علي الحمــداني
( الحرب على الحقيقة ) ، كتاب نشر باللغة الإنكليزية عام 2005 ، كتبه الكاتب والمحلل السياسي : نافيز مصدق احمد . المدير في المعهد البريطاني للبحوث السياسية والتطوير ، والحائز على جائزة صاحب أفضل المؤلفات السياسية من إيطاليا .
على مدى الخمسة عشر حلقة الماضية قمتُ بترجمة ملخصة ومركزة لأهم ماورد في فصول الكتاب ، من دون الخوض بالتفاصيل والأحداث مع أهميتها ، وذلك لتجنب الإطالة أولا ، ولأنني بصدد نشر ترجمة كاملة للكتاب الذي آمل أن يأخذ طريقه الى الأسواق العربية قريبا ..
لقد وجدت من الأهمية بمكان ، كتابة هذه الدراسة التحليلية الموجزة لما سبق ونُشر على " كتابات " واعتبارا من 8 أذار / مارس الجاري . ذلك لأنني أجد فيها من الأهمية لتذكير القاريء بما سبق وتم عرضه من أحداث ، خصوصا وأن العالم العربي يجلس الآن على فوهة بركان خامد ومتفجر صنعته الإمبريالية الأمريكية واسرائيل ، وكأن الأحداث التي تعرض لها الكتاب هي أدوار سبق ولا زالت تُمثّل في أفغانستان والخليج واوربا واميركا ، ثم لايزال يعاد تمثيلها تحت إشراف نفس المخرج في المنطقة العربية ، وخصوصا العراق ...!
( الإرهاب العالمي ) ، مصطلح وجد أول مرة في مؤتمر عقد في القدس المحتلة وتحت نفس العنوان عام 1969 وبرعاية أمريكية ـ بريطانية ـ إسرائيلية . حضر المؤتمر الأول أو مايسمى أعضاؤه المؤسسين 14 شخصية عالمية من السياسيين الكبار منهم : مناحيم بيغن ، بنيامين نتنياهو ، شيمون بيريز ، وهؤلاء الثلاثة هم رؤساء أحزاب إسرائيلية ورؤساء وزراء سابقين في إسرائيل .. أربعة شخصيات إسرائيلية شغل كل منهم رئاسة المخابرات الإسرائيلية " الموساد " ، نواب برلمان بريطانيين وأمريكان من اليمينيين .. ضباط عسكريين كبار .. وجورج بوش الأب الرئيس الأمريكي الأسبق ووالد جورج بوش الرئيس الحالي حينما كان يشغل رئيس المخابرات المركزية الأمريكية
فستراتيجية المؤتمر وتوصياته وأهدافه المستقبلية ، قامت على أساس خلق مايسمى إرهابا عالميا ، ثم محاربة هذا الإرهاب ظاهريا ، وتغذيته خفية .. ومن خلال ذلك ستجد أميركا واسرائيل المبررات الشرعية للسيطرة على العالم حيثما وجد ( الإرهاب ) في ( الدول المارقة ) سواء كان إرهابا قوميا أو شيوعيا أو عرقيا أو دينيا وهو الهدف الأهم حيث إستخدم الإسلام كإرهاب من هذا النوع الأخير ...!
لقد حدد الإسلام كهدف يجب ضربه .. خصوصا بعد أن تم تفتيت الإتحاد السوفياتي والقضاء على الشيوعية ، وهذا ماصرح به بوش نفسه في إحدى ( زلات لسانه ) وما أكثرها . ولكي يتم تنفيذ ذلك ، كان لابد من خلق تنظيم قوي ينبع من المنطقة العربية ويستند على الإسلام .. فكان تنظيم ( القاعدة ) ، وزعامة أسامة بن لادن ، السعودي الجنسية ، والمسلم الوهابي المنهج والسلفي المتطرف ..
تم توظيف ذلك أولا في حرب ( المجاهدين ) ضد النفوذ الشيوعي السوفياتي في أفغانستان ، ومحاربة الجيش الأحمر الذي كان يحتل أفغانستان ( الإسلامية ) ، ثم استخدمت كلمة ( الجهاد والمجاهدين ) لاحقا ، وبعد إنتهاء مهمة أفغانستان كمرادف للإرهاب ( الإسلامي ) ...! وحتى يومنا هذا ..
وظّفت لتلك المهمة مليارات الدولارات وعلى مدى سنوات طويلة ، دفع بعضها الملياردير اسامة بن لادن ، وبعضها الشركات السعودية ، وبعضها الشركات الأمريكية التي تتشابك مصالحها المالية مع عائلة بن لادن وخصوصا عائلة بوش في تكساس ومن خلال شركات مشاركة وصفقات خرافية من حيث وزنها التجاري ...! كما ساهم في عمليات التمويل أغنياء سعوديين وخليجيين متعاطفين مع ( الجهاد ) ، وكذلك منظمات إغاثة خيرية تعمل تحت مسميات إسلامية ..!
سمح لهذا التنظيم في التوسع خارج حدود أفغانستان وباكستان ليشمل المنطقة العربية في الخليج وشمال أفريقيا خصوصا الجزائر .. ثم العراق بعد الإحتلال الأمريكي ، ثم تم إغماض الأعين عن تشعب التنظيم داخل أوربا والشرق الأقصى وافريقيا وأميركا نفسها لتحقيق الغرض المحدد ...!
كان الدور الذي ينبغي لعبه ، وهو من إفرازات مؤتمر القدس ، إعلان الحرب على هذا التنظيم الإرهابي وذلك كمبرر للدخول الى الدول التي تتطلع أميركا للدخول اليها أو فرض تواجدها فيها سواء عسكريا او إقتصاديا ..أو لغرض خلق إضطرابات وفوضى إقليمية أو محلية تستدعي تدخلها .. أو لخلق صراعات طائفية أو دينية تبرر تواجدها كما هو الحال في العراق الآن ..!
لقد سخرت أجهزة المخابرات العالمية لذلك ، كما أستخدمت الجيوش ، ولكن في نفس الوقت ، كان يتم إغفال المعلومات المقدمة ، ثم تمد يد العون من تحت الطاولة لأسامة بن لادن .. وهذه كلها حقائق طرحت بالمستندات والوثائق ..!
عملت أميركا والصهيونية العالمية ، كذلك على خلق وتشجيع التيارات الدينية المعارضة للقاعدة بغرض خلق حالة الصراع الطائفي وتفتيت الإسلام حسب تصورهم وعلى غرار ماحدث في المعادلة الشيوعية ، وهو الصراع الرأسمالي والإشتراكي ..! وكمثال على ذلك التنظيمات الشيعية / الإيرانية التي نشطت في المنطقة العربية وخصوصا في العراق بعد إحتلاله ، وكذلك في لبنان وتنظيمات على مستوى الوطن العربي ، بما يحقق التوازن في المصالح الأمريكية ، وإضعاف كفة الغالبية السنية المعتدلة ، وألأهم هو إضعاف الإسلام من خلال الحرب الطائفية وتحت قياداتهم من الجانبين من ذوي الإرتباطات المشبوهة بالتوجهات الأمريكية والهدف الصهيوني ....!!!
الشخصيات الأمريكية السياسية التي بدأت أنشطتها المشبوهة مع مخطط حرب أفغانستان وترجيح كفة طالبان أولا ، ثم ضرب طالبان لاحقا ..! والتي تعود اليها صناعة القرار السياسي في الحرب ضد الشيوعية ، وضد الإسلام ، وأخيرا أحداث سبتمبروما رافقها من غموض .. هي نفسها الشخصيات التي وكّل اليها دور اللاعب الأساسي في العراق وهم :
بول ولفيتز .. روبرت غيتس .. دونالد رامسفيلد .. كوندليزا رايس .. وجورج بوش الأب ثم جورج بوش الإبن ...!
هؤلاء كانوا بمثابة الآباء الروحيين والمخططين الرئيسيين في كل من أفغانستان وباكستان وايران والعراق ، وقد أظهر الكتاب أدوراهم بالتفصيل ، ولايزالون يؤدون أدوارهم على خشبة المسرح السياسي العراقي ...!!
ليس فقط العلاقات السياسية والعسكرية ، كانت الأركان الوحيدة في نظريات التآمر .. بل هناك أيضا العلاقات الإقتصادية والتجارية ، وهي على سبيل المثال ما ربط عائلتي بوش وبن لادن ومنذ السبعينات .. وهذا أيضا قد عرض في الكتاب بالقرائن والأرقام والمستندات ...!
نسوق هنا مثال واحد على هذه العلاقة التي قد يستغربها البعض ولا يستوعبها .. ولكنها الحقيقة المرّة مع الأسف ، والتي يجب أن نقبلها ونفهمها في لعبة السياسة القذرة التي تحكم العالم اليوم ..
شركة ( كارلايل ) وهي مجموعة شركات أمريكية عملاقة متعددة الجنسية يبلغ عددها 164 شركة حول العالم ، وتقدر مشاريعها بمبلغ 140 مليار دولار ..
من أعضاء مجلس إدارة هذه المجموعة التجارية : جورج بوش الأب ، جيمس بيكر مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق ، جون ميجر رئيس وزراء بريطانيا السابق ، دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق ، فيديل راموس رئيس الفليبين السابق ، اناند بانيا راجون رئيس وزراء تايلاند السابق ، مجموعة بوندس بانك الألماني .
حصة عائلة بن لادن في السعودية من مقاولات الشركة هي 5 مليار دولار ، أما أسامة بن لادن فمساهم شخصي في مجموعة كارلايل عن طريق البنك التجاري في واشنطن ...!
خلال حرب وإعمار أفغانستان ، وخلال سنوات الحرب على الإرهاب ونتيجة بناء الإنشاءات الدفاعية العسكرية الأمريكية من خلال كارلايل كشركة مسجلة لدى وزارة الدفاع الأمريكية ، فإن معدل أرباحها من خلال 29 عملية بلغت 103 مليار دولار ... حصة عائلة بن لادن منها 41 % ...!
فأي حرب على القاعدة .. واي حرب على الإرهاب ....! وأي إستغفال كبير للعالم ..!!!
أما شركة ( هاليبيرتون ) والتي أخذت لحد الآن حصة الأسد في خطة مايسمى إعادة إعمار العراق ، فهي الشركة الأمريكية التي كان رئيس مجلس إدارتها ( دك تشيني ) نائب بوش حاليا ، وصاحب أكبر الحصص فيها ...!
أما ما يخص الأكذوبة الكبرى والخدعة العظيمة المسماة أحداث 11 سبتمبر الإرهابية في نيويورك عام 2001 ، فأحيل القارئ الى الحلقة الأخيرة ليوم أمس ، والى عشرات البرامج الوثائقية التلفزيونية والتي أكدت أن 11 سبتمبر هو جزء من نظرية المؤامرة ، وتنسيق قاعدي ـ امريكي ضحيته شباب متحمس للإسلام يثق بقادته .. ومدنيين أبرياء في نيويورك وفي كل مكان ...حيث توجد ( حرب على الإرهاب )...!! أو ( أسلحة دمار شامل ) .. أو ( دول مارقة )...!!
lalhamdani@yahoo.com
No comments:
Post a Comment