Tuesday, March 25, 2008

هل حان وقت إجتثاث ( الدعوة ) ..!


علي الحمــداني

عندما كانت إدارة بوش ، والإدارات الأمريكية التي سبقتها ، تضع الخطط لإسقاط صدام حسين ونظام حزب البعث في العراق ومنذ بداية التسعينات .. كانت لدى هذه الإدارة بدائل مختلفة ، عليها أن تختار مايناسبها في المرحلة اللاحقة لسقوط النظام في بغداد .

من بديهيات السياسة الأمريكية آنذاك والتي كانت توضع الخطط لتطبيقها في العراق ، جملة أمور رئيسية يجب أن تؤخذ بنظر الإعتبار.

منها ، الإبتعاد عن تكرار تجربة حكم صدام حسين .. أي عدم السماح لتولي مقاليد الحكم في العراق من قبل شخصية قوية ، أو تسليمها لشخصية سياسية ذات خبرة ، او لشخصية وطنية معروفة على مستوى الشعب العراقي ..!

منها أيضاً ، عدم السماح لسيطرة حزب واحد على الحكم في العراق ، ولكي يتحقق ذلك ، على الإدارة الأمريكية تهيئة مستلزمات إضعاف أقوى أحزاب المعارضة وأكثرها رصانة تنظيمياً ، ألا وهو حزب الدعوة ! وخلق شخصيات هامشية لتولي المناصب القيادية في الحزب في عراق المستقبل بعد الإحتلال .. وشق صفوف الحزب إبتداءاً ، لإبعاد العناصر القوية منه ، لاسيما تلك التي ساهمت في تأسيس الحزب في السبعينات من القرن الماضي .

ومنها أيضاً ، النظر في موضوع شق صفوف الشعب العراقي ، أي الشارع والقواعد الحزبية ، والتي تعتبر فاعلة .. تلافياً لأي عملية توحيد قد تعمل على توحيد صفوف الشيعة مستقبلاً ، وهم الأكثر حظاً للترشيح لقيادة المرحلة القادمة ، ولوجود تنظيمات سياسية لديهم مثل حزب الدعوة ، والمجلس الإسلامي الأعلى ، والذي كان يدعى آنذاك المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق !
والذي كان يتخذ من إيران مقراً له برئاسة محمد باقر الحكيم .
هذا نفسه ، ينطبق على التكتل الكردي الفاعل ، والذي لعب دوراً متميزاً قبل الإحتلال مع الأمريكان ومن خلال حزبيه الرئيسيين ، الإتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني ، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني .
كلا الهدفين قد إتخذ منحىً مختلفاً ، بعد إحتلال العراق ، وقدوم قادة الأحزاب الشيعية والكردية لتسلم مسؤولية الحكم وتحت التوجيه الأمريكي .. وحتى يومنا هذا ، وبعد مرور خمس سنوات على الإحتلال !

من الأمور الأخرى المهمة ، كانت إفتعال حالة فوضى وتصارع سواء بين السنّة والشيعة ، أو الشيعة والشيعة ، أو السنّة والسنّة ، أو الأكراد والشيعة ، أو الأكراد والعرب وبقية القوميات ، وذلك من المنظور القومي ، أو الديني ، أو الطائفي ، او السياسي ... فظهرت نتيجة تلك الصراعات ومحصلتها فيما تشهده الساحة العراقية اليوم ، وهي لم تكن بالحالة المفاجئة للوجود الأمريكي كما قد يتوهم البعض ، بل كانت حالة مخطط لها إستباقيا وبسنوات وذلك قبل سقوط بغداد تحت الإحتلال .. وقد بدأنا نسمع اليوم تصريحات أمريكية تتحدث عن فترة عشر سنوات كحد أدنى وكمدة ضرورية لوجود القوات الأمريكية على أرض العراق ! بل أن تصريح روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي خلال زيارته المفاجئة للعراق قبل أيام ، كان عن ضرورة التريث في التفكير بسحب حتى جزء من القوات الأمريكية من العراق في الوقت الحاضر ..!

بعد أن وضع الأمريكان أقدامهم على أرض العراق في نيسان / أبريل 2003 . بدأ يظهر وبالتدريج تطبيق الخطط السياسية المسبقة ، وفي مقدمتها إختيار القادة والأحزاب والتكتلات ..

ـ مجلس الحكم وتوزيع رئاسته على أعضائه وبشكل دوري شهري ، ومن كافة الشرائح ! وقد أخذ ذلك المنهج قرابة عام واحد ..! يمكن أن نطلق عليه ( عام التصفيات ) !!

ـ المجلس الإسلامي الأعلى ، قوة فاعلة ، لها تنظيمها السياسي والعسكري ، ومدعومة من إيران كلياً
وكان على الأمريكان الإختيار مابين محمد باقرالحكيم وشقيقه عبد العزيز .. وتم إختيار عبد العزيز الحكيم ، وتصفية محمد باقر .. وقد أثبتت كافة الوقائع السياسية اللاحقة ، أن من تم إختياره ، وهو عبد العزيز الحكيم ، إنما هو رجل أمريكا المعتمد للفترة الراهنة !

ـ حزب الدعوة ، تنظيم حزبي قوي وقديم ، وبين صفوفه شخصيات لها وزنها السياسي والديني ، وكذلك مؤسسيه هم من هذا الوزن .. وهذا بحد ذاته سوف يشكل معضلة للأمريكان لاحقاً ، فكان والحالة هذه لابد من قرار حاسم يتعلق بقيادة الحزب ، ومن ثم إدخاله في صراعات جانبية ، يبدو أن الحكيم والأكراد قد تكفلوا بها .
لقد شجعت خلفية الحزب السياسية والتاريخية والتي ترجع الى السبعينات ، وحتى قبل سقوط نظام صدام والبعث ، الأمريكان الى إستثمار ذلك لمصلحة مخططاتهم .. حيث أن وضع الحزب التنظيمي ، كان أشبه مايكون بهدية لهم على طبق من ذهب !

لقد أفادني أحد السادة من الذين واكبوا حزب الدعوة ومسيرته منذ السبعينات ، ببعض المعلومات المهمة ، والتي تعكس بوضوح ماوصل اليه وضع الدعوة في الوقت الحاضر .. ومايمكن أن يُتَوَقع الوصول اليه في المدى القريب ! خصوصاً بعد أن بدأ دور المجلس الإسلامي الأعلى ، والقيادة الكردية يظهر للعيان في حالة الصراع ، بعد أن ظل هذا الدور مخفياً أو متخفياً لفترة ما .!

إن الصراع داخل الدعوة ، ليس وليد اليوم ، وإنما منذ السبعينات من القرن الماضي ، حيث كانت هناك تمردات وإنشقاقات وتكتلات .. ولكن ماحدث بعد سقوط ابراهيم اشيقر ( الجعفري ) ، وهو بالمناسبة باكستاني الأب والأم ، والذي كان مسؤولاً عن التنظيم في سوريا عندما كان نوري المالكي وقتها عضو خلية في الدعوة ، وضابط إرتباط بين حزب الدعوة في سوريا والسفارة الإيرانية هناك !
ومما يذكر عنه ، أنه قال يوماً للسفير الإيراني في دمشق ، الدكتور حسن روحاني ، ( نحن عملاء بالمجان ) !!
إذن ، الجعفري كان في القيادة ، والمالكي عضو خلية !
وبسبب ترك الدعاة في حزب الدعوة للحزب ، وحصول الإنشقاقات ، لم يبق ظاهراً إلا هاتين الشخصيتين الإنتهازيتين : الجعفري والمالكي !

لقد كان السيد حسن شبّر ، أحد مؤسسي الحزب وقياديه ، قد أعدّ قراراً يقضي بفصل الجعفري من الحزب ، إلا أن ظروف وأحداث ماقبل الإحتلال أدت الى تعطيل الفصل !
السبب ، أن الجعفري ، كان يصدر بيانات الدعوة موقعة بإسمه شخصياً ، وهو خلاف المعهود في بيانات الحزب !

كانت الهوة ، بين الجعفري والمالكي عميقة .. كعمق الهوة الفاصلة بينهما الآن !!

قال المالكي في تلك الفترة : ( إن الدعوة في الداخل تقول أنه عندما يحصل تغيير في العراق وتعودوا اليه فإننا سنبحث موضوع إنتمائكم للدعوة ..)
وفعلاً بقي الدعاة القدامى خارج التنظيم ، وفي تكتل غير معلن ، يترقبون الأحداث !

أما الجعفري ، فقد حاول ركوب صهوة الإحتلال ، إلا أنه سقط لعدم إجادته الركوب !!
في حين إعتكز المالكي على بقايا إنتهازيي الدعوة ، ومن كان يجاوره في مقام السيدة زينب في دمشق ، وممن يتحلقون داخل حسينية ( الرسول الأعظم ) ، والتي هي واحدة من مواخير الفساد والإنتهازية !
تسلق هرم الدعوة بعد تغيير نظامها الداخلي وفق مصالحهم وأهوائهم وفروضات الأكراد الذين طلبوا أن يكون للحزب أمين عام لكي يتعاملون معه ، رافضين القيادة الجماعية كالتي كانت للدعوة !!

تسلق المالكي مقاليد الحكم ، وهو لايفقه في أصول الحكم وقواعده شيئاً ، إنه أمي في السياسة ، كما هو أمي في الدين ( ولعل ذلك يمثل الرجل " اللقطة " للإحتلال الأمريكي ، وما يجب أن يكون عليه حكام العراق المحتل ) .

ومن مفردات تاريخ هذا الرجل ، أنه عندما ذهب الى إيران كمسؤول عن معسكر الدعوة في الأحواز طالبَ الدعاة هناك بعد حين ، بطرده وذلك لتستره على اللواط في المعسكر !! وقد كان مبرره لذلك : ( كيف أفضح الدعوة أمام أعدائها ) ..!!
ومن أعدائها كان آل الحكيم ..!!

أما علاقته وإرتباطه بالمخابرات الإيرانية ، فيعود الى عام 1984 ، حين إرتبط بالمدعو ( ناصر ديانتي ) .. ولايزال حتى وقتنا الحاضر ..!!!

واليوم ، فإن الصورة العامة للخارطة السياسية العراقية كما يلي :

ـ حزب الدعوة ينقسم الى جناح المالكي ، وجناح الجعفري .. حزب الدعوة ، وحزب الدعوة تنظيم العراق ..!
ويوم أول أمس فقط ، وعند التصويت على القضايا المعلقة على جدول مجلس النواب العراقي ، إنسحب جناح الجعفري من الجلسة ، مع بقية من إنسحب ، مثل التيار الصدري ، والفضيله ، والتوافق ، وغيرهم .. وبقي ممثلي جناح المالكي ، والتحالف الكردستاني ، والمجلس الأعلى التابع للحكيم ، والحزب الإسلامي بقيادة الهاشمي ..!
ثم تسربت أنباء صباح 13 /2 ، عن إقرار المشاريع المقدمة ..! وأنباء عن إقتراح حول إقتراع سري على المشاريع المختلف عليها يقال أن الأكراد يرفضونه ..!
لاشك ، أن قرار ما قد يصدر ، ولكن ذلك لايغير من الصورة شيئ بإعتقادي ، ومهما حاول المالكي من التشبث والتكتيك ، وهو يقود وزارة نصف حقائبها لاتزال شاغرة .. وإذا كانت مشاريع مجالس المحافظات والميزانية قد أخذت كل هذا الوقت .. ووصلت حد التهديد والتلويح بحل البرلمان .. فماذا سيحدث بالنسبة لقانون النفط والغاز .. مطلب أميركا الأول من حكومة المالكي ...!؟

ـ التحالف الكردستاني ، في أسوأ حالاته مع المالكي وحكومته ، لدرجة وصلت حد التهديد بالإنسحاب من الإئتلاف الحاكم ، كما دعى الى ذلك محمود عثمان ..!

ـ الجعفري ، قام بإتصالاته مع القادة العرب والجامعة العربية في زياراته الأخيرة وتعهد أمامهم إذا هم أيدوه في ركوب صهوة الرئاسة مرة أخرى ، بإيقاف التدخل الإيراني في شؤون العراق ، وهي أيضاً رسالة غزل على إستحياء موجهة للأمريكان .. لعل وعسى ..! ، وكذلك إتصالاته المستمرة مع كتل نيابية داخل البرلمان ومنهم الأكراد ، لعله يصلح ماأفسده الدهر ..!!

ـ المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة عبد العزيز الحكيم ، لايزال يحافظ على هدوئه ، وتحركاته الخفية وراء الكواليس ، كما كانت سياسته دائماً .. وقد قام بدفع عادل عبد المهدي ، الى واجهة الصراع لكي يجعل منه الخليفة المنتظر للمالكي ..! وكان من أبرز ماقام به عادل عبد المهدي المنتفكي ، هو إتصالاته مع القيادات الكردية ليعلن الولاء والدعم لهم في مطالباتهم ومنها قضية كركوك والنفط إذا مادعموه في للوصول الى رئاسة الوزارة ..! ولاننسى أن عبد المهدي هو نائب رئيس الجمهورية الكردي جلال الطالباني ..!

ـ الصراعات الأخرى ، خارج الحكومة ..أي في ( المعارضة ) .. لاتزال في أوجها ، وتتصاعد ، وتزداد إنقساماً ..
التوافق والحزب الإسلامي !
الحزب الإسلامي وهيئة علماء المسلمين !
المقاومة ومجالس الصحوة التي تطعنها في الظهر !
التيار الصدري وتذبذبه تارة مع الحكومة وتارة ضدها ، تارة بإعلان القتال من قبل جيش المهدي ، وتارة بتجميد أنشطته .. حتى إقترب من حالة إنقسام كبيرة وإنقلاب على قيادته !
وفاق أياد علاوي .. وعدم وفاقه مع جميع هؤلاء ..!

صورة قاتمة .. ولكنها رسمت بعناية ..
وإجتثاثات قضت نحبها .. وأخرى تعثرت .. والثالثة لازالت تنتظر ..!

lalhamdani@yahoo.com




No comments: