Wednesday, March 5, 2008

المصـالحة العراقيه .. ماذا.. ولمن.. ومع من ..؟

بدأت الدعوة مجددا لعقد ( مؤتمر مصالحة ) عراقيه يفترض أن تتم بين الأطراف المتنازعة بأطيافها المذهبيه والعرقيه والأحزاب والجماعات التي تنظوي تحتها ، بكلمة اخرى المصالحة بين الأحزاب والجماعات الشيعيه بتياريها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة عراب الحكومة العراقيه او ألإئتلاف الشيعي الحاكم عبد العزيز الطباطبائي الحكيم والذي يضم كذلك مجموعة مقتدى الصدر التي اعلنت عن تجميد عضويتها في مجلس النواب والوزارة العراقيه كتكتيك ليس إلا.. وكذلك بعض الأحزاب الشيعيه الأخرى ، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى التيار السني الذي يضم جبهة التوافق وهيئة علماء المسلمين واحزاب اخرى ، اضافة الى كل هؤلاء التكتل الكردي الذي تحالف مع التكتل الشيعي الذي يشكل حكومة أغلبيه طائفية عرقيه . ولقد حدد لهذا المؤتمر يوم السادس عشر من هذا الشهر موعدا لإنعقاده
تأتي الدعوة الى هذا المؤتمر بعد مؤتمرات سابقه مماثله تمت في مصر وفي مكة ولم نرى اي تطبيق لقراراتها التي اجهضت من قبل هذا الطرف او ذاك لاسيما ألإئتلاف الشيعي الحاكم الذي يشكل مركز القوة والنفوذ نظرا لأغلبيته في البرلمان مع التكتل الكردي ولتمسكه بالوزارات المهمه في الحكومه اضافة الى رئاسة الوزارة ورئاسة الجمهوريه ونواب لكلا المنصبين وامتلاك المليشيات المسلحة التي تتلقى اوامرها منه والتي اصبحت تمثل جزءا كبيرا في وزارتي الدفاع والداخليه .
الآن وبعد انتهاء لقاءات القمة مع ادارة حكومة بوش في عمان وواشنطن ، وبعد اعتماد ادارة بوش لبعض وصايا لجنة بيكر ـ هاملتون واطلاق التصريحات التي كانت بمثابة رد لايوافق اهواء وتطلعات المجموعة الحكوميه العراقيه ، بدأ عراب الإئتلاف الشيعي عزيز الحكيم يتكلم عن مؤتمر اقليمي لإشراك ايران لفرض الحلول على العراقيين بما يخدم مصلحتها ومصلحة من يمثل هذه المصلحة في داخل الحكومة العراقيه وعلى رأسهم الإئتلاف الشيعي على الرغم من تصريحات وزيرة الخارجيه الامريكيه يوم امس بوقف الحوار مع ايران بخصوص العراق مادامت ايران مصرة على موقفها من البرنامج النووي ومهما تكن اهمية هذا التصريح وجديته الا أن الحكيم يحاول إظهار موقفا يتطابق مع توصيات بيكر ـ هاملتون الذي تضمن الأشارة الى الحوار مع سوريا وايران لأن هذه التوصيه تتطابق مع رغبته في عقد المؤتمر الإقليمي وادخال ايران شريك اساسي في الحل العراقي .
ثم بدأ الحديث عن مؤتمر المصالحه وكأن الحكومة العراقيه الحاليه راغبة فعلا في هذه المصالحة وعلى فرض رغبتها الصادقة في المصالحة انطلاقا من تعهدات المالكي امام بوش بحلحلة المشكله وتبني قرار السيطرة على الأمن في العراق فإن ذلك ولكي يتم بشكل صحيح ومتكامل بدون تمييع مواقف المعارضه وكسب الوقت وتمرير القرارات الطائفيه والعنصريه بما يخدم مصلحة ايران وغيرها ، يجب ان تكون كافة الإطراف حاضره في المؤتمر لتناقش أزمة العراق الحاليه وتقترح الحلول ويقوم الجميع كل من جهته بتنفيذ المقررات سواء من الشيعة او
السنة او الأكراد ، ولكن بغياب اطراف مهمة عن هذا المؤتمر فمن حق اي واحد ان يطرح السؤال البديهي والمشروع : من سيحاور من .. ومن سيتصالح مع من ..؟ هل سيكون المؤتمر استعراضا امام الكاميرات وتبادل للكلمات ، وهل يعقل ان يكون هناك شئ اسمه مؤتمر للمصالحة الوطنية العراقيه يحضره ممثلي حكومة العراق والمتحالفين معها ويغيب عنه الطرف الذي يفترض ان تتم المصالحة معه ..؟؟ أي منطق هذا وأي تلاعب .. هل هو تطبيق للمثل العراقي النجفي ( أخذا عليك وردا عليا ....!! ).
لقد عقد في نوفمبر 2005 يعني قبل اكثر من سنه مؤتمر القاهرة برعاية الجامعة العربيه وحضور ممثلين عن الدول الاقليميه وممثلين عن كافة القوى السياسيه العراقيه فأين ما اتفق عليه واين تطبيق قراراته ؟ اذا كان هذا هو الحال فكيف سيعقد هذا المؤتمر وبغياب اطراف مهمة عنه سبق وشاركت بمؤتمر القاهره وكيف سينجح هذه المرة وكيف ستطبق قراراته وأي قرارات تلك التي يغيب عنها النصف الثاني من أطراف الحوار ..؟
أسئلة كثيرة ومحيره فعلا .. هل اصبحت الحكومه العراقيه في موقف مزري بحيث اخذت تدفن رأسها في الرمال كالنعامة ظنا ان لاأحد يراها ...!! هل أن تبني عقد مؤتمر مصالحة هومن باب التدليل على رغبة حكومة بغداد في حل المشكلة العراقيه اكراما لعيون الامريكان في الوقت الذي يرفض ( المشاكسون ) من السنه التعاون معها في هذا المجال ..!؟
يقول وزير الخارجية الأيراني منوشهر متكي انهم مستعدون للمساعدة في العراق اذا غيرت اميركا من مواقفها ..! . هي اذن سياسة لوي الذراع على حساب دماء العراقيين .. وياترى كيف ستكون المساعدة ؟ لابد انها باستجابة رجالهم في العراق لهم .. والا لماذا لاتوقف ايران سيل الرجال والاسلحة لأرهابيي الميليشيات الشيعيه على الفور لو أن مصلحة العراق والعراقيين تهمها من قريب او من بعيد ولماذا لغة التساوم التي تستخدمها مع الامريكان لمصلحتها وبهذا الوضوح وبهذه الصلافة..؟ هل هذا منطق دولة اسلاميه تريد الخير والسلام والأمن لدولة اسلاميه مجاورة ...؟
لم يتمكن ثالوث المالكي ـ الحكيم ـ الطالباني من الجهر بالقول فيما يتعلق بتقرير بيكر ـ هاملتون خصوصا مايتعلق بموضوعي النفط وتقسيم العراق وذلك لأنهم قد التزموا بموقف اميركا من هذه النقاط وليس من السهل ازعاج بوش وادارته بتصريحات مضادة ، ولكن خرجت التصريحات من مسعود البرزاني رئيس اقليم (كردستان) وهومنصب عشائري اكثر منه منصبا رسميا ،وعلى أحسن التقديرات الرسميه وفي ظل دولة فيدراليه مفترضه فإنه يعتبر بمثابة حاكم ولايه كما في الولايات المتحدة الامريكيه ، حيث صرح وقال : إن توصيات السياسة الامريكيه غير واقعيه وغير مناسبه . وأضاف نحن غير ملزمين بكل ماجاء بالتقرير ...ولا أدري ماذا يقصد بكلمة ( نحن ) .. هل يقصد الأكراد ام الحكومة العراقيه المؤلفة من الأكراد والشيعه ..؟ اضافة الى اعتراضه على تأجيل المادة 140 من الدستور العراقي وتعليقها بحسب توصيات التقرير وهي المادة المتعلقه بتطبيع الأوضاع في مدينة كركوك ، وبالرغم من التزامه بالفيدراليه منهجا وسياسه فإنه يرفض اقتسام نفط ( كردستان ) مع الحكومة المركزيه في بغداد يعني مع بقية العراق الفيدرالي المفترض ، بكلمة اخرى فهو يتكلم عن انفصال ودولة كرديه مستقله...!.
أدارة بوش تتكلم عن ضرورة ايجاد تعاون بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتطبيق سياستها الجديدة في العراق على ضوء تقرير بيكر ـ هاملتون . دونالد رامسفيلد وزير الدفاع المخلوع يصرح امس خلال زيارته السريه للعراق لتوديع القطعات الأمريكيه و ( شكرها ) عن أخطاء حدثت في السياسة الامريكيه في العراق ، في نفس التوقيت يصرح ثلاثة من السياسيين البريطانيين عن هذه الأخطاء ويعربون عن أسفهم لعدم سماع الامريكان لنصائح البريطانيين ..!
لقد قال وزير الدولة البريطاني لشؤون اوربا جيفري هون انهم حاولوا اقناع الامريكيين بعدم حل الجيش العراقي الذي أحدث فراغا سياسيا وكان وجوده سيعتبر عامل استقرار في العراق ولكنهم اي البريطانيين فقدوا الحجة المقنعه امام اصرار السياسة الأمريكيه على أخطائها . كذلك ذكر كيندل مايرز المحلل السياسي في وزارة الخارجية البريطانيه أن اميركا تجاهلت البريطانيين ولم تأخذ ملاحظاتهم بعين الإعتبار ، في حين انتقد وبشدة زعيم المعلرضه عن الحزب الليبرالي الديمقراطي منزس كامبل تجاهل واشنطن النصائح التي تقدمها لندن بشأن العراق مما جعلنا كبريطانيين متورطين في الإستراتيجيه الأمريكيه ..!
على ضوء اخر استطلاعات الرأي العام في اميركا اظهرت النتائج أن 39% يتفقون مع ماورد في تقرير بيكر ـ هاملتون و20% يعارضونه وأن 68% يعتبرون أن اميركا تواجه صعوبات كبيره في العراق و 53% قالوا أن قرار الحرب على العراق كان قرار غير حكيم ، وأيدت نسبة 65% قرار بوش بخفض المساعدات الاقتصاديه والعسكريه عن حكومة العراق اذا لم تتوصل الى حل لمشاكلها الداخليه ( بعد تعهد المالكي امام بوش بذلك في عمان ).
واليوم الأحد 10/12 نقلت صحيفة الصنداي تايمس اللندنيه واسعة الأنتشار عن مصادر في المقاومة العراقيه من جماعتي ( انصار السنه ) و ( كتائب ثورة العشرين ) ممن حضروا الاجتماعات مع الامريكان في عمان ولمدة ثمانية اسابيع في دار السيد اياد علاوي هناك أن مطالبهم التي وضعت امام الامريكان في هذه المرحلة هي : هدنة لمدة 10 أيام ، اعلان جدولة انسحاب القوات الامريكيه ، تشكيل حكومة طوارئ في العراق بقيادة اياد علاوي.
الآن اصبحت صورة الوضع السياسي الامريكي والاقليمي والمحلي واضحة امام الحكومة العراقيه وهي تدعو الى مؤتمر المصالحة الوطنيه في 16 / 12 وللتذكير فقط تلخص بما يلي : رفض اطراف مهمه من المعارضه الإشتراك بالمؤتمر لتجاربها المرة السابقه ولقناعتها بعدم جدواه هذه المره ايضا وستحاول حكومة المالكي استثمارالمؤتمر لتثبيت موقفها المهتز والمتزعزع...
اعتراف اميركا بأخطائها واصرارها الان على تطبيق خططها الجديدة وهي ماعرفناه من خلال تقرير بيكر ـ هاملتون وتصريحات كوندليزا رايس ورامسفيلد وبوش نفسه.
ألإنتقاد البريطاني للإستراتيجيه الامريكيه في العراق ويبدو ان هذا مانقله بلير لبوش خلال زيارته لواشنطن قبل أيام واقتناع بوش هذه المره مرغما او راضيا لصعوبة موقفه السياسي داخل وخارج اميركا وأنه عهد الى بلير بالقيام بجوله في المنطقه قريبا . أضف الى كل ذلك صعوبات الداخل الرسمي العراقي وتشبثه لعمل شئ ما يديم وجوده.
لنضع الآن فرضيه جدليه لاغير حول مؤتمر المصالحة الذي تريده حكومة المالكي ، وهذه الفرضيه هي جدول اعمال هذا المؤتمر وحسب تصورنا له : من وجهة نظر الحكومة العراقيه فإن الطلب سينصب على وقف اعمال العنف ضد القوات الامريكيه وقوات الجيش والشرطه أي تحقيق الأمن وهو الهاجس المقلق لها وللأحتلال . كيف يمكن تحقيق هذا الهدف المهم بغياب اطراف المقاومة العراقيه عن هذا الاجتماع وهي التي تقود عملياتها ضد المحتل ؟ وكيف سيتم السيطرة على بقية المجموعات خارجها المتمثله بجماعات ارهابيه او مجموعات مسلحة تسعى لتحقيق فوائد ذاتيه على حساب الفوضى الأمنيه ؟ وماهي وجهة نظر الحكومة العراقيه او ماهو الذي تستطيع فعله بخصوص ميليشياتها مثل ميليشيات (بدر ، المهدي ، مغاوير الداخليه الخليط من الإثنين ، فرق الموت ) وانتشار هذه المليشيات داخل اجهزة الجيش والشرطه وقيامها بعمليات اجراميه من قتل وتهجير وهدم مساجد وغير ذلك ضد المسلمين السنه وبفتاوى عّرابي الحكومة من رجال الدين الشيعه ولست مبالغا او مفتريا في هذه النقطه وهناك تسجيلات فيديو تؤيد كل كلمة قلتها بخصوص تحريض بعض العمائم السود على هذه العمليات الاجراميه والفتوى بشأنها واعتبار مساجد السنه ( مساجد ضرار ) وان اموالهم واعراضهم حل كغنائم لمحبي أهل البيت ....!!!
اذن في موضوع الأمن فإن الخيوط بيد الحكومة من ناحيتين : الأولى اشراك ممثلي المقاومة والثانيه ايجاد طريقه جديه ومخلصه وحقيقيه لكبح جماح ميليشياتها التي تأتمر بأوامرها ولاننسى توفر النيه الحسنه في وقف عمليات التحريض من قبل علماء الشيعه ضد السنه ( جند يزيد ومعاويه وقاتلي سيدنا الحسين عليه السلام ...! ) وهذا هو غسل الدماغ الذي يؤججهه الآن بعض رجال الدين الشيعه ويصدقه العامه ويستفاد منه الخاصه . اذا لم يتم النظر بجدية طرح اعادة الجيش السابق الرسمي المشروع الى اماكنه واعتماد ذلك من ضمن جدول اعمال مؤتمر المصالحه ، وكذلك إنصاف البعثيين الذين لاعلاقة لهم بجرائم صدام واعادتهم لأعمالهم فإن المؤتمر يعتبر فاشلا منذ اللحظة الاولى لأنعقاده .
الحكومة العراقيه هي الطرف القوي على مستوى المؤتمر وعليها ان تضع جدول اعمال جدي لامراوغة ولا ( تقية ) فيه اذا ارادت النجاح ، والمقاومة سياسيا وعسكريا بكل اطيافها هي الأقوى على الساحة وهذا باعتراف اميركا وبريطانيا وإهمال دورها في أي تسويه هو حكم اعدام تنفذه اية حكومه بحق نفسها .. وعلى ذلك فالخيار بيد المالكي ـ الحكيم ـ الطالباني ، واذا شاء البرزاني فأهلا وسهلا ومرحبا به للعمل على عراق موحد فيدرالي او غير فيدرالي ولكن بدون غمط لحقوق الآخرين ..
لقد مضى عام 2003 منذ قرابة الأربع سنوات وتغيرت الظروف المحليه والإقليميه والدوليه ومواقف امريكا وبريطانيا والسياسة العالميه وعلينا ان نفكر بمنظور الوضع اليوم دون تكابر ودون عنجهيه ودونكوشيتيه فارغه والا فسيكون امامنا احد امرين اما الإنتحار السياسي اوالانتحار الحقيقي بأيدينا او بأيدي العراقيين والتاريخ خير دليل على ذلك . 10/1212006





No comments: