Thursday, March 20, 2008

كــاكــا مسـعود .. والعَـلَم العراقي ..!


علي الحمـداني

بتأريخ 12 كانون الثاني الحالي ، نشرت مقالا على هذه الصحيفة بعنوان ( الحالة الكردية الفريدة في العراق ) .. وقد إتصل بي أحد القراء ليقول لي : ( كنت أتمنى أن يكون عنوان المقال " العقدة " الكردية في العراق ، فهو أقرب تعبيراً عما يجري اليوم ..!) .
نعم .. ربما ، أنت على حق ياصديقي .. ولكنني ، ماأردت أن ينسحب مضمون الموضوع على الشعب الكردي ككل ، بما فيهم من مثقفين ومفكرين وسياسين ورؤساء عشائر وناس بسطاء طيبين ، تم وضعهم في الظل من دكتاتورية حكم الإقليم ... وإنما كنت أقصد " قيادة " هذا الشعب فقط ، لكونها " حالة " غريبة ركبت رؤوس من يحكم شعبنا الكردي ، وإن كانت في الواقع يمكن أن تصل الى مستوى العقدة ، خصوصاً بعد أن خرجت علينا الأخبار بعد نشر الموضوع بتصريح ( فذّ ) لرئيس الإقليم مسعود البرزاني ، حول العلم العراقي ، وقد كان هذا الموضوع بالذات فقرة تضمنها مقالي المذكور .

كان قد سبق تصريح البرزاني في مؤتمر صحفي ، وبيوم واحد ، خبر إقرار مجلس النواب العراقي لمسودة قانون يقضي بتغيير عبارة ( الله أكبر ) التي تتوسط العلم ، من اللون الأخضر الى اللون الأصفر ، وبناء على طلب الكتلة الكردستانية ، وتلبية لرغبتهم ! وأنهم وافقوا على ذلك ...!

يقول البرزاني في تصريحه ، إنه لم يطلع بعد على العَلم الجديد ، وأنه ( لامانع لديه ) من رفعه في إقليم كردستان بعد تغييره ..!

ثم ، ماهي قصة هذا العلم ..؟ أليست حكومة بغداد ، وأنتم جزء مهم منها ..منكم رئيس جمهورية ، وزير خارجية ، نائب رئيس وزراء ، راضون عن هذا العلم وترفعونه بشكل رسمي .. أم تريد أن تطبق المثل الذي يقول ( ملكي أكثر من الملك ) ...!؟

هل إنتهت مشاكل العراق وإحتلاله والتدخل في شؤونه ، ولم يبقى لدينا إلا تغيير العلم ..؟

ماهي قصة ( العقدة البرزانية ) من علم جمهورية العراق ، التي أطلق عليها الدستور عبارات (نظام ديمقراطي فيدرالي تعددي موحد ..) ، فتتلخص في الرأي التالي ، الذي يؤمن به البرزاني ، والذي عبّر عنه بمؤتمره ( أن العَلم الحالي هو علم حزب البعث ...! ) .

هذا الإيمان البرزاني ، بُنيَ على أساس أن النجوم الثلاثة ترمز الى شعار حزب البعث ( الوحدة ، الحرية ، الإشتراكية ) ، هذا من جهة ، ومن الجهة الثانية ، أن عبارة ( الله أكبر ) ، قد أضافها صدام حسين الى العلم بخط يده ..! ويبدو ـ والله أعلم ـ أن الألوان الأخرى في العلم لاتعجبه أيضاً لكونها ألوان ترمز الى الحضارة العربية الإسلامية ، وأن معظم الدول العربية تكاد أعلامها الوطنية تتضمن هذه الألوان .

النجوم الثلاثة ـ كاكا مسعود ـ وكما قال أعضاء البرلمان في العراق الجديد ، والذي أنتم أحد صنّاعه ترمز الى : السلام ، التسامح ، العدالة . وإلا كيف تفسّر لنا أن العلم السوري مثلاً ، يحمل نجمتين فقط ، مع أن نظام الحكم في سوريا ، هو نظام حزب البعث أيضاً ، وشعاره أيضاً هو : وحدة ، حرية ، إشتراكية ... ؟!

نرجو ، على أي حال ، أن تعجبكم عبارة الله أكبر ، باللون الأصفر ، والخط الكوفي ، وأعتقد شخصياً ، أنها سوف تضيف جمالية الى الألوان ، خصوصاً أنها ستقع بين النجوم الثلاث ذات اللون الأخضر ..
كما أرجو مخلصاً ، أن لاتعترض هذه المرة على الخط ، لكونه خط كوفي ، وهو خط إسلامي ـ عربي أصيل .. وكم كنا نتمنى أن يوجد ـ خط كردي ـ لكي تكتب به عبارة الله أكبر ، ولكن كما تعلم ، فحروف اللغة الكردية ، مع الأسف ، حروف عربية .. علّمها إياكم العرب حين نقلوا اليكم حضارتهم ولغتهم وقرآنهم ...!! ومع ذلك فإن رئيس وزرائك ، قريبك ، نيجيرفان برزاني ، يستنكف حتى من أن يرد السلام على محدثيه العرب ، باللغة العربية ..!!!

وعلى ذكر نيجيرفان ، فهناك سؤال يحيّرنا ، فإذا كان يعمل من أجل ( كردستان ) فقط ، فهذا يخالف جملةً وتفصيلاً مفهوم العراق الفيدرالي الموحد ، أقول ذلك بعد أن تصادم كلامياً هو والناطق الرسمي بإسم حكومته ، مع الحكومة العراقية حليفتكم ، ووزير نفطها ، وتهديده بتوقيع عقود نفط جديدة مع شركات أمريكية وأجنبية ..!
أما إذا كان يعمل ضمن نظام فيدرالي كما هو معلن لنا من قبلكم ، فلماذا هذا التصادم القاسي ، وليتنا نرى منه مثالاً واحداً لاغير على عمله من أجل العراق الفيدرالي ...!!!

واليوم ، وقد قامت كتل برلمانية في مجلس النواب العراقي بما فيها كتلة رئيس الوزراء حليفكم ، بمناقشة موضوع مخالفات إبرام عقود النفط وبشكل منفرد بعيداً عن الحكومة المركزية ، والمقصود هي العقود التي تم توقيعها من قبلكم .. وكذلك إقتطاع أجزاء جغرافية من محافظتي كركوك والموصل وضمها بالقوة الى ( كردستان ) فإننا ننتظر أن نسمع رأيكم في ذلك ..
هل إنتهى شهر العسل في التحالف الرباعي أو الخماسي ؟ أم أن الأمريكان لديهم رأي مغاير بالنسبة لهذه العقود ، لاسيما وأن البرزاني قد أخذه الغرور وجنون العظمة كما يبدو .. فرفض مقابلة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية عند زيارتها الأخيرة للعراق ..؟

الكتل البرلمانية المذكورة هي القائمة العراقية ، الكتلة الصدرية ، جبهة التوافق ، حزب الدعوة ، مجلس الحوار الوطني ، الكتلة العربية المستقله ، الحركة الإيزيدية .. وغيرهم ممن يشكلون الأغلبية في المجلس وهم 12 كتلة تقف الى جانب الحكومة الآن ضد الشوفينية والنهب لثروة الشعب العراقي وإغتصاب أراضٍ بالقوة ومحاولة ( كردنة ) مدينة كركوك ...!

كاكا مسعود : كما تعلم أن حكومة صدام حسين قد ذهبت ، وأن حكومة بغداد الحالية ، هي حكومة حليفة لكم ، وفي إئتلاف معكم .. وقد نصبها الأمريكان ، ونصبوكم فيها .. وأرجو ألا تنسى ذلك وبسرعة ، وأنت رئيس (إقليم) !

ثم لابد لي ، من ان أذكرك ، مرة أخرى ، أن علم (حزب البعث ) كما تزعم ، كان مرفوعاً على آليات ودبابات الجيش العراقي ( الصدامي ) ، حين إستقبلتهم في أربيل عام 1996 ، لكي ينقذوك من الإيرانيين والطالبانيين ، كما قلت لصدام حسين في مقابلتك له في بغداد ، متوسلاً به ، ومقبّلا كتفه ، لكي يفعل شيئاً لإنقاذ أربيل ، ووعدك الرجل خيراً ، ووفى بوعده ..!!!
فهل تستطيع أن تخبرنا ، ماذا فعل حلفاؤك الأمريكان ، وحلفاؤك في إئتلاف حكومة بغداد .. لكي يوقفوا القصف التركي ، والإيراني أيضاً .. لمناطق كردستان .. وقتل الأبرياء من سكان القرى الكردية ، وأنت رئيس إقليمهم تجلس في قلاعك في حاج عمران وغيرها ...؟؟

ولكي نعود الى الوراء قليلاً لإستقراء التاريخ ، الذي لاينساه العراقيون ، لابد من المرور على دور (رئيس أركان الجيش العراقي الجديد ) ، بابكر زيباري .. فالرجل من الأصهار والأنساب ، وقريب خالكم هوشيار زيباري .

تأريخه يقول ، أنه وبعد أن هرب من إحدى المعارك أمام الجيش العراقي ، وقد كان آمر فصيل من البيشمركة في منطقة ( جسر سيد صادق ) ، قام بالسطو مع أفراد من عصابته على مصرف الرافدين في السليمانية بقوة السلاح ، وهرب بمبالغ مالية كبيرة الى إيران ، ثم عاد لاحقاً بإسطول من الشاحنات والتركتورات وسيارات الحمل لكي يبيعها في ( كردستان ) ، ويضاعف حجم أمواله ..! فماذا تراه يفعل اليوم وهو يجلس على كرسي رئيس أركان الجيش العراقي ..؟؟

بابكر .. نعرفه ، مجرم حرب ، قام بقتل الأسرى العراقيين من الجنود بيديه بعد إنزالهم من الجبال .!
وذلك خلال ماتسمونه ثورة الكرد والكفاح المسلح ضد حكومة بغداد .. فماذا عساكم أن تسموا اليوم مقاومة أهل العراق للمحتل الأمريكي الأجنبي للبلد .. هل هو حق مقاومة مشروع .. أم إرهاب .؟

أتساءل ، هل أن منع رفع العلم العراقي في ( إقليم ) كردستان ، يعني أنه لاحق للعراق في شماله ، وأن الإقليم لم يعد جزءاً من العراق ، رغم الأكاذيب المفضوحة في تصريحاتكم ، داخل وخارج الحكومة ...؟؟

وما هي مصلحة الشعب الكردي ، الذي تدّعون تمثيله في فصله عن العراق ..؟

هل إختفى المثقفين والسياسيين والمفكرين ورؤساء العشائر الكرد من الإقليم ، هل أصبحت كردستان برزانية ـ طالبانية فقط لكي يصبح الإقليم غنيمة يتقاسمها فقط حزبان متصارعان ـ متآخيان ...؟ حيث يعلن الطالباني عن موافقته ورغبته في بقاء نيجيرفان رئيساً لوزراء الإقليم ..؟

وإلى متى سيستمر غسل أدمغة البسطاء من الشعب الكردي ..؟ والى أين ستدفع بهم ..؟ هل الى محرقة القصف التركي بموافقة أمريكية ، كما صرح الأمريكان أنفسهم ..؟

أسئلة كثيرة .. وكثيرة .. لاأعتقد أنك ـ كاكا مسعود ـ تملك جواباً منطقياً واحداً لها .. تماماً كما خرجت علينا على شاشات التلفزيون ، لتتكلم كلاماً غير منطقياً عن علم العراق .. كلام أقل مايقال عنه أنه يأتي متشنجاً ، ولا نلومك في ذلك ، فظروفك كما يبدو صعبة ... ولكنه يبقى كلام خبط عشواء كما يقال ..!

lalhamdani@yahoo.com





No comments: