهو مفوض من اهالي ناحية الحيرة ولما خرج لم يجد احد منهم وعاد الينا مذهولا ومرتبكا وعندما استفسرنا منه قال اخرجوا معي ولما خرجنا الى ساحة المدرسة قادنا الى غرفة الإعدام ووجدنا إخواننا من الوجبة التي نفذوا بهم حكم الإعدام عصراً لم يرموا جثثهم في الشارع وتركوهم بعد ان سقطت القذيفة ولكن المنظر الذي شاهدناه منظر مرعب حيث شاهدنا وسط الجثث شخص جالس ويدير رأسه يمينا وشمالا دون ان يتكلم ودخلنا الى الغرفة واخرجناه من بين الجثث الى الخارج ووجدنا ان الرصاصات اصابته في بطنه وبقي حياً ولم يكن لدينا مانسعفه فقط قمنا بلف جرحه بواسطة يشماغ احد المعتقلين وتركناه في الساحة وخرجنا وكل واحد ذهب الى جهة ولما شاهدت القوات العراقية تتقدم من جهة شارع الطوسي خشيت أن اعتقل او اقتل لانهم لايعرفون بما جرى لنا او نحن كنا معتقلين في المدرسة ولذلك أويت الى دارك ولعل عند دخول الجيش الى المدرسة ينقذون حياة ذلك الرجل . هذا مانقله لي أحد الناجين وعرفت فيما بعد سبب اطلاق الرصاص يوميا في داخل المدرسة . هذه هي جرائم الفرس والمستوطنين الذين يسمونها
( بالإنتفاضة الشعبانية ) العار .. وهي شهادة للتاريخ لأن من يحاكمونهم اليوم كانوا يدافعون عن شرف العراقيين والعراقيات ، أما القتلى من حرس خميني ومن المعممين الذين شاركوا في القتل والإعدامات فقد كانت جثثهم مرمية في شارع الطوسي وشارع الرسول وساحة ثورة العشرين ، أما بقية المجرمين فقد هربوا باتجاه السعودية وهم اليوم يتحكمون بشرفاء النجف . إنا لله وإنا اليه راجعون .. ) ـ إنتهت شهادة المواطن النجفي ابو ذو الفقار ـ

لست في معرض تبرئة النظام السابق من جرائم قتل أو إعطائهم شهادة بنظافة اليد ..
ولكن أقول أنني شخصياً قد تابعت في غزو عام 1991 ، وعلى شاشات وكالات أنباء عالمية مثل ( فوكس ) و ( سكاي ) .. كيف كانت الجرافات الأمريكية تدفع بجثث مئات الجنود العراقيين الهاربين من غزو الكويت في الصحراء الى داخل حفر وتهيل عليهم التراب .. وبعضهم كان لايزال حياً
ثم يقال لنا الآن .. عن رفات اولئك المساكين .. أنها مقابر النظام السابق الجماعية ..!
ومن شهادة الأخ النجفي .. علمنا أن الجثث ضحايا الحرس الإيراني وجماعة الحكيم .. كانت تدفن جماعياً وبشكل سري خلف مقبرة النجف .. وقبل فترة خرجت علينا أخبار حكام العراق عن مقابر جماعية أكتشفت خلف مقابر النجف ، وهم من ضحايا ( النظام السابق ..!)

هكذا هو التاريخ عندما يكتبه مَن يريد .. وكيف يريد .. خصوصاً إذا كان في موقع القوة والحكم .. فتنطبق عليه مقولة أفلاطون ( الأخلاق السائدة هي أخلاق السائدين ) ..
هكذا يزيف التاريخ .. قديمه وحديثه .. وهكذا يضلل الناس ليؤمنوا بالمفاهيم الخاطئة .. وهكذا يُصَدّق التضليل !!

lalhamdani@yahoo.com

مقالات اخرى للكاتب على :

www.alialhamdani.blogspot.com