Tuesday, March 18, 2008

ســقوط الأقنعة ..! بيع ممتلكات العراق في الخارج ..!


2 علي الحمـــداني

كثيرة هي الأقنعة التي بدأت تتساقط عن الوجوه التي عليها غَبَرَة ، تَرهَقُها قَتَرَة ، وستكون لنا عن كل وجه منها حكاية بل حكايات ..!
وكثيرة هي أموال وممتلكات العراق التي تعرضت وتتعرض بالأيام والساعات الى النهب والسرقة حتى لم يعد يكترث لها أحد أمام تعرض حياة الناس كل يوم وكل ساعة الى الموت بيد أزلام أصحاب الوجوه الغَبرة ...!
واليوم حكايتنا عن آخر إنجازات ( معالي ) وزير مالية العراق ، الذي كغيره تحيرنا في معرفة إسمه فمرةً كان يعلن عنه أنه بيان جبر ، ومرةً بيان باقر ، وأخرى باقر جبر .. واحتفظ لنا بإسمه الأخير وهو صولاغ ، الذي لم أجد له سميّاً في المعجم العربي ، ويقال أن أصله صولاغي ، خفف من باب سهولة اللفظ أو ربما الدلع ، وعلى الأغلب فهو إسم فارسي المنشأ ، يقال والعهدة على الراوي ، أنه نسبة الى قرية قرب اصفهان تعرف بهذا الإسم ..!

وعلى ذكر الراوي ، نقول ، والعهدة عليه مرة أخرى ، أن المحروس ، السيد إبن السيد ، عمار والذي هو غني عن التعريف حسباً ونسباً فهو الطباطبائي الأصفهاني .. يقال أنه وبعد أن أكمل شراء فيلته رقم 3 في دبي .. وفي إحدى الأمسيات البغدادية ، حيث يعيش الناس قابعين في بيوتهم ، مغلّقة أبوابهم بدون كهرباء ولا ماء ، جلس في قصره في الجادرية وبين يديه معالي الوزير المذكور يتجاذبان أطراف الحديث في الشؤون المالية والإقتصادية ( للدولة ) تحت الهواء العليل لمكيفات الهواء وأمامهما مالذ وطاب من الرزق الحلال .. حينها طرح السيد فكرة بيع مصرف الرافدين في لندن ، لأنه مغلق منذ سنوات ، ولأن بقائه هكذا يعتبر من باب التبذير والإسراف في المال العام ...!

ولأن السيد صولاغي ، ومنذ أن كان وزيراً للداخلية ، عرف بصرامة ودقة تنفيذ الأوامر في محاربة أعداء محبي البيت الإيراني ، وحينها أخترع طريقته التي سجلت بإسمه على طريقة تسجيل براءات الإختراع والتي تسمى ( طريقة البطانية ) ، فقد سارع الى الثناء على الفكرة ولام نفسه ، كيف وهو وزير المالية لم يلتفت الى هذا الوجه من أوجه الإستثمار الوطني ..؟!

ولابد أن هناك من يتساءل ، ماذا أقصد (بطريقة البطانية ) .. إنها فكرة بسيطة ، سهلة التطبيق ، عالية المردود ، تستخدمها كما يقال ( إطلاعات ) .. وبنجاح باهر منقطع النظير منذ سنوات ...! تتلخص في أن يوضع الموقوف في زنزانات الداخلية على بطانية ويتم رفعه بها من أركانها الأربعة من قبل رجال أشداء من ( المغاوير ) الشجعان ، ثم يلقون به وبما أُتوا من قوة الى جدران الزنزانة الحجري .. ويعاودون الكرّة مرة بعد أخرى حتى تتكسر عظامه أو يلفظ أنفاسه .. وذاك جزاءاً وفاقاً لمن لايقدر أن يستخدم حرية الكلمة وعطاء الديمقراطية الجديدة بشكلها الصحيح بعد أن سقطت الديكتاتورية وشرّعت أبواب الحرية أمام الشعب العراقي ...!

نعود الى جلسة السمر ( الصولوعمارية ) .. حيث غادر معالي الوزير وقد تعهد بالتنفيذ الفوري .. وفعلا أصدر أوامره في اليوم الثاني ببيع بناية مصرف الرافدين في لندن بإعتبارها من ممتلكات وزارة المالية العراقية التي يرأسها ، وتم إعلام السفارة العراقية هناك من باب العلم بالشيء وتمشياً مع الأعراف الرسمية والدبلوماسية .

ولمن لايعرف بناية مصرف الرافدين في لندن ، نقول ، أنها بناية عريقة تقع في قلب منطقة (السيتي) في لندن حيث كبريات المصارف البريطانية والعالمية ، والبنك المركزي البريطاني ( بنك إنكلترة ) وكذلك شركات التأمين العملاقة ، وبورصة لندن .. أي المركز المالي والتجاري لمدينة لندن .. بل مركز تجاري ومالي عالمي ..

تاريخيا ، تم شراء هذه البناية مع غيرها من الأبنية الرسمية لحساب الحكومة العراقية مثل بنايات السفارة وملحقياتها ، وبيت السفير ، وذلك من قبل الأمير زيد في مطلع الخمسينات من القرن الماضي وعندما كان سفيرأً للعراق في بريطانيا في العهد الملكي ، وبقيت طوال هذه السنوات ومع تغير أشكال الحكم ملكاً لحكومة العراق ، حتى في الفترة التي وضع فيها العراق تحت الحصار عام 1991 وتم غلق المصرف ،لم يفكر أحد ببيع هذه الممتلكات العائدة لحكومة العراق .. لقد تم الإبقاء على البناية لأهميتها وموقعها ولاتزال تحمل إسم مصرف الرافدين في واجهتها ... ويقدر سعر البناية حالياً بعشرات الملايين من الباونات الإسترلينية .

ولأن الشيء بالشيء يذكر .. فإن السفارة العراقية تمتلك ثلاثة أبنية متجاورة في موقع متميز من لندن كانت تشغل من قبل السفارة والملحقية العسكرية والملحقية التجارية والملحقية الثقافية حتى عام 1991 ، حين إنقطعت العلاقات الدبلوماسية العراقية ـ البريطانية بعد حرب الكويت ، ثم فرض الحصار الإقتصادي والسياسي على العراق .
بقيت هذه الأبنية مغلقة لم يمسسها سوء لأنها ملك صرف للحكومة العراقية حالها حال بناية مصرف الرافدين ، ومكتب الخطوط الجوية العراقية ..

وحين قررت الحكومة العراقية فتح سفارتها في لندن بعد الإحتلال عام 2003 ، لم يتم إستخدام بنايات السفارة التي كانت بحاجة الى تصليحات بسيطة ..! بل .. تم تأجير بناية لذاك الغرض .. صاحب البناية : أحمد الجلبي وبإيجار خرافي وحسب طلبه الكريم ...! ولاتزال أبنية السفارة ( على حطة إيدك ) كما يقول المثل العراقي ، ربما حتى يقرر معالي وزير الخارجية بيعها ...! وبعد المبادرة ( الخلاّقة ) لمعالي وزير المالية ...!

مصرف الرافدين في لندن سيعرض للبيع .. والسبب حاجة ( الحكومة ) العراقية الى أموال ، وتجنباً للتبذير والإسراف ...! ولا ندري ماذا حل بميزانية هذه السنة البالغة (41) مليار دولار ...!

البيع سيتم عن طريق ( لجنة ) شكلها معالي الوزير سوف تشرف على العملية .. أعمال اللجنة سرية طبعاً وأشخاصها من ذوي الذمم والأيدي النظيفة لاشك ..! ولكن الأهم من كل ذلك هو أن مستثمرين إيرانيين يقفون على أهبة الإستعداد الآن لشراء بناية المصرف ، وهذا على الأغلب ماسوف يحدث وسيباع لهم بثمن بخس ومن أجل عيون السيد .. تكرم ألف عين ...! وسوف تثبت الأيام ماأقول ...!

lalhamdani@yahoo.com

No comments: