Friday, March 7, 2008

الحرب على الحقيقة



علي الحمـــداني10


عصبة بن لادن في لندن :

أعلن توني بلير رئيس الوزراء البريطاني عشية أحداث سبتمبر ، أن بريطانيا تقف كتفا الى كتف مع الولايات المتحدة ضد شر الإرهاب الشامل .. نحن ديمقراطيو هذا العالم يجب أن نقف معا للقتال سوية ومحو هذا الشر من عالمنا بشكل نهائي ..

لكن الحقائق على الأرض كانت تقول غير ذلك . لقد كانت أراضي اميركا وبريطانيا تمثل الملاذ الآمن لشبكات بن لادن ، حيث توضع الخطط وحيث تموّل . وحتى بعد أحداث سبتمبر ، لم يُفعل الا القليل من قبل الأجهزة المختصة بهذا الصدد ..!

على سبيل المثال لا الحصر . الدكتور سعد الفقيه ، المعارض السعودي ورئيس حركة الإصلاح الإسلامية ، والمقيم في لندن . بالرغم من علاقته الموثّقة مع القاعدة بموجب التقارير الإستخباراتية ، إلا ان كل من أميركا وبريطانيا أهملت محاسبته أو إتهامه ناهيك عن مقاضاته ..!

لقد ورد ، على سبيل المثال ايضا ، ومن خلال تسجيلات لمحادثات تلفونية ، سجّلت من قبل رجال المخابرات ، وعرضت في محكمة نيويورك ، أن إعترف أربعة من المتهمين بتفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا ، أن الفقيه كان يجهز بن لادن بأجهزة تلفونات الستلايت والتي استخدمت من قبل بن لادن وأحد رجاله المدعو محمد عاطف لغرض توجيه عمليات القاعدة مابين عامي 1996 و1998 .
في 30 تموز / يوليو من عام 1998 ، كان أحد الإنتحاريين الذي فجّر نفسه في نيروبي ، كان قد إتصل قبل ثمانية أيام من العملية بتلفون ستلايت كان قد إشتراه الفقيه لإبن لادن عام 1996 وفي شهر نوفمبر من تلك السنه . رقم التلفون هو : 00873682505331 .
كما أشارت صحيفة " الصنداي تايمز " اللندنية الى ذلك وأضافت أن بن لادن وبعض مساعديه قاموا بإجراء 260 إتصال من أفغانستان الى 27 رقم في بريطانيا عبر تلفونات الستلايت والتي أثبتت التحريات بشإنها أن من إشتراها كان سعد الفقيه ، أحدها نوع " كومباكت ـ م ـ " ، تم شراؤه من أميركا بقيمة 10,000 دولار بواسطة البطاقة الإئتمانية المصرفية العائدة للفقيه ، وشحن التلفون الى منزله في شمال لندن . إضافة الى ذلك فقد إشترى وبنفس البطاقة كارتات إتصال لمدة 3000 دقيقة . هذا الجهاز كان يستخدم من قبل بن لادن في إتصالاته مع لندن .

الأكثر من ذلك ، فقد أظهرت ملفات المحكمة ، أن التلفونات التي إشتراها الفقيه قد تم نقلها بواسطة أحد المرتبطين بإبن لادن في لندن وهو السعودي " خالد الفوّاز " . الفواز هو أحد من وردت أسماؤهم في أحداث تفجيرات نيروبي . سعد الفقيه كان أيضا على إتصال بمعارض سعودي آخرمقيم في لندن هو الدكتور محمد المسعري الذي يرأس مجموعة يطلق عليها " لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية " .
تقول شبكة راديو وتلفزيون ( بي بي سي ) البريطانية الحكومية أن المسعري قال في مقابلة إذاعية وفي برنامج " تقرير على الهواء " الذي أذاعه " راديو 5 " التابع للشبكة الإذاعية ، أنه إعترف بأنه قابل اسامة بن لادن في السابق وساعده ، وأنه لايتردد أن يفعل ذلك مرة أخرى .. وحينما سأله مقدم البرنامج : لماذا قام بمساعدة بن لادن ؟ أجاب : ولما لا ..أنها قضية مشتركة . وحين سأله المذيع : وهل سيبقى يساعده ؟ أجاب : إذا كنا نقدر أن نساعده فسنفعل .. ولما لا ..!

المسعري ، كان أيضا حليفا لخالد الفواز ، شانه شأن سعد الفقيه . وقد ساعده بعد وصوله الى لندن من السودان وقام بفتح مكتب تجاري له في العاصمة البريطانية ، كان في الحقيقة أشبه مايكون بمكتب إعلامي لإبن لادن . وعن طريق هذا المكتب تمت صفقات التلفونات وغيرها . الفواز ألقي القبض عليه بتهمة لاعلاقة لها بالإرهاب .. بينما كل من المسعري والفقيه لايزالان يتحركان بحرية في بريطانيا ...!


" المهاجرون " جند ابن لادن في بريطانيا .

عمر بكري .. إسم آخر ..! وهو رئيس جماعة " المهاجرون " في بريطانيا . أحد أهم الأشخاص الذين كانوا معروفين للأمن البريطاني . متطرف في أفكاره حتى مع أولئك المسلمين الذين لايتفقون مع خطه ..!

تقول صحيفة " التلغراف " البريطانية وهي تنقل خبر إجتماع عقده المهاجرين في مدينة بيرمنكهام شمال إنكلترة ، في اقل من إسبوع بعد أحداث سبتمبر : أن مجموعة ضمت 50 شابا وشابة تم تشجيعهم وحثهم على الجهاد ، وطلب من الشباب السفر الى أفغانستان ( ليمنحوا حياتهم ) في سبيل الإسلام ..!. وفي كلمة ألقاها أحد مساعدي بكري قال : إن الغرب كافر ، وعلينا أن نتكلم معهم ، فإذا لم يسمعوا لنا ، علينا قتالهم وقتلهم ..!
كانت نشرات الجماعة تتوالى الواحدة بعد الأخرى . أحداها تقول : " لن تقوم الساعة حتى يحتل المسلمون البيت الأبيض .." وفي خلفية النشرة صورة وزارة الدفاع الأمريكية ـ البنتاغون ـ تحترق...!
أما عمر بكري فكان أيضا يصدر الفتاوى الواحدة بعد الأخرى . يقول في إحداها : " ياأيها المسلمون ..هذه الفتوى هي للقتال ضد القوات الإسرائيلية والسفارات الإسرائيلية والمطارات والطائرات .ز وكل ذلك أهداف مشروعة للمسلمين أينما كانوا ..!
سرعان ، ماالتقطت أجهزة الإعلام الإسرائيلية هذه الفتوى ... فقد ظهر على شاشات التلفزة المعلق الإسرائيلي والخبير في شؤون الإرهاب " إيلي كارمون " ليقول : أن فتوى المسلمين لاتستهدف فقط الجيش الإسرائـيلي بإعتباره محتل للأرض الفلسطينية ، وإنما هم يدعون الى قتل المدنيين وتفجير الطائرات والمطارات .. إنها دعوة صريحة من المسلمين للإرهاب العالمي ..!!.

بعد هذه الفتوى بإسبوع ، نشر المهاجرون تصريحا صحفيا عنوانه " نصيحة وتحذير الى جميع المسلمين واليهود في بريطانيا " . يقول الناطق بإسم المهاجرين : إنه واجب إسلامي على كل المسلمين في كل مكان لتأييد الجهاد ضد من يقاتل المسلمين وفي أي مكان أو يحتل أرضا إسلامية . والتأييد يجب أن يكون شفويا وماديا وعسكريا واقتصاديا . إن جميع اليهود الذين يؤيدون اسرائيل في بريطانيا ولو بشكل شفوي فهم أهداف لنا ، وعليه نحذرهم من أي تأييد ومن اي نوع كان ، وإلا وضعوا أنفسهم أهداف للمسلمين ...!!

ثم خرج بكري بفتوى أخرى : " ادعو جميع المسلمين في العالم للتظاهر ضد حكوماتهم والتوجه الى الأبنية الحكومية والبرلمانات والقصور الرئاسية وإحتلالها وقتل قادتهم لإنشاء دولة الخلافة الإسلامية . كما أدعو الى إلغاء كافة القوانين الموضوعة من قبل البشر والتي يسمونها دساتير ."
وفي فتوى أخرى : " أدعو الى قتل الجنرال برويز مشرف رئيس باكستان ، وبوريس يالستين رئيس روسيا " كان ذلك في ديسمبر 1999 .
أما المتحدث بإسم المهاجرين نجم جودري فقد دعا الى مهاجمة المصالح الروسية والسفارات في العالم بما فيها لندن ( حيث مقر الجماعة ..!)
أما المتحدث الآخر عبد الرحمن سليم ، فقد كان أكثر تطرفا حين دعا الى أن بريطانيا نفسها هي هدف للمسلمين ، وعليه فإن جميع الأبنية الحكومية هنا في لندن بما فيها رقم 10 " داوننغ ستريت " حيث مقر رئيس الوزراء هي أهداف مشروعة .
ويضيف سليم : أنه يؤيد طالبان بكل شيء شفويا واقتصاديا وعسكريا ..! واعترف أنه تلقى تدريبات على يد القاعدة في باكستان وأفغانستان ، وأعلن عن إستعداده للقتال دائما " وكذلك أدعو كافة المسلمين في بريطانيا "...!!!
(( تعقيب : قبل ان انتقل الى نماذج أخرى من هذا النوع ، لابد من وقفة بسيطة نستعرض فيها سريعا تخطيط وأيديولوجية جماعات تحمل إسم الإسلام في تنظيماتها وأحزابها ، وتعمل من قلب بلد من أقدم الإمبراطوريات الإمبريالية في العالم وهو بريطانيا ، وتطلق تصريحاتها على هذا النحو وكما سنرى أيضا في فصول قادمة .. كيف بعد كل ذلك لاتتم محاصرتها والقضاء عليها بالسجن أو الطرد من البلد أو بأي شكل قانوني آخر يجيزه القانون ..؟ أليس هذا غريبا ..؟ ألا يعني بشكل من الأشكال ، أن قيادات هذه الجماعات تصرح وتعلن بهذا الشكل ، ربما تكون مدفوعة أو مدفوع لها من قبل اصابع خفية تريد إستغلالها لضرب الإسلام حقيقة ..؟ إذا كان هناك من يقول الآن لا ليس كذلك ، فإنا أدعوه الى المضي في قراءة ماسوف يلي من أحداث .. وقبل ذلك أدعوه الرجوع الى الحلقة الأولى من هذا البحث ليرى من هم قادة الصهيونية العالمية الذين إجتمعوا في مؤتمر القدس عام 1978 تحت إسم " مؤتمر الحرب على الإرهاب " وليرى التوصيات التي نشرت .. ولاندري ماتحمله تلك التوصيات الأخرى التي بقيت قيد الكتمان ..! ))

أبو قتادة .. وأبو حمزة .. جناح القاعدة في مسجد فينسبري بارك في لندن ..!

أحد حلفاء عمر بكري المقربين هو" أبو قتادة " ، والذي أدرج كمسؤول القاعدة في الشبكة الأوربية ، والرأس الروحي للمجاهدين في بريطانيا ، وأحد أكبر النشطاء في تحريك الأموال التي تديرها القاعدة في أوربا . وأنه يقع في مركز الشبكة التي تمتد من واشنطن الى عمان ومن لندن الى مدريد ..وهو مطلوب للشرطة في أميركا ، وبريطانيا ، وبلجيكا ، واسبانيا ، وفرنسا ، و المانيا ، و ايطاليا ، والأردن ..

في تقرير للصنداي تايمز بعد شهرين من أحداث سبتمبر 2001 واستنادا الى معلومات من المخابرات البريطانية ... أن تلك المخابرات كانت على علم بنشاطات ابو قتادة في مسجد فينسبري بارك شمال لندن ولعدة سنوات ـ قبل ان يصبح مطلوبا بهذا الشكل الواسع ـ ولكنها رفضت من إتخاذ أي إجراء ضده ..!

لقد تم زرع وكيل مخابرات في بريطانيا ويدعى " رضا حسنين " وسط جماعة المسجد ، واندمج مع من كان يعتقد انهم يعملون لصالح القاعدة . وفعلا وجد أن من ضمن النشاطات هو إستخدام البطاقات الإئتمانية المصرفية لشراء إحتياجات تطلب من الخارج من ضمنها أجهزة إتصال . ويقول هذا الوكيل الذي عزز تقاريره بتسجيلات صوتية ، أن أبو قتادة كان المشرف على هذه العمليات ، كما أنه يبدو أنه قائد روحي للمجموعة الجزائريه ( الجماعة السلفية للدعوة والجهاد ) أو السلفية الجهادية ..! وذلك من خلال أحاديثه مع بعض الجزائريين ، ومن خلال ( الفتاوى ) التي كان يصدرها لهم ..كما كان على إتصال بما لايقل عن سبعة اشخاص من نشطاء القاعدة ممن أعتقلوا بعد احداث سبتمبر . رئيس المجموعة في الجزائر والذي كان يتصل به ابو قتادة يدعى ( أبو الدحداح ) ، وقد زار أبو قتادة مالايقل عن 20 مرة في لندن ..! وتم تسجيل أكثر لقاءاتهما بالصوت .
المدعو رضا حسنين ، هو جزائري الأصل ، وكانت مهمته الإتصال بهذه التنظيمات في بريطانيا وفرنسا ونقل المعلومات عنها . وكما قدم معلومات قيّمة عن أبي قتادة ، فإنه فعل نفس الشيء مع المدعو ( أبو حمزة المصري )...!!

تبدا قصته مع أبوحمزة في 1999 ، حين كلف بمهمة الإنضمام الى المجموعات العاملة في مسجد فينسبري بارك ..والتقرب من أبو حمزة ، وقد قضى من أجل ذلك عدة أسابيع في الجامع مترددا بشكل منتظم ونجح في التقرب من أبو حمزة وسجل له لقاءات واسماء الأشخاص الذين يتعامل معهم .. واكثر من ذلك ـ وبتوصية من المخابرات ـ قام بتصوير مستندات في مكتب ابو حمزة ، من أهم ماأظهرته هو أسماء أعضاء الإرتباط في الجزائر ..!

لقد كانت الضغوط كبيرة على المخابرات البريطانية من قبل اوربا واميركا لغرض اعتقال ابو قتادة .. ولكن في ذلك الوقت كان أبو قتادة قد إختفى ولم يعد يراه أحد ...!
وهذا مما زاد الضغوط على البريطانيين من نهم أهملوا وتأخروا في القبض عليه ... ولكن للمخابرات الفرنسية ، وجهة نظر مختلفه ، حيث تقول : ( إن ابو قتادة كان جاسوسا يعمل للمخابرات البريطانية ايضا ...!) بكلمة أخرى ( عميل مزدوج )..!
عزز هذا الرأي أحد المسؤوليين الكبار لإحدى أجهزة المخابرات الأوربية الذي رفض الإدلاء بإسمه في تصريحه لمجلة ( تايم ) الأمريكية حيث قال : ( إنه يعتقد أن أبو قتادة وعائلته يعيشون في سكن شمال انكلترة خصص لهم من قبل المخابرات البريطانية .. ومن ذلك المكان كان ابو قتادة يوجه من قبل المخابرات لتنفيذ إتصالاته مع وكلائه في اوربا ، من دون أن يعلموا أين يقيم ..! وان البريطانيين استخدموا أبو قتادة لقناعتهم أن بإستطاعته إيقاف أي هجوم إرهابي داخل بريطانيا .. ولكن حين أكتشفوا انه يعمل بشكل مزدوج ، أبقوا على مراقبته ، وبالرغم من أن البريطانيون يقولون أنهم لايعلمون أين هو ، فإن ذلك غير صحيح ، فإذا كنا نحن نعلم فهم يعلمون ايضا .."
بعد سنة من هذا التصريح ، وحين استنفدت المخابرات البريطانية كل ماتريده من ابو قتادة .. تم بالفعل إعتقاله في شقة ليست بعيدة عن مركز للشرطة البريطانية ..!

كانت الصفقة بين المخابرات البريطانية وكل من ابو قتادة وابو حمزة هي عدم القيام بأي عمل مخل للأمن على الأرض البريطانية ، والإخبار عن أية نشاطات مماثلة قد يكون مخطط لها من قبل جماعات أخرى ..ولكن حين تأكدت المخابرات البريطانية وعن طريق اكثر من مخابرات دولة اوربية من أنهما يلعبان دور العميل المزدوج .. حينها لم يبقى امامهم سوى إعتقالهما لاسيما وأن أغلب ماكانوا يريدون الوصول اليه من معلومات قد حصلوا عليها بالفعل ...!

للحديث بقية ...
lalhamdani@yahoo.com

No comments: