Friday, March 7, 2008

الحرب على الحقيقة



ــ ترجمة مختصرة ــ
علي الحمــداني
(14)

ماقبل العاصفة ...11 سبتمبر..! فشل المخابرات ..أم تواطؤ الإدارة الأمريكية ...؟


( كنا نركز على بن لادن ، وخصوصا خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي سبقت أحداث سبتمبر2001 ، ولم نستطع أن نتصور أن شيء مثل الذي حدث كان يمكن أن يحدث ..) فينسنت كاينسترارو ـ مدير سابق في شعبة مكافحة الإرهاب في المخابرات المركزية ألأمريكية .

( شيء لم نرَ مثله في السابق .. وبالأحرى لايمكن أن يخطر ببالنا أنه سوف يحدث ..) جنرال سابق في القوة الجوية الأمريكية .

( لم تكن هناك أية علامات يمكن أن تؤكد أن ماحدث سوف يحدث ..) روبرت مويلر ـ مدير في مكتب التحقيقات الفيدرالي .

أن يقود أحد طائرة ويستخدمها كقنبلة ، لم يكن بالمُتَصور ..) مدير مسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي

( لاأظن أن أي فرد يمكن أن يفكر أن هؤلاء يمكنهم من أن يخطفوا طائرة ويقودوها لضرب مركز التجارة العالمي ..وطائرة أخرى تستخدم لضرب وزارة الدفاع الأمريكية
" البنتاغون " ) كوندليزا رايس ـ مستشارة الأمن القومي ، ووزيرة الخارجية حاليا .

في الحقيقة ، وكما لاحظنا في الأقسام السابقة من هذا الكتاب ، ان كافة الأجهزة الأمريكية والعالمية من مخابرات وأمن ، كانت وبمختلف المراحل عبر التسعينات من القرن الماضي تراقب القاعدة ، كما كانت مطلعة على معظم أنشطتها ..وكانت التقارير تُعد وتقدم دوريا الى أعلى المستويات في الإدارات الحكومية .. ولكن السؤال هو : مالذي تم إتخاذه حيال ذلك ..؟
وزارة الدفاع الأمريكية مثلا ، شكلت لجنة في عام 1993 ، لدراسة إمكانية إستخدام طائرة تجارية كقنبلة ضد أي هدف ..كان ذلك قبل ثمان سنوات من الهجوم ..

يقول العقيد في القوة الجوية الأمريكية ( دوك مينارجيك ) الذي أشرف على الدراسة التي كلّفت 150,000 دولار ، والتي أُعدت في مكتب العمليات الخاصة في وزارة الدفاع : أنه قد تم طرح هذا الموضوع ، أي استخدام الطائرات المدنية كقنابل ، ودرس جديا من كافة جوانبه .. ولكن بعد أن تركت العمل .. أصبحت قراراتنا أشبه بالميتة في حين أصر كثيرون على عدم نشر هذه الدراسة وذلك بحجة أنها يمكن أن تمنح الإرهابيين أفكارا جديدة .. فهل كان ذلك صحيحا ياترى وبعد أن عممت قراراتنا ودراستنا على وزارة الدفاع .. والعدل .. ووكالة إدارة عمليات الطوارىء ؟.
لقد طلبنا أن تؤخذ توصياتنا على محمل الجد وخصوصا بعد محاولة تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك من الداخل في عام 1994 ... وقد حددنا هذه البناية بالإسم كهدف محتمل لتكرار الهجوم عليها وبشكل من الأشكال بما في ذلك الهجوم من الجو ..!
بكلمة أخرى كانت أمام مسؤولي الدفاع الأمريكان ومنذ 1994 ، دراسة متكاملة عن إمكانية إستهداف برجي التجارة في نيويورك ومن الجو ..!

في واقع الأمر ، فإن محاولات ثلاث مماثلة نوعا ما قد حدثت فعلا وتمت الإشارة اليها :
الأولى عندما حاول مهندس طيران على طائرة تابعة لشركة خدمات البريد السريع ( فيدرال أكسبريس ) ، أن يضرب بالطائرة وهي من نوع ( دي . سي 10 ) بناية في مدينة ممفيس ، ولكن تمت السيطرة على تلك المحاولة وإحباطها من قبل طاقم الطائرة .
الثانية عندما ضرب طيار بطائرته الصغيرة شجرة في حديقة البيت الأبيض قريبة من غرفة نوم الرئيس ، وكان هدفه هو ضرب الغرفة نفسها ولكن حدث واصطدمت طائرته بالشجرة ..
الثالثة وهي التي حدثت في ديسمبر 1994 ، وهذه المرة خارج الولايات المتحدة وفي الجزائر ، وذلك عنما خُطفت طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية من قبل جماعة إسلامية مسلحة مرتبطة بالقاعدة في محاولة لضرب برج إيفل في باريس بالطائرة .. ولكن تمت مهاجمة الطائرة وهي على الأرض من قبل القوة الجوية الفرنسية بعد أن تسربت معلومات عن الخطة للمخابرات الفرنسية .

إضافة الى كل ذلك ، فإن المخابرات الأمريكية كانت لها سابقة في عملية القاعدة التي إستهدفت برج التجارة في نيويورك وتفجيره من الداخل .. مما يعني أن لدى القاعدة فكرة أو خطة مرسومة لإستهداف هذا المبنى بطريقة او بأخرى .. وإذا ماربطنا هذه الرغبة لدى القاعدة بالتقارير التي أشارت اليها وبالمحاولات السابقة ، والمحاولات التي حدثت فعلا في اميركا وفرنسا ، فإنه يجب والحالة هذه أن يصبح امام المسؤولين تصور كامل لما قد يحدث أو طريقة تنفيذه ...!

أضف الى ذلك ، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ، كان لديه في 1995 ، مؤشرات متقدمة عن تفاصيل ضرب مركز التجارة ، أو اية بناية أخرى مماثلة باستخدام طائرات مخطوفة كقنابل لهذا الغرض .. وتماما كما حدث لاحقا ..!

ثم ان هناك ماهو أهم في التقارير ، الا وهو أن ( عبد الحكيم مراد ) الساعد الأيمن ( لرمزي يوسف ) والذي أدين بجريمة 1993 في محاولة الهجوم على مركز التجارة ، كانت لديه خطة للهجوم بطائرة وبعملية إنتحارية تستهدف مقر المخابرات المركزية الأمريكية في ( لانكلي ) . وعمليات مماثلة لأبنية رئيسية أخرى ..! هذه الإعترافات مدونة ومثبتة في سجلات المحكمة ...!

رمزي يوسف نفسه يتباهى بمؤامرته وهو على الطائرة التي أقلته معتقلا من باكستان الى الولايات المتحدة وأمام مرافقيه من رجال الأمن وهما براين بار وكيل الخدمات السرية الأمريكية ، وجارلس ستيرن وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي ، من أنه كان سيستهدف بنايات رسمية مثل مقر وكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع ...!

على الجانب الآخر فإن الشرطة الفليبينية كانت قد حققت في خطة محتملة للهجوم على البابا يوحنا بطرس الثاني خلال زيارته لمانيلا عاصمة الفليبين ، وقد عثر على الخطة في برنامج كومبيوتر صودر من شقة في مانيلا كانت تستخدم من قبل ثلاثة من نشطاء القاعدة تم إعتقالهم ..
لكن ماظهر على برنامج الكومبيوتر ، كان أخطر ، إذ أن المستندات تتحدث عن تفجير 11 طائرة ركاب بعد أن يتم إختطافها ، إضافة الى مهاجمة أهداف داخل الولايات المتحدة وبالطائرات المختطفة ..
فيما يتعلق بالقسم الأول من المستندات وهو خطة محاولة إغتيال بابا الفاتيكان فقد تمت محاصرتها وإفشالها .. أما مايتعلق بالجزء الثاني الخاص بخطف طائرات وضرب أهداف داخل أميركا ، فقد أحيلت الى الجهات المختصة في الولايات المتحدة ، وبقيت حبيسة الأدراج حتى حدث الهجوم بالفعل في 11 سبتمبر .. والغريب ان أحد الأهداف التي أشير اليها في المستندات المصادرة كان برجي التجارة العالمية في نيويورك ...!

هذه المعلومات ظهرت وسجلت في محاكمة رمزي يوسف في نيويورك عام 1997 ، أي بأربع سنوات قبل حدوث الهجوم في سبتمبر 2001 .
لقد أطلق رمزي يوسف على هذه الخطط ( مشروع بوجينكا ) كما سبق وذكرنا ذلك بالتفصيل في حلقة سابقة ... المشروع يتضمن تفاصيل إختطاف الطائرات .. ومطارات الإختطاف .. ونوع الطائرات .. والخطوط الجوية التي حددت بخطوط شركة ( يونايتد أيرلاينس ) الأمريكية . وغيرها من التفاصيل والتي لايصدق كيف تم إغفالها على مدى أربع سنوات ...!؟

أما مايتعلق بعبد الحكيم مراد .. فالحقائق تقرأ ما يلي : أولا أن الشرطة الفيدرالية الأمريكية كانت على علم بمشروع ( بوجينكا ) .. المخابرات الفليبينية كشفت الحقائق حول الموضوع وخصوصا دروس الطيران التي كان يعطيها بصفته طيار ومدرب طيران الى أشخاص مشبوهين .. وحسب المعلومات التي قُدمت ، فإنه درّب ستة أشخاص في شركات تدريب على الطيران في الشرق الأوسط والفليبين وباكستان و... الولايات المتحدة ...!

بدأ مراد تدريباته الخاصة على الطيران في عام 1990 في مدرسة للطيران تدعى ( ألفا ـ تانكو ) في سان أنطونيو في كالفورنيا ، ثم إنتقل الى شركة ( ريجمور ) للملاحة الجوية في ولاية نيويورك ، ثم الى شركة ( كوست ) للملاحة الجوية في مدينة نيو بيرن في نبراسكا .. وبعدها نال شهادة طيران وتدريب في الطائرات الصغيرة ..
بدأ بعد ذلك بتدريب شباب آخرين على الطيران ، ولكن هذه المرة لمهمة محددة وهي القيام بهجمات .. وقد سُجلت له مكالمة هاتفية من قبل الشرطة الفيلبينية وهو يحادث شخص يدعوه عبد الباسط يوسف .. وهو حقيقة كان رمزي يوسف ...!!

التقرير السري للغاية لكل هذه المعلومات والذي أعدته المخابرات الفلبينية ، أطلق عليه إسم رمزي هو ( بلو مارلين ) ـ أي مارلين الزرقاء ـ .. هذا التقرير وصل بالكامل ليد المخابرات في أميركا ، والذي إعتمدته في مراقبة أشخاص في الشرق الأوسط يتدربون على الطيران بإشراف عبد الحكيم مراد . ولكن ردة الفعل كانت غريبة إن لم نقل غبية ، حيث عُلّق على التقرير أنه ليس فيه مايثير الشكوك ، وانه مجرد عمليات تدريب لشباب على الطيران ، وأنه لاعلاقة له بمؤامرة ...!

لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يكن على قناعة تامة بهذه النتائج ، لأن المعلومات المتوفرة لديهم تقول أن هناك أعدادا من الشباب يشك في أن لديهم ولاء للقاعدة يتلقون تدريبات على الطيران وفي ولايات أمريكية مختلفة ، إضافة الى خارج الولايات المتحدة ... ولم تقف حدود معلوماتهم على المدارس التي يعرفونها ، بل أضيفت اليها مدارس طيران في أوكلاهوما و فورت وورث في تكساس و أطلانطا ...
ثم أتت حقائق جديدة بعد عمليتي تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام ، حيث أقرّ المتهم عصام الريدي خلال التحقيق معه ، أنه هو شخصيا تدرب على الطيران في فورت وورث / تكساس ، وفي مدرسة تدعى ( بورد مان ) للملاحة الجوية ..
الأكثر من ذلك قيامه بشراء طائرة صغيرة مستعملة من طراز ( سابر ـ 40 ) لحساب بن لادن ، ودفع مبلغ 210,000 دولار ثمنا لها ...!!

أما في 1998 ، فقد رفعت المخابرات الأمريكية تقريرا يقول ( أن اسامة بن لادن يخطط لهجوم في واشنطن أو نيويورك ، ردا على إطلاق صواريخ أمريكية على بعض مقرات قيادته في أفغانستان ..! )

في 1999 ، رفع مجلس الإستخبارات الوطني الأمريكي تقريرا أبرز بالتفصيل مشروع ( بوجينكا ) ، ويؤكد على أن إرهابيين على صلة بابن لادن ، ربما سيهاجمون بالطائرات أهدافا مثل البنتاغون ، البيت الأبيض ، والمخابرات المركزية ، انتقاما من الهجوم الأمريكي على معسكراته في أفغانستان عام 1998 ....!!
هذه التقارير وضعت أمام رئاسة الولايات المتحدة في البيت الأبيض ، وامام صناع القرار السياسي للسياسة الخارجية الأمريكية..

بعد حوالي الشهر من إنتشار التقرير لدى الدوائر المختصة ، وضعت المخابرات في حالة تأهب .. وكان الوضع كما وصفه أحدهم أشبه ببركان على وشك الإنفجار ..!
وبحلول عام 2000 ، لم يكن لدى الأجهزة الأمنية من شك ، ان أسامة بن لادن سيقوم بعمل ما على الأرض الأمريكية .
وما بين عامي 2000 و2001 ، أعلمت وكالة المخابرات المركزية ، مكتب التحقيقات الفيدرالي بإسماء 100 شخص موضع شبهة ويحتمل أن يكونوا أعضاء في شبكة بن لادن . بعض هؤلاء على الأراضي الأمريكية ، وبعضهم ربما يصلون لاحقا ، ويحتمل أن يكون ذلك بأسماء وجوازات سفر مختلفة ...!
وما بين شباط / فبراير 2001 ، وتموز ، يوليو من نفس السنة ، أظهرت محكمة نيويورك التي كانت قد حاكمت منفذي هجمات نيروبي ودار السلام ، عن وجود مؤشرات حول أنشطة إرهابية ، هذه المرة في مدارس تعليم الطيران ..! . من ذلك أن إثنان ممن لم تثبت إدانتهما في علم 1998 ، يتلقيان تدريبات على الطيران ، واحد في تكساس والآخر في أوكلاهوما . في حين تقدم أحد الشهود في محاكمات 1998 ، بمعلومات تفصيلية عن تدريب أعضاء من القاعدة على برامج قيادة الطائرات .. وقد إستمرت هذه المعلومات بالتوارد في الأشهر اللاحقة .. في حين كانت المخابرات الألمانية ، قبل ذلك وبستة اشهر ، قد حذرت من أن مشروع ( بوجينكا ) في طريقه للتطبيق ...!

تقول الواشنطن بوست في مايس / مايو 2001 ، كانت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ( هذه المرة ) قد اكدت أن مجموعة من الإرهابيين قادميين من الشرق الأوسط لغرض إختطاف طائرات تجارية واستخدامها كسلاح لتنفيذ هجمات ..!
من الملاحظ أن المخابرات الإسرائيلية ، وبالرغم من قدراتها العالية ، لم تتقدم بالكثير من التحذيرات ، ويكاد يكون هذا التحذير الوحيد الذي شاركت فيه ، في حين قدمت مخابرات دول أخرى مثل المانيا وبريطانيا وباكستان وحتى الفليبين .. معلومات أكثر مما قدم الإسرائيليون بكثير ....!

إذن كل الخطط تكاد تكون جاهزة .. وفي إنتظار ساعة الصفر .. إلا أن الإدارة السياسية الأمريكية لم تكن بالمستوى المطلوب من الإهتمام والمتابعة في موضوع خطير كهذا .. والسؤال الكبير .. والكبير جدا .. أنه لماذا لم يعتقل متدربي الطيران ، أو تضّيق عليهم الدائرة لمراقبة تحركاتهم وإحصاء أنفاسهم ، وهو أمر من السهل عمله ..!

هل كان ماحدث هو الحقيقة فعلا ..؟ وهل كان ماقيل عنه هو الحقيقة فعلا ..؟ أم أن هناك وراء الأكمة ماوراءها ...!!!؟

هذا ماسنبدأ بتناوله في الحلقة 15 ، ومايليها في الحديث عن هجمات 11 سبتمبر وتحليلها ...!

lalhamdani@yahoo.com

No comments: