8 علي الحمــــداني
من القدس .. الى واشنطن .. حلف يقوى ويتأكد ...!
يقول إصحاح دانيال من ( التوراة ) 6: 24ـ 28 على لسان النبي دانيال مخاطبا ً الملك البابلي بيلشازار : ( إن الرب قد حسب أيام مملكتك .. وستأتي الى نهايتها .. لقد كبر شأنكم ولكن بابل ستقسم وتعطى الينا والى الفرس ..) ...!
مع إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية ، وكان البلدين قد ضعفا ، تنفس صناع السياسة العالمية الصعداء . لكن الإرتياح الإسرائيلي ، كان غير كامل كما يجب ...إذ أن المؤسسة العسكرية والمخابراتية الإسرائيلية تعتقد أن إندلاع أية حرب أسرائيلية عربية جديدة فإن العراق سوف يرسل قوات على درجة عالية من الخبرة والممارسة والتسليح ، وسوف تكون أخطر من تلك القوات التي شاركت في حروب 1948 ، 1967 ، 1973 .. وكانت التقارير التي أمام الإدارة الإسرائيلية تقول أنه برغم الحرب مع إيران فلا يزال العراق يمتلك عشرة فرق مدرعة ، وقوة جوية .. والإكثر من ذلك سلاح ( بيولوجي وكيمياوي )...!
على الجانب الآخر ، كان هناك قادة إسرائيليون مثل مثل اللواء ( أبراهام تامير ) ، يرون أن الدعم التسليحي لإيران خلال الحرب من قبل إسرائيل كان خطأ ، وأن إيران تشكل خطرأ على إسرائيل بنظامها الجديد ربما أكثر من العراق .. أما ( شيمون بيريز ) ، فكان يرى نفس الرؤيا من المنظور السياسي ، حيث إعتقد أنه بالإمكان كسب صدام وإخراجه من معسكر ( الرافضين ) لإسرائيل من العرب ، وربما يكون جزء من إتفاق سلام عربي ـ إسرائيلي ...!
أجرى اللواء تامير في 1988 و1989 محادثات مع طارق عزيز نائب الرئيس العراقي ، وكذلك مع سعدون حمادي نائب وزير الخارجية العراقي ، ونزار حمدون مندوب العراق في الأمم المتحدة ، وشخصية رابعة يعتقد أنها برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام ...! وكل ذلك تم بشكل ودي في بيوت خاصة لإصدقاء في نيويورك وأوربا ..
وتعتقد بعض المصادر الكردية السياسية أن برزان وبحكم وجوده ممثلا للعراق في الأمم المتحدة في جنيف / سويسرا ، قد لعب دوراً بعد حرب الكويت بين صدام وجورج بوش الأب ... ومع ذلك لم تحصل نتائج مهمة من هذه اللقاءات التي ذكرها وأكدها اللواء تامير ..!
إستمر القلق الإسرائيلي من خطط صدام في شراء وبناء تسليح عسكري متقدم مثل المدافع العملاقة بعيدة المدى .. ولكن زيارات وفود صدام العسكرية الى كل من كندا والأرجنتين والمانيا لم تعطي ثمارها .. ومع ذلك فإن الإتحاد السوفياتي ، قد قام بتجهيز صدام بعدة صواريخ ( سكود ) ، إستخدم قسم منها خلال الحرب مع إيران .
في أيار 1987 ، وخلال الحرب مع إيران ، قامت طائرة مقاتلة عراقية ليلا ، بإطلاق صاروخين فرنسيين من نوع ( إكسوسيتس ) على المدمرة الأمريكية في الخليج (ستارك) ، وهي تقوم بمهامها في حراسة الحركة التجارية الى العراق والكويت ، خوفا من التعرض الإيراني . وقد نجم عن ذلك الهجوم مقتل 37 جنديا أمريكيا ، وجرح العشرات .. وكان لهذا الحادث رد فعل داخلي أمريكي في عهد الرئيس ريغان ، حيث طالب ذوي القتلى بإعتذار العراق ، وبالتعويضات ...!
في تلك السنة قام حسين كامل ، زوج إبنة صدام ، يرافقه العالم العراقي ومستشار صدام ، الدكتورعامر السعدي ، الذي تعرف عليه العالم من تصريحاته قبيل حرب 2003 على العراق ، والذي سلّم نفسه للأمريكان بعد سقوط بغداد ، واختفى بعد ذلك من الصورة العامة ، حيث يقال أنه نُقل الى الولايات المتحدة ...! قاما بزيارة الى كندا ليلتقوا ( جيرالد بل ) البليونير وتاجر السلاح والعالم أيضا في البرامج التسليحية ليس فقط في كندا بل في أميركا .. وأيضا المحاضر للجيش الإسرائيلي في التسلح عالي التقنية ..!
كان صدام آنذاك قد خصص 200 مليون دولار لمشروعه العسكري ( سعد 16 ) الخاص بالصواريخ .. ويذكر هنا أن مساهمات أمريكية وبريطانية ويابانية وفرنسية وإيطالية قد تمت فيما يتعلق ببعض قطع الغيار والخبرات في ذلك المشروع .. وعند لقا ء جيرالد بل ، عرض الأخير على ضيفيه ، بناء ( المدفع العملاق ) وبكلفة 3 مليون دولار ..! وبمدى يصل الى 350 ميل .. وفعلا بدأ العراق ببناء المدفع ... ولكنه هذه المرة وقع تحت الحصار الإسرائيلي عن طريق الولايات المتحدة والدول الاوربية ، التي رضخت للمطالب الإسرائيلية .. وبدأت ردود الفعل تظهر من خلال مصادرة بعض الأجهزة التي حاولت شركة بريطانية يملكها عراقي مقيم في بريطانيا من تصديرها الى العراق .. ثم مصادرة دفعة من أنابيب الحديد الضخمة المتوجهة الى العراق وذلك من قبل الأتراك واليونانيين والتي كانت ستستخدم في بناء المدفع ..!
وبقي بناء التسليح العراقي يتأرجح ...! والحقيقة أن إسرائيل اغلقت كل القنوات التي كان يمكن فتحها مع العراق .. ويبدو أن العقيدة التوراتية تغلبت من جديد على السياسة الدولية والمصالح .. وكأن العد التنازلي للعراق ونظامه في ميزان الحسابات الإسرائيلي كان قد بدأ ... وكأن غزو الكويت عام 1999 ، ساعة الصفر لهذا العد التنازلي ...!!
غـــزو الكويت :
في مؤتمر عربي في 24 شباط / فبراير 1990 في عمّان ، فوجيء المجتمعون بخطاب صدام الغاضب والذي دعا فيه الى سحب أميركا لقطعها الحربية من مياه الخليج وأدان تأييدها المستمر لإسرائيل .. ، ودعا الى جبهة عربية للوقوف ضد الغرب وإسرائيل .. كما أدان كل من السعودية والكويت بزيادة إنتاجهما من النفط وخفض أسعاره العالمية بما يحمل العراق خسارة سنوية مقدارها 7 بليون دولار ..!
في 12 نيسان من تلك لسنة ، قام السناتور الأمريكي ( روبرت دول ) بزيارة الى بغداد على رأس وفد لتطمين صدام بتفهم إدارة الرئيس بوش ( الأب ) لموقفه ، وأن الإدارة الأمريكية تعرب عن إهتمامها بمساعدة العراق عن طريق الإستيرادات النفطية منه ...!!!
كانت الخطوات تتسارع بشكل غير معقول نحو هاوية الحرب على الكويت
كانت هناك مراوغات وتضليل أمريكي ..
كانت هناك خطط معدة مسبقا تتجاوز مرحلة هجوم عراقي على الكويت ..
وكانت هناك إدارة أمريكية جديدة تسلمت مقاليد القرار السياسي يقودها المحافظون الجدد وصقور الحرب من الصهيونيين
وكانت هناك خطط مابعد الحصار الإقتصادي والسياسي والعسكري على العراق
وكانت سنة 2003
lalhamdani@yahoo.com
No comments:
Post a Comment