Thursday, March 20, 2008

العمــامة الســوداء في البيت الأبيض ...!


علي الحمــــداني

لعله من قبيل الصدف الحسنة وتوارد الخواطر ، أن يتزامن مقالي ليوم 6 / 12 على هذه الصحيفة ، مع مقال آخر كتبه الزميل الأستاذ طالب الشطري بعنوان : ( عمائم شيطانية .. آل الحكيم من مرجعية الشيعة الى مرجعية الشيطان الأكبر ) ، وهو مقال جدير بالدراسة أكثر من القراءة ، لاسيما أنه كان معزز بالصور ..

لقد كان مقالي تحت عنوان : ( ماذا تعني حقيقةً تقارير الإستخبارات الأمريكية خلال سنوات ..؟ المضامين والتطبيقات والنتائج ) ، تناولت فيه في الفقرة ( ثالثاً ) من عوامل التوقيت الزمني لنشرالتقرير ، وهي زيارة عبد العزيز الحكيم الى واشنطن .. وذكرت فيها ( لأن الحكيم يلعب دوراً كيسنجرياً نسبة الى هنري كيسنجر عرّاب السياسة الأمريكية .... ) .. ولم أكن أعلم وأنا أكتب المقال ، أن الأستاذ الشطري ، وهو يكتب مقاله ، كان يتكلم فيه عن الزيارة المشبوهة التي قام بها عبد العزيز الحكيم الى هنري كيسنجر خلال وجوده في واشنطن .. وقد نشر الصورة التي تجمعهما وعلامات الإنصات ترتسم على وجه الحكيم ، كتلميذ يجلس الى أستاذه ...! بل لم أكن أعلم أن الحكيم قد إلتقاه الى جانب بوش ورايس .. مع أن بعض الأخبار قد تحدثت أيضاً عن لقاء بين حامد البياتي ومسؤول إسرائيلي على هامش مؤتمر ( أنابوليس ) ...!

ومن المعروف ، أن كيسنجر هو يهودي صهيوني ، أشعل حرب فيتنام ، وقاد السياسة الأمريكية من خلال مناصبه الرسمية التي تبوأها .. ثم من الظل بعد ذلك ، ولعقود من الزمن . إشتهر بجولاته المكوكية الى الشرق الأوسط في السبعينات من القرن الماضي لصالح إسرائيل ، وعمل على تبني الرئيس المصري السابق أنور السادات لفكرة هدم العلاقة مع الإتحاد السوفياتي آنذاك وطرد الخبراء الروس من مصر ، ثم دفعه الى زيارة إسرائيل ، وما تلى ذلك من عمليات التطبيع المصري ـ الإسرائيلي ...! وحتى إغتيال السادات ..!
كيسنجر ، الآن لايشغل أي منصب رسمي يبرر إجتماع عبد العزيز الحكيم به ، وهذه التساؤلات قد أثارها الزميل طالب الشطري ، وكلها تساؤلات شرعية ومنطقية .. وأقول أن هناك سبب واحد لمثل هذا اللقاء القذر .. هو تبني كيسنجر ( للسيد ) .. لوضعه على طريق تخريب العراق وتقطيعه كما تريد إسرائيل ...! لاسيما أن ( السيد ) صاحب مشروع ( إقليم الجنوب ) .. بإستخدام الورقة الشيعية بدهاء وإستغفال ، لكي يصبح جنوب العراق مقاطعة لآل الحكيم .. وولاية إيرانية جديدة ...!

كان قد سبق مقالي المذكور ، مقال نشر لي بتأريخ 4 / 12 ، بعنوان ( الحكيم بين زيارتين ) .. وفيه تحدثت عن توقعات وتكهنات لنتائج وجود الحكيم في واشنطن ، منها قرب حدوث لقاء أمريكي ـ إيراني جديد في بغداد .. وتوقع الإشارة مجدداً الى إقليم الجنوب ، وتسليم السلطات الأمريكية للمدانين بقضية الأنفال لتنفيذ أحكام الإعدام فيهم ...!
تم التصريح بخصوص الفقرتين الأوليتين ، وأتوقع تنفيذ الثالثة بعد عيد الأضحى ، وفي غضون أسابيع ...! تماماً كما حدث في العام الماضي بعد زيارة الحكيم لواشنطن ، حيث تم بعد عودته إعدام صدام ، والإعلان لأول مرة عن ( فيدرالية ) الجنوب ، وبدء فتح النار على الصدريين ...!!

الرجل ، كما يبدو ، يسير خطوة خطوة بحسب التوجيهات الأمريكية والإسرائيلية .. ومن أوْلى بهذا الدور وأنسب له من رجل ملتح يرتدي العمامة والعباءة .. ويتكلم بإسم الدين .. تماماً كما هو حال السياسة الأمريكية وعلى مدى عقود في إختيار عملائها لتتويجهم حكاماً تحت المسميات الثورية ، والقومية ، والوطنية ، والإشتراكية وحتى الدينية ... ثم تسليمهم بعد إنتهاء أدوارهم المرسومة لهم الى ( رصاص المعارضة ) أو ( دول المنفى ) أو ( حبل المشنقة ) ....!!!

في يوم الإثنين الماضي 3 / 12 ، ظهر عبد العزيز الحكيم في لقاء على شاشة فضائية ( العربية ) في برنامج ( ضيف وحوار ) .. أرى من المناسب نقل بعض فقرات هذا اللقاء الى القراء الكرام ، لما تحتويه إجابات الحكيم من معان ومقاصد مغلفة ، بالرغم من محاولاته إرتداء اللباس الوطني فوق عباءته ..!

سأله المذيع : كنت قد إلتقيت الرئيس بوش منذ عدة أيام ، أود أن أسألكم ماذا وعدكم الرئيس بوش ..؟
الحكيم : بحثت مع الرئيس بوش طبعاً في مجموعة من الملفات ، وفي كل ملف من الملفات هو كان عنده وجهة نظر ، في كثير من الأحيان كانت وجهات النظر متطابقة ، وبالتالي يوجد هناك أمل في أن يتطور الوضع في العراق ، باعتبار وجود حالة من التطابق في الرأي العام العراقي والرأي في امريكا في بعض القضايا المهمة والأساسية ...!

المذيع : كان لكم تصريح مميز بعد لقائكم بوزيرة الخارجية كونداليزا رايس أعتقد منذ يومين ، تقول فيه ، إن إيران تدعم العراق في الوقت ذاته تتهم الولايات المتحدة الأمريكية لإيران بقتل جنودها أو المساعدة على قتل جنودها ، أيهما صحيح ..؟ هل ماننظر ونقوله عن الإيرانيين ؟ أو مايقوله في الإدارة الأمريكية المسؤولون ..؟
الحكيم : أنا لاأريد أن أحكم ماهو الصحيح . إيران قطعاً لها مواقف إيجابية في دعم الحكومة العراقية حتى الأمريكان هم لا لا لا ينفون هذا الموضوع في دعم الحكومة العراقية . هناك طبعاً إتهامات أمريكية لإيران وهناك نفي من قبل إيران لهذه الإتهامات . نحن لانريد أن ندخل في تفاصيل هذه المسألة . نحن عملنا كعراقيين من أجل أن يكون هناك حوار إيراني أمريكي ....

المذيع : هل تقوم بوساطة بين طهران وواشنطن ..؟
الحكيم : في شكل عام نعم ، أنا يعني أسعى .. أنا من أوائل من دعا الى هذا الحوار ..

المذيع : لنأخذ الطرح الذي طرحته منذ أشهر وربما أكثر حول ان يكون للعراق ثلاثة أقاليم ...
الحكيم : أنا لم أدعُ .. أنا دعوت الى فيدرالية أو مجموعة فيدراليات .. وأيضاً دعوت الى فيدرالية الوسط والجنوب .. هذا يعني ليس المقصود التجزئة على الأرض ، التجزئة على الأرض لايوجد أي جهة عراقية تدعو الى هذا الشيئ ... حتى التجزئة أن هذه المنطقة شيعية .. وهذه سنية .. دعوت الى إقامة فيدرالية الوسط والجنوب في الجهة السياسية ....

المذيع : كيف تصف علاقتك بالسيد مقتدى ..؟
الحكيم : يعني يوجد علاقات ، وفي بعض الأحيان نجتمع أيضاً ، وتم التوافق الأخير بيني وبينه والتوقيع على هذه الوثيقة المهمة " حرمة الدم العراقي " ، وأن نعمل من أجل أن لايكون هناك سفك لدماء العراقيين . وهذه هي طبيعة العلاقة الموجودة وسوف نستمر إن شاء الله في تحسين هذه العلاقة بشكل أفضل وتحسين هذه العلاقة مع العراقيين
المذيع : هل تدعم السيد المالكي ..؟
الحكيم : أنا أيضاً أدعمه ..

كانت هذه بعض فقرات اللقاء الصحفي ، وأود أن أشير الى بعض أجوبة الحكيم ، رغم أنني أعتقد أنها لم تخفى على القارئ ..
هو يقر بتطابق وجهات نظره ووجهات نظر الإدارة الأمريكية .. ويتمادى أبعد ليقول هناك تطابق بين الرأي العام العراقي والرأي الأمريكي .. أي الضحية والجلاد .. والعراقي والأجنبي الذي يحتل وطنه .. ! ولا أظن أن ذلك كان ليصدر عن عراقي أصيل فعلاً ...!
وإذا كانت مواقف إيران إيجابية في العراق .. وهناك فرضاً إختلاف سياسي فيما بين أميركا وإيران ، وهما دولتان أجنبيتان ، فما هي مصلحة سياسي لحكومته وشعبه في دولة مجاورة في كل هذا الحماس للتقريب بين الإثنين إلا إذا كان يعلم فعلا أن إيران تتدخل في العراق ، وأن الصراع إنتقل على الأرض العراقية .. وهذا ماينكره الحكيم والحكومة العراقية أصلاً ..وهو كذب كما سنرى بعد قليل ، أو أنه مكلف أمريكياً أو إيرانياً للتدخل ، وهذا ماأكده الحكيم ضمناً حين قال رداً على سؤال وساطته هذه : ( نعم .. أنا أسعى .. ومن أوائل من دعا الى هذا الحوار ...! )
ثم هو يحاول أن يفلسف لنا دعوته الإنفصالية لجنوب العراق بمصطلحات مطاطة ومراوغة واضحة وأنه لاعلاقة لذلك بتجزئة الأرض ...! وفي الحقيقة لم أفهم بالضبط مضمون ماقصده الحكيم ...!
أين هي إذن أصوات أبواق مريديه داخل وخارج العراق عن إقليم الجنوب ..؟ إنه وحتى الطفل العراقي أصبح يدرك ويرى التقسيمات الطائفية على الأرض ، ويفهم مامعنى دعاوى الفيدرالية ...!

وإذا كانت العلاقة بينه وبين السيد مقتدى الصدر ( سمن على عسل ) كما يقول إخواننا المصريين .. فماذا سيقول الشعب العراقي في الجنوب والوسط خصوصاً عن المجازر والتصفيات الجسدية الجارية في كربلاء والديوانية والبصرة وغيرها ...؟ أم ان ذلك محض خيال ودعاية ورائها أرتال الصداميين والتكفيريين .. الآ يكفيك كذباً بربك ...!!

ثم هو يقول أنه يدعم المالكي .. وهذه هي الفقرة الصحيحة الوحيدة في كل إجاباته .. وسوف لن أعلق عليها ولكن سأثبتها بالحقيقة التالية :

في آب / أغسطس الماضي ، وخلال زيارة نوري المالكي الى طهران .. إتفق مع أحمدي نجاد على تشكيل ( فيلق القدس الإيراني ) في العراق ، وذلك بإيحاء إيراني الى رئيس الحكومة العراقية والذي يدين لإيران بالولاء كما هو معروف .. أن هذا الفيلق سيكون ضرورياً لكل من العراق وإيران في حالة صدور قرارات أمريكية ضد إيران ، لاسيما وأن الحرس الثوري الإيراني قد وضع على قائمة الإرهاب الأمريكية .. ويجب والحالة هذه إيجاد عمق أستراتيجي لعمله .. وهذا العمق هو الأرض العراقية حيث تتواجد أميركا .. وهذا هو التطبيق العملي لتصريحات المسؤولين الإيرانيين بأن لدى إيران في حالة مهاجمتها اكثر من 150,000 أسير أميركي ، والمقصود به القوات الأمريكية في العراق ..
بعد عودة المالكي الى بغداد ، أصدر القرار رقم (89) في 11 / 10 / 2007 عن مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية ( بإعتباره القائد العام ) بتأسيس فيلق أمني تحت غطاء أجهزة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات ، وبذريعة تطبيق خطة الأمن ...!
بلغ عدد متطوعي الفيلق أكثر من 18,000 رجل ، تم توزيعهم على الوزارات بصفة ضباط ومنتسبين وهم جميعاً من عناصر الحرس الثوري وقوة القدس .. ويعملون إدارياً وعسكرياً تحت إمرة منظمة ( فيلق بدر ) التابع للمجلس الإسلامي الأعلى الذي يرأسه عبد العزيز الحكيم نفسه ..!

منذ شهرين ، وحتى الآن ، وبعد إكتمال تدريب هذه العناصر في إيران تم إدخالهم الى العراق .. ولغرض تسهيل تلك العملية ، أصدر المالكي أمر برفع التأشيرة والرسوم على دخول الإيرانيين ، الأمر الذي فسره لنا علي الدباغ ، الناطق بإسم المالكي ، حين سؤل عنه : ( نحن بحاجة الى السيولة النقدية وتنشيط السياحة الدينية ، ولقد دخل منذ إصدار القرار أكثر من خمسة ملايين إيراني لزيارة العتبات المقدسة ...)
وسؤالنا هو : كم هو ياترى عدد من رجع من هؤلاء الى إيران ..؟؟؟

إستقر أعضاء الحرس الثوري وقوة القدس الذين دخلوا مع الزوار الإيرانيين في كربلاء خصوصاً وقامت الحكومة بغلق كربلاء منذ الأحداث الشعبانية ولحد الآن .. مما يدعو للشك في إفتعال تلك الأحداث وللتستر على الكم الهائل من أولئك المتطوعين ، وعدم كشف مقراتهم السرية في كربلاء ..!

هذا هو تعليقي على آخر إجابات الحكيم ، حول تأييده ودعمه للمالكي .. ولهما أقول :

قلْ ولا تستثني منهُم أحـــداً هذه الكعكةُ من ذاكَ العجينْ

lalhamdani@yahoo.com

No comments: