Tuesday, March 25, 2008

حصـادُ خَمْـسٍ عِجَـاف ...! ـ 1 ـ


علي الحمـــداني

تقديم :

ونحن نقف على أعتاب خمس سنوات منذ سقوط النظام العراقي السابق على يد القوة العسكرية الأمريكية ، وبالتعاون مع قوات عسكرية من دول حليفة للولايات المتحدة ، أطلق على الجميع إسم (قوات التحالف) ، وبالتنسيق والتعاون اللوجستي مع دول إقليمية من أبرزها الكويت والمملكة العربية السعودية ، وكذلك بالتنسيق والتعاون السياسي مع دول جوار أخرى مثل إيران ، ومن خلال بعض أطراف المعارضة العراقية لنظام صدام حسين والتي تربطها بإيران علاقات قوية ووثيقة مثل المجلس الإسلامي الأعلى ، وحزب الدعوة ، وأشخاص وكتل أخرى .

منذ ذلك الوقت في 9 نيسان / ابريل 2003 ، وسقوط العراق تحت هيمنة السيطرة العسكرية والسياسية الأمريكية ، وقيام نظام أو نظم سياسية جديدة لحكم البلد .. فإنني أرى أنه ومن منطلق حقنا الشرعي كمواطنين عراقيين ، أن نتساءل ، وأن نقيّم التجربة الجديدة للحكم العراقي وذلك لنعرف ماذا حققنا ، وماذا خسرنا ، وماذا علينا أن نفعل الآن ..
يعني بلغة الحسابات والتجارة : ( ميزان الأرباح والخسائر ) !


سوف تتناول الحلقة الأولى ، أو هذه الحلقة ، الجانب المتعلق بالمقدمة والتقييم العام للوضع العراقي . أما الحلقة الثانية فسوف تخصص للجانب السياسي ، وستكون الحلقة الثالثة مكرّسة للجانب الإقتصادي ، أما الحلقة الرابعة فستتناول الجانب الإجتماعي .

هذه الجوانب ، هي الأعمدة التي يرتكز عليها بناء أي نظام سياسي ، أو نظام دولة في العالم ، بالمفهوم السياسي والقانوني ، ومن خلالها يمكن الحكم على فشله أو نجاحه أو ديمومته من عدمها !

ولكي يكون البناء أكثر ثباتاً ووضوحاً ، فسوف نفرد حلقة خامسة تعنى بالمحصلة النهائية ، وتتناول التحليلات السياسية المنتقاة من الإعلام المرئي والمقروء ، وخصوصاً الإعلام العالمي .. وكذلك من مواقف الدول من الحكم العراقي الجديد ، عالمياً وإقليمياً .. ثم ماآلت اليه الخارطة العراقية من وجهات النظر هذه في جوانبها السياسية والإقتصادية والإجتماعية .

إنها خمس سنوات عجاف .. وخمس حلقات !

أود إبتداءاً ، وبكل إخلاص ووضوح ، أن أوضّح الأسس التي بنيت عليها كل ماسيرد في هذا البحث إنها في الحقيقة يمكن جمعها في أساس واحد لاغير :
إنه عراقيتي .
ليس هو ديني أو مذهبي
وليس هو قوميتي
وليس هو الجزء الجغرافي العراقي الذي أنحدر منه
وليس إنتمائي السياسي ، وهنا لابد من التأكييد ، أنني لاأحمل أي إنتماء أو ولاء سياسي لأي شخص أو جماعة أو حزب .
وأخيراً ليس فقط من منطلق معارضتي لأشخاص ومناهج وتطبيقات مَنْ حكم العراق ويحكمه خلال هذه السنوات ، حيث معروف عني ، ومن خلال مقالاتي التي تنشر هنا وهناك ، ومنذ اكثر من سنتين أنني أقف ضد أعمالهم وسياساتهم ، وهذه حقيقة ..
ولكنني هذه المرّة ، سأقف في الوسط ، وأتحدث ، وأرجو أن أكون مسموعاً من قبل الجميع ، سواء من يحب ويؤيد ماأقول ، أو يكرهه ويعارضه .. لأنني أتحدث هنا ( كعراقي ) فقط .
أتحدث لمن يحب العراق ، وتهمه مصلحة الوطن والشعب العراقي ، وبالتأكيد سوف يقف من يعيش جسده في العراق وترفرف روحه فوق قم أوطهران ، او واشنطن أو الرياض ، موقف المكابرة والضد من كل ماسوف أذكر ، وتلك نتيجة طبيعية وردة فعل متوقعة !

ثم كلمة أخيرة لابد منها ، وهي أن كل ماسنأتي على ذكره ، سوف يستند الى وقائع ثابتة ، وسوف أهمل في حديثي كل ماتراكم لدي في الأوليات والأوراق التي أمامي من وقائع وأحداث ليس لها سند أو توثيق أو تفتقر اليه ، أو أنني غير متأكد من صحتها ، لأنني كما قلت سوف أقف في الوسط ..!

سأقف مع العقل .. لامع العاطفة ..!

والحكم أولاً وأخيراً لمن يقرأ .. وآمل.. أن تكون القراءة وفق هذه المنظورات ، بدون حميّة أو تعصب أو إنفعال عاطفي أو تحزب أوتعاطف مع هذا أو ذاك بسبب الطائفة أو العرق أو غيرهما.

تقييم عام :

نبدأ من حيث إنتهينا بعد خمس سنوات على سقوط نظام صدام حسين ، وحزب البعث .. وبدء صفحة الإحتلال الأمريكي الأجنبي للعراق .
أي نبدأ من الوقت الحاضر لكي يتسنى لنا تقييم تجربة الحكم العراقي الجديدة وعلى كافة الأصعدة والجوانب الأربعة التي ذكرت .. وبعد ذلك ، ومن خلال الحلقات القادمة ، سوف نناقش كل فقرة ساذكرها أدناه بمفرداتها وبشكلها التفصيلي ماأمكنني ذلك .

ـ العراق اليوم يدار بنصف حكومة أو مجلس وزراء ، ويفترض أنها حكومة منتخبة ديمقراطياً .. أي أن بعض الأطراف السياسية العراقية غير ممثلة فيها أو فاعلة في إتخاذ القرارات . وهذا الحال يمضي منذ أشهرعديدة ! وهو مايعني في أية حكومة في العالم تدعي الديمقراطية أو تطبقها فعلاً هو سقوط هذه الحكومة ..!

ـ المجلس التنفيذي الآخر ، أي مجلس الرئاسة ، أو رئاسة الجمهورية ، يبدو كمجلس إستشاري وتشريفي ليس إلا .. وليس لديه أية سلطات فعلية على صعيد إتخاذ القرار وفرض تطبيقه . وليس هناك في النظم الرئاسية في العالم شبيه لذلك ، اللهم إلا في بعض النظم الملكية العريقة كبريطانيا حيث الملك ـ مصون وغير مسؤول ـ .

ـ المجلس التشريعي ، أو مجلس النواب ، هو الآخر شبه مشلول ، بسبب غياب الكثير من ممثلي الكتل السياسية عنه ، ومحاولة كل كتلة كسب الآخرين كعكاز تستند عليه يرفع من نسبة أصواتها .
وفي أي برلمان في النظم الديمقراطية ، فإن مثل هذا الوضع سواء في البرلمان أو مجلس الوزراء يكفي لحل البرلمان وإسقاط الحكومة ، وإجراء إنتخابات جديدة نتيجة هذا الفشل !

ـ لعل من نتائج ماذكرنا أننا نرى على سبيل المثال ، ثلاثة أعلام ترفرف في سماء العراق اليوم ، ثلاثة أعلام رسمية لدولة يفترض أنها دولة واحدة وموحدة ، الأول هو علم العراق الرسمي أي علم ماقبل الإحتلال ، والثاني نفس العلم مع التحوير ، والثالث لا إلى هذا ولا إلى ذاك .!

ـ قانون إنتخابات وُلِدَ مشوهاً ، وتحول بمرور الوقت الى مسخ . حيث يستند على كتل وتكتلات ، لا على أحزاب أو مرشحين مستقلين بالأسماء كما هو معروف في القوانين الإنتخابية في دول العالم بما في ذلك تلك النامية أو المتأخرة منها .!

ـ دستور أخذ وقتاً طويلاً لوضعه ، ووقتاً أطول لإقراره ، مليئٌ بالفراغات والمطبات حيث تمت صياغته وفق أفق ضيق ومرحلي ، أي كجسر عبور الى سن تشريعات آنيّة . بحيث أصبح تطبيقه على مشاكل الوقت الراهن في عداد المستحيلات . وأصبحت بعض مواده بحكم المعطلة !

ـ إنقسام حاد وصل لحد الصدام والمواجهة بين أحزاب سياسية حاكمة ، كانت موحدة عند بدأ العملية السياسية بعد الإحتلال . كالإئتلاف الشيعي بين حزب الدعوة والمجلس الإسلامي ، والتحالف الشيعي الكردي ، والإنقسامات داخل حزب الدعوة .. ثم بين الجميع والتيار الصدري .!

ـ ظهور تكتلات سياسية نراها تنقسم على نفسها تارةً ، وتتوحد مع بعضها البعض تارةً أخرى .

ـ ظهور الميليشيات المسلحة والمدربة ، بحيث أصبحت تضاهي في العدة والعدد ، المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية ، يقف بعضها في الضد منها ، وإستطاع البعض الآخر وبدعم حكومي من التسلل والتغلغل داخلها فقلبت الموازين لمبدأ الحياد ، وتسلم الأوامر من المركز والذي يفترض وجوده في أهم مؤسستين عسكريتين في أي دولة في العالم ، وهما الدفاع والداخلية .

ـ أصبح العراق ساحة مفتوحة ومشرّعة الأبواب أمام تدخلات الدول الإقليمية سواء سياسياً أو عسكرياً أو إقتصادياً .

ـ لايزال النظام وبعد خمس سنوات ، لم ينل الثقة بإعتراف دولي متكامل ، وما حدث لايعدو حدود المجاملة ونتيجة للضغوط الأمريكية .. إضافة الى فقدان الإعتراف العربي حيث يشكل العراق جزء من محيطه أو دولة عضو ضمن الجامعة العربية على أقل تقدير ، وكيف لا ، وقد رفعت من الدستور عبارة (العراق جزء من الأمة العربية ) تلبيةً لمنظور قومي عرقي متطرف ، وقرار غير مدروس .

ـ وإستناداً الى ذلك ، لاتزال السياسة الخارجية العراقية ، بعيدة كل البعد عن ثقة المجتمع الدولي والإقليمي .. ولا ننسى ماحدث يوم 20 / 2 الماضي ، حين هوجمت وزارة الخارجية وسياستها ووزيرها هوشيار زيباري وبعنف من قبل مستشار رئيس الوزراء العراقي وعضو البرلمان عن الإئتلاف العراقي الحاكم سامي العسكري ، وتنصلت الرئاسة من تصريحاته ، وأعتبرتها تمثل رأيه الشخصي لاغير . وتهديد وزير الخارجية بمقاضاة مستشار رئيس الوزراء حول ماذكر ومنها الليالي الحمراء للسيد الوزير...! ولاندري لماذا تسرعت الرئاسة بالحكم قبل التحري والتحقيق ، خصوصاً وأنها تعرف التاريخ الشخصي لهذا الوزير ! وهو أمركفيل بإقالة أو إستقالة الوزير إذا ماثبتت التهمة وفي كثير من النظم العالمية ، وحتى في دول العالم الثالث ! والشيئ نفسه ينطبق على وزير المالية !

ـ غموض سياسة رئيس الوزراء العراقي في معظم القضايا العالقة والساخنة ، حتى أصبح الإنطباع العام لدى المراقبين وحتى رجل الشارع العادي ، أن المالكي كثير المراوغة والكذب في أسلوب إدارته للحكومة .. هناك عشرات اللجان التحقيقية أعلن مكتبه عن تشكيلها منذ توليه السلطة ولحد يومنا هذا ، لغرض التحقيق في مخالفات قانونية أو دستورية أو أمنية أو إقتصادية أو سياسية .. لم يتم الإعلان ، لاعن أسماء أعضاء اللجان ولاعن نتائج ماتوصلت اليه ولم نسمع عن إجراءات قانونية أتخذت بحق المخالفين في هذا الصدد . ينعكس نفس الأسلوب على نشاطه السياسي داخل وخارج العراق ، سواء مع الكتل والأحزاب العراقية أو من خلال مباحثاته الرسمية مع مسؤولي الدول التي زارها أو أولئك الذين قاموا بزيارة العراق.. لانتائج مرئية وملموسة في كافة تصريحاته وأنشطته !

ـ على الصعيد الأمني الداخلي للعراق ، فإنه وبكل الإعتبارات ، يعاني من مشكلة لايكاد يُرى حل لها على المدى المنظور ، بالرغم من محاولات الأمريكان والحكومة التقليل من حجم هذه المشكلة !

ـ قرار حل الجيش العراقي الشرعي من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بمبادرة كل من أحمد الجلبي والتحالف الكردستاني بشكل خاص ، وما خلقته تداعيات ذلك القرار على مجمل الوضع الأمني والسيادي للعراق ، إضافة الى فقدان نصف مليون عائلة عراقية لموردها المالي الوحيد .. ثم إنتقال أفراد الجيش المهنيين والمدربين للعمل ضمن المقاومة العراقية دفاعاً عن كرامتهم وكرامة البلد ، وإنضواء البعض الآخر للعمل مع الميليشيات كجيش المهدي على سبيل المثال ..!

ـ على الصعيد الإقتصادي تشير كافة الخطوط البيانية الى إنحدار وتذبذب على الرغم من زيادة عائدات النفط ، والإيحاء إعلامياً بتحسن هذا الجانب .

ـ فضائح السرقات والفساد المالي وهدر الأموال العامة على مستوى الوزارات والمسؤولين والمتنفذين ومن ( يترزق ) تحت مظلاتهم ، في تصاعد مستمر ، وأصبحت رائحته تزكم الأنوف ، وأصبح حديث الصحافة العالمية ، وليس فقط حديث الشارع العراقي والمواطن العادي . وقد وصل الأمر لحد سرقات النفط العلنية من حقل مجنون وذلك من قبل إيران .. في البدء سارع الشهرستاني وزير نفط العراق بتكذيب الخبر والدفاع عن إيران علناً .. ثم بعد إفتضاح الموضوع .. تحرك رئيس الوزراء ، وبناء على فتوى وزير النفط نفسه ، بوجود حقول نفط مشتركة ، فقام بتشكيل لجنة كالعادة للتحقيق في الموضوع والعمل على قيام لجنة مشتركة من العراقيين والإيرانيين !! .
لقد فنّد خبراء النفط فنياً ما يسمى بحقول مشتركة في الصناعة النفطية ، وأن ذلك يمثل سابقة خطيرة إضافة الى أن اللجان المشتركة المزمع تشكيلها قد تأخذ سنوات طويلة قبل أن تصل الى حل ، هذا إذا وصلت لهذا الحل ، وتكون ملايين بل مليارات البراميل من النفط قد تمت سرقتها من قبل إيران وبموافقة حكومة العراق ، تماما كما سرقت الكويت ولا زالت النفط من حقول الرميلة الجنوبية !!

ـ إنعدام أبسط مقومات الخدمات العامة للمواطن ، ومن أبرزها الخدمات الصحية ، والإجتماعية ، والكهرباء ، والماء ، والوقود ، والتصريف الصحي .. وغير ذلك .

ـ وصول الفساد المالي الى لقمة عيش المواطن العادي البسيط ، والى حبة الدواء التي يحتاجها .. فالأغذية والأدوية تصل المواطن بإسعار غير معقولة . والأدهى من ذلك ، أنها خارج تاريخ صلاحيتها للإستهلاك البشري .. ويوم 20 / 2 الماضي أيضاً ، تم العثور في منطقة الكاظمية على مذخر أدوية يديره شخص إيراني الجنسية ، ومعه شريكان عراقيان .. يقوم بتغيير تواريخ صلاحية الدواء للإستعمال ، وإعادة طرحه في الأسواق ( لمعالجة المرضى ) ! . الدواء مصدره الرئيسي إيران ، والشريكان العراقيان لم يتم التعرف على إسميهما أو مناصبهما ..! ولم نسمع كمواطنين عراقيين ماهو الإجراء الذي أتُخذ بحقهم وهم يعملون على تسميم مرضانا بدل معالجتهم ..!

ـ إرتفاع نسبة البطالة في العراق الى معدلات قياسية تفوق الكثير من دول العالم الثالث الفقيرة .

ـ إرتفاع نسبة معدلات الفقر لتصل أحياناً تحت خط الفقر الذي يقره الإقتصاديين والمنظمات الدولية وقد وصلت في بعض حالاتها الى نسب أعلى من تلك الموجودة في دول أفريقية متأخرة وفقيرة .

ـ تدني الإستثمار الأجنبي في حقول التطوير والخدمات الى الصفر ، وإرتفاعه في قطاعات النفط بما يكفل للشركات النفطية العملاقة أرباحاً خيالية على حساب العراق وشعبه .. وكذلك زيادة الإستثمار الأجنبي في قطاعات تجارية محددة مثل شبكات الهاتف المحمول التي تمتلكها شركات من خارج العراق ( الكويت ومصر ) على سبيل المثال ، أو تُمتلك من قبل شخصيات عراقية رسمية أو أفراد من عوائلهم كما هو الحال مع شركة ( أسيا سيل ) التي تمتلكها ( هيرو إبراهيم أحمد ) زوجة رئيس الجمهورية ، جلال الطالباني . أي أن الإقتصاد العراقي قد تحول الى مصدر للقطط السمان داخل وخارج العراق وعلى حساب الشعب المعدم .

ـ تراجع معدلات التعليم في العراق من ناحية النوعية والعدد ، وفي كافة مراحله ، نتيجة ترك أساتذة وعلماء كثيرين للعراق بعد تهديدهم بالقتل ، ونتيجة للتصفيات الجسدية التي حلت ببعضهم ، وترك الطلبة وفي مراحل مبكرة من الدراسة لدراستهم من أجل العمل ، وترك الطالبات للدراسة بسبب الخوف وعدم توفر الأمن .. إضافة الى كل ذلك قلة الميزانية التعليمية وتقليصها .

ـ تقليص كميات وأنواع المواد الغذائية التي تدفع للعوائل العراقية وفق البطاقات التموينية ، والتي كان معمول بها منذ دخول العراق تحت الحصار عام 1991 ، وهذا قد ورد على لسان عبد الفلاح السوداني وزير التجارة العراقي ، خلال تصريح له في شهر كانون الثاني / يناير 2008 ، وأعزى سبب ذلك الى تقليص الميزانية المخصصة لإستيراد المواد الغذائية وفق الحصص التموينية .. إضافة الى ذلك يشكو المواطن العراقي من تدني نوعيات المواد الموزعة ورداءتها وإنتهاء صلاحيات الإستخدام لبعضها وحذف الكثير من المواد من جداول التوزيع .

ـ تراجع دور المرأة العراقية في المجتمع من النواحي الثقافية والإجتماعية ، إضافة الى تحملها العبء الكبير في النواحي الإقتصادية الأسرية .. وهذا لاشك يعتبر إنتكاسة حضارية في طريق تقدم أي مجتمع وبنائه وفاعليته .

ـ ظهور الصراعات الطائفية والدينية والعرقية والجغرافية ، وبشكل يزداد حدة مع إستمرار القيادة الهزيلة للدولة ، هذا أدى الى تصدع الوحدة العشائرية التي كانت من أبرز سمات التلاحم الإجتماعي في المجتمع العراقي ، وتعطيل دور رؤساء وشيوخ العشائر وما عرف عنهم من حكمة وبُعد نظر ليتحول الى بروز دور المعممين المتفعين أنصاف المثقفين إن لم نقل الجهلاء ، وتحت مسميات مختلفة كرؤساء أحزاب ، وتكتلات ، وقادة سياسيين ، ومراجع ، إضافة الى إمتلاكهم لميليشيات مسلحة تلعب دوراً تخريبياً في العراق لصالح هؤلاء ومحاولتهم السيطرة على مقاليد الأمور ، في الأغلب لصالح دول خارجية .

ـ هجرة العقول ورؤوس الأموال الى خارج العراق نتيجة الفوضى الأمنية والإقتصادية ، وكان من شأن ذلك تفريغ البلد وقطع جناحيه المتمثلَين بالعِلم وراس المال ، وهذا لاشك تم بشكل مُخَططَ له بعناية وبذكاء من قبل أعداء العراق ليسهل تمرير المخطط الأكبر ، وقيام الدول عربيّها وغربيّها بفتح أبوابها أمامهم وبتنسيق عال ، أضف الى ذلك هجرة ملايين العراقيين من الناس العاديين بسبب فقدان الأمن بالدرجة الأولى وتعرضهم للقتل والتهديد على أيدي العصابات المسلحة ومنها الميليشيات الطائفية من كل جنس ولون . وهؤلاء ترفضهم الدول المضيّفة ، وتشجعهم حكومة العراق على العودة للدخول في دائرة المعاناة والقتل ، والقصص كثيرة في هذا المجال !

ـ تشابك النسيج الإجتماعي وتفككه بالنسبة للكثير من العوائل العراقية التي إضطرت الى الهجرة داخل العراق ، أي الإنتقال من محافظة الى أخرى ، وتتساوى في هذا العوائل السنية والشيعية ، وقد أغمضت السلطات أعينها عن هذه الظاهرة وخطورتها ، وتركت الحبل على الغارب للميليشيات والعصابات وحتى قوى الأمن الرسمية فيما يبدو كمقدمة لتقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية !! هذه الظاهرة تسببت إضافة الى المعاناة الكبيرة لهذه العوائل في ترك مساكنهم ومصادر معيشتهم لتستولي عليها الميليشيات بغير وجه حق ، فإنها أيضاً قلبت الموازيين الإجتماعية داخل هذه الأسر بسبب إختلاف البيئة والعادات والإبتعاد عن الأقارب والمعارف والأصدقاء ، وتحولهم الى عيش الكفاف بعد أن كانت لهم مصادر رزقهم سواء من وظائفهم أو اعمالهم التجارية في مدنهم الأصلية !

ـ ظهور العمالة المبكرة بين صفوف الأطفال ، وظهور الدعارة بين الفتيات والنساء ، داخل وخارج العراق ، وبسبب الحاجة المادية ووضعهم الإقتصادي المتردي ، وفقدان حماية الدولة لهم في كافة النواحي ، وإعتماد الحكومة العراقية على وكالات اللاجئين والمنظمات الإنسانية في دعم هؤلاء المهجّرين خارج العراق دون أن تتكفل هي بذلك ، بالرغم من العائدات المالية الخيالية التي تدخل الميزانية وتتبخر من قبل ذوي الشأن !!

ـ بدء العد التنازلي لتصديع الخارطة العراقية وتفتيها ، ونتيجة لكل ماذكرناه أعلاه ، ليتم تحويل العراق الى كيانات وكانتونات وتحت مسميات مختلفة بدأت بمصطلح الفيدرالية البرّاق ، وبدأت تسير بإتجاه الكونفدرالية .. لتنتهي الى المخططات الموضوعة سلفاً من قبل إسرائيل أولاً ، وبتنفيذ أمريكي ثانياً ، وذلك لتحقيق حلم الشرق الأوسط الجديد ! وما ممارسات الأكراد ، وتصريحات عبد العزيز الحكيم وولده عمار ! حول فصل جنوب العراق ، إلا جزء ومقدمة للمخطط الصهيوني !

هذه أهم معالم البحث ، في حصاد السنوات الخمس ، والتي سنتناولها بالتفصيل في الحلقات الأربع القادمة ..

معالم و ( إنجازات ) على طريق خمس سنوات من الخيانة والعمالة والإحتلال ..
عادة ماتضع الدول خطط خمسية للنهوض والتقدم والتطوير...
أما في العراق فقد تم تنفيذ خطة خمسية بنجاح ، ولكن ، من أجل الهدم والتدمير لا البناء والتعمير ..!
وللبحث بقية ..

lalhamdani@yahoo.com

للإطلاع على مقالات الكاتب ومدوناته ، يرجى الدخول على الرابط :
www.alialhamdani.blogspot.com

يرجى ملاحظة أن الموقع أعلاه تحت التحديث ، وسيأخذ بضعة أيام قبل تنزيل كافة المقالات .

No comments: