Tuesday, March 18, 2008

سـقوط الأقنعة ـ ( دولة شيعة العراق ) ..!


6 علي الحمـــداني

صاحب المقال الموسوم كما هو أعلاه ، ( محمد الموسوي ) ، إسم ظهر بعد سقوط العراق تحت الإحتلال الأمريكي .. وبدأ وجهه يظهر على شاشات بعض الفضائيات العربية مع ظهور الطائفية السياسية في العراق ، أو بشكل أدق في حكم العراق ..! أي مع إزدياد وتصاعد النفوذ الفارسي الإيراني في الأزمة العراقية ..

يعيش في اوربا ، حيث يرأس منظمة ( معهد ) يموّل مباشرة من قبل السلطة العراقية ، وله علاقاته المعروفة مع أطراف إيرانية ، وله أيضاً صولاته وجولاته في عالم المال ...!

بدأ قبل نحو ثلاث سنوات دعوته الى إنفصال جنوب العراق وجزء كبير من وسطه بما فيه بغداد العاصمة ، لإقامة ( دولة العراق الشيعية ) ، وهذه التسمية ليست من عندي بل من أدبيات الكاتب وإستخداماته في كتاباته الصحفية وتصريحاته التلفازية ...! بل أنها كانت عنوان مقاله موضوع البحث ( الماء مقابل النفط .. بداية إعلان دولة شيعة العراق ) ..!

ولكي أضع القارئ الكريم في الصورة ، وقبل أي تعليق ، أود أن أنقل اليه مقتطفات من آخر ماجادت به أفكاره وقلمه في هذا المقال المسموم ...!!

بعد أن يبدأ مقاله بالكلام عن الماء سر الحياة الأبدي ، ويستشهد بالآية القرانية الكريمة ( وجعلنا من الماء كل شئ حي ) ، ينتقل للكلام عن أول ( حروب الماء ) التي ربما ( سيشهدها ) العراق ، معقباً بذلك على إعلان يقول أنه صادر عن ( هيئة علماء السنة ) .. هكذا يسميهم ، مع أن الأمانة في النقل تقتضي إستخدام الإسم الرسمي وهو ( هيئة علماء المسلمين ) ..!

يقول : أنه في البيان الذي وزعته الهيئة المذكورة بمناسبة الذكرى الثالثة ( لتحرير العراق ) ــ هكذا أطلق على ( إحتلال العراق ) ــ جاء مايلي ( أما الأرض التي يعيش عليها العراقيون فهي الأخرى لاتقبل التجزئة ، فالثروات موزعة في كل أنحاء العراق ، فإذا كان النفط في الجنوب مثلا فالماء في الوسط والشمال ويمكن حبسه حتى يبادل برميل النفط ببرميل من الماء ويمكن أن ينفرط عقده فيغرق الجنوب كله ، وإذا كان الشمال يملك الطبيعة الخلابة فلا قيمة لهذه الطبيعة مالم تحظ بأمن جيرانها وتنفتح لها المسالك لحركة السياحة والتجارة وهكذا ..
إن دعاة مقايضة الماء بالنفط بطرحهم هذا إنما يجبرون الشيعة على العمل بخيار الإستقلال ، ـــولايزال الكلام له ــ ، الإستقلال الذي طالما طالبنا العمل به وإقامة دولتهم العتيدة على أراضيهم التاريخية التي بات من اللازم التثقيف عليها وإعلانها شاء من شاء وأبى من أبى ...

ــ ولايزال الكلام له ــ ، إن التهديد بقطع الماء والتلويح باستخدامه كسلاح هو منهج متأصل لدى القوم ، فقد فعلوها مرات ومرات والتاريخ يشهد على ذلك فقد قطع أسلافهم ( يعني أجداد العرب السنة من أهل العراق ، يعني في الأنبار والموصل وصلاح الدين كما يفهم من كلامه ) الماء عن أجداد أهل الجنوب مرات عديدة أشهرها معركة الطف يوم مات الحسين إبن بنت رسول الله وأهل بيته وشيعته بما فيهم الأطفال الرضع عطاشا ...
( لم نكن نعرف أن أولئك الأسلاف كانوا يستطيعون التحكم في مياه الفرات .. بل أن من حاصر وقطع المياه عن آل بيت رسول الله هم فئة باغية جاءت من وراء حدود العراق ، وفعلت فعلتها الشنعاء بغطاء من غدر وخذلان أهل الكوفة آنذاك لآل البيت ، وكانت العاصمة الإسلامية ، بل كانت ماهو معروف من عراق اليوم ...! ) ـ تعقيب ـ

الحل ــ ولايزال الكلام له ــ ، هو في تحديد جغرافية الدولة الشيعية . بكلمة أخرى بإعلان الشيعة صراحة سيادتهم على أراضيهم التاريخية دون حياء أو مواربة ، وهذا مادعونا اليه قبل ثلاث أعوام وأشهرنا حينها الخرائط التي تبين الحدود الجغرافية لدولة شيعة العراق ، ومن ثم كتبنا عن معالم تلك الدولة وفي شكل نظامها السياسي ولا زلنا نردد إذا لم ينجز الشيعة عاجلا تحديد جغرافية أراضيهم فإنهم مأخوذون لاريب ، ووقتها حددنا تلك الجغرافية من سامراء الى الفاو ....!

ولكي يثبت لنا الكاتب الفاضل ، صحة نظريته ، فقد قام بنشر صور تخطيطية لخرائط خمسة ، وقسّم الخارطة الإدارية للعراق بحسب المراحل التي مر بها ، وأطلق على كل منها ( العهد الإنكشاري ) .. فمثلا العهد الإنكشاري الأول هو العهد الملكي .. ثم العهد القاسمي ( نسبة الى عبد الكريم قاسم رحمه الله ) . والعهد الإنكشاري الثاني هو الحكم العارفي ( نسبة الى عبد السلام عارف رحمه الله ) . والعهد الإنكشاري الثالث هو حكم البكر .. أما العهد الإنكشاري الرابع فهو العهد الصدامي ..
بقيت الخريطة الخامسة ، فقد خصصها ، ( للحدود الجغرافية لدولة شيعة العراق المرتقبة ) ... !

ولايزال ــ الكلام له ــ ، إن الأنظمة السنية المحتلة ( لاحظوا أنه هنا إستخدم كلمة المحتلة للدلالة على أهل السنة ، واستخدم كلمة التحرير للدلالة على الإحتلال الأمريكي في صدر مقاله ) ..
إن الأنظمة السنية المحتلة التي تعاقبت على حكم العراق أمعنت في تطبيق منهج الطائفية الجغرافية بحق الشيعة الى حد التطرف ، وقد قرنت هذه السياسة بطائفية إقتصادية وبذلك نجحت الى حد كبير في تقويض كل مقومات الدولة الشيعية ووضعت الشيعة بين فكي كماشة هما الطائفية الجغرافية والطائفية الإقتصادية والتي تمثلت بسياسة التأميم التي طبقت في العهد العرافي الأول تحت يافطة الإستعداد للإتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة ، وضربت هذه السياسة إقتصاد الشيعة بالصميم ، ذلك من أجل إفراغ الشيعة من مصادر القوة المالية والإقتصادية والجغرافية .. لايمكن تفسير الطائفية الجغرافية التي أتبعت ضد الجغرافية الشيعية إلا من منطلق عقدة الأقلية التي يعاني منها السنة في العراق ، فهم ولأجل التخلص من هذه العقدة راحوا يحتلون أراضي الشيعة والأكراد من أجل مقايضة المساحة الجغرافية بالكثرة السكانية لكل من الشيعة والأكراد وكأنهم كانوا يحسبون حساب اليوم الذي يزول فيه ملكهم الذي بنوه على حساب الآخرين ...

وإذا كان هناك مايبرر ــ والكلام لايزال له ــ للسني التمسك بوضع خارطة العراق بجغرافيتها الإدارية الحالية على جدار مكتبه أو منزله فما لايمكن فهمه هو قيام بعض الشيعة بنفس الفعل على العكس من الأكراد الذين يتحلون بوعي قومي يغبطون عليه فهم يرفضون وضع أي خارطة على جدران منازلهم سوى خارطة كردستان والى جنبها علم كردستان ، فهل سيزين الشيعة جدران منازلهم بخارطتهم وبعلم دولتهم ؟ أمنية أتمنى أن تتحقق قريباً ..!
كيف الخروج من هذا المأزق الذي يواجه الشيعة ؟ أعتقد أنه يتحتم على شيعة العراق باعتبارهم الأكثرية البرلمانية تشريع قانون يلغي التغيرات التي حصلت في الخارطة الإدارية للعراق أيام الإحتلال السني الإنكشاري ...!

ثم وضع حجر الأساس لدولة شيعة العراق المرتقبة وذلك بالإسراع في تشكيل فيدرالية الوسط والجنوب بالإضافة الى فيدرالية بغداد والتي سوف تبقى للأبد عاصمة الدولة الشيعية ...!

إزالة الجيوب والمستوطنات السنية ( لاحظوا كلمة مستوطنات ) ، التي تحاصر بغداد والتي جيئ بها ضمن سياسة الإستيطان التي إتبعتها الأنظمة السنية المحتلة لتطويق بغداد بحزام أمني وللفصل بين الأراضي الشيعية وبغداد وتقطيع الجسد الشيعي الواحد كما فعلت إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة ...
وبهذه الطريقة يكون الشيعة أبعدوا عن أنفسهم شبح حرب المياه حيث سيكون القسم الأكبر من نهري دجلة والفرات يمر عبر أراضيهم وفي أراضي حلفائهم الإستراتيجيين الأكراد ..!! وبذلك يكونوا أسقطوا ورقة المياه من أيدي متطرفي السنة التي أرادوا اللعب بها ضد الشيعة ..

فالماء ماؤنا والنفط نفطنا وللآخرين رمل الصحراء .. إنها قسمة السماء ...!


بهذه الكلمات أنهى الكاتب المحترم مقاله .. وقبل أن نسد أفواهنا من هول الدهشة بسبب الهراء الذي قرأناه .. دعونا نكلم الكاتب الفاضل وبهدوء ونبدأ من آخر مقاله ...


أحسست شخصياً وأنا أقرأ كلامه حول المستوطنات السنية .. والأحزمة الأمنية .. وسياسة الإستيطان .. والإحتلال السني .. أنني أقرأ مقالا لزعيم من زعماء الصهيونية ، وهو يتكلم عن الأمن ألإسرائيلي وحماية إسرائيل من جيرانها العرب ...!
أحسست أن هذا الشخص يحوّل المظلومية الشيعية الى مايشبه المظلومية اليهودية عبر التاريخ مع الفارق ومع كل إحترامي وإجلالي لشيعة العراق العرب ومراجعهم الكرام ورؤساء عشائرهم الوطنيين كما كانوا بالأمس وكما هم عليه اليوم وكما سيكونون في المستقبل وبدون أدنى شك ..

أحسست وأنا أقرأ ذلك ، أنني أسمع دايان وبيغن ومائير وشارون ، وهم يتحدثون عن القدس عاصمة اليهود الأبدية بعد سقوطها عام 1967 ، وذلك حينما تحدث عن بغداد عاصمة العراق التأريخية كعاصمة أبدية للدولة الشيعية ...!
فإلى من ينتمي ياترى ..؟ إيران .. أم إسرائيل .. أم أميركا .. أم جميعهم معاً ..؟ وبأي خيط هو مربوط ومن يمسك بالطرف الآخر من الخيط ..؟ وماذا سوف يقول لنا رجالات إيران وإسرائيل وأميركا في المنطقة الخضراء بخصوص مقالات وتصريحات إبنهم البار وأحد ممثليهم في أوربا من القابضين المترفين ..!!؟

يتحدث ، عافاه الله ، عن دولة العراق ( الشيعية ) من سامراء الى الفاو ، فهل يريد أن يسمعنا شيئاً عن أبناء عم شيعة العراق في عربستان إيران التي هي إمتداد جغرافي وتاريخي وقبلي وعشائري لشيعة العراق وأرض العراق ، والتي تحتلها إيران وتفرض على أبنائها التحدث باللغة الفارسية ، وتقمع إنتفاضاتهم الوطنية والقومية الواحدة بعد الأخرى بالحديد والنار ..؟ أم أن ذلك لايليق بمن يدعي أنه شيعي عربي ويدعي أنه يحمل همّ أبناء عمومته ..؟

إنه يعرف جيداً كيف يستخدم مصطلحات الإنكشارية ، والمحتل السنّي ، والتوسع ( الإقليمي ) السني و (كيف قضمت كل من محافظتي الأنبار وصلاح الدين جزءاً من بغداد ومحافظة كربلاء ....!! ) ولا أدري كيف ذهب جزء من كربلاء الى السنّة .. ومتى كانت بغداد للشيعة أو للسنة فقط ..؟

ويعرف كيف يحدثنا عن التاريخ وكيف قطع ( السنّة ) الماء عن سيدنا الحسين وأهل بيته عليهم السلام .. يعرف كل ذلك وكيف يستدر عطف البسطاء من الناس لما يقول .. ولكنه يتناسى بالفعل حقائق التاريخ ويحاول أن يصور لنا أن ماتم من عمليات التأميم لبضع بنوك وشركات تأمين أجنبية في العراق في عهد عبد السلام عارف في الستينات من القرن الماضي ، هو ( طائفية إقتصادية غمطت حقوق الشيعة ووضعتهم بين كفي كماشة ) .. ولا ندري هل أن شيعة العراق كانوا يملكون البنوك الأجنبية وشركات التأمين وأوروزدي باك وفوستر وصباغ وحسو إخوان وبيت لاوي وغيرها بل أنها كانت تدار من قبل أجانب ويعمل فيها أناس من كل الأطياف العراقية...؟
بل أن الحقيقة أن ذاك التأميم وضع تجار الشيعة في موضع أفضل حين عملوا بما يملكون من قدرات فكرية وإقتصادية على الحلول محل تلك الشركات الأجنبية كأعمال الصرافة والتجارة وغيرها .. كلام لاأملك إزاءه حقيقة إلا السخرية من ضحالة الطرح ...!

ثم هو يحدثنا عن ( الأقلية ) السنية مستنداً على معهد سميشن الأمريكي ..! ويعتبرهم 12 % فقط من مجموع سكان العراق .. وهذا يذكرني بإحصائية أحدهم قبل أيام على أحد مواقع الأنترنيت حين قسّم نفوس العراق كما يلي : 65% شيعة ، 25 % أكراد ، 5 % تركمان ، 3 % أقليات عرقية أخرى .. فبقي العرب في العراق أو بالأحرى السنة العرب يمثلون 2 % فقط ...!!! نعم .. هكذا تقول الإحصائية .. وكما يقال ليست هنالك من ضريبة على الكلام .. ولكن تبقى الأخلاق هي التي تحدد مسار الثقافة مهما بلغت الأخيرة ، ولا قيمة لشهادات ( الدكترة ) بدون وازع أخلاقي يحركها ...!!

ولم ينسى صاحبنا بالطبع مغازلة الأكراد ( الحليف الإستراتيجي للشيعة ) كما أسماهم بإلتفاتة ذكية ونسي أن يقول لنا أي الأكراد يقصد .. الشعب الكردي ، أم أكراد المنطقة الخضراء ، أم الأكراد البسطاء الذين تقصفهم إيران يومياً وتحرق قراهم ...!!! هو يعلم ، والكل يعلم أن الحلف هو تكتيكي ومصلحي وليس إستراتيجي ، بل أثبتت لنا الأيام مؤخرأ ذلك في موضوع كركوك والنفط .. بل والأدهى أن التحالف الشيعي نفسه بدأ ينفرط من الداخل فانقسم حزب الدعوة الى قسمين .. وانسحب الصدر والفضيلة من الإئتلاف ... لأن مابني على المصلحة التكتيكية ، سرعان مايتصدع عند إقتسام الغنائم ...! وتقسيم الكراسي والحقائب ...! وها هي مقرات المجلس الأعلى تتهاوى بعد إحراقها في المحافظات .. وكان قرار الصدر بتجميد نشاط ميليشياته ستة أشهر قرار بعيد النظر ، وستثبت الأيام ذلك ..!

هؤلاء ومن هم على شاكلة هذا الكاتب ، هم فرسان الطائفية السياسية .. وهذا هو أحد أزلامهم ... وهذا هو لسان حالهم .. بل هذا هو منهجهم المخفي ـ المعلن ...! ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ..!


lalhamdani@yahoo.com

No comments: