Tuesday, March 18, 2008

ســقوط الأقنعـة ..خلا لك الجو فبيضي واصفري... ونقّري ماشئت أن تنقّري



3 علي الحمـــداني

يذكرني هذا البيت من الشعر بحال نوري المالكي وهو يعمل جاهداً على أن يبقي رأسه خارج الماء لكي يستطيع أن يتنفس الى حين .. فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار ..! حاله حال ذلك الطائر الذي قصده الشاعر ، حين تصور أن الجو قد خلا من الصيادين والطيور الجارحة فبدأ بالصفير والتنقير .!

نعم .. بالتحالف الجديد / القديم ، قد أعطى بالتأكيد حقنة فيتامين مرحلية للحكومة الكسيحة لكي تستطيع الإستمرارعلها تتخلص ولو الى حين من مكائد الجعفري ومراوغات علاوي ومصائد الدليمي ، وهو سيحاول رتق فتقها بخمس وزراء جدد سيختارهم حسبما علمنا من ( سنّة ) الأنباروصلاح الدين وديالى أو مايسمي ( تجمعات الصحوة).. وما أكثر التسميات هذه الأيام .. وذلك ليعوض بهم الفراغ في الساحة ، تماما كما يفعل الفريق الخاسر في مباراة كرة القدم وخلال الدقائق الأخيرة من وقت المباراة ،.... فلعل .. وعسى .!

أريد .. وكأي عراقي آخر ، أن يتفضل علينا أحد منظري وعرّابي السياسة ، ليشرح لنا الفرق بين التحالف الشيعي ـ الكردي الجديد ـ ونحن نعلم ونشهد ، أن الشيعة العرب ، والشعب الكردي بريئان مما تحاول قياداتهم أن تحيك في الظلمة ..! ـ وبين التحالف الذي كان موجوداً وقائماً منذ سقوط العراق تحت الإحتلال وحتى اليوم ..! اللهم إلا بعض الفقرات الجديدة في الإتفاق من باب مسح اللحى كإعلان الإلتزام بتطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بكركوك وذلك لوضع الإبتسامة وعلامات الرضا على بعض الوجوه من الحلفاء من الإخوة الأعداء ...!

لقد حاول كل من المجلس الإسلامي الأعلى ، وحزب الدعوة ، ومنذ اليوم الأول وبساعدة ماكنة إعلام الإحتلال ، الإيحاء بأن هذين التيارين أو الحزبين هما من يمثلان شيعة العراق .. كما أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني هما من يمثل الشعب الكردي .. يعني أن هناك ثلاث شخصيات ثابتة بالإسم وهم : السيد عبد العزيز الحكيم ، والسيد مسعود البرزاني ، والسيد جلال الطالباني .. أما الشخصية الرابعة فقد خصص دورها إعتماداً على الورقة الإنتخابية لتشغل منصب رئاسة الوزارة في ( عمليتين إنتخابيتين ) لحد الان ، وهما السيد ابراهيم الجعفري والسيد نوري المالكي وكلاهما أصبح عند إنتخابه رئيساً للوزراء ، رئيساً لحزب الدعوة ...!

يعني ، لقد تم إختصار الشيعة والأكراد كشعب وبكل مقوماتهما السياسية والفكرية والثقافية والوطنية تحت مسمى واحد وتحت قيادة مفروضة كما هو حال أي ديكتاتورية ولكنها ألبست ثوباً ديمقراطياً هذه المرة ، وتم إفراز الأحزاب الأخرى والشخصيات الوطنية والدينية النظيفة والمخلصة فيهما وتهميشها لغرض إزالة المعوقات من أمام الإحتلال ، وتحقيق إنسيابية في تمرير المشروع الأمريكي فأين الصدريين .. وأين حزب الفضيلة .. وأين الشيوخ الكبار من أمثال اليعقوبي ، والمؤيد ، والخالصي ... ؟ أين بقية الحركات والأحزاب والشخصيات الكردية التي لها تاريخها النضالي الطويل ومواقفها الوطنية المعروفة ..؟

أما الطرف المهم الآخر .. وهو العرب السنّة ، فقد تم إستقطاب بعضهم بداية ، ثم تمت محاصرة البعض الآخر وإفشالهم وتم إستثمار الأخطاء التي أوقعوا أنفسهم فيها منذ البداية لتحقيق ذلك ، حتى إنتهى الأمر الى مانحن عليه الآن .. وبقي أحد أبرز الأحزاب السنية وهو الحزب الإسلامي في تيار السلطة رغم سباحته ضد هذا التيار متمثلا بشخصية السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الذي لم يعد أمامه بعد قيام الحلف الرباعي الحالي ، غما الإستقالة ، أو جر حزبه الى الإنضمام للحلف الجديد لجعله حلفاً خماسياً ، وهو ما ألمح اليه رئيس الجمهورية في كلمته ، بأن أبقى الباب مفتوحا لإنضمام الآخرين الى ( العملية السياسية الجديدة ) .. ولكن ، يجب أن نلاحظ هنا نقطة مهمة جداً وهي أن التكتل الرباعي هو عبارة عن تكتل أحزاب وليس جبهات تتكون من أحزاب ، وهي نقطة جديرة بالإهتمام حيث أنها أغلقت الباب بوجه الأحزاب السنية المنضوية تحت جبهة معينة ، أو الأحزاب والشخصيات السنية والشيعية المنضوية تحت جبهة أخرى كالقائمة العراقية برئاسة السيد أياد علاوي .. وهذا من شأنه ربما خلق حالة من التفكك داخل هذه الجبهات فيما بين الأحزاب المتكونة منها لينضم بعضها الى الحلف الجديد ويأخذ نصيبه من الكعكة .. أو أنها تبقى على ماهي عليه لتشكل معارضة أكثر توحداً ومؤهلة لإسقاط الحكم .. وأعتقد أن الطرح الأخير هو مايراهن عليه رايان كروكر السفير الأميركي في بغداد ...!

كروكر نفسه قد ألمح من خلال تصريحه المقتضب بعد إعلان الحلف الرباعي الجديد عن عدم تفاؤله من أن يتمكن هذا التكتل من حل المشاكل المستعصية في العراق ...! وما يهم كروكر بالطبع هو المأزق الأمريكي في العراق ..! ويجب أن لانهمل على الإطلاق أن التحركات والنشاطات الأخيرة التي تمخضت فولدت لنا هذا الحلف ، الذي سمي تجنيا من قبل بعض وسائل الإعلام بالحلف الشيعي الكردي وهي التسمية التي ترغب بها الإدارة الأمريكية ، ماكانت لتتم لولا الضوء الأمريكي الأخضر داخل المنطقة الخضراء ...!

أما لماذا شجعت أمريكا على إعلان هذا التحالف ( الشيعي ـ الكردي ) ..؟ مع تحفظي على التسمية ، هل هو التمهيد لتبريرات المستقبل القريب في إحداث التغيير بعد فشل قياداتهما الحالية المعروفة في إدارة شؤون العراق وعلى مدى أربع سنوات ونصف تقريباً ، وأدت الى تعقيدات سياسية كبيرة في المنطقة وتهديد للمصالح الأمريكية ..؟ وأن عملية التغييرهذه قد آن لها أن تحدث بعد كل هذه المدة ، وكل هذا الدعم ... وإلا فإن الخسارة الأمريكية سوف تتعدى عدد قتلاها الى ماهو أبعد ....؟!!

أرجو أن لايفسر كلامي هنا ، بأنني أتكلم عن البديل بمفهوم المذهب والعرق .. أي السنّة العرب تحديداً وهو ماأكره أن تفسر أقوالي ضمن أطره ، بل أتكلم عن البديل المطلوب من الشخصيات التي لها وزنها وثقلها السياسي والديني والوطني ، وفيهم شخصيات شيعية وسنية وكردية ، وفيهم شخصيات مسلمة ومسيحية ، بعضهم شارك في العملية السياسية وانسحب في مراحلها الأولى بعد أن توضحت الصورة .. وبعضهم بقي بعيداً عنها .. إلا أن قاسمهم المشترك بقي على ماهو عليه وهو الوطنية وإنهاء الإحتلال .!

بعد كل هذا .. يبقى سؤال جوهري يطرح نفسه ... ماذا تريد الإدارة الأمريكية ..؟

هل تسعى من وراء ذلك الى البدء بعملية تقسيم العراق الى دويلات أو أقاليم كما يحلو للبعض أن يسميها ..؟ أم أنها بعد تجربة مريرة فاشلة ، قررت فعلا إحداث تغيير لصالحها قبل أن تخطف اللقمة من بين أيديها ...؟

إذا كانت الفرضية الأولى هي المطلوبة ، فإن ذلك سوف يشكل مصلحة أمريكية داخل حدود العراق فقط ويشكل مرحلي ومؤقت ولن تكون هذه المصلحة بأي حال من الأحوال مصلحة مستقرة ومضمونة ، وأميركا أول من يعلم ذلك . التقسيم قد يحقق هدف الإستراتيجية الإسرائيلية ـ الأمريكية المتمثلة بمشروع ( الشرق الأوسط الجديد ) ضمن هذا المدى .. ولكن حتى هذا سوف لن يكون مضمون النجاح على المستوى الإقليمي .
التقسيم بحد ذاته مرفوض من كافة دول الجوار العراقية بما فيها إيران ، والسياسة الأمريكية ـ مع حماقتها ـ لايمكن أن تعرض مصالحها الإقليمية في المنطقة العربية الى مثل هذا الخطر ..
إذن هذا الخيار يعتبر خياراً ساقطاً حالياً ..!
أما الخيار الثاني ، فهو أقرب الى المنطق ، وهذا مايمكن إستخلاصه من النقاط التالية :
ـ حكومة المالكي فشلت بشهادة أمريكية وعالمية ، ولكن بقي الدعم الظاهري الأمريكي لها على مستوى الإستهلاك الإعلامي . السبب هو أنه ليس من حكومة أخرى قد يمكنها إستكمال مابدأته هذه الحكومة فيما يخص قانون النفط والغاز الجديد والذي وقّعه وزرائها ، حتى أولئك الوزراء المعارضين من السنة وغيرهم قبل تجميد أنشطتهم الحكومية أو إنسحابهم ...! وهنا في الحقيقة علامة إستفهام كبيرة إذا ماأخذنا في الإعتبار أن لكل شيء ثمن ، فهل الثمن هو وعود مستقبلية ..؟
لم يبقى إلا مصادقة البرلمان .. وهذا لن يتحقق في البرلمان بوضعه المشلول الحالي ، ولكنه أصبح ممكناً الآن وبعد توفر الأغلبية في ظل حكومة الحلف الرباعي ..!
ـ تنويهات كروكر وبتريوس حول تغيير السياسة الأمريكية .. وكلامهم عن الشهر القادم .. يعني محاولة الإنتهاء من فقرة النفط أولا ثم سيتم الضغط الحقيقي على حكومة المالكي فيما يتعلق بالمسألة الأمنية والتي سوف لن تجد طريقها الى الحل ، وأميركا أول من يعرف ذلك في ظل حكومة ميليشيات وميليشيات مضادة ..
ـ الداخل الأمريكي ، والإنتخابات الأمريكية التي بدأت تقترب ، وحراجة موقف الرئيس بوش بسبب سياسته ، وظهور بوادر إنسياب السيطرة من بين الأصابع الأمريكية ليس فقط في العراق بل في المنطقة ، إضافة الى مواقف حلفائها الآخرين كتركيا والدول العربية .. كلها أصبحت عوامل ضغط إضافية لإيجاد حل للمشكلة العراقية .. وأول الحلول هو تبديل حكومة القيادات المتطرفة من الشيعة والأكراد ، والذين جمعتهم أميركا بإتفاق الحلف الحزبي الرباعي إستعداداً للضربة القاضية ...
ـ إذن عملت أميركا على سحب ورقة التوت عن هؤلاء .. ولعله آخر الأقنعة التي ستسقط ، قبل هبوب رياح التغيير ، بعد أن تكون قد حققت الهدف الإقتصادي على الأقل من عملية الإحتلال ...
ـ وأخيراً وليس آخراً يجب أن لا ننسى حقيقة كبيرة ، وهي أن إنسحاب التوافق وغيرها من الحكومة وإدخالها في حالة الجمود ، وإصرارها على البقاء خارج الحكومة والبرلمان ، لم يكن إعتباطياً أو من باب قرارات ممارسة الضغط فحسب ، بل جاء نتيجة حسابات عراقية ـ خارجية متطابقة ومتزامنه ، وحكومة المالكي لاشك قد أدركت ذلك ، فكانت دعوتها الى كافة الأطراف للإنضمام اليها وهي تعلم بإستحالة ذلك ، فلجأت الى مناورة إدخال اللاعب الإحتياط الى الساحة ، وذلك بالإتصال بالحزب الإسلامي ، أحد أكبر الأطراف في التوافق ، والذي لايزال رئيسه نائباً لرئيس الجمهورية ، ومحاولة جره الى الحلف لكي يظهر بصفة الممثل لكافة الأطياف السياسية والمذهبية العراقية ..
فهل سينزلق الهاشمي في هذا المنحدر .. ؟؟
lalhamdani@yahoo.com









No comments: