ــ ترجمة مختصرة علي الحمداني (4)
من الحقائق المسجلة حول نشاطات الشيخ عمر عبد الرحمن ، أنه كان في منأى عن المساءلة ، بالرغم من معرفة مكتب التحقيقات الفيدرالي والمخابرات المركزية الأمريكية بأنشطته ، لدرجة أنه عندما قام سيد نصير ، وهو إمام مسجد السلام في اميركا والتابع لعمر عبد الرحمن بإطلاق النار على الحاخام اليهودي اليميني مايير كاهان في نوفمبر 1990 ، رفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق مع عبد الرحمن أو اي دور له في الموضوع . كان هذا ماصرح به أحد أفراد هذا المكتب ، وانه تم بناء على تعليمات خاصة من وكالة الإستخبارات المركزية . وقد جاء هذا التصريح في محادثة مسجلة تدور بين ضابط مكتب التحقيقات وأحد رجال الأمن ، حين يسال الأخير : ( لماذا لم تعقبوا دور الشيخ عبد الرحمن ؟ أجاب الضابط : لأن ذلك كان محظورا .. وحين سأله : لماذا ..؟ أجاب : لأنه موجود تحت نوع من الحماية من قبل المخابرات ، واكثر من ذلك من قبل مكتب الأمن القومي ووزارة الخارجية .. لقد منح سمة دخول الى الولايات المتحدة ، ونحن نعرف أن إسمه مسجل لدى كل هؤلاء وأنه موضع شكوك ، وربما انشطة إرهابية ، ولكن مع ذلك فإنه شخص ممنوع من اللمس ..!! )
هذا الرفض لملاحقة الشيخ عبد الرحمن ، أو " الشيخ الأعمى " كما يسمى في اميركا ، استمر حتى بعد أن قام رجال الأمن بتفتيش منزل سيد نصير بعد الحادث ، ومصادرة أوراق مهمة يعود قسم منها للشيخ عبد الرحمن تتضمن في بعضها خطط لمهاجمة مركز التجارة العالمي في نيويورك . هكذا نشر وليم نورمان كريك تقريره والذي تضمن أن 49 صندوقا من المستندات تمت مصادرتها من شقة نصير في نيوجيرسي ، بعضها يتضمن تعليمات حول صنع قنابل ، وقائمة بأسماء اشخاص لغرض إغتيالهم ، وكان إسم كاهان من ضمن القائمة ، وأدوات عسكرية خاصة للتدريب مع صور مفصلة لمركز التجارة العالمي .
أكتشف لاحقا وخلال محاكمة عبد الرحمن بعد محاولة تفجير مركز التجارة في 1993 ، أن ضابط مخابرات مصري هو عماد علي سالم ، والذي زُرِع في خلية الشيخ ، كان يتابع تحركات عبد الرحمن وجماعة خليته التابعة للقاعدة ولفترة طويلة . لقد سجل خلالها اكثر من 1000 محادثة حية وتلفونية لإجتماعات الشيخ ، وتسلم مقابل ذلك 2 مليون دولار . كشفت كل هذه المحادثات في المحاكمة التي إنتهت بسجن الشيخ عبد الرحمن ...!
في البلقان استمر نشاط القاعدة بالتعاون مع المخابرات المركزية ، وبالتنسيق مع مجموعات تعمل داخل دول البلقان ، حيث إنتقل نشاطها الى ماسدونيا والبانيا خلال وبعد الحرب في البوسنة وكوسوفو . كان مسؤول تنظيم القاعدة في تلك الدولتين محمد الظواهري شقيق الدكتور أيمن الظواهري مساعد بن لادن . وكان محمد الظواهري هو الشخص الوحيد الذي يتصل مباشرة بمسؤولي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في المنطقة ، كما كان المسؤول عن تجنيد المجاهدين وتنظيم تحركاتهم وتوصيل التعليمات لهم ..!
ذكر تقرير نشر في جريدة " الشرق الأوسط " السعودية بعددها الصادر في 16 نيسان /ابريل 1999 ، أن مصادر مقربة من القاعدة سربت معلومات حول وجود د.ايمن الظواهري زعيم تنظيم الجهاد الإسلامي في مصر في البانيا مع أحد مساعديه المدعو أبو فرج ولمدة عدة أسابيع لتنظيم شؤون المجاهدين على الرغم من أن البانيا كانت في ذلك الوقت تحت قبضة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .
القضية الأكثر تعقيداً ، أن أيمن الظواهري ، كان المطلوب رقم واحد من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي لدوره في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كل من نيروبي عاصمة كينيا ، ودار السلام عاصمة تنزانيا ، وذلك في 7/8/1998 ، أي قبل ثمانية أشهر فقط من سفره الى البانيا ...!
لقد وضعت اميركا جائزة مقدارها 25 مليون دولار لأية معلومات تقود الى أيمن الظواهري ، الذي كان مطلوب أيضا في نشاطات عدة منها إغتيال الرئيس المصري أنور السادات ، ولكونه من المقربين الى بن لادن .. الغريب في كل هذا هو أن الدانمارك وسويسرا منحتا الظواهري حق اللجوء في التسعينات ، أما المفاجأة الأكبرفهي منحه في كانون الثاني / يناير عام 2000 حق الإقامة في الولايات المتحدة نفسها ...!!
في الفترة التي كان فيها أيمن الظواهري مع شقيقه في البانيا ، إتصل شخص مصري يعتقد أنه كان يعمل مع القاعدة ، وإسمه مصطفى محمد سيد أحمد ، اتصل بسفارة اميركا في نيروبي ليقدم معلومات عن نية مبيتة لنسف السفارة من خلال زرع عبوات ناسفة في مرأب السيارات الخاصة بالدبلوماسيين داخل السفارة ..
نقلت هذه التحذيرات ، مع معلومات مصادر مكتب التحقيقات الفيدرالي الى السفيرة الأمريكية في نيروبي برادنيس باشنيل ، والتي طالبت بدورها بزيادة كبيرة في أمن السفارة وأجهزة المراقبة ، إلا أن جواب وزارة الخارجية الأمريكية كان أنها ستنظر بالأمر .. فكان جواب السفيرة أن الوزارة تضع حياة موظفيها في خطر ..!
ــ المخابرات المركزية أخبرت المسؤولين في واشنطن والسفارة في نيروبي بوجود خلية نشطة في كينيا تابعة لأسامة بن لادن .
ــ قامت كل من المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات بتحري ثلاث تهديدات وصلت السفارة وتم نقلها الى المسؤولين ، ولكن التعامل معها لم يكن بالمستوى المطلوب
ــ أهملت وزارة الخارجية ألأمريكية تقرير الجنرال أنطوني زيني قائد القيادة العسكرية المركزية الأمريكية ، خلال زيارته الى نيروبي ، من ان السفارة هناك ممكن أن تكون هدف سهل لهجوم إرهابي ، واقترح أن يرسل بعض المختصين من إدارته لدراسة الموضوع ، ولكن طلبه لم يقابل بالإيجاب ..
ــ كانت الخارجية الأمريكية ولسبب ما تعتقد أن سفارتها في نيروبي ليست من ضمن قائمة سفاراتها في العالم والتي تقرر إجراء بعض التطويرات عليها ضمن خطة الوزارة ..
مهما يكن من أمر ، فإن ثمة علامات إستفهام كبيرة وراء ماحدث برغم كل التقارير الرسمية والتحذيرات الشخصية .. وحدث ما حدث ..!!
بعد النشاطات في افغانستان ، اميركا ، كينيا وتنزانيا . ننتقل الى موقع جديد هو حرب الشيشان ..!
منذ 1994 ـ 1996 ، قامت روسيا بحرب طاحنة في الشيشان التي كانت تطالب بإنفصالها عن روسيا كجمهورية مستقلة على غرار الجمهوريات الأخرى التي نالت إستقلالها بعد إنحلال الإتحاد السوفياتي . لقد قامت القوات الروسية خلال تلك الفترة بقتل مالايقل عن 100000 من الشيشان ، وجرحت مالايقل عن 240000 شخص وقامت بزرع 17 مليون لغم ضد الأشخاص في حقول ألغام في كافة أنحاء الشيشان .
لقد حظيت روسيا بدعم أمريكي في هذه الحرب ، فقد أقرضت إدارة الرئيس كلينتون الروس مبلغ 11 بليون دولار لتمويل تلك العمليات واصفة تلك الحرب بأنها كالحرب الأهلية الأمريكية ، واطلقت على الرئيس الروسي بوريس يالستين أنه ابراهام لينكولن الروس ..!
جهزت المخابرات الأمريكية وبأمر من كلينتون الروس بجهاز الكتروني بالغ التعقيد مما أتاح للروس إغتيال الرئيس الشيشاني زوكار داداييف عندما كان يناقش مع موسكو على التلفون مقترحات للسلام ..
بعد توقف الحرب في 1996 ، وقع إتفاق يتضمن إعلان استقلال الشيشان في 31/12/2001 .. ولكن .. في 1999 عاد الوس بإجتياح كبير آخر للشيشان ألغيت بسببه هذه الإتفاقية ، متخذة هذا الهجوم الجديد ذريعة لعمل تخريبي حدث في مجمع سكني في موسكو ذهب ضحيته 200 شخص ، والقت موسكو تبعة ذلك على الشيشانيين . إلا أن الكثير من الخبراء والمراقبين بما فيهم بعض الروس فندوا هذا الإدعاء واعتبروه من تدبير المخابرات الروسية نفسها وذلك لتنفيذ هجوم جديد على الشيشان من قبل الروس لمحاربة ( الإرهاب ) .. أثبتت ذلك أقوال بعض رجال البوليس الروسي الذين دخلوا الى البناية التي تعرضت للتفجير بعد أن لاحظوا خروج حوالي عشرة رجال من سرداب البناية إشتبهوا في أمرهم ، وهناك في السرداب تحت البناية ، عثروا على أكياس تشبه أكياس السكر وعلى أسلاك ممدودة هنا وهناك ، فقاموا على الفور بالإتصال بالسلطات الروسية ، وجاءهم الجواب على لسان جهاز المخابرات ، أن مارأوه هو معدات تدريب خاصة خزنت هناك ، وعليهم أن يتركوها في محلها ..! بعد ذلك بفترة قصيرة حدث الإنفجار الكبير الذي هدم العمارة السكنية بأكملها ..!
منذ منتصف التسعينات ، قام بن لادن بتمويل قادة المجاهدين في الشيشان لاسيما باساييف وخطاب ، وبمعدل عدة ملايين دولار شهريا حسب ماذكرته صحيفة ( آسيا تايمز) .. وبعد الغزو الروسي الثاني في 1999 ، تقرب خطاب اكثر من باساييف ومن اربي بارييف ، وضموا اليهم أسلان ماسخادوف .
ولم تكن المساعدات والسلاح فقط هي التي كانت تصل من بن لادن الى خطاب ، بل أيضا فتح مراكز تدريب للمقاتلين الشيشان داخل أفغانستان ، وبنفس الوقت تم إدخالهم الى " مركز التعليم الإسلامي " الذي يدرس الأصول الوهابية .
لقد وصل عدد مراكز المجاهدين في الشيشان الى 1000 مركز حسب أحد الإحصاءات ، كما أكدت المصادر الروسية والأمريكية في 1999 الى أن عدد مجاهدي الشيشان قد وصل الى 10000 مقاتل من الباكستان ومصر والسودان ، بدعم وتمويل من بن لادن ومراكز التدريب العائدة له .
برغم التناغم الأمريكي ـ الروسي بشأن الشيشان ، إلا أن ذلك لايعني أن امريكا قد قطعت تعاونها كليا مع بن لادن .. وبقي الإختراق الروسي يعمل لتفتيت المقاتلين ، في حين كانت الإستخبارات الأمريكية لها مصادرها حول ذلك ايضا ..
لقد كانت الدولتان تعملان لمصالحهما الإستراتيجية بتوافق ظاهري ، وتنافس باطني ، وبإستخدام المشكلة الشيشانية كورقة رابحة لتحقيق تلك المصالح ، وإبقاء الأجواء ساخنة باستمرار في تلك البقعة من العالم ...! (( تعقيب : أليس من الواضح أن نفس المشهد يتكرر في منطقة الشرق الأوسط ، ومن خلال الكارثة العراقية الان ...؟ ))
ولكن .. ماذا عن إرهاب الدولة ، والمجموعات الإسلامية في الجزائر ..؟ لذلك حديث آخر في القسم الخامس .
lalhamdani@yahoo.com
No comments:
Post a Comment