علي الحمـــداني
لعل من المفارقات العجيبة في العالم الثالث ، وعالمنا الشرق أوسطي والعربي جزء لايتجزأ من ذلك العالم ، أن يعمل الحاكم على التمسك بتطبيق ( الشكليات ) الديمقراطية في إدارة الحكم ، في حين يعمل على حق إمتلاك كرسي الرئاسة مدى الحياة إن أمكنه ذلك .. وإذا ماأردنا أن نسوق الأمثلة على ذلك في دول المنطقة ، عندها ستصبح الإستثناءات حالات ضئيلة لاتكاد تذكر .. وأعتقد أن ذلك هو من صلب خطط الدول الكبرى المهيمنة والتي تقوم بتنصيب وتوجيه الحكام ، خلافاً لما تدعيه من حرصها على إدخال وتطبيق النظم الديمقراطية الى هذه الدول .. وهذا لو حدث فعلاً فسيؤثر قطعاً على مصالحها وهيمنتها السياسية والإقتصادية .
مثل هذه المفارقات ، أصبحت بحكم المقبول والطبيعي بالنظر لتكررها وديمومتها لعقد زمني بعد آخر ! وأصبحت الشعوب في تلك الدول ترى في الحاكم ماكان يراه الإغريق والرومان والفراعنة وغيرهم في آلهتهم ..إذ أنه هو المنقذ ، والقائد ، والأوحد ، والضرورة .. الذي يرفع ويخفض ، ويحيي ويميت !
وقد أصبحت هذه الشعوب في وقتنا الحاضر تؤمن أنها تعيش تحت خيمة النظام الديمقراطي في إدارة الدولة من قبل حكامها ، بعد أن بدأت ترى بنايات البرلمانات تحت مسميات مجالس النواب ، ومجالس الأمة ، ومجالس الشورى ، ومجالس الشعب .. وقد تمت هندستها المعمارية من الداخل لتحاكي أعرق برلمانات العالم ، حيث يجلس رئيس المجلس ومعاونيه و ( ممثلي ) الشعب .. ولايكاد يكاد يخلو أحدها من عبارات بارزة وأنيقة في صدر القاعة على غرار ( وأمرهم شورى بينهم ) و (شاورهم في الأمر ) .. في حين ينفذ الممثلين أمر الحاكمين ، تماماً كما تعلق عبارات مثل ( العدل أساس المُلك ) و ( إذا حكمتم فاحكموا بالعدل ) في صدر قاعات المحاكم ودور القضاء ، حيث تذبح العدالة وتكمم الأفواه ..!
وأصبحت تلك الحكومات تتغنى ( بالإنتخابات ) و ( إستقلالية القضاء ) ، في الوقت الذي تعمل فيه مكائن إعلامها على غسل أدمغة البسطاء وملأ جيوب المنتفعين والمؤيدين .. كل هذه الممارسات (الديمقراطية ) تحدث ، والمعدل العام لبقاء الرئيس في هذه الدول 20 الى 30 عاماً ، إن لم يكن أكثر من ذلك ، وإذا لم يحدث تصويت وإستفتاء ( شعبي ) لإنتخابه رئيساً مدى الحياة ، أو يبقي هو نفسه كذلك حتى يتوفاه الله على يد من نصّبوه .. أو بمرض الشيخوخة . وهو لاينسى في الحالة الثانية ، أن يعد إبنه لخلافته ، والذي سيقوم البرلمان بالتصويت له بالإجماع حتى لو تم تعديل القانون والدستور (المستقل) ، وبالروح .. بالدم ..!!
ثم أن هناك حقيقة أخرى ، وهي أن النظام الحاكم عادة مايكون نظام الحزب الواحد ( مع وجود البرلمان ) ، أما ( الموضة ) الجديدة فهي الإبقاء على أحزاب أخرى تمثل المعارضة .. وهي لاحول لها ولا قوة ، إلا مقاعد في المجلس النيابي .. هذا إذا سلم أعضاؤها من الإعتقالات أو الملاحقات أو النفي الإجباري أو الإختياري ، وكل ذلك ( ديمقراطياً وبقضاء مستقل ) .. وحفاظاً على (الأمن الوطني ) ...!!!
العراق ، وخلال الخمسين عاماً الماضية ، على أقل تقدير ، هو مثال حي لكل ماذكرنا .. إلا أن أغرب مافي ( العراق الجديد ) .. هو الحالة الكردية ..! أي منطقة شمال العراق ، أو ماأطلق عليه مجازاً ( كردستان العراق ) ، حيث يحكم هذه المنطقة ومنذ عقود زمنية طويلة ، حزبان رئيسيان ، وهما الإتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني ، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني .. وبكلمة أدق ، يتم الحكم بإسم هذين الحزبين ، ولكن واقع الأمر يقول ، أنها تحكم من قبل هاتين الشخصيتين ، تماماً كما يتم ذلك في دول عربية وغير عربية ، حيث يبقى إسم الحزب لافتة وشعارات تمثل المتاريس لحماية الحاكم ، وإبقائه على الكرسي ..!
لماذا الحالة الكردية في العراق تعتبر حالة فريدة من نوعها ، ولا تنطبق عليها أي من فقرات القانون الدولي ، أو نظريات العلوم السياسية ، أو التجارب الدولية في العصر الحالي ..؟
قبل أن نبدأ بعرض هذه الحالة ، ولكي تكون الصورة واضحة لكل مايحدث اليوم ، لابد من الرجوع قليلاً الى الماضي القريب للوقوف على ملامح شخصية الدكتاتورين ( الديمقراطيين ) ، جلال الطالباني ، ومسعود البرزاني .. من حيث خلفيتهما السياسية والتاريخية !
من المعروف ، أن الأكراد الموالين للطالباني والبرزاني ، ومن ذوي التطلعات الإنفصالية ، يطلقون مصطلح ( الجحوش ) على الأكراد الموالين لحكومة بغداد ، والذين وقفوا ضدهم ، وقاتلوا عصابات البيشمركة الإنفصالية التابعة لهم .. أي الأكراد دعاة الإبقاء على وحدة العراق الجغرافية والوطنية ومناوئي الإنفصال عن الوطن الأم !
ولكن لو أردنا أن نتكلم بموضوعية مجردة ومن منطلق الحقائق التاريخية نفسها ، فإن مصطلح (الجحوش ) ، سوف يشمل أيضاً كل من الطالباني والبرزاني ، مع فارق رئيسي واحد .. وهو أن (جحوش ) الأحزاب والعشائر الكردية الأخرى ، كانوا يؤمنون أن الإنفصال الكردي سوف يسبب كارثة للمنطقة الكردية وللشعب الكردي ، وأنه من الأفضل الإبقاء على وحدة المنطقة الكردية مع العراق والتمتمع بميزات الحكم الذاتي الكثيرة والتي قدمت لهم من قبل الحكومة العراقية ، والتي لايتمتع بها أو بعشر معشارها أكراد تركيا وإيران وسوريا .. أي أن نظرتهم كانت عقلانية ، بل آيديولوجية .. ومن هؤلاء السيد جوهر هركي ، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الكردستاني ، وغيره من قادة أحزاب سواء كانت إسلامية أو علمانية أو يسارية ، أو حتى تكتلات عشائرية ...أما (جحوش ) قيادات حزبي الإتحاد الوطني الكردستاني ، والديمقراطي الكردستاني ، فقد تعاونوا الى حدود غير معقولة مع الحكومة المركزية ، وبالذات مع صدام حسين ، وذلك من أجل تحقيق مصالحهما الشخصية ضد أحدهما الآخر .. أي من منطلق تكتيكي إنتهازي ...!
جلال الطالباني ، وفي مستهل حياته السياسية أو ماسبق ذلك ، كان محامياً مغموراً يعمل ضمن الإتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه وكان زعيمه ( ابراهيم جلال ) .. وكان ذلك الحزب على خلاف مع حزب مصطفى البرزاني ، الحزب الديمقراطي الكردستاني ، من منطلق الكراهية الدفينة الموجودة بين أكراد منطقة السليمانية ، وأكراد منطقة أربيل ، ومن منطلق السيطرة على المنطقة الكردية وقيادتها ...! لاسيما وأن حزب البرزاني كان الأقوى والأقدم في المنطقة ..! وقد إستطاع تحت قيادة مصطفى البرزاني ، والد مسعود ، أن يمد الجسور بينه وبين إسرائيل من خلال تبادل الزيارات السرية مع أركان الحكومة الإسرائيلية ورجال الموساد ، حيث قام الملا مصطفى مع بعض المقربين منه ، ومنهم محمود عثمان بأكثر من زيارة الى تل أبيب ..! حلّوا في إحداها ضيوفاً في منزل موشي دايان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك ..!
في الحقيقة ، ونحن نتكلم الآن عن زيارات لإسرائيل ، فإن ذلك لايعني الكثير ، ولا يثير الإستغراب لاسيما وأن هناك دولتان عربيتان هما الأردن ومصر تقيمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، وهناك دول أخرى عربية وغير عربية لها علاقات إقتصادية ومصالح مشتركة مع إسرائيل ، وحتى منظمة التحرير الفلسطينية نفسها تسير في نفس الإتجاه .. ولكن .. في تلك الحقبة الزمنية ، أي في آواخر الخمسينات ، وبداية الستينات من القرن الماضي كانت بمثابة الطعنة في ظهر العراق وحكومته وجيشه ، وكذلك عبرت عن كراهية للدول العربية التي كانت في حرب مع إسرائيل ..!
كان الشاب جلال الطالباني حينها يقوم بزيارات شهرية منتظمة الى مقر قيادة الفرقة الثانية للجيش العراقي في مدينة كركوك ليحمل اليهم معلومات إستخبارية عن تحركات جماعة البرزاني ، وليقبض لقاء ذلك راتباً شهرياً مقداره 100 دينار عراقي .. وهذا المبلغ آنذاك ، كان كبيراً نسبياً ويعادل راتب مدير عام في الحكومة ..!
إذن كان الطالباني يعمل بصفة ( جاسوس ) للجيش العراقي ولحكومة بغداد .. أي بكلمة أخرى كان من ( جحوش ) الأكراد ..!
في خطوة ذكية ، قام الشاب جلال الطالباني ، بالزواج من إبنة رئيس الإتحاد الوطني الكردستاني إبراهيم جلال ، حيث بدأ صعود درجات السلّم سريعاً ، ليتولى رئاسة الحزب بعد وفاة مؤسسه ..!
ومنذ أن أصبح رئيساً للحزب ، عمل على تقوية علاقاته مع إيران الشاه ، ثم حافظ على هذه العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية .. وحتى يومنا هذا ، وهو في موقع رئيس جمهورية العراق .. وطبعاً في لغة السياسة ومفاهيمها لاشيئ بالمجان ، وإنما لكل شيئ مصالح وثمن ...!
أما مسعود البرزاني ، وإذا ماتركنا موضوع والده مصطفى وتكتيكاته وإتصالاته مع إسرائيل ، ومنها غدره لليد التي إمتدت له من قبل عبد الكريم قاسم ، الذي أعاده مكرّماً من منفاه في روسيا الى العراق
فإن لمسعود موقف مشهود ومعروف في التسعينات من القرن الماضي ، حين إندلعت حرب ( قتال الإخوة ) بين الحزبين الكرديين ، واستطاعت ميليشيا البيشمركة التابعة للطالباني من الوصول الى مشارف مدينة أربيل وبمساعدة إيرانية ، لاحباً بالأكراد الطالبانيين ، ولكن لخلق القلاقل داخل العراق كما هي عادة إيران على مدى تاريخها .. عند ذاك تحرك مسعود البرزاني ليدفع عنه الخطر ، وسافر الى بغداد للقاء ( الدكتاتور ) صدام حسين ! ، ويرينا فلم الفيديو ، كيف قبّل مسعود كتف صدام ، حيث كما كان معروفاً ، أن صدام كان لايحب أن يقبله أحد في وجنته ، وكان زواره يبلّغون بذلك ، ويبدو أن ذلك ماحصل مع مسعود ، فاكتفى الرجل بتقبيل بدلة صدام .. ثم طرح عليه رغبته بوضع كافة إمكانياته وجماعته في خدمة الحكومة ( أي في خدمة صدام ..!) ، وذلك مقابل مساعدته في منع سقوط أربيل بيد ( عصابات ) الطالباني ـ وهذا ماقاله مسعود بالحرف ـ
وبإبتسامة من صدام ، قال له ( لاتقلق كاكا مسعود ...!) ، وصدرت الأوامر الى قطعات من الجيش العراقي ، حيث دخلت الدبابات أربيل ، ودفعت بفلول الطالباني .. كان العراق آنذاك تحت الحصار الإقتصادي ومناطق الحظر الجوي ، ومع ذلك تم تنفيذ تلك العملية العسكرية بنجاح وأنقذت البرزاني الذي كما يبدو ، رد الجميل عند سقوط العراق عام 2003 تحت الإحتلال ، فكان أول من رفع راية حل الجيش العراقي ... إنها كما يبدو جينات الغدر والجحود تجري في دماء العائلة ..!
من منطلق هذا الحدث ، يمكن أيضاً أن نصنف مسعود البرزاني من ( جحوش ) الأكراد ، كما كان حال الطالباني ...!
أما اليوم ، وقبل أن نتكلم عن الوضع الفريد لقيادة الأكراد ، لابد من نظرة سريعة على الخريطة السياسية في توزيع الأكراد مابين حكومة المركز في بغداد ، وحكومة إقليم كردستان في شمال العراق . جلال الطالباني رئيس الجمهورية ، مسعود البرزاني رئيس الإقليم ، هوشيار زيباري (خال مسعود ) وزير الخارجية ، برهم صالح نائب رئيس وزراء العراق ، إضافة الى محمود عثمان وفؤاد معصوم وبعض الوزراء ...!
لربما هناك من يقول ، أن هذه المشاركات هي أمر طبيعي في ظل النظام الجديد ، وفي ظل تحالف الأكراد مع المجلس الإسلامي الأعلى ، وحزب الدعوة ، والحزب الإسلامي .. ونقول : نعم ، هذا صحيح الى حد ما بالمنظور الظاهر للعيان ، لاسيما وأن توزيع الأدوار بين الأكراد قد تم بشكل جيد فيقوم أعضاء الحكومة منهم بما فيهم رئيس الجمهورية بالتصريحات التي تظهر الحرص على العراق ووحدته وشعبه ...! ، ويعمل رفاقهم في نفس الحزبين في منطقة كردستان وفي ظل إدارة الإقليم على تفكيك العراق وإطلاق التصريحات المضادة للحكومة أحيانا ً ... كل ذلك أصبح مكشوفاً لكل العراقيين حتى البسطاء منهم .. ولكن هناك ماهو أبعد وأعمق من ذلك من مؤشرات ، تبرزه الحالة الكردية الفريدة في العراق ...!
من أول تلك المؤشرات ، ماتم على يد ( بريمر) ، وحكومة الإحتلال الأولى ، ثم إستمر بعد ذلك برغبة ومصلحة طرفي المعادلة السياسية عبد العزيز الحكيم وحزب الدعوة من جهة ، والحزبين الكرديين من جهة ثانية . ذلك هو إطلاق إسم ( إقليم ) على مشروع الفيدرالية التي حمل لوائها الطرفان ، بدل إسم ( ولاية ) على سبيل المثال ، لاسيما وأن بول بريمر نفسه قد أتى من دولة فيدرالية تسمى الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد كان أولى به ـ لو توفر حسن النية ـ تطبيق التجربة الأمريكية ، والتي تطبق نظاماً مشابهاً لها كثير من الدول الأخرى ، ومنها دول اوربية ، لأن ذلك كان سيعني عراق موحد على شكل ولايات بإدارات لامركزية تتبع في القضايا الرئيسية والإستراتيجية الحكومة المركزية ، أما مصطلح ( إقليم ) فقد نقل الوضع من حالة الفيدرالية الى حالة الكونفدرالية ، أي تقسيم البلد الواحد وهو مالاقى هوى الحكيم والبرزاني ..!
. State وبين Province كما هو معروف في القانون الدولي أن هناك فرق بين
فإذن ، كل مانسمعه عن مشروع الفيدرالية في العراق ، ماهو إلا تضليل مادمنا نتكلم عن (إقليم كردستان ) و ( إقليم الجنوب ) ..! ، ويبدو أن فكرة إبقاء العراق بلداً موحداً غائب تماماً عن الأجندة الأمريكية ، ويعمل على تنفيذ ذلك عصبتهم الحكيم والأكراد .. وهو في الحقيقة مايلتقي ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تتبناه أميركا وإسرائيل ..!
وحيث أن مشروع ( إقليم الجنوب ) لايزال في ملفات الحكيم وبني جلدته الإيرانيين في الوقت الحاضر ، فإننا سنتناول ماتحقق لحد الآن في العراق الجديد فيما يخص موضوع (إقليم كردستان ) ! وكذلك الخطوات التي تم إتخاذها لحد الآن على طريق الإنفصال ، على الرغم من التصريحات المبرمجة لقادة الأكراد في حكومة بغداد ...!
ـ إقليم كردستان ، يرفع علماً مغايراً لعلم الدولة العراقية ، وهو علم شمس مهاباد ، ويعاقب .. نعم يعاقب من يجرؤ على رفع العلم العراقي هناك ولأي سبب ، حتى لو كان إحتفالي ..! بل والأكثر من ذلك تسعى القيادة الكردية وبمباركة الحكيم وبقية شلة العملاء الى محاولة تغيير العلم العراقي الحالي وما تعنيه ألوانه من تقليد عربي ..! وتصوروا معي لو أن هناك في الولايات المتحدة خمسون علماً ، لكل ولاية علم .. وفي سويسرا ثلاثة إعلام ترمز للإيطاليين والفرنسيين والألمان الذين يكونون فيدرالية سويسرا .. وكذا الحال في المانيا وغيرها من الدول الفيدرالية في أنحاء العالم ..!!!
ـ في إقليم كردستان ، حكومة متكاملة بالمواصفات السياسية لأي دولة . رئيس ، ورئيس وزراء ، ووزراء ، ومجلس نواب ، وجيش ...! وهذا مالايتفق ومبدأ الفيدرالية التي يتبجحون بها ويحاولون تضليل الرأي العام حولها .. وهو أيضاً مالايقره القانون الدولي في معنى الفيدرالية .
، ومجلس الولاية ، وميزانيتها Governor في أميركا وغيرها ، هناك في كل ولاية حاكم الولاية
المخصصة لها ، وبعض القوانين الخاصة بها حسب طبيعة الولاية . أما مايتعلق بالوزراء والكونغرس في أميركا مثلا وأمور الإقتصاد والجيش والسياسة الخارجية وغيرها فهي من إختصاص البيت ألأبيض في واشنطن ...
ومع كل ذلك ، يصر الأكراد على أن كردستان جزء من العراق الجديد الفيدرالي الموحد .. وتهز الحكومة بالمقابل رأسها بالموافقة على ذلك ، لأن فيه تمهيد للأرضية التي يسعى اليها الحكيم وحلفائه لتطبيق مشروع التقسيم المستقبلي المفترض لبقية الوطن العراقي ..!
ـ تمادت القيادة الكردية ، بأن فرضت شروط على دخول بقية العراقيين الى المنطقة الكردية .. فلكي يدخل إبن بغداد او الموصل او البصرة او اية محافظة أخرى الى أربيل ولأي غرض ، لابد له من الحصول على دعوة رسمية وضمانة من شخص كردي ليجتاز حاجز التفتيش ، حيث يمنح التأشيرة أو ( الفيزة ) بشكل أدق .. وعلينا بعد ذلك أن نصدق كذب القيادة الكردية من أن كردستان لاتسعى الى الإنفصال وأنها جزء من العراق ( الفيدرالي ) .!
وهنا يجب ألا نغفل حقيقة وجود مئات الالاف من الأكراد يسكنون ويعملون في المناطق العربية في العراق ، وليس هناك من تعرض لهم سابقا أو لاحقاً ..
وفعلاً إذا لم تستح فاصنع ماشئت ...!
ـ إتخذت حكومة إقليم كردستان خطوات غريبة ومشبوهة إقتصادياً ، ولا تمت الى مفهوم الفيدرالية والعراق الموحد بصلة ، حيث وقعت عقود نفط مستقلة مع شركات أجنبية للتنقيب والتسويق ، وقد شملت مناطق خارج الحدود الجغرافية التي يتكلمون عنها لكردستان ، حيث إمتدت الى محافظة نينوى الجغرافية مثل جبل قند ، وعين سفني ، ونرجس وغيرها ..! وبشكل إغتصاب .!
وحين تعالت صيحات حسين الشهرستاني وزير نفط العراق بشأن هذه ( المخالفات ) ، ردت عليه أصوات المسؤولين الأكراد وبقوة ( ليس مَن هم في حكومة بغداد ، وإنما في الإقليم ) .. وتأملوا الأدوار التمثيلية التي يلعبها هؤلاء المحتالين !!!
يرى بعض المراقبين السياسيين ، ان الموضوع برمته لايعدو أن يكون مناورة تشارك فيها حكومة المالكي والحكيم لغرض الضغط لتمرير قانون النفط والغاز الجديد المشبوه والمعلّق منذ أشهر ...!!
ـ يرفع المسؤولين وغير المسؤولين الأكراد على جدران مقراتهم الرسمية ومحلاتهم خارطة (كردستان) ! وتشمل الخارطة ( للدولة ) الكردية ، مناطق شمال العراق بما فيها مناطق من ديالى والموصل ومشارف بغداد ، وجزء كبير من جنوب وجنوب شرق تركيا ، وغرب وشمال غرب إيران ، وشمال غرب سوريا ، وحتى تصل حدودها الشمالية الى أجزاء من جمهوريات آسيا الوسطى وبحر قزوين ... يعني بإختصار ربما أكبر من مساحة الولايات المتحدة الأمريكية ..! ولحد الآن لاأستطيع أن أجد التفسير المنطقي لإقتطاع ذلك الجزء من العراق ، وإدخاله في دولة كردستان المفترضة ، وتصريحاتهم حول العراق الفيدرالي الموحد ..! أو إظهار حسن النوايا لتركيا مثلاً ..!
ـ أضف الى كل ذلك ، سياسة التطهير العرقي التي دأبت عليها القيادات الكردية على مدى عقود من الزمن ضد القوميات الأخرى ، كالكلدوـ آشوريين منذ أيام السفاح بدرخان ، وما تلى ذلك ضد العرب والتركمان والإيزيدية وغيرهم .. وما تقوم به ميايشيات وعصابات البيشمركة في محافظة نينوى ، ووقوفها وراء الكثير من أعمال العنف والإرهاب والتخريب والخطف والنهب والسرقات ، مما لاأشك أنه يدخل من ضمن خطة وإستراتيجية الحاكم الكردي .!
وكذلك ، لاأشك أن الحكم الديكتاتوري الطالباني ـ البرزاني ، في شمال العراق المتلفع برداء الديمقراطية ، شأنه شأن غيره من الديكتاتوريات في العالم ، قد فرض فرضاً على غالبية كبيرة من الشعب الكردي الذي لاحول له ولا قوة فيما يجري هناك ويجره اليه هذا الحكم العشائري المتخلف ، وبقيت في الظل شخصيات وطنية كردية ، وعشائر لها أصالتها وقيمها ، إضافة الى الحركات السياسية المختلفة الأخرى .
إنها الحالة الفريدة .. والمؤامرة التي حيكت بليل منذ مؤتمر صلاح الدين الذي دعا اليه العميل أحمد الجلبي وتبناه مسعود البرزاني وحضره إضافة الى الأمريكان مراقبين إسرائيليين ..!
لاشك أنها إحدى الإفرازات النتنة للإحتلال وعبيده .. وسيبقى لكل حادث حديث .
lalhamdani@yahoo.com
No comments:
Post a Comment