وصلنا الان ومن خلال الحلقات الخمس الماضيه من هذا البحث الى جملة محصلات ونتائج من أهمها وضع دول الشرق الاوسط العربية وغير العربيه من الخريطة السياسيه خلال القرن الماضي ، وكذلك الى دراسة الوضع الإيراني ومتغيراته حتى وقوفنا على اعتاب المرحلة المعاصره والطروحات التي بدأت تظهر بشأن شرق أوسط جديد ..!
يمكننا تلخيص المحصله والنتائج الى مايلي :
1) تم وضع خريطة الشرق الاوسط خصوصا فيما يتعلق بالدول العربيه وايران في اعقاب الحرب العالمية الاولى على أساس اقتصادي ، وكان هذا هو الاساس التي اعتمدته الامبرياليه العالمية بزعامة بريطانيا انذاك في السيطرة على مناطق النفوذ في العالم العربي وافريقيا والهند وبعض مناطق الشرق الأقصى ، حيث كانت هذه المناطق ترفد الامبراطوريه بالنفط والحديد والذهب والألماس اضافة الى العمالة الرخيصة .
2) اعطيت ايران بالذات اهتماما خاصا استنادا الى اهمية موقعها الجغرافي الذي يفصل الاتحاد السوفياتي عن المياه الدافئه في الخليج والمحيط الهندي والثروة النفطيه المتواجدة بكثافة في ايران وهذه المناطق ، اضافة الى كونها دولة غير عربيه لاتأبه لحركات التحرر القومي العربي ولإنتمائها المذهبي المغاير لما هو سائد في المنطقة العربيه .
3) اختيار زعامات الدول العربيه بعناية وعلى اساس الولاء المطلق لبريطانيا خصوصا تلك التي ستحيط بالدولة الاسرائيلية التي كانت على اجندة المشروع الصهيوني وبعد اعطاء وعد بلفور من قبل بريطانيا بتأسيس وطن ( قومي ) لليهود .
4) فصل امارة شرق الأردن من سوريا والكويت من العراق واقتطاع اجزاء من الدول العربيه تحت الانتداب او الإحتلال العسكري وضمها الى ايران كعربستان والى تركيا كلواء الاسكندرون ، في خطوة استباقيه للسيطرة الاقتصاديه والسياسيه مستقبلا .
اذن هذا ماكان واقع الحال انذاك من خلال ترسيم الحدود وخلق دول المنطقه بشكلها الجديد بعد ان كانت شبه موحدة كولايات تحت الحكم العثماني قبل انهياره عام 1918 . وعليه يمكن تقسيم وضع الشرق الاوسط ودوله الى مراحل ثلاثة حسب الفترة الزمنيه ومتطلبات السياسة الدوليه التي بنيت على مستجدات الوضع السياسي لهذه الدول من جهة وعلى المطامع التوسعيه الاسرائيليه من جهة ثانية . هذه المراحل هي :
1) 1918 الى 1945 وهو تاريخ انتهاء الحرب العالمية الثانيه وظهور النفوذ الامريكي الى جانب النفوذ البريطاني بتوافق وتناغم ومصالح مشتركة على السطح ولو انه لم يخلو من تنافس غير منظور في العمق .
2) 1948 الى نهاية القرن الماضي ، القرن العشرين ، وهو الفترة مابين قيام اسرائيل على الارض العربيه في فلسطين وما افرز ذلك من انقلابات عسكريه على حكومات المنطقه في مصر والعراق وسوريا وليبيا وقيام الثورة الجزائريه ضد فرنسا المحتله واشتعال حروب عربيه اسرائيليه في 1948 و 1956 و1967 و1973 . لقد شهدت هذه المرحلة تحول في النظم التي كانت قائمه من نظم ملكيه الى نظم جمهوريه وظهور حركات واحزاب قوميه عربيه في سوريا والعراق ومصر ، كذلك نمو اليسار العربي خصوصا الاحزاب الشيوعيه ودخول الروس ولاول مره الى المنطقه ضمن احلاف ومعاهدات وتسليح عسكري وتبادل مصالح اقتصاديه مع كل من مصر وسوريا والعراق واليمن وبعض دول شمال افريقيا وانعكاس ذلك على الوضع السياسي في المنطقه واندفاع دول اخرى الى اقصى اليمين كالسعوديه ودول الخليج والاردن والإبقاء على ولائها لاميركا والغرب بشكل عام ودخولها تحت المظله الامريكيه لتنال وبجدارة لقب الدول الحليفة والانظمة المعتدله تفريقا لها عن ماسمي في الفترة الاخيره الدول المارقه .
فيما يتعلق بالخريطة السياسيه في هذه المرحله فإنه يلاحظ تزايد عدد الدول الشرق اوسطيه على هذه الخريطه في الخليج وشمال افريقيا والقرن الافريقي وكذلك انفصال باكستان عن الهند في أقصى الشرق الاوسط .
3) المرحلة الحاضره وتداعياتها السياسيه وظهور فكرة مشروع الشرق الاوسط الجديد .
من ابرز احداث هذه المرحله سقوط النظام العراقي عام 2003 ، احتدام الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بعد رحيل عرفات واستلام حركة مقاومة فلسطينيه وهي حماس للحكومة الفلسطينيه عن طريق الانتخابات ، تزايد النفوذ الشيعي نتيجة احتلال العراق مما جعله مصدر قلق للسعوديه ودول الخليج ، تصاعد المطالبة بإنشاء دوله كرديه في شمال العراق ومعارضة ذلك من قبل دول خارجيه هي تركيا ودول الجوار العربيه ، دعوة الأطراف الشيعيه والكرديه داخل العراق المحتل لتقسيم العراق على اساس اقليمي او باستخدام اللغة الدبلوماسيه على اساس ( فيدرالي ) ومعارضة ذلك خارجيا من قبل دول الجوار باستثناء ايران وصمت سوريا ومن الداخل من قبل العرب السنة ، ظهور قوة حزب الله الشيعي في جنوب لبنان بمساندة عسكريه ايرانيه ومساندة سياسيه سوريه واصطدامه باسرائيل وبالداخل اللبناني المعارض له خصوصا بعد اجبار سوريا على الإنسحاب من لبنان ودخول الأخير مرحلة عدم استقرار سياسي تمثلت بتكتلات حزبيه واغتيالات لشخصيات لبنانيه من ابرزها المرحوم رفيق الحريري رئيس الوزراء ، تداعيات الموقف في القرن الافريقي في الصومال واثيوبيا واريتريا ، تداعيات الوضع في السودان ودعاوى التقسيم ومشكلة دارفور ، اضطراب الوضع في تشاد وكذلك بين المغرب والجزائر والدعوة الى اقامة الجمهوريه الصحراويه ، خروج أنظمة من ودخول اخرى الى مايسمى ب ( الإرهاب ) حسب المفهوم الامريكي والذي بدأ يتفاعل عالميا بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجير برجي التجارة في نيويورك ، خروج طالبان والقاعدة من الحكم في افغانستان ومجيئ حكومة كرازاي المواليه للولايات المتحدة ، المشروع النووي الايراني والكوري وازدياد المناورات الروسيه بقيادة بوتين على هذا الصعيد .
هذه وغيرها من العوامل مهدت للتبشير بمشروع الشرق الاوسط الجديد على لسان وزيرة الخارجية الامريكيه في ادارة بوش كوندليزا رايس ، والذي اصبح الهدف منه واضحا وذلك على ضوء المعطيات والاستراتيجيات التي ادارت المنطقه على مدى اكثر من ثمانين عاما والتي تعرضنا لها في هذا البحث . حجر الزاويه في هذا المشروع هو زيادة جديدة لدول المنطقه تلي الزيادات والتقسيمات التي حصلت بعد 1918 و1945 وهذا مايبدو في افق السياسة الامريكيه في المنطقه حاليا وما تسعى على تحقيقه بمساعدة اقليميه وعلى رأسها اسرائيل . زيادة عدد الدول اي تفتيت الكيانات الحاليه التي اصبحت جزءا من الشرق الاوسط القديم والخروج بخريطة جديدة هي الشرق الاوسط الجديد بدول اكثر وبموالاة اكبر لاميركا واسرائيل واضعاف الصوت العربي الى اقصى درجة هي من اهم اهداف هذا المشروع الذي سيعمل وبأقصى قدراته لخدمة الاهداف الامريكيه والاسرائيليه خصوصا في بسط نفوذ الاخيره على المنطقه من الفرات الى النيل . لقد وقفت اسرائيل منذ 2003 على ضفاف الفرات بالقوة العسكريه كما وقفت من قبل على ضفاف النيل بالدبلوماسيه ، ووجدت لها موضع قدم وحلفاء منذ بداية التسعينات في المنطقه الكرديه شمال العراق ولم يبقى الا النجاح في وضع المشروع موضع التطبيق الفعلي وهذا ما ستكشفه الاحداث خلال سنوات قليله ان لم نقل خلال أشهر . الشرق الاوسط الجديد هو مصطلح جديد للحكمة الامبرياليه البريطانيه ( فرق تسد ) . هذا هو ظاهر الأحداث كما تبدو وتبقى الكلمة الأخيره دائما لعنصر المفاجئات التي عرفت بها المنطقه .
يمكننا تلخيص المحصله والنتائج الى مايلي :
1) تم وضع خريطة الشرق الاوسط خصوصا فيما يتعلق بالدول العربيه وايران في اعقاب الحرب العالمية الاولى على أساس اقتصادي ، وكان هذا هو الاساس التي اعتمدته الامبرياليه العالمية بزعامة بريطانيا انذاك في السيطرة على مناطق النفوذ في العالم العربي وافريقيا والهند وبعض مناطق الشرق الأقصى ، حيث كانت هذه المناطق ترفد الامبراطوريه بالنفط والحديد والذهب والألماس اضافة الى العمالة الرخيصة .
2) اعطيت ايران بالذات اهتماما خاصا استنادا الى اهمية موقعها الجغرافي الذي يفصل الاتحاد السوفياتي عن المياه الدافئه في الخليج والمحيط الهندي والثروة النفطيه المتواجدة بكثافة في ايران وهذه المناطق ، اضافة الى كونها دولة غير عربيه لاتأبه لحركات التحرر القومي العربي ولإنتمائها المذهبي المغاير لما هو سائد في المنطقة العربيه .
3) اختيار زعامات الدول العربيه بعناية وعلى اساس الولاء المطلق لبريطانيا خصوصا تلك التي ستحيط بالدولة الاسرائيلية التي كانت على اجندة المشروع الصهيوني وبعد اعطاء وعد بلفور من قبل بريطانيا بتأسيس وطن ( قومي ) لليهود .
4) فصل امارة شرق الأردن من سوريا والكويت من العراق واقتطاع اجزاء من الدول العربيه تحت الانتداب او الإحتلال العسكري وضمها الى ايران كعربستان والى تركيا كلواء الاسكندرون ، في خطوة استباقيه للسيطرة الاقتصاديه والسياسيه مستقبلا .
اذن هذا ماكان واقع الحال انذاك من خلال ترسيم الحدود وخلق دول المنطقه بشكلها الجديد بعد ان كانت شبه موحدة كولايات تحت الحكم العثماني قبل انهياره عام 1918 . وعليه يمكن تقسيم وضع الشرق الاوسط ودوله الى مراحل ثلاثة حسب الفترة الزمنيه ومتطلبات السياسة الدوليه التي بنيت على مستجدات الوضع السياسي لهذه الدول من جهة وعلى المطامع التوسعيه الاسرائيليه من جهة ثانية . هذه المراحل هي :
1) 1918 الى 1945 وهو تاريخ انتهاء الحرب العالمية الثانيه وظهور النفوذ الامريكي الى جانب النفوذ البريطاني بتوافق وتناغم ومصالح مشتركة على السطح ولو انه لم يخلو من تنافس غير منظور في العمق .
2) 1948 الى نهاية القرن الماضي ، القرن العشرين ، وهو الفترة مابين قيام اسرائيل على الارض العربيه في فلسطين وما افرز ذلك من انقلابات عسكريه على حكومات المنطقه في مصر والعراق وسوريا وليبيا وقيام الثورة الجزائريه ضد فرنسا المحتله واشتعال حروب عربيه اسرائيليه في 1948 و 1956 و1967 و1973 . لقد شهدت هذه المرحلة تحول في النظم التي كانت قائمه من نظم ملكيه الى نظم جمهوريه وظهور حركات واحزاب قوميه عربيه في سوريا والعراق ومصر ، كذلك نمو اليسار العربي خصوصا الاحزاب الشيوعيه ودخول الروس ولاول مره الى المنطقه ضمن احلاف ومعاهدات وتسليح عسكري وتبادل مصالح اقتصاديه مع كل من مصر وسوريا والعراق واليمن وبعض دول شمال افريقيا وانعكاس ذلك على الوضع السياسي في المنطقه واندفاع دول اخرى الى اقصى اليمين كالسعوديه ودول الخليج والاردن والإبقاء على ولائها لاميركا والغرب بشكل عام ودخولها تحت المظله الامريكيه لتنال وبجدارة لقب الدول الحليفة والانظمة المعتدله تفريقا لها عن ماسمي في الفترة الاخيره الدول المارقه .
فيما يتعلق بالخريطة السياسيه في هذه المرحله فإنه يلاحظ تزايد عدد الدول الشرق اوسطيه على هذه الخريطه في الخليج وشمال افريقيا والقرن الافريقي وكذلك انفصال باكستان عن الهند في أقصى الشرق الاوسط .
3) المرحلة الحاضره وتداعياتها السياسيه وظهور فكرة مشروع الشرق الاوسط الجديد .
من ابرز احداث هذه المرحله سقوط النظام العراقي عام 2003 ، احتدام الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بعد رحيل عرفات واستلام حركة مقاومة فلسطينيه وهي حماس للحكومة الفلسطينيه عن طريق الانتخابات ، تزايد النفوذ الشيعي نتيجة احتلال العراق مما جعله مصدر قلق للسعوديه ودول الخليج ، تصاعد المطالبة بإنشاء دوله كرديه في شمال العراق ومعارضة ذلك من قبل دول خارجيه هي تركيا ودول الجوار العربيه ، دعوة الأطراف الشيعيه والكرديه داخل العراق المحتل لتقسيم العراق على اساس اقليمي او باستخدام اللغة الدبلوماسيه على اساس ( فيدرالي ) ومعارضة ذلك خارجيا من قبل دول الجوار باستثناء ايران وصمت سوريا ومن الداخل من قبل العرب السنة ، ظهور قوة حزب الله الشيعي في جنوب لبنان بمساندة عسكريه ايرانيه ومساندة سياسيه سوريه واصطدامه باسرائيل وبالداخل اللبناني المعارض له خصوصا بعد اجبار سوريا على الإنسحاب من لبنان ودخول الأخير مرحلة عدم استقرار سياسي تمثلت بتكتلات حزبيه واغتيالات لشخصيات لبنانيه من ابرزها المرحوم رفيق الحريري رئيس الوزراء ، تداعيات الموقف في القرن الافريقي في الصومال واثيوبيا واريتريا ، تداعيات الوضع في السودان ودعاوى التقسيم ومشكلة دارفور ، اضطراب الوضع في تشاد وكذلك بين المغرب والجزائر والدعوة الى اقامة الجمهوريه الصحراويه ، خروج أنظمة من ودخول اخرى الى مايسمى ب ( الإرهاب ) حسب المفهوم الامريكي والذي بدأ يتفاعل عالميا بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجير برجي التجارة في نيويورك ، خروج طالبان والقاعدة من الحكم في افغانستان ومجيئ حكومة كرازاي المواليه للولايات المتحدة ، المشروع النووي الايراني والكوري وازدياد المناورات الروسيه بقيادة بوتين على هذا الصعيد .
هذه وغيرها من العوامل مهدت للتبشير بمشروع الشرق الاوسط الجديد على لسان وزيرة الخارجية الامريكيه في ادارة بوش كوندليزا رايس ، والذي اصبح الهدف منه واضحا وذلك على ضوء المعطيات والاستراتيجيات التي ادارت المنطقه على مدى اكثر من ثمانين عاما والتي تعرضنا لها في هذا البحث . حجر الزاويه في هذا المشروع هو زيادة جديدة لدول المنطقه تلي الزيادات والتقسيمات التي حصلت بعد 1918 و1945 وهذا مايبدو في افق السياسة الامريكيه في المنطقه حاليا وما تسعى على تحقيقه بمساعدة اقليميه وعلى رأسها اسرائيل . زيادة عدد الدول اي تفتيت الكيانات الحاليه التي اصبحت جزءا من الشرق الاوسط القديم والخروج بخريطة جديدة هي الشرق الاوسط الجديد بدول اكثر وبموالاة اكبر لاميركا واسرائيل واضعاف الصوت العربي الى اقصى درجة هي من اهم اهداف هذا المشروع الذي سيعمل وبأقصى قدراته لخدمة الاهداف الامريكيه والاسرائيليه خصوصا في بسط نفوذ الاخيره على المنطقه من الفرات الى النيل . لقد وقفت اسرائيل منذ 2003 على ضفاف الفرات بالقوة العسكريه كما وقفت من قبل على ضفاف النيل بالدبلوماسيه ، ووجدت لها موضع قدم وحلفاء منذ بداية التسعينات في المنطقه الكرديه شمال العراق ولم يبقى الا النجاح في وضع المشروع موضع التطبيق الفعلي وهذا ما ستكشفه الاحداث خلال سنوات قليله ان لم نقل خلال أشهر . الشرق الاوسط الجديد هو مصطلح جديد للحكمة الامبرياليه البريطانيه ( فرق تسد ) . هذا هو ظاهر الأحداث كما تبدو وتبقى الكلمة الأخيره دائما لعنصر المفاجئات التي عرفت بها المنطقه .
No comments:
Post a Comment