Tuesday, March 25, 2008

حَصـَادُ خَمْــسٍ عِجَــاف ...! ـ 3 ـ


علي الحمـــداني

الحصـاد الإقتصـادي

قبل الدخول الى الجانب الإقتصادي في ظل حكومة العراق اليوم ، وحكومات مابعد الإحتلال التي سبقتها ، ومناقشة ذلك بموضوعية ومهنيّة أكاديمية ، لابد من الرجوع الى الوراء قليلاً ، أي الى عام 1990 ، حين بدأ تنفيذ الحصار الإقتصادي على العراق في ظل حكم صدام حسين ، ثم توسيع الحصار ليشمل مناطق الحظر الجوي !

السبب الذي يدعوني الى البدء من تلك الحقبة ، هو نقطتين :
الأولى : للوقوف على تداعيات ذلك الحصار ، ولغرض تفنيد الآراء والتبريرات الحالية التي تقول أن معاناة العراق الإقتصادية لم تكن وليدة النظام الحالي ، وأن لنظام صدام اليد الطولى فيما نعاني منه اليوم .. يعني التنصل من الفشل وإلقاء تبعاته على الآخرين ..!
الثانية : دور المخطط الإسرائيلي ـ الأمريكي في فرض الحصار الإقتصادي على العراق ، كتمهيد وعد تنازلي لتحقيق الإحتلال العسكري وفرض المخططات الجديدة ..!

لقد بدأ العد التنازلي في الواقع لنظام صدام حسين ، وكما هو معروف ، بعملية غزو الكويت . العملية التي ساهمت فيها أميركا وبحسب كافة المصادر التي كتبت في هذا الموضوع ، بما فيها مذكرات السفيرة الأمريكية في بغداد آنذاك ، والتي إختفى ذكرها لاحقاً ، ويقال أنها لقت حتفها في حادث سيارة في نيويورك ..! وكذلك بما ورد على لسان المرشح الأمريكي المستقل لإنتخابات الرئاسة الأمريكية منتصف التسعينات ( روس بيرو ) ، وأمام عدسات التلفزيون ومئات الملايين من البشر الذين كانوا يراقبون برنامج المناظرة التلفزيونية على الهواء من واشنطن بين المرشحين الثلاثة ، جورج هيربرت بوش ( الأب ) عن الحزب الجمهوري ، بيل كلينتون عن الحزب الديمقراطي ، وروس بيرو المرشح المستقل . إلتفت الأخير الى بوش ، وقال له بالحرف الواحد ، أن لديه من الوثائق والمستندات مايثبت دفع وتشجيع صدام على إحتلال منابع النفط في الكويت ، وطمأنته أي صدام ، بعدم إتخاذ اي عمل عسكري ضده لإخراجه من الكويت .. هذا في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تشجع الحكومة الكويتية على خفض أسعار النفط وزيادة الإنتاج ومطالبة العراق بالديون المستحقة عليه وسرقة النفط العراقي من حقول الرميلة الجنوبية ، والإبقاء على جزر بوبيان ولاحقاً السماح لها بإحتلال نصف ميناء أم قصر الإستراتيجي العراقي ..!

حدثت الضربة العسكرية الأمريكية للعراق بعد إحتلاله الكويت ..! ولثلاث مرات خلال التسعينات ، إثنتان منها على عهد بوش ، والثالثة في زمن كلينتون ..! وتم فرض الحصار الإقتصادي على العراق برياً وبحرياً وجوياً وبشكل صارم . إضافةً الى عزله سياسياً ..!

ماذا حدث بالمقابل من قبل صدام حسين ..؟
ـ من الناحية الإقتصادية ، وهي المهمة ، وموضوع حديثنا اليوم ، : إعادة تعمير البنية التحتية للعراق وما تم تدميره بالقصف الجوي والصاروخي الأمريكي الكثيف ، في مدد قياسية ، أطولها إستغرق ستة شهور في إعادة بناء الجسور المهدمة ، ومركز الإتصالات في منطقة السنك في بغداد .

ـ إعتماد نظام النفط مقابل الغذاء لتوفير لقمة العيش للشعب العراقي تحت الحصار .

ـ إعتماد مبدأ البطاقة التموينية للعوائل العراقية حيث توزع عليهم بموجبها وبشكل دوري منتظم إحتياجاتهم الضرورية من المواد الغذائية والمنزلية وبالمجان .

ـ إستمرار أداء مرافق الدولة ووزاراتها لمهامهم ، وإستمرار الميزانية العراقية بالعمل وفق الخطط التي وضعت لها لتغطية الخدمات العامة ورواتب العاملين ..

ـ السيطرة الأمنية الكاملة على العراق ، تجنباً لأي عبث أو فوضى قد تختلق ..
فكان المواطن العراقي في ظل ( الدكتاتورية ) يعمل ويحصل على لقمة عيشه ، ويتمتع بالخدمات الصحية وغيرها التي كادت أن تفقد الآن .. والأكثر من ذلك يتحرك بأمن وقت يشاء وأين يشاء ، نهاراً وليلاً ..!

وحتى لو عدنا الى سنوات ماقبل الحصار ، وفي وقت الحرب العراقية ـ الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي ، وحين كانت الحرب في أوجها ، وتستنزف الإقتصاد العراقي ، وتثقل ديونه ، وتضطره الى طلب القروض والمساعدات الخارجية ..
في تلك السنوات الثمان ، شهد العراق نهضة عمرانية لامثيل لها في تأريخه ، لقد أعيد بناء خارطة بغداد وفق أحدث تخطيطات المدن الكبرى ، من جسور وأنفاق وطرق مرور سريعة .. وأُنجزت شبكة عملاقة للطرق الخارجية السريعة لربط المحافظات ببعضها ، وربط العراق بالمنافذ الخارجية كالأردن وسوريا والسعودية .
كل ذلك تم تحقيقه سنة بعد أخرى من عائدات نفطية محدودة ومسيطر عليها خارجياً .. ولا أعتقد أن أي عراقي منصف يستطيع نكران تلك الحقائق التي لاتزال قائمة على الأرض ، أو ماتبقى منها على الأقل في ظل حكومات الإحتلال الأربعة ..!

ما أذكره هنا ، لايدخل في خانة الدفاع عن صدام حسين ، الذي كانت له أخطاؤه السياسية ، وبعض معيته الفاسدة ، وسلبياته على الكثير من الأصعدة ، ولكنني أتحدث في الجانب الإقتصادي ، وهو موضوع حلقتنا هذه ، وأحاول مقارنته بالجانب الإقتصادي لسنوات مابعد الإحتلال الخمس منذ سقوط النظام السابق !

هذه هي إجابتي على النقطة الأولى التي أثرتها أعلاه ، مع الإعتراف أن صدام قد ترك العراق وهو مثقل بالديون ، وهو محصلة طبيعية لحروب طاحنة وحصار ظالم ! ولكن ..
هذه الديون ، وعلى الرغم من إسقاط معظمها من قبل الدول في ظل النظام الحالي ، فإن معدلاتها قد إرتفعت بدل أن تنخفض كنتيجة منطقية .. إذ أن المفروض والمنطقي أن يشهد العراق ( الجديد ) نمواً إقتصادياً بعد إسقاط الديون الخارجية وتجميد بعضها الآخر من قبل كافة الدول تقريباً ، ماعدا دولة (الكويت الشقيقة ) ! ومطالبات ( الجارة العزيزة ) إيران بالتعويضات عن الحرب ..! لاسيما وان أغنى وأكبر دولة رأسمالية في العالم وهي الولايات المتحدة هي من يحتل ويدير شؤون العراق اليوم! ووجود حكومة ( منتخبة من الشعب ) ، تعمل بخلاف الفساد المالي والإقتصادي لنظام صدام ..! وهي ليست تحت الحصار ، وتتحكم ، كما يفترض ، بثروتها النفطية .. ومواردها ، ولاتسمح بالتلاعب بالمال العام كما كان يحدث في السابق ..!!

كل هذه المؤشرات ، يجدر بنا أن نمر عليها لاحقاً لأهميتها في عرض مفردات الجانب الإقتصادي في موضوعنا هذا .

أما مايتعلق بالنقطة الثانية ، فقد سبق وأشرنا الى بعض جوانبها في الحلقة السابقة ، ولكن يمكن إختصارها في أن هدف المخطط الأمريكي ـ الإسرائيلي في فرض الحصار على العراق كان بمثابة الخطوة الأولى لإسقاط النظام .. وعندما لم يحدث ذلك .. ، تحول الهدف عن طريق إثارة موضوع أسلحة الدمار الشامل العرقية وضرورة التخلص منها بمطالبات أمريكية صريحة ، ونشاط لجان الأمم المتحدة ، وعندما تعثر هذا التبرير ايضاً ، والإدارة الأمريكية كانت أول من يعرف بطلانه ، لم يتبقى سوى الإصرار عليه وإعتماده مبرراً لشن الحرب تحت غطاء الأمم المتحدة ، تماما كما تم إعتماد مبدأ الإرهاب الدولي كذريعة للتدخل هنا وهناك ..! وكان لابد لإحتلال العراق أن يتم بأي شكل من الأشكال ، وقد تم تحضير البدائل في صالات فنادق لندن الفخمة وأروقة البيت الأبيض ..!

الدور الإسرائيلي ـ الأميركي .. بعيد المدى !

تتميز السياسة الإسرائيلية ، كما هي السياسة الغربية ، بإستباق الأحداث ، والتخطيط المسبق ، والنظر الى الأهداف البعيدة بالمنظار المُقَرِّب .. كي يتم الإستعداد لها على مدى فترات زمنية محددة ومسبقة ..!

يتمثل ذلك ومن مجريات أحداث المنطقة العربية على مدى عقود ، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية ، بما يلي :

ـ العمل على تقويض حلف المعاهدة المركزية ، أو حلف بغداد في الخمسينات من القرن الماضي زمن العهد الملكي ، والذي كان يضم في بدايات تأسيسه وقبل توسعه ، كل من : بريطانيا ، وقد كانت زعيمة الإمبريالية العالمية آنذاك ومُؤسسة إسرائيل ، مع العراق ، تركيا ، باكستان .. وذلك من منطلق أن قيام حلف كهذا سيضعف الدور الإسرائيلي وتوسعه في المنطقة ، أو على الأقل تحجيمه !
والإستراتيجية الصهيونية تقوم أصلاً على إضعاف الأنظمة المحيطة بها سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً وذلك لغرض بسط هيمنتها وتوسعها الجغرافي بشكل او بآخر .. مباشرة أو من وراء الكواليس .!

ـ تفعيل موجة الإنقلابات العسكرية أو الثورات التي طغت في المنطقة بُعَيد تأسيس إسرائيل وفي فترة الخمسينات والستينات ، ثم توقفت فجأة بعد ذلك !! كما حدث في مصر وليبيا والسودان وسوريا واليمن والعراق ..! ثم إستثمار شعارات وآيديولوجيات الشيوعية والإشتراكية والثورية والقومية والتقدمية لصالحها وبشكل غير مباشر وتوجيه السياسة الأمريكية ضد هذه الآيديولوجيات وتطبيقاتها بإعتبارها خطراً يهددها بحكم إرتباطها أو تحالفها مع الإتحاد السوفياتي القوي آنذاك ..!

ـ التململ الإسرائيلي لما آل اليه وضع الجيش العراقي بعد الحرب العراقية ـ الإيرانية من حيث الخبرة العسكرية ، والتسليح المتقدم ، والتدريب العالي ، والإنضباط ، وتطوره غير المسبوق عدةً وعدداً .. فكان لابد من إتخاذ خطوات سريعة وأخرى لاحقة .. أما السريعة فهي ضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981 وخلال الحرب مع إيران .. قيام تعاون عسكري مع النظام الإيراني (فضيحة إيران كيت ) .. وتدمير مشروع المدفع العراقي العملاق ..
أما اللاحقة فكانت العمل على تفتيت قدرات الجيش في حرب الكويت وما تلى ذلك .. ثم أخيراً ومن خلال عملائها في النظام الجديد تم حل الجيش العراقي بعد 82 عاماً على تأسيسه ...!

ـ التخوف من نهوض العراق إقتصادياً ، نتيجة ثرواته الهائلة ، والقوى العاملة ، والعقول والكوادر العلمية .. فتم تحجيم ذلك أولا في فترة الحصار .. وتشجيع العقول على المغادرة .. ثم إستهدافها وتصفيتها مع رؤوس الأموال الوطنية بعد الإحتلال ليتم إفراغ البلد لتطبيق الصفحة التالية .

ـ أسرائيل ومن ورائها أميركا ، تملكان تجربة كافية في لبنان ، ونموه الإقتصادي السريع وإنتقال رؤوس الأموال العربية اليه بداية الخمسينات والستينات خوفاً من النظم الإشتراكية ! فأصبح لبنان يشكل مركز إقتصادي خطر على الحدود الإسرائيلية ..
من أجل ذلك ، تعرض البلد الى موجات من الغزو الخارجي الأمريكي والإسرائيلي وتفتيت سياسي داخلي قائم على الطائفية والمذهبية والعنصرية .
بدأت تلك الموجات في عام 1958 على عهد كميل شمعون الرئيس اللبناني ، ونزول الأمريكان المارينز على سواحله ، ثم الحرب الأهلية اللبنانية وعلى مدى 14 عاماً في السبعينات والثمانينات ، ثم موجات الغزو الإسرائيلي تحت ذرائع مختلفة في التسعينات ، والحرب على جنوب لبنان في 2005 ..
كل ذلك أدى الى إنهيار الليرة اللبنانية ، والإقتصاد اللبناني ، وتمزق الوضع السياسي الداخلي حتى يومنا هذا ، تماماً كما حدث للدينار العراقي ، والإقتصاد ، والتطاحن الداخلي المسلح بعد الإحتلال !

ـ إمتعاض إسرائيل من النمو الإقتصادي السريع في دولة الإمارات العربية المتحدة لاسيما في دبي وطلباتها بشكل وبآخر للدخول الى السوق هناك وجني الثمار ..!
لقد تم تنفيذ ذلك في دولة قطر ، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي تقيم علاقات إقتصادية ظاهرة ومتينة مع إسرائيل ، وللأخيرة مكتب إتصالات تجاري في الدوحة ..!
تتحدث آخر التقارير الإقتصادية قبل أسابيع ، أن قطر تتجه الى نمو إقتصادي غير عادي ، حيث أن نسبة النمو ستبلغ 400 % ، بحلول العام 2010 ...!

ـ يرافق كل ذلك ، مايجري حالياً في سوق النفط العالمي ، بتحريك من شركات النفط الأمريكية التي تحكم فعلياً ، وبوش نفسه أحد أبنائها في تكساس ، ولايته التي ينتمي اليها ، وصناعة عائلته النفطية في الولاية ..! حيث بدأت أسعار النفط تتجاوز خط 100 دولار للبرميل ، وكانت قبل عام 2003 ، لاتتعدى مبلغ 19 دولار للبرميل .. فتأمل ..!!

معالم الجانب الإقتصادي في العراق في ظل الإحتلال وحكوماته ..!

كما هو الوضع على الجانب السياسي في ظل حكومات الإحتلال ، وما نجمَ عن ذلك من تخبط وفوضى وتصارع ، ليس فقط داخل أسوار المنطقة الخضراء ، وإنما على الساحة العراقية بشكل عام فإن الحال نفسه ينعكس على الجانب الإقتصادي ، وبشكل حاد .

بعض ظواهر الجمود والتراجع في الإقتصاد العراقي تُعزى الى سلطات الإحتلال نفسها ، في حين يُعزى البعض الآخر الى حصيلة القرارات الحكومية والصراع السياسي والفوضى الأمنية وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بالإعتماد على مبدأ المحاصصة الطائفية الذي أصبح دين وشعار الحكومات العراقية في ظل الإحتلال .. فكان أن تم إختيار الوزراء الذين يفتقدون التخصص ويفتقرون الى الخبرة ، إضافة الى تنفيذهم لسياسات تملى عليهم من الخارج وبحكم إنتمائهم العرقي أو المذهبي أو الحزبي .. فهم في الحقيقة يعملون ويديرون شؤون الحكومة من مكاتب وزارات عراقية ، ولكن من أجل مصالح دول خارجية ، أو كتل داخلية !

ولو أضفنا الى تلك العوامل فقدان عنصر النزاهة ، وتفشي ظواهر السرقات والتلاعب بالمال العام لمصالح شخصية بحتة وفقدان الرقابة الجدية أو المحاسبة الحقيقية بحق المتلاعبين الذين هم حقيقة عصابة واحدة في مركب واحد ، يمكن عندها أن نكوّن الصورة المأساوية للإقتصاد العراقي الذي يعيش فوضى عارمة ويسجل تراجعات بيانية وفقاً لمؤشرات دولية كالبنك الدولي والمعاهد والمؤسسات المتخصصة في العالم ..!

فوق كل ذلك ، هناك القوانين التي أقرّتها الحكومة عن طيب خاطر ، وبقيت معلّقة نتيجة الوضع السياسي المتردي ، والإختلاف على القطع الأكبر من الكعكة .. تلك القوانين التي سيكون تأثيرها الزمني طويل المدى ، والتي تخص التحكم بثروات البلد ، مثل قانون النفط والغاز الجديد الذي يضع إحتكار الصناعة النفطية بيد كبريات شركات النفط العالمية المستغلة .
إن سلطات الإحتلال وإدارة البيت الأبيض ، ومنذ قرابة العام ، تضغط وبمختلف الأساليب لكي يمرر هذ القانون وبالأخص قبل ترك بوش المحتمل لمكتبه في نوفمبر القادم . ويقال أن الأمريكان قد عرضوا مبلغ 5 مليون دولار لكل نائب في مجلس النواب العراقي يصّوت لتمرير القانون ..! وما عملية إعطاء الضوء الأخضر للقيادة الكردية بإستغلال نفط المنطقة الشمالية ، والتعاقد مع شركات أجنبية ، بعضها أمريكية للتنقيب وإستخراج وتسويق النفط ، إلا فبركة أمريكية ، لإقناع أولئك المعارضين للقانون لكي يصادقوا عليه على إعتبار أن السيطرة على النفط في حالة إقرار القانون ، ستكون بيد السلطة المركزية . جزء من هذه الفبركة هي المشادات الكلامية مع سلطات إقليم شمال العراق ، والتي قادها حسين الشهرستاني وزير النفط .. وهو نفس الوزير الذي دافع عن إيران في موضوع سرقة نفس النفط العراقي من حقول مجنون النفطية العراقية ...!!!
الموضوع في الوقت الحاضرلايزال على الرف .. ولكنه سوف لن يبقى هناك الى الأبد ..!

على الجانب الآخر ، وبشكل سريع ، يمكن تسجيل بعض النقاط التي تتعلق بالوضع الإقتصادي العراقي ، المرتبط كلياً بالقرار السياسي ، والذي بدوره يفتقد الحرية لجملة أسباب منها :

ـ أن نهايات الخيوط التي تحرك دمى السياسة العراقية هي بيد سلطة الإحتلال .
ـ الإنتماء الكلي قلباً وقالباً من قبل معظم الساسة العراقيين ، الى صناع القرار في طهران وقم ، ومن منطلقات عرقية وآيديولوجية وطائفية محضة ، يجعل من ولائهم ولاءاً أعمى .. إيرانياً أكثر منه عراقياً .
ـ فقدان العمل بروح الفريق الواحد كحكومة ، سواء في مجلس الرئاسة أو مجلس الوزراء او المجلس النيابي ، ربما للسببين الواردين أعلاه بالدرجة الأولى ، ثم لنقص الخبرة السياسية أو إنعدامها في صنع القرار وإعلانه .. ونلاحظ هنا دائماً تضارب تصريحات المسؤولين الحكوميين مع بعضهم البعض وبشكل غير معقول ، ينتج عنه أحياناً تغيير القرار السياسي المعلن وخلال ساعات !

ولو عدنا الى إستعراض النقاط المتعلقة بالوضع الإقتصادي العراقي ، المنبثق عن القرار السياسي فسوف نجد بعض المؤشرات فيما يلي :

ـ بداية ، يجب أن نعود الى مثل بسيط واحد نتذكره كعراقيين خصوصاً ، ولو أنه قد مضى عليه قرابة الخمسة أعوام .. حين وقف رئيس المجلس الإسلامي ، أو ماكان يسمى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، عبد العزيز الحكيم ، في اليوم الأول أو الثاني من دورته الشهرية في رئاسة مجلس الحكم ! ليطالب بتعويض إيران من قبل الحكومة العراقية على خسائرها في حربها مع العراق 1980 ـ 1988 ..
ودعونا نتصور ، وللقارئ أن يختار ، أي دولة من القطب الشمالي الى القطب الجنوبي مروراً بالقارات الخمس ، أن يطالب رئيسها الى تعويض دولة أجنبية كانت في حرب مع دولته ، ومهما كانت أسباب نشوبها ، ولكن يبقى هناك شيئ إسمه وطن ، ودولة أجنبية .. ولكن أيهما ياترى أقرب الى قلب الحكيم ..؟ فهو يريد الدفع ومن خزينة دولته التي هي أصلاً تعاني من إنهيار إقتصادي ، بعض أسبابه هو تلك الحرب ..!
يلاحظ أن تلك الدعوة سبقت حتى طلب إيران نفسها بالتعويض !
دعونا نتصور دعوة الحكيم ، ونرى بُعد إرتباطه بدولة أجنبية والى هذا المدى ، وهو يشغل منصب حاكم العراق آنذاك ، والرجل الفاعل حالياً ، حتى ولو كانت كل قطرة دم في عروقه هي فارسية ..!!
هذا مثل حي ومبكر في العراق ( الجديد ) للدليل على الخيانة والعمالة والتخريب الإقتصادي ..!

ـ على الرغم من دعوة الحكيم تلك وبشكلها الواضح والصريح ، وعلى الرغم من الإلتفاف في عملية تعويض إيران ، فإن الدعوة من قبله لاتزال قائمة .. فإذن هي ليست عملية تعويض مبالغ معينة ، بل عملية تحويل رسمي لأموال العراق الى إيران ! .. كيف ذلك ..؟

أولاً من خلال بيع النفط العراقي الى إيران بأسعار رخيصة جداً بحجة أن إيران سوف تكرره وتعيده الى العراق على شكل مشتقات نفطية .. بينما هي تقوم بذلك لحسابها ، أو إعادة تصديره كنفط خام ..!
وثانياً ، وهو الأهم ، إكتشاف فضيحة السرقة النفطية الإيرانية لنفط حقل مجنون العراقي ، التي كذّبتها الحكومة العراقية ، ثم عادت بالتبريرات مثل الحقول المشتركة ، ثم الدعوة الى تشكيل لجان مشتركة لحل هذا الموضوع .!
لقد دفعت حكومة العراق ، أضعاف المبلغ الذي طالب به الحكيم لحساب إيران .. ولايزال يدعو الى تعويض إيران ( المظلومة ) بسبب الحرب معها ...!

ـ لانحتاج الى خبراء إقتصاديين لتقدير حجم الضرر الإقتصادي الذي تسببت فيه حكومة المالكي منذ تسلمها الحكم في 20/5/2006 ، أي منذ قرابة السنتين وعلى كافة المستويات إستناداً الى ماذكرنا والى ماسنذكره ..

ـ عدم قيام الإدارة الأمريكية الى إجراء أي إصلاح إقتصادي في العراق ، ولا حتى على مستوى تعبيد طريق أو بناء محطة كهرباء واحدة خلال هذه المدة منذ 2003 .. ولكن ماقامت به الإدارة الأمريكية ، ومن أموال الشعب العراقي ، وبمباركة المالكي والحكيم وأزلامهم ، هو ثلاثة مشاريع :

الأول : بناء السفارة الأمريكية الجديدة في منطقة الجادرية في بغداد ، لتكون أكبر سفارة أمريكية في العالم ، وبكلفة بلغت لحد الآن أكثر من مليار ومائتي مليون دولار ( المصادر شبكة سي أن أن الأمريكية للأخبار ، وشبكة فوكس الإخبارية الأمريكية أيضاً )
الثاني : بناء قواعد عسكرية محصنة فوق الأرض العراقية وتحتها ، وبكلفة تجاوزت 11 مليار دولار لحد الآن ( نفس المصادر ) .
الثالث : العمل على وضع قانون النفط والغاز العراقي والطلب من الحكومة الموافقة عليه وهو مافعلته ، والضغط من أجل تصديقه في البرلمان وبأي ثمن .. هذا القانون سيضمن هيمنة كاملة للشركات النفطية الأمريكية على صناعة النفط العراقية ، حيث ستصبح شركة النفط الوطنية العراقية مجرد موظف لدى هذه الشركات ، واجباتها تنفيذ مصالح شركات تكساس النفطية الأمريكية ، والتي تمتلك عائلة ( بوش ) بعضاً منها ...!!!

ـ إرتفاع معدلات التضخم ، ونسب البطالة نتيجة التدهور والكساد الإقتصادي .. وسنأخذ هذه الفقرة تفصيلاً في الحلقة القادمة الخاصة بالجانب الإجتماعي .

ـ الإستثمارات الإقتصادية كما ذكرنا سابقاً ، إنحصرت في حقول محددة جداً تعود بالأرباح الضخمة على فئات معينة من المسؤولين .. مثل شبكات التلفون المحمول ، والإستثمارات في الحقل النفطي .. بينما إنعدمت في جوانب كثيرة من شأنها أن تدفع بالإقتصاد العراقي الى الأمام بما يعود بالنفع على البلد والمواطن . ( راجع الحلقة الأولى من هذه السلسلة ) .

ـ وإذا ماوصلنا الى بيت القصيد كما يقال ، وهو أعمال السرقات والنهب والتلاعب بالمال العام من قبل المسؤولين الحكوميين وعوائلهم وأتباعهم وأتباع أتباعهم ! نكون قد وصلنا الى تصور ، ربما بسيط فقط فيما تم تسريبه ووصل الى علمنا ، وما خفي كان أعظم ..!

عمارات وفلل وشقق فخمة في أوربا والخليج .
شركات صناعية وإستثمارية في أوربا وأميركا والخليج .
أرصدة خيالية في البوك الأجنبية

هذه أمور ليست من نسج الخيال ، وقد تطرقنا اليها بالأسماء وبالتفصيل في مقالات سابقة يمكن الرجوع اليها .. وهي لوحدها تتجاوز المليارات من الدولارات ، قام بها وزراء حاليين وسابقين ، وعوائلهم وأقاربهم ، ورؤساء أحزاب دينية معممين ، وأعضاء في البرلمان ، وموظفين في الدولة وقد تمت تحت حمايتهم من قبل الإحتلال والحكومة ، وتهريب بعضهم الى الخارج ، مثل حازم شعلان ، وزير دفاع حكومة أياد علاوي ، الذي حُدد المبلغ الذي إختلسه وهرّبه الى الخارج بأكثر من مليار وثلاثمائة مليون دولار من صفقات أسلحة ..!

ـ آخر الفضائح المالية ، هي مانشر بتاريخ 18/1/2008 ، والعراق ينزف الدماء ، ويعيش 43 % من نفوسه تحت خط الفقر .
الفضيحة هي صفقة شراء 7 طائرات رئاسية بمواصفات ملكية خاصة من شركة بوينغ لصناعة الطائرات الأمريكية . الكلفة 11 مليار دولار ، تدفع من ميزانية العراق للسنة الحالية والبالغة 48 مليار دولار ، يعني مايقارب ربع ميزانية الدولة العراقية للطائرات الرئاسية السبع !
لماذا سبع طائرات ؟ وقد كان صدام مثلاً لديه طائرة رئاسية واحدة أطلق عليها ( صقر القادسية ) وهي موجودة حالياً في مطار عمان وقد أكلها الصدأ ..
الطائرات السبع .. واحدة لرئيس الجمهورية جلال الطالباني ، الأخرى لرئيس الوزراء ، والثالثة لرئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني .. أما الأربع الأخريات فستخصص لكبار المسؤولين في رحلاتهم الرسمية ...!

وبإجراء مقارنة حسابية بسيطة ، يمكن تقدير حجم التبذير في المال العام .. مال الشعب العراقي !
وكما يلي :
خلال نفس الفترة هذه تعاقدت شركة الخطوط الجوية القطرية مع نفس الشركة الأمريكية بوينغ لشراء 26 طائرة جديدة لتحديث أسطولها الجوي .. قيمة العقد بين قطر وشركة بوينغ هو : 12 مليار و800 مليون دولار ( لاحظ الفرق بين عدد الطائرات 7 و 26 .. وهو 19 طائرة .. والفرق البسيط في السعر البالغ مليار و800 مليون دولار أكثر من السعر العراقي لسبع طائرات " رئاسية " بسبب المواصفات الخاصة ، وطبعاً إضافة مقدار العمولات المدفوعة " للرؤساء " من قبل الشركة المنتجة وهي شركة بوينغ الأمريكية ...! )

الفرق بين الصفقتين ، أن الأولى للعملاء الجياع خونة الوطن والشعب ..!
والثانية للنفع العام لأسطول جوي لشركة خطوط وطنية ..!

أليس بعد كل ذلك ، أن يصبح إحراق البنك المركزي العراقي ، ووثائقه وأضابيره ومستنداته ومعلوماته .. واجب وطني مقدس ...!!؟؟

للبحث بقية ...
lalhamdani@yahoo.com

للإطلاع على مقالات الكاتب ومدوناته ، برجى الدخول على الرابط :

http://alialhamdani.blogspot.com

يرجى ملاحظة أن الموقع أعلاه لايزال قيد التحديث ، وسيأخذ بضعة أيام قبل تنزيل كافة المقالات .


No comments: