علي الحمــداني
يبدو أن إعجاب عبد العزيز الحكيم وولده عمار بالتاريخ الأمريكي ، ليس أقل من إعجابهما بالإدارة السياسية الأمريكية البوشية .. وكما هو إعجاب الوالد بالسيد هنري كيسنجر الذي كانت زيارته والسلام عليه واللقاء به والإستماع الى نصائحه ووصاياه هي من ضمن أجندة زيارة عبد العزيز لواشنطن مؤخراً .. وقد جمع لقاءهما صورة تذكارية ، لم تفت الأجهزة الأمريكية نشرها مع الصور الأخرى التي جمعته ببوش ورايس كل على حدة في توقيت ذكي مع نشر توصيات الإستخبارات الأمريكية الخاصة بإيران وأنشطتها النووية ...! وكأن لسان حال الأمريكان يقول للإيرانيين : انظروا الى إبن إيران البار كيف يعمل بما تبقى عنده من قوى وهو المصاب بسرطان الرئة للحفاظ على المصالح الإيرانية في العراق ، انظروا اليه بعمامته السوداء ، كيف يضلل الملايين من الشعب العراقي بإسم الدين وبإستغلال إسم آل البيت والإنتساب اليهم (...) وقارنوا كل ذلك مع تقرير الإستخبارات ، ولا تشغلوا بالكم بتصريحات بوش وأركان إدارته حين تسمعونها ، لأنها من باب ذر الرماد في العيون ومن مقتضيات خطط تضليل الرأي العام ...!
كل هذا طبعاً من باب إبداء حسن النوايا قبل اللقاء الإيراني ـ الأمريكي ، الذي اعلن عنه الحكيم ، والذي سيتم في بغداد قريباً جداً ...! وقد سبقه بتاريخ أول أمس ، تصريحات رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون خلال زيارته للبصرة التي إستمرت ساعتين ، أجرى خلالها إتصالا هاتفياً مع نوري المالكي ، حيث أعلن الإثنان بعدها عن نقل مسؤولية الأمن في البصرة من البريطانيين الى قوات الجيش والشرطة العراقية وخلال إسبوعين ...!
يعني ، أن البصرة ستكون ضمن مسؤوليات منظمة بدر التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى ، التابع لعبد العزيز الحكيم .. والتي ينضوي أفرادها تحت مظلة الجيش والشرطة ، ويعملون بالتنسيق المباشر مع قوات الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التابعين لإيران ، وبكلمة أكثر دقة ستصبح البصرة ضمن السيطرة الإيرانية بإدارة حكيمية ...! خطوة على طريق تقسيم العراق الى دول (إقاليم) ثلاثة ، والتي رفع لوائها عزيز الحكيم ، وتم التنسيق بشأنها كما يبدو مع هنري كيسنجر أحد أقطاب المشروع الصهيوني ( الشرق الأوسط الجديد ) ومن كبار منظريه أمريكياً
وإلا فما الغرض من زيارة الحكيم لكيسنجر الذي لايتمتع حالياً بأي منصب رسمي في الحكومة الأمريكية خلال زيارة يفترض أنها رسمية ...؟
توقيت زيارة براون للبصرة ، كان مدروساً بشكل جيد من حيث ماتم وسيتم التوصل اليه من إتفاقات سرية إيرانية ـ أمريكية ، تقطف بعض ثمارها بريطانيا .. وكذلك كثمرة من ثمرات زيارة الحكيم لواشنطن لبيع العراق .. ثم يأتي توقيتها مع بيان مجلس عشائر الشيعة العرب في الجنوب والفرات الأوسط الصادر قبل يوم واحد من زيارة براون ضد الإحتلال وللحفاظ على وحدة العراق .. وكذلك مع حملة التصفية الجسدية لرجال مقتدى الصدر على يد فيلق بدر وبالتعاون التام مع القوات الأمريكية ، ثم الإعلان هذا اليوم 10 / 12 عن عمليات عسكرية جديدة سيقوم بها 1400 جندي أمريكي ، مع قوات من الجيش العراقي في الفرات الأوسط والجنوب ، ستبدأ بحدود 15 من هذا الشهر من محافظة بابل ...!
نشرت مجلة ( لو بوان ) الفرنسية ، بعددها الصادر بتأريخ 15 / 11 /2007 ، مقالاً لمراسلة المجلة في العراق ( آن نيفا ) ، بعنوان ( اللعبة المزدوجة للشيعة العراقيين ) .
Iran-Etats-Unis . ( Le double jeu des chiites irakiens ) 15/11/2007 – Anne Nivat – Le Point – No. 1835.
أنقل فيما يلي نص ترجمة المقال التي قام بها الدكتور عبد الإله الراوي ، أستاذ القانون ، وعلّق عليها والتي أرسلها لي مشكورا على بريدي . تعليقات الدكتور الراوي حصرت بين قوسين " "
(( المجلس الإسلامي الأعلى العراقي يمثل الحزب الشيعي الرئيس المرتبط بإيران ، الذي يتم إستقبال قادته بترحاب في واشنطن . وهذا مايثير توتر وعدم رضاء لدى الشيعة .
اللقاء تم في قاعة الإستقبال الكبيرة في بيت طارق عزيز ، وزير الخارجية في عهد صدام حسين ، هذا البيت الذي اصبح مقراً للمجلس الإسلامي الأعلى العراقي .
هذا التنظيم الشيعي لديه أكبر عدد من الأعضاء في مجلس النواب (128 ) . وهو مقرّب جداً من إيران ، منذ زمن مقاومة نظام صدام حسين ، لأن هذا البلد قدم الدعم والملاذ لمحاربيه .
عندما ظهر عمار الحكيم ، في جلباب طويل أسمر فاتح وفوقه عباءة بلون كستنائي غامق لبست بصورة جيدة مع عمامة سوداء مثبتة على قمة رأسه ، عم السكون في القاعة .
وهذه الندوة تعبير عن رفض فكرة الإنغلاق خلف جدار سياسي وعسكري من رصاص ، لأن بغداد في هذه الحالة تصبح غير ملائمة للعيش فيها .
جلس هذا الشاب ( 36 ) سنة ، واضعاً يديه المتشابكتين خلف ظهره ، وصرح بصوت رقيق " هنا كل مواطن يشعر بالتحسن ، العنف اليومي تراجع لأنه يتم أكثر فأكثر ، توقيف أشخاص مسلحين مسؤولين عن أعمال العنف . "
وبمظهر متباهي ورقيق ، وبأسلوب مقبول يظهر عمار رجلا مصمماً ، أكثر فأكثر ، متأثراً بتوجيه والده عبد العزيز الحكيم ، رئيس الحزب الذي أصبح ضعيفاً بسبب سرطان الرئة .
ورغم ذلك فإن السيد ، الذي ينتسب للرسول ، إضطر للإعتراف بأنه في بغداد لازالت مجموعات مسلحة مستمرة بالقيام بأعمال العنف ، في جنوب العاصمة مثلاً ، ولو أن هذه المجموعات المسلحة استمرت بنفس أعمال العنف اليومي كما يحدث في جنوب العاصمة مثلاً ، لما بقي أي بغدادي في العاصمة ...
وأضاف مباشرة : لأن الأمريكان إستمروا يمارسون نفس الأخطاء ، ولكن نظام الأمن العراقي تطور.
" ينتسب للرسول ...! ـ هذه العائلة التي أصبحت تلقب بالحكيم ، هم من أصول إيرانية وأن جدهم والد محسن الطباطبائي ، وإسمه حكيم ، جاء الى النجف كسائس خيل لأحد أمراء القاجار الذين حكموا إيران قبل عائلة بهلوي ، ثم إستقر بالنجف ، واشتغل ببيع التبغ وسيكاير المزبن ..!
وكان محسن يلقب ، عند تركه بيع السيكاير ودخوله المدرسة الدينية ، الطباطبائي الأصفهاني ، وبعد فترة من الزمن حذف الأصفهاني واستعمل بدله لقب الحكيم الطباطبائي . ولكن أولاده حذفوا الطباطبائي وأبقوا فقط على الحكيم ، ليدعوا أنهم عرباً .. علماً بإنه لاتربطهم أية رابطة ببني هاشم أو العرب ، فهم فرس من زوارة من قرى أصفهان ـ يراجع نزال رياح الغزالي : خاطرة الرياحي ، وهي حلقات متسلسلة نشرت على شبكة البصرة ، الحلقة الأولى بتأريخ 23 / 6 / 2007 ، وما ذكر هو من الحلقة الرابعة "
عاد عبد العزيز الحكيم الى بغداد في شهر تشرين الثاني / نوفمبر ليحضر عيد الفطر بعد معالجة كيمياوية في طهران ، ولكنه كان حسب قول إبنه ـ أصبح ضعيفاً ـ في سبيل إمامة العيد . ومنذ ذلك الوقت فإن عمار الحكيم يقوم بالوكالة برئاسة المجلس .
الحكيم الأب إستطاع وبقوة أن يحافظ على علاقته الحميمة مع طهران وبكونه حليف مفضل لدى الولايات المتحدة الأمريكية .
وتم إستقباله ، في كانون الأول / ديسمبر 2006 من قبل جورج بوش في واشنطن ، في سبيل مناقشة إمكانية تحقيق المصالحة الوطنية ( .... ) ، وكان يرافقه عمار الذي أثار فضول محدثيه فيما يتعلق بإعجابه بطريقة لنكولن للحفاظ على البلد من وقوع حرب أهلية ...
" هذه إحدى الغرائب او العجائب لعبقرية هذا المدلل !! ولذا يحق لنا أن نتساءل ، هل أنه قرأ فعلاً تاريخ أميركا ..؟ وفي تلك الفترة بالذات ..؟ حيث أن أميركا كانت مقسمة والحرب الأهلية مستعرة بين ولايات الشمال وولايات الجنوب وبالأخص بسبب إلغاء العبودية ، الذي ترفضه ولايات الجنوب والذي تم هو توحيد هذين القسمين ، الشمال والجنوب لتكوين الولايات المتحدة الحالية ، مما أدى الى إنهاء الحرب الأهلية . وأن العبقري ، قرأ هذه الأحداث بالمقلوب ، ولذا هو يطرح عكس ماتم في اميركا ليطبقه في العراق ، لكونه يرى أن تقسيم العراق ، البلد الموحد منذ آلاف السنين ، سيؤدي الى تجنب الحرب الأهلية !! "
مع ذلك ولغرض فرض مكانته على المسرح السياسي العراقي ، المجلس الإسلامي الأعلى عليه أولاً أن يتفق مع التنظيم الشيعي الآخر الكبير في البلد الذي يرأسه ، الشخص ذو التأثير الكبير مقتدى الصدر ، العدو اللدود للأمريكان ، والذي يكبر عمار بثلاث سنوات .
رغم ذلك فإن الشاب عمار الحكيم يظهر منزعجاً من المقارنة ، التي لايمكن تجاوزها ، مع الإمام الصدر ..
مقتدى الصدر وطني وشعبي يرأس جيش المهدي ، كتائب تتكون من عشرات الآلاف من الرجال . وأن عمار يؤكد مايقربه من مقتدى بقوله ـ نحن الأثنين من عائلتين دينيتين معروفتين كثيراً ، وقد أكملنا نفس الدراسة الدينية ، وكلانا من مدينة النجف وتربطنا قرابة بعيدة ـ " أم عمار هي ابنة عم مقتدى "
ولكن هذا لايمنع أن يختافا في نقطتين : إنسحاب القوات الأمريكية والدستور .
إذا كان مقتدى لايترك مناسبة إلا ويؤكد فيها مطالبته بإنسحاب القوات الأجنبية ، عمار الحكيم ، بالنسبة له يتخذ موقفاً ، مجازفاً بأن يعتبر مؤيد لتقسيم البلد ، لكونه صرح بمناسبات كثيرة بأنه مع نظام فيدرالي مع لامركزية قوية . وهو يدافع عن موقفه هذا بقوله ـ ليس لدي نية بتقسيم العراق ، على العكس ، النظام الفيدرالي هو الحل للحفاظ على وحدة البلد ... ـ
نحن نسيطر على كتائبنا ، وليس بحوزتنا سوى الأسلحة المسموح بها ـ يدعي الحكيم الأبن ـ ملمحاً الى التجاوزات التي يقوم بها جيش المهدي التابع للصدر ، الذي لايمكن السيطرة عليه ....
" وأخيراً نرى أن نشير الى خطأ الكاتبة عندما تقول ـ إزدواجية الشيعة العراقيين ـ ، حيث كان من المفروض أن تقول : إزدواجية ولاء بعض قادة الأحزاب الشيعية ، أو أن تقول : الشيعة الصفويون للتفرقة بين الشيعة العرب العلويين وبين الصفويين المرتبطين بإيران ، لأننا نعلم بأن الغالبية العظمى من العراقيين ومن الشيعة طبعاً هم ضد أي نوع من الإحتلال ، او التبعية سواء كانت لإميركا او لإيران . وعلينا أن نشير هنا الى المواقف المشرفة لأغلب شيوخ العشائر العربية ومثقفي جنوب العراق من الإحتلال الأمريكي والتغلغل الإيراني في العراق ومن تقسيم وطننا الجريح .." ))
إنتهت ترجمة المقال المنشور باللغة الفرنسية ، ولا أعتقد أنني أجد كلمة أو كلمات للتعليق عليه ، عدا ماذكرته في صدر مقالي هذا ، سوى أن أقول ( إذا لم تَستَح فاصنع ماشئت ) ...!
ثم لا ندري ماذا حلّ بالدعوى القضائية المقدمة من قبل حامد البياتي ، سفير العراق في الأمم المتحدة ، وبمساعدة فيصل الأستربادي ، الأمريكي الإيراني الأصل ، المرفوعة ضد الجيش الأمريكي الذي إعتقل عمار الحكيم عند عودته من إيران الى العراق عن طريق البر قبل أشهر ، ومعه حسبما ذكر مبلغ 50 مليون دولار أمريكي ...! حيث أكد في حينها السيد البياتي ، أن معه أوراق ثبوتية للمحكمة الأمريكية تقدم الدليل على إغتصاب عمار الحكيم والإعتداء عليه جنسياً عند إعتقاله الذي إستمر إثني عشر ساعة ...!
سكن الغبار كما يبدو ..! ، والتأمت الجروح ..! ونامت القضية التي شُغلنا بها لأسابيع والتي لانريد أن نغضب أميركا لسبب ( تافه ) كهذا !! وكما يقول مثلنا العراقي ( نامت عليها الطابوكة ...!!! )
lalhamdani@yahoo.com
No comments:
Post a Comment