Friday, March 7, 2008

الحرب على الحقيقة


ــ ترجمة مختصرة علي الحمــداني (6)

في الستينات من القرن الماضي إندمجت حركتي الإسلام والمورو في تجمع صغير من الطلاب تهتم بقضايا التمييز العنصري ، والفقر ، وعدم المساواة والعدالة وذلك بالنسبة لقومية المورو وهم سكان البلاد الأصليين والذين يعتبرون أن ماحل بهم هو نتيجة استعمارهم من قبل المستوطنين ( المسيحيين ) .

لقد حدثت أعمال عنف في منطقة ( كوتاباتو ) مابين عامي 1969 و1971 ، أدت الى فرض قانون طوارئ على المنطقة في زمن الرئيس الفليبيني فرديناند ماركوس ، وذلك عام 1972 . لقد حازت الحركة على تعاطف شعبي معها نتيجة ضرب أعضائها بعنف من قبل الديكتاتور ماركوس ..على أثر ذلك تم تأسيس " جبهة التحرير الوطنية للمورو " وبحدود 30000 مقاتل .
في ديسمبر 1976 ، توصلت الحكومة الفليبينية وجبهة التحرير الى إتفاق لوقف إطلاق النار ومنح 13 مقاطعة يعيش فيها غالبية المسلمين حكما ذاتيا . عرفت تلك الإتفاقية " بإتفاقية طرابلس " لرعايتها من قبل ليبيا . إلا أن إدارة الرئيس ماركوس نقضت تعهداتها مما نتج عنه إشتعال المواجهات من جديد في 1977 .

في 1986 ، توصلت الجبهة الى إتفاق جديد ، هذه المرة مع حكومة كورازون أوكينو ، وحدد الاول من كانون الثاني / يناير 1987 كموعد لتحقيق استقلالية الأقاليم الإسلامية ، حيث أوقفت الجبهة عملياتها العسكرية ، فيما مضت الحكومة الفليبينية في وضع جدول للخطوات التي سيتم تنفيذها لمنح المورو لإستقلالهم .

لم يتم في الحقيقة سير هذه العملية كما كان متوقع لها ، ودخلت الإتفاقية في مطبات وتعثرات ، كان وراءها مماطلة الحكومة الفليبينية . نتج عن ذلك أن إنفصلت مجموعة قتالية عن الجبهة عرفت بمجموعة ( أبو سياف ) ، أسسها عبد الرجيك ابوبكر جنجلاني في 1991 ، وأتخذت نفس إسم الحركة التي كانت مؤسسة قبل ذلك التاريخ بأحد عشر عاما في أفغانستان .أما جبهة أبو سياف حاليا فتعمل تحت قيادة خدافي جنجلاني ..
وفي عام 1996 ، دخلت الجبهة مجددا في إتفاقية سلام مع فيديل راموس ، ووافقت على الإنضمام الى العملية السياسية ، إلا أن الحكومة الفليبينية بقيت تراوغ وتتملص من إتفاق الإستقلال . عندها تفجر الموقف مجددا عام 2000 ، عندما أعلن أبو سياف عن هدفه بإنشاء دولة إسلامية في جنوب الفيليبين ووفق الشريعة الإسلامية ، عندها تفجر الموقف بعنف وبدأت أعمال القتل والتفجيرات ، التي لم تحظى بتأييد جبهة المورو.

جذور حركة أبو سياف ترجع مباشرة الى ( القاعدة ) ...! والى بداية الثمانينات حيث قاد عبد الرسول سياف ( الذي سميت الحركة بإسمه ) ، تحالفا مع المتطرفين الذين كانوا قد سلّحوا من قبل بن لادن . وقام سياف بتمويل سعودي بتأسيس مدرسة " دعوة للجهاد " في شمال بشاور والتي كانت تقوم بتدريس الأصول الوهابية ، وأُلحقَ بها معسكر تدريبي لتدريب المقاتلين ، حيث تولى بن لادن ذلك ، وضمت المدرسة والمعسكر حوالي 20000 مقاتل من 40 دولة من ضمنها الفيليبين .
تم التدريب بإشراف الإستخبارات العسكرية الباكستانية ، وبدعم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي كانت تجهز الخبرات والسلاح ، في حين كانت الأموال تصل من السعودية ومن بن لادن ..!
كان هؤلاء المقاتلين على إستعداد للقتال في مناطق مختلفة من العالم منها الفليبين ، الشرق الأوسط ، شمال أفريقيا ، و...نيويورك ..!

لم يمض وقت طويل قبل أن يترك مقاتلي أبو سياف إفغانستان لينتقلوا الى الفليبين ليعملوا هناك تحت إسم ( جماعة أبو سياف ) . شملت عملياتهم ضرب أهداف حكومية ومسؤولين حكوميين ومؤسسات مسيحية جنوب البلاد ..
من أبرز المنسقين بين حركة أبو سياف والقاعدة كان ( رمزي يوسف ) ، مهندس عملية ضرب المركز التجاري العالمي في نيويورك عام 1993 مع جماعة الشيخ عمر عبدالرحمن الذي أتينا على ذكره في حلقة سابقة . كما أنه تعزى الى رمزي يوسف هذا إبتكار ماسمي بمشروع ( بوجنيكا ) ..!

بوجينكا مشروع يقسم الى نصفين في تنفيذه . النصف الأول مخصص لجماعة أبو سياف في الفيليبين . نفذ منه تفجير طائرة تابعة للخطوط الجوية الفليبينية في رحلتها بين مانيلا عاصمة الفليبين وبين طوكيو عاصمة اليابان في 11ديسمبر / كانون الأول 1994 ، كما حاول إستهداف 11 رحلة لطائرات أمريكية فوق المحيط الهادي . وحين إجري التحقيق في هذه العمليات وصلت الخيوط الى مجموعة ابو سياف بالتنسيق مع رمزي يوسف . أما النصف الثاني من المشروع فقد كان أحداث 11 سبتمبر 2001 في تفجير برجي التجارة في نيويورك ، والذي فتح أبواب جديدة أمام الإستراتيجية الأمريكية عرفت بمكافحة الإرهاب حتى يومنا هذا .
من النشطاء في خلية رمزي يوسف كان خالد شيخ محمد الذي كان يرأس خلية خاصة به في مانيلا ، وكان يسكن في نفس البناية التي يسكن فيها رمزي يوسف ، وأحد منفذي هجمات سبتمبر في نيويورك ..!

إستنادا الى مركز واشنطن للمعلومات ، فإن صلة أبو سياف ـ القاعدة كانت قوية ومتماسكة . وأن الكثير من مقاتلي حركة ابو سياف هم ممن تلقوا تدريباتهم في أفغانستان على يد القاعدة ومن ضمنهم 20 شخصية ثقافية متقدمة في مدينة مزار شريف الأفغانية عام 2001 .

قام جنجلاني بتوثيق علاقاته مع رجل أعمال سعودي ثري هو محمد جمال خليفة ( صهر اسامة بن لادن ) ، الذي قام بتأسيس جمعيات خيرية في ظاهرها ، ولكنها كانت في الحقيقة تستخدم كقنوات لتمويل جماعة أبو سياف . إحدى هذه الجمعيات التي تتبع خليفة هي ( منظمة الإغاثة الإسلامية ) التي لها فرع في الفليبين ، كما لمؤسسات مماثلة تابعة لابن لادن مباشرة .

خليفة ، وبحسب بعض تقارير استخبارية ، كان على صلة أيضا برمزي يوسف . وقد قضى خليفة في الفليبين بضع سنوات قبل أن ينتقل الى الولايات المتحدة حيث تم إعتقاله في مدينة سان فرانسيسكو بسبب إقامته هناك بأوراق مزورة ، حيث كشفت ذلك مراقبته من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي لعلاقته بكل من رمزي يوسف وعبد الحكيم مراد من أفراد تنظيم القاعدة أيضا لعلاقتهم بإستهداف الطائرات الأمريكية فوق المحيط الهادي ، إضافة الى تمويله لمشروع رمزي المعروف ( ببوجنيكا ) من خلال جمعياته الخيرية في الفليبين .
كان خليفة على وشك التقديم للمحاكمة ، حين صدرت الأوامر بالإكتفاء بطرده من الولايات المتحدة ومنعه من دخولها مرة أخرى . وكانت هذه الأوامر من ألإدارة الأمريكية مباشرة ونقلها وارن كريستوفر وزير الخارجية الأمريكي انذاك ، وجاءت هذه الأوامر في رسالة من ثلاث صفحات وجهت الى المدعية العامة الأمريكية جانيت رينو . وفعلا رحّل محمد جمال خليفة الى الشرق الأوسط ....!!! ولاتزال منظمة أبو سياف تقوم بأنشطتها في الفليبين ...!

بعد هذا الإستعراض السريع للأنشطة الإرهابية في أنحاء العالم والتي تمت تحت سمع وبصر وتأييد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .. ننتقل الى موضوع مهم ، هو الإلتقاء الأمريكي ـ البريطاني في حماية أسامة بن لادن ...!!

نكمل ذلك في الحلقة السابعة ..

lalhamdani@yahoo.com

No comments: