Thursday, March 20, 2008

الشـركة الطالبانية ـ البارزانية المسـاهمة المحـدودة ..!


علي الحمــداني

المقر العام للشركة : مدينة أربيل
الفرع الرئيسي : مدينة السليمانية
الشركاء : جلال الطالباني ، ويعمل رئيس جمهورية إضافة الى منصبه في الشركة .
مسعود البارزاني ، ويعمل رئيس إقليم إضافة الى منصبه في الشركة .
رأس المال المدفوع : 6 مليار دولار ، كما هو عليه في ميزانية الإقليم لعام 2007 .
حص الشركاء من رأس المال المدفوع : جلال الطالباني ـ 48 % ( 2 مليار و880 مليون دولار )
مسعود البارزاني ـ 52 % ( 3 مليار و 120 مليون دولار )
رأس المال المسجّل : العِلمُ عند الله !

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

هكذا وبلغة التجارة والإقتصاد ، تُعَرّف الشركات المساهمة ذات المسؤولية المحدودة ، كما وتحدد بموجب ذلك نسبة المساهمات في رأس المال المدفوع ، وعادة ـ وحسب القانون التجاري ـ يكون حامل النسبة الأعلى من رأس المال هو صاحب القرار النهائي في مجلس إدارة الشركة .!

الإستثناء الوحيد هنا هو ، رأس المال المسجّل ، حيث لايظهر ، في حالة هذه الشركة فقط ، في سجلات الشركة أو يُكشف أمام الرأي العام الكردي ، وذلك لأسباب تتعلق بخصوصية الشركة والشركاء .!

قبل البحث في التفاصيل ، لابد من ألإشارة الى مصادر الموضوع ، وهي :
ـ شبكة أخبار العراق
ـ تقرير للأمم المتحدة ، حُجِب عن النشر ، ثم تم تسريبه عن طريق شبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي ) .
ـ الصحفي كيت كلارك .
ـ مايكل روبن ، خبير سياسات الشرق الأوسط في معهد المشروع الأمريكي .

يقول كيت كلارك :
( حطت بنا الطائرة في مطار أربيل .. وفي بهو المطار عُلّقت لافتة تقول " مرحباً بكم في كردستان" ورفعت الأعلام الكردية فقط .!
خارج المطار ، وفي مدينة أربيل ، تلاحظ نهضة عمرانية تظهر في بنايات عالية ، ورافعات تعمل !
إضافة الى مراكز التسوق ، والفيلات الفاخرة ، وقاعة المؤتمرات ، ومقرات فخمة عائدة للحزبين الكرديين اللذين يتقاسمان الإقليم بينهما .! ويسعيان الى تصوير المنطقة واحة للديمقراطية والتقدم .!

ولكن ، ومن خلال تجوالنا ومشاطرتنا الحديث مع شخصيات كردية ، وملاحظتنا لرجل الشارع العادي ، رأينا أن المواطن الكردي يناضل حقيقةً من أجل البقاء ولقمة العيش ، بينما تسرق الأموال العامة وتجد طريقها بسهولة الى جيوب قلة متنفذة .!
أما السلطة الكردية ، فتعاقب بشدة من تسول له نفسه الخروج عن خطها ، حيث يورد تقرير الأمم المتحدة الذي إطلعنا عليه في ( البي بي سي ) ، أن السلطات الكردية تعتقل الآلاف من المواطنين شهرياً ، معظمهم لأسباب سياسية ..
هؤلاء محتجزين ، ولمدد طويلة ، بدون محاكمات ، كما يمنعون من الإتصال بمحامين للدفاع عنهم !

يخشى رجال الأعمال الأكراد ، الذين هم من خارج الحزبين الحاكمين ، التحدث عن الفساد المالي والإداري الذي يواجهونه ، وبحرية تامة .. إلا أننا إستطعنا إقناع السيد ( سامان الجاف ) ، وهو قائد سابق في ميليشيا البيشمركة الكردية ، للتحدث الينا ، حيث قال :
( إذا كنت قريباً لأحد الزعماء السياسيين ، فبإمكانك الحصول على وظيفة في حكومة الإقليم ! أو على سبيل المثال الحصول على عقد لتعبيد طريق بمليونين أو ثلاثة ملايين من الدولارات ..!
ليس المهم ، أن يعرف هذا القريب ، أي شيئ عن تعبيد الطرق ..! لأن العقد الذي سيحصل عليه سوف يُعاد بيعه مرات عديدة حتى يصل الى أيدي شركة حقيقية لتعبيد الطرق ، ولكن عند ذاك ستكون قيمة العقد ربما نصف قيمته الحقيقية ، أما النصف الآخر فقد توزع بين القريب والمنتفعين من عمليات بيع العقد ..!
ويضيف سامان : إن الفساد هنا كالفيروس ، فهو يقتل كردستان ، مع الأسف ...! )

وأخبرنا أحد العاملين في وزارة التخطيط الكردية ، طلب التحفظ على إسمه ومركزه الوظيفي ، : (أن المشاريع الحكومية لاتمنح بطرق أصولية أو شفافة ، وإنما يحيلها الوزراء لشركاتهم أو لشركات يملكها أصدقاؤهم ...! )

يجري كل ذلك ، والأكراد العاديون يعانون من التضخم والبطالة وإنقطاع الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء ..!
ففي مدينة السليمانية ، معقل الطالباني ، وإتحاده الوطني الكردستاني ، يقول السكان لنا ، أنهم لايحصلون على المياه الجارية إلا لمدة أربع ساعات في اليوم ، ولا على التيار الكهربائي ، إلا لثلاث أو أربع ساعات يومياً ..! وبسبب تلوث المياه فقد ظهرت أول حالات وباء الكوليرا هناك ، وتفشت في المنطقة ..!

لقد تسنى لي التحدث الى إمرأة من مدينة السليمانية ، وأخبرتني ، أنها فقدت زوجها ووليدها بداء الكوليرا
( لقد طلبنا من حكومة الإقليم مساعدتنا مرات ومرات ، ولكنهم لايفعلون شيئ سوى الوعود فقط ...!
لقد كنت أعلم أن المياه التي نشربها ، عندما عصف الوباء بالمنطقة في شهر سبتمبر الماضي ، هي مياه ملوثة .. إلا أن فترة وجود التيار الكهربائي لاتكفي لكي نغلي ماء الشرب ، إضافة الى إحتياجاتنا الأخرى للماء الساخن ...!
عندما أفكر في الميزانية التي تجاوزت الست مليارات من الدولارات ، وحصص الإقليم من النفط ، وأرى وضعنا .. أشعر كأنني مت .. هناك بون شاسع بين المواطن العادي والصفوة الحاكمة ...! )

أما ( آري هارسين ) ، وهو مقاتل سابق في البيشمركة ، ويعمل الآن رئيساً لمكتب أربيل التابع لصحيفة ( آويني ) المستقلة ، فيقول : ( أرى بعض المسؤولين الحاليين الذين كانوا منذ عشرين سنة يقاتلون معنا في الجبال ، وهم يستقلون الآن السيارات الفاخرة ، ذات النوافذ الغامقة ، ولديهم الكثير من الحرس الشخصي ..
هم يرون كيف يعيش المواطن العادي .. ولكن يبدو أنهم لايخجلون ...!

ويضيف هارسين : نخشى كأكراد من ضياع حلمنا بكردستان حرة وديمقراطية .. فهي تبدو لنا الآن كدولة مافيا ، ولا وجود للشفافية ، والحزبين الرئيسيين يقتسمان السلطة والمنافع .. ! )

يختتم كيت كلارك مقاله بعبارة واحدة .. ( إنها لديمقراطية غريبة حقاً ..! )

أما على الصعيد الآخر ، فقد حثّ الخبير الإستراتيجي في معهد المشروع الأمريكي ، (مايكل روبن) الرئيس بوش ، على إسقاط القيادة الكردية الحالية ، وأكد أن مثقفي الكرد وأساتذة الجامعات والمتنورين والسياسيين من الكتل والأحزاب الوطنية الكردية .. ينتظرون ذلك ...!

يقول : ( لايزال مصير 3000 سجين لدى الحزبين ، ومنذ أواسط التسعينات ، خلال الحرب التي قامت بينهما ، لايزال مصيرهم مجهولاً حتى يومنا هذا .. وقد منعت عوائلهم من السؤال عنهم أو توكيل محامين عنهم ، هذا إذا مازالوا على قيد الحياة ..! عندها نعرف أن الديمقراطية والحرية في كردستان مجرد أكذوبة ، تسوّق على البسطاء من الكرد ..!

إن مبادئ بوش ، جعلت التحالف مع كردستان حالة طبيعية ، كان بوش ينتظر منها أن تكون (موديل) أمريكي للديمقراطية ...!!

ويكمل روبن : لا البارزاني ولا الطالبااني ، كانا في يوم ما ، ديمقراطيين .. فقد إنتهك كلاهما خلال سنوات الحرب بينهما 1994 ـ 1997 ، والتي يمكن أن نسميها ( حرب أربيل ـ السليمانية ) ، حقوق الإنسان الكردي عن طريق إختفاء المعارضين لهما ، وتنفيذ أحكام إعدام عاجلة للأسرى وجميعهم من الأكراد ...!

أما الأكراد الثلاثة آلاف شخص ، والذين إختفى ذكرهم ، كما ذكرنا ، فلا نستطيع أن نعرف عن مصيرهم أي شيئ ، سوى أنهم كانوا أسرى عند هذا الطرف أو ذاك .. أما من نجا من الأسر ، فإنهم يروون لنا تفاصيل بشعة ، وأعمال إجرامية ، نفذها الطرفان ، تتضمن قطع الآذان ، وثقب الرؤوس ، وأنواع التعذيب ...)

إنتهى حديث مايكل روبن ، وهو جزء من تقريره الى الرئيس بوش ..!!

ونحن نقرأ كل ذلك .. نقول ماأشبه اليوم بالبارحة .. !
اليوم وما جرى ويجري من عمليات تعذيب في أقبية الحكومة العراقية ، وأقبية حكومة إقليم كردستان وما جرى البارحة ، في أقبية قصر النهاية ، وأقبية المخابرات .. وأقبية الحزبين الكرديين في نفس الحقبة الزمنية ..!
الحقبة التي يحاول الحزبين الشريكين في الجرائم والسرقات ، أن يظهرا نفسيهما أنهما أتيا لينقذا الشعب العراقي منها .. وإذا بهما يفعلان ما هو أبشع .. يد بيد مع جلاوزة أقبية الداخلية ، وجامع براثا والمعتقلات السرية ...!

نسيا دورة الزمن .. ونسيا أن الشعب العراقي المظلوم بعربه وكرده .. بمسلميه ومسيحييه .. بكل أطيافه العرقية والدينية .. يمتلك ذاكرة لاتنسى .. وأيدٍ سوف تنتقم يوماً ما ..!!
أليس الصبح بقريب .؟

Lalhamdani@yahoo.com

No comments: