Tuesday, March 18, 2008

ســـقوط الأقنعة .... ســـجون وشـــجون ..!


4 علي الحمــــداني


لاأخفي عليكم أن هناك مايعجبني في السيد هادي العامري " مسؤول لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي " .. وهو أيضاً ، كما لايخفى عليكم " رئيس منظمة بدر " ميليشيا المجلس الإسلامي الأعلى في العراق ...!

مايعجبني فيه ، هو هدوءه في الرد على الأسئلة التي تطرح عليه عبر الفضائيات العربية ، هدوء يشبه هدوء وطريقة كلام عرّابي المافيا في أفلام هوليوود الأمريكية ، وتعمده تغليف أجوبته بصيغ قانونية ، والتركيز في أحاديثه على القانون وسيادته ، ودولة القانون ، ودور القضاء وإستقلاليته ...! وكأنك تسمع قاضياً محترفاً من قضاة محكمة العدل الدولية ، لا السيد العامري الذي يحمل ملفاً تاريخياً ثقيلاً في عالم الجريمة السياسية وتصفيات خصوم الفكر ..! دعونا نتصور قائد ميليشيا والتي ذاع صيتها في فنون القتل والخطف والتعذيب يرأس لجنة " الأمن والدفاع " في مجلس النواب .. ولا يستبعد أن نراه يوما وقد أخذ على عاتقه مسؤولية لجنة ( حقوق الإنسان ) العراقي ..
دعونا نتصور ذلك .. ومعه نتصور ، أن الثعلب يعيش في قفص الدجاج ...!

ماهزني فعلا في تصريحاته .. تلك التي أتت على إثر قيام السيدين طارق الهاشمي وعادل عبد المهدي نائبي رئيس الجمهورية بزيارة السجناء العراقيين في السجون الرسمية العراقية ، وتذكرهما لذلك بعد حين ، وبعد أن طرحت المعارضة العراقية في إحدى شروطها للعودة الى المشاركة في حكومة المالكي ، إطلاق سراح المعتقلين ، والذين مضى على وجود بعضهم في السجون أكثر من ثلاث سنوات بدون أن توجه اليهم التهم ، وبدون أن يحاكموا ..وجاءت الزيارة بتوجيه من رئيس الجمهورية .. وهذه الزيارة طبعاً لم تشمل أقبية ومعتقلات وزارة الداخلية الممنوعة من اللمس .. والتي سبق وكشفت بعض الممارسات اللاإنسانية والتعذيب الوحشي في إحداها وهو قبو الجادرية

يقول السيد العامري .. أن ( العدد الكبير ) لهؤلاء ( يؤخر ) تصفية قضاياهم ، وألقى باللوم على السلطة القضائية ، ثم تدارك بالحديث عن عدم إمكانية تدخل السلطة التنفيذية بإعمال القضاء نظراً (لإستقلالية ) الأخير .. وكأنه يتحدث عن القضاء البريطاني أو الفرنسي وهيبته وإستقلاليته ....!
إذن هكذا كان التبرير ( المنطقي ) .. إنشغال السلطات بالقضايا الأمنية والسياسية .. وكثرة عدد السجناء ...! وقد إقترح من منطلق ( منصف ) أن لو تمت تصفية 30 قضية يومياً ، لحُلتْ قضايا جميع السجناء وخلال أشهر ...! وكنت أتمنى لو توجه المذيع الذي كان يدير المقابلة معه ليسأله عن أولئك الذين إختفوا ممن تم إعتقالهم على أيدي رجال الداخلية ، ولاتظهر أسماؤهم في لوائح السجون الحكومية .. هل أنهم مشمولين بهذه الإحصائية الفذّة ...؟

المهم ، خرج النائبان الهاشمي وعبد المهدي من زيارة السجن والإبتسامة الدبلوماسية تعلو شفاههم أمام عدسات التصوير ، والنظارات السوداء تغطي أعينهم للتخفيف من ضوء شمس آب في بغداد ، وهناك يقبع من أعمت عيونهم الظلمة وعدم رؤية الشمس ولسنوات ...!
وإنتهت تصريحات العامري بنبرة أسى وحزن لما يجري .. ولعله قد نسي أنه " رئيس لجنة الأمن والدفاع " ...!!
ونحن نتكلم عن السجون والسجناء التي تقول إحصاءات السلطة العراقية أن عددهم بحدود 3500 سجين .. لابد أن نعيد الذاكرة الى الوراء لإسبوع أو أكثر بقليل ، تلك هي زيارة السيد موفق (الربيعي) " مستشار الأمن القومي " ..! الى عمّان ، وكان على جدول أعماله غير المعلن ، طلب تسليم بعض العراقيين المقيميين في ضيافة الأردن وملكه وحكومته الى السلطات العراقية للتحقيق معهم في ظل نزاهة القضاء العراقي .. وكأن سجون العراق قد فرغت من ساكنيها بعد أن تولى القضاء المستقل التحقيق معهم .. وهو الأمر الذي إنتقده هادي العامري نفسه بالقول أن القضاء العراقي مقصر في تاخير قضايا المعتقلين العراقيين ...! وكأن الأمن في العراق قد إستتب ، وعلت الحرية والديمقراطية كل منعطف في العراق ، ولم يبقى إلا محاسبة ( المشاكسين ) أعداء الحرية وأعداء الديمقراطية ...!

وعاد شاهبور .. خالي اليدين .. لينكر كالعادة أن يكون قد طرح هكذا موضوع على الحكومة الأردنية ملقياً باللوم على الصحافة والإعلام ...! وإذا لم تستح فاصنع ماشئت ..! وما أكثر الكذب و(الكلاوات) التي أصبحت دين وديدن الحاكمين .. أليست أخلاق السادة من أخلاق السائدين .. ومن هم السائدين ، أليس هم رجال بوش ونجاد ..؟

تبعه الى زيارة الأردن السيد باقرصولاغ ( الزبيدي ) ....! وزير المالية في حكومة المالكي أعانها الله .. وكان في حقيبته هذه المرة قضية رغد صدام حسين ، وقرار الأنتربول بإلقاء القبض عليها وتسليمها للقضاء العراقي النزيه والعادل ...! التهمة هي تمويل الإرهاب في العراق ...!

فشلت مهمته ، كمهمة سابقه .. وعاد بخفي حنين وتصريح يقول ( لاإتفاق بين الأردن والعراق بشأن تسليم رغد ) ... ! ويضيف ، أنه وبصفته ( عضو في اللجنة الأمنية ) لم يسمع بذلك ..! ، بل أنه يعلم بوجود مذكرة من الأنتربول فقط بهذا الخصوص ..!
وبالمناسبة ، اللجنة الأمنية ، هي ذات اللجنة التي يرأسها هادي العامري ...!

وبعد زيارة صولاغ .. وبحنكة سياسية ولغة دبلوماسية رائعة ، خرجت تصريحات السيد ناصر جودة الناطق الرسمي للحكومة الأردنية ، وبكلمات مقتضبة عميقة الدلالة ، حيث قال .. إن وجود رغد في الأردن هو وجود إنساني وقد كررنا ذلك مراراً ( يعني اتركوا هذا الموضوع ياحكومة العراق ).. وأنها لاتمارس أي نشاط سياسي أو إعلامي ...! وعندما يقول السيد جودة ( مرارا ) يعني أنه قد سبق لمسؤولي الحكومة في بغداد وطلبوا نفس الطلب .. ولم يكن هناك قرار للأنتربول ولا يحزنون ...!

سؤال .. ومجرد سؤال ، لماذا لم نسمع من السيد صولاغ ، أو رئيسه في لجنة الأمن والدفاع ، ولو لمرة واحدة ، ومن باب ذر الرماد في العيون على الأقل ، تصريحات بخصوص أشخاص تمت تسميتهم وبرتبهم من قادة الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس من الذين يدربون أفراد من الميليشيات العراقية ، وهم أيضاً ممن يمول ويرعى الإرهاب في العراق ...كما يقال عن رغد صدام وغيرها ...!؟؟ وماذا حل ياترى ببعض وكلائهم الذين يقبعون وراء لافتات جمعيات إنسانية ودينية في النجف وكربلاء ، والذين تمت تسميتهم أيضاً ، وتم إعتقال بعضهم كما سمعنا من قبل الأمريكان (وليس رجال الشرطة أو الأمن العراقيين ) ..!

والآن ، وبعد أن تم تفويت الفرصة على المالكي من قبل الأمريكان ، ومن خلال تصرفاته وسماعه المستمرلمستشاريه ومقربيه .. بدأ بالبحث عن الحل في الداخل فلم يجد غير الصدى .. وغير حلف رباعي مسخ لايسمن ولا يغني من جوع ... وبدأ يستجدي الحلول تارة من تركيا وأخرى من إيران والآن من سوريا والبقية تأتي .. حتى حزبه " حزب الدعوة " إنشطر الى نصفين نصف له ونصف للجعفري .. ولايزال رجاله يتحدثون عن دولة القانون وهيبة القضاء ..
وما أدراك ما الحديث عن السجون .. إنه حديث ذو شجون ...!!

lalhamdani@yahoo.com

No comments: